
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حاجِزٌ بنُ عَوْفٍ الأَزْدِيُّ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، وَهُوَ مِنْ الصَّعالِيكِ المُغِيرِينَ عَلَى قَبائِلِ العَرَبِ، وَمِمَّنْ كانَ يَعْدُو عَلَى رِجْلَيْهِ عَدْواً يَسْتَبِقُ بِهِ الخَيْلَ، وَهُوَ مِنْ أَغْرِبَةِ العَرَبِ، تُوُفِّيَ حاجِزٌ قَبْلَ الإِسْلامِ بِفَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، ويقالُ إنَّهُ خَرَجَ يَوْماً فِي بَعْضِ أَسْفارِهِ فَلَبِثَ طَوِيلاً وَلَمْ يَعُدْ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ خَبَرٌ.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هو حاجزٌ بنُ عوفٍ بنِ الحارِثِ بنِ الأَخثمِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ ذُهـلِ بنِ مالكٍ بنِ سَلامانَ بنِ مُفرّجٍ بنِ عَمرٍو بنِ مالِكٍ بنِ زَهرانَ بنِ كَعبِ بنِ الحَارِثِ بنِ كَعبٍ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ مالكٍ بنِ نصرٍ بنِ الأَزدِ.
وَهُوَ حَليفٌ لِبنِي مَخزومٍ بنِ يَقظةَ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعبٍ بنِ لُؤيٍّ، وفي ذلكَ يَقولُ:
قَـوْمي سـَلامانُ إمـا كنتِ سائِلةً وفـي قريشٍ كريُم الحِلْفِ والحسَبِ
إِنّي متى أَدْعُ مخزومًا تَرَيْ عُنُقاً لا يَرعَشـونَ لِضَربِ القومِ من كَثَبِ
يُدعى المغيرةُ في أُولى عدِيدِهمُ أولادُ مَرْأَسـَةٍ ليسـوا من الذَّنَبِ
وَأَبُو حاجِزٍ عَوْفٌ بنُ الحارِثِ بنِ الأَخْثَمِ مَعْرُوفٌ كَذلِكَ بِالإِغارَةِ عَلَى القَبائِلِ، فَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّهُ أَغارَ عَلَى بَنِي هِلالٍ بنِ عامِرٍ بنِ صَعْصَعَةَ وَاسْتَدْرَجَهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِهِ، فَقَدْ عَصَبَ عَلَى يَدِ فَرَسِهِ عِصاباً لِيَظْلَعَ فَيَطْمَعُوا فِيهِ، فَلَمّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ اسْتَرابُوا بِهِ، فَرَكِبُوا فِي طَلَبِهِ، وَانْهَزَمَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، وَطَمِعُوا فِيهِ، فَهَجِمَ بِهِمْ عَلَى أَصْحابِهِ بَنِي سَلامانَ، فَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ بَنُو هِلالٍ، وَمَلَأَ القَوْمُ أَيْدِيَهُمْ مِنْ الغَنائِمِ، فَفِي ذلِكَ يَقُولُ حاجِزٌ بنُ عَوْفٍ:
أَبِـي رَبَـعَ الفَوارِسَ يَومَ دَاجٍ وَعَمِّـي مالِـكٌ وَضَـعَ السِّـهاما
