
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
سَلامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ السَّعْدِيُّ، مِنْ قَبِيلَةِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بِنْ تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ المُقِلِّينَ وَأَحَدُ وُصّافِ الخَيْلِ، عَدَّهُ ابْنُ سَلّامٍ مِنْ فُحُولِ الشُعَراءِ ووضعَهُ فِي الطَّبَقَةِ السّابِعَةِ، وَكانَ سلامةُ مِنْ فُرْسانِ قَبِيلَةِ تَمِيمٍ، وَأَكْثَرُ شِعْرِهِ فِي الحَماسَةِ وَالفَخْرِ، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ الأَصْمَعِيّاتِ وَالمُفَضَّلِيّاتِ