وَيُذْكَرُ فِي هذا البَيْتِ أَيْضاً حادِثَةً أُخْرَى عَنْ أُسْرَتِهِ وَهِيَ أَنَّ عَمَّ أبيه مالِكَ بنَ الحارِثِ وَضَعَ السِّهامَ، وَقصّةُ ذلِكَ أَنَّ الحارِثَ بنَ عَبْدِ اللّٰهِ بنِ بَكْرِ بنِ يَشْكُرَ بنِ مُبَشِّرِ بنِ صَقْعَبَ بنِ دهْمانَ بنِ نَصْرٍ بنِ زَهْرانَ، كانَ يَأْخُذُ مِنْ جَمِيعِ الأَزْدِ إِذا غَنِمُوا الرُّبْعَ، لأَنَّ الرِئاسَةَ فِي الأَزَدِ كانَتْ لِقَوْمِهِ، فَغَزَتْهُمْ بَنُو فُقيمٍ فَظَفِرَتْ بِهِمْ، فَاسْتَغاثُوا بِبَنِي سَلامانَ فَأَغاثُوهُمْ، حَتَّى هَزَمُوا بَنِي فُقيمٍ وَأَخَذُوا مِنْهُم الغَنائِمَ وَسَلَبُوهُمْ، فَأَرادَ الحارِثُ أَنْ يَأْخُذَ الرُّبْعَ كَما كانَ يَفْعَلُ، فَمَنَعَهُ مالِكٌ بنُ ذُهْلِ بنِ مالِكٍ بنِ سَلامانَ، وَهُوَ عَمُّ أَبِي حاجِزٍ، وَقالَ: "هَيْهاتَ، تَرك الرُّبْع غُدْوَة". فَأَرْسَلَها مَثَلاً، فَقالَ لَهُ الحارِثُ أَتُراكَ يا مالِكُ تَقْدِرُ أَنْ تَسُودَ؟ فَقالَ: "هَيْهاتَ، الأَزَدُ أَمْنَعُ مِنْ ذاكَ". فَقالَ أَعْطِنِي وَلَوْ جَعْبا وَالجَعْبُ: البَعْرُ فِي لُغَتِهِمْ، لِئَلّا تَسْمَعَ العَرَبُ أَنَّكَ مَنَعْتَنِي. فَقالَ مالِكٌ: "فَمِنْ سَماعِها أَفِرُّ"، وَمَنَعَهُ الرُّبعَ، فَقالَ حاجِزٌ فِي ذلِكَ:
ألا زَعمـتْ أبنـاءُ يَشـْكُرَ أننا بِربْعِهـم بـاءوا هنالِـك ناضِلُ
ستمنعُنا منكم ومن سوءِ صنْعِكمْ صـَفائِحُ بِيضٌ أخْلصتْها الصياقِلُ
وأَســْمرُ خَطِّـيٌّ إذا هُـزَّ عاسـِلٌ بأيـدي كُماةٍ جَرَّبَتْها القَبائلُ
عاشَ حاجِزٌ بنُ عَوْفٍ الأَزَدِيُّ حَياةَ الصَّعالِيكِ بِكُلِّ ما فِيها مِن غاراتٍ وَمُطارَداتٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ الأَصْفَهانِيُّ فِي (الأَغانِي) عِدَّةَ قِصَصٍ وَأَخْبارٍ عَنْ حاجِزٍ أَغْلَبُها يَدُورُ حَوْلَ غاراتِهِ وَبَأْسِهِ وَفِرارِهِ إِذْ تَمَيَّزَ بِعَدْوِهِ وَسُرْعَتِهِ، وقَدْ سَأَلَهُ أَبُوهُ يَوْماً فَقالَ: أَخْبِرْنِي يا بُنَيَّ بِأَشَدِّ عَدْوِكَ، قالَ: نَعَمْ أَفْزَعَتْنِي خَثْعَمُ فَنَزَوْتُ نَزَواتٍ، ثُمَّ اسْتَفَزَّتْنِي الخَيْلُ وَاصْطَفَّ لِي ظَبْيانِ، فَجَعَلْتُ أُنَهنِهُما بِيَدِيّ عَن الطَّرِيقِ، وَمَنْعانِي أَنْ أَتَجاوَزَهما فِي العَدوِ لِضِيقِ الطَّرِيقِ حَتَّى اتَّسَعَ وَاتَّسَعَتْ بِنا فَسَبَقْتُهُما، فَقالَ لَهُ: فَهَلْ جاراكَ أَحَدٌ فِي العَدْوِ؟ قالَ: ما رَأَيْتُ أَحَداً جارانِي إِلّا أُطَيْلَسُ أَغَيْبرُ مِنْ النُّقُّومِ، فَإنّا عَدُوْنا مَعاً فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى سَبْقِهِ.
وَمِنْ أَشْهَرِ قِصَصِهِ فِي الفِرارِ أَنَّ قَبِيلَةَ خَثْعَمٍ كانَتْ قَدْ أَحاطَتْ بِهِ هُوَ وَابنُ أَخِيهِ فَتَعَرَّفُوا عَلَيْهِ فَهَرَبَ، فَقالَتْ لَهُمْ عَجُوزٌ كانَتْ ساحِرَةً أَكْفِيكُمْ سِلاحَهُ أَوْ عَدْوَهُ؟ فَقالُوا لا نُرِيدُ أَنْ تَكْفِينا عَدْوَهُ فَإِنَّ مَعَنا عَوْفاً وَهُوَ يَعْدُو مِثْلَهُ، وَلكِنْ اكْفِيْنا سِلاحَهُ، فَسَحَرَتْ لَهُمْ سِلاحَهُ وَتَبِعَهُ عَوْفٌ بنُ الأَغَرِّ، فَلَمْ يَلْحَقْهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ حاجِزٌ سُرْعَتَهُ فِي العَدْوِ وَفِرارَهُ مِنْ أَعْدائِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ شِعْرِهِ، مِنْ ذلِكَ فِرارُهُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ قبيلةِ عامِرٍ أَرادُوا قَتْلَهُ، فَقالَ فِي ذلِكَ:
أَلا هَــلْ أَتـَـى ذاتَ الخـَواتِم فَرَّتِـي عَشـِيَّةَ بَيْـنَ الجُـرْفِ والنَّجْـدِ مِنْ بَعْرِ
عَشـــِيَّةَ كــادتْ عــامِرٌ يَقْتُلــونَني لَـدى طَـرفِ السـَّلْماءِ رَاغِيَـةِ البَكْـرِ
فمـا الظَّبْـيُ أَخْطَتْ خِلفَةُ الصَّقْرِ رجْلَه وقد كادَ يلقى الموْتَ في خِلْفَةِ الصَّقْر
بِمِثْلــي غــداةَ القـوْم بيـنَ مقُنَّـع وآخــر كالســَّكْرانِ مُرْتَكِــزٍ يَفْــري
وَيَذْكُرُ أَيْضاً فِرارَهُ مِنْ فُرْسانِ قَبِيلَةِ خَثْعَمٍ وَفيهِم المُقَنَّعُ الخَثْعَمِيُّ، يَقُولُ:
وَكَـأَنَّمـا تِبَعَ الفوارِسُ أرْنَبًا أو ظَـبْـيَ رابِيَةٍ خُفاَفًا أَشْعبا
وكـأَنَّمـا طَـردُوا بِـجنْبَيْ عاقِلٍ صَـدْعًـا من الأرْوىَ أُحِسَّ مكُلِّبا
أِعْـجَـزْتُ منهمْ والأكُفُّ تنالُني وَمـضَـتْ حِـيـاضُهُـمُ وآبـوا خُيَّبا
وَكانَ حاجِزٌ إِلَى جانِبِ إِغارَتِهِ عَلَى القَبائِلِ يَدُلُّ آخَرِينَ لِيَغَيِّرُوا عَلَى بَعْضِ القَبائِلِ، وَهُوَ يَفْتَخِرُ بِذلِكَ وَيَسْتَهِينُ بِتَوَعُّدِ مَنْ أَغِيَرَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِهِ، فَقَدْ وَرَدَ فِي (الأَغانِي) أَنَّ حاجِزاً جَمَعَ ناساً مِنْ فَهْمٍ وَعَدْوانَ، فَدَلَّهُمْ عَلَى خَثْعَمٍ، فَأَصابُوا مِنْهُمْ غِرَّةً وَغَنِمُوا ما شاؤوا، فَبَلَغَ حاجِراً أَنَّهُمْ يَتَوَعَّدُونَهُ وَيَرْصُدُونَهُ، فَقالَ:
وإنِّــي لَمِــنْ إرْعـادِكُمْ وبُروقِكُـمْ وإيعــادِكُمْ بالقَتْـلِ صـُمٌّ مسـامِعي
وإنــي دليــلٌ غيْـرُ مُخْـفٍ دَلالـتي علـى ألـف بَيْـتٍ جَـدُّهُمْ غيـرُ خاشِعِ
تَرى البِيضَ يَرْكُضْنَ المجاَسِدَ بالضُّحى كـذا كـلُّ مشـْبوحِ الـذراعيْن نازِعِ
علَـــى أيِّ شـــَيْءٍ لا أبـــاً لأَبيكُمُ تُشــِيرونَ نَحْــوي كلكـمْ بالأصـابعِ
وَمِنْ القِصَصِ الَّتِي تُرْوَى عَنْ حاجِزٍ أَنَّهُ الْتَقَى فِي بَعْضِ الغاراتِ بِعَمْرٍو بْنِ مَعْدِي كَرْب، فَطَعَنَ عَمْرٌو حاجِزاً فَأَنْفَذَ فَخِذَهُ، فَصاحَ حاجِزٌ يا آلَ الأَزَدِ، فَنَدِمَ عَمْرٌو وَقالَ خَرَجْتُ غازِيّاً وَفَجَعْتُ أَهْلِي، وَانْصَرَفَ، فَقالَ عُزَيلٌ الخَثْعَمِيُّ يَذْكُرُ طَعْنَةَ عَمْرٍو حاجِزاً، فَقالَ:
أَعَجْزٌ حَاجِزٌ مِنّا وفِيهِ مُشَلشَلةٌ كَحاشِيَةِ الإِزارِ
فأَجابَهُ حَاجِزٌ فَقالَ:
إِنْ تَـذْكُروا يَـوْمَ القَـرِيِّ فـإنَّهُ بَــواءٌ بأيــامٍ كـثيرٍ عَديـدُها
فنحُـن أَبَحْنـا بالشَّخِيصـةِ واهِناً جَهـارا فجِئْنـا بالْنِّساءِ نَقودُها
ويـومَ كَـراءٍ قـد تَـداركَ رَكْضُنا بَنـي مالـكٍ والخَيْلُ صُعْرٌ خدُودُها
وَكانَ حاجِزٌ كَما يَظْهَرُ مِنْ مَواقِفِهِ شُجاعاً مُدافِعاً عَنْ قَوْمِهِ، فَحِينَ اعْتَدَتْ بَنُو هِلالٍ عَلَى حُجّاجٍ مِنْ قَوْمِهِ وَقَتَلُوهُمْ جَمْعَ حاجِزٌ جَمْعاً مِنْ قَوْمِهِ وَأَغارَ عَلَى بَنِي هِلالٍ فَقَتَلَ فِيهِمْ وَسَبَى مِنْهُمْ، وَقالَ فِي ذلِكَ يُخاطِبُ رجلاً من بَنِي هِلال هوَ ضَمْرَةُ بْنُ ماعِزٍ:
يـا ضـَمْرُ هلْ نلْناكُمُ بدمائِنا أَمْ هَـل حَـذَوْنا نَعْلَكُـمْ بِمِثالِ
تَبْكِـي لِقتْلَـى من فُقْيمٍ قُتِّلوا فــاليومَ تَبْكِـي صـادقاً لِهلالِ
ولقـدْ شفاني أَنْ رأيْتُ نساءَكُمْ يَبْكِيـنَ مُرْدَفَـةً علـى الأكْفـاَلِ
يا ضَمْرُ إنَّ الحَرْبَ أَضْحتْ بينَنا لَقحَـتْ علـى الدَّكَّاءِ بعد حِيالِ
وكَانَ لِحاجزٍ -كما وَردَ فِي كِتابِ الحَلَبة- فَرسٌ اسمُهُ (ذِئبَةُ) يَقولُ فِيهِ:
يـا جَارَ ذِئْبَةَ دعْوةً من أكْلُبِ شَاَب الغُرابُ ومُهْرَتي لم تُقْلَبِ
وَقَدْ ذَكَرَ الجاحِظُ فِي كِتابِهِ (البَيانَ وَالتَبْيِينَ) وَصَفَ عَمَّةِ حاجِزٍ لِحاجِزٍ، وَهُوَ وَصْفٌ يُظْهَرُ طَرَفاً مِمّا مَآثِرِهِ وَما تَمَيَّزَ بِهِ من التَّعفُفِ والحَذَرِ، تَقُولُ: "كانَ حاجِزٌ لا يَشْبَعُ لَيْلَةً يُضافُ، وَلا يَنامُ لَيْلَةً يَخافُ".
تُوُفِّيَ حاجِزٌ قَبْلَ الإِسْلامِ بِفَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، لكِنْ لا يُعْرَفُ تارِيخَ محدّدٌ لِوَفاتِهِ، وَذُكِرَ فِي وَفاتِهِ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْماً فِي بَعْضِ أَسْفارِهِ فَلَبِثَ طَوِيلاً وَلَمْ يَعُدْ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ خَبَرٌ، وقيلَ مَاتَ عَطَشاً أَوْ أَنَّهُ ضَلَّ السَّبِيلَ، وَقالَتْ أُخْتُهُ تَرْثِيهِ:
أَحَيٌ حاجِزٌ أَم لَـيسَ حَـيّاً فَيَسلُكَ بَينَ جَندَفَ وَالبَهِـيمِ
وَيشْرَبَ شَربَةً مِن مَاءِ تَرجٍ فَيصدُرَ مِشيَةَ السَّبعِ الكَلِيمِ
حاجِزٌ بنُ عَوْفٍ الأَزْدِيُّ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّيْنَ، وَقَدْ رَكَّزَ فِي شِعْرِهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الشُّعَراءِ الصَّعالِيكِ على غاراتِهِ وَغَزَواتِهِ وَصَعْلَكَتِهِ وَبَيْنَ افْتِخارَهُ بِعَدْوِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الفِرارِ.
فِي شِعْرِ حاجِزٍ وَصْفٌ دَقِيقٌ لِلأَماكِنِ وَالمَواقِعِ، من ذلكَ ما وَرَدَ عَنْهُ من ذِكرٍ لِمَواضِعِ أَوْدِيَةِ بِيشَةَ كَما فِي قَوْلِهِ:
ولمَّا أنْ بدت أعلامُ ترجٍ وقَال الرابئانِ بدت رَنُومُ
وأعْرضتِ الجبالُ السودُ خلفي وجَنْدفُ عَن شِمَالي والبَهيمُ
(الجاحظ/ البيان والتبيين).
(أبو الفرجِ الأصفهانيّ/ الأغاني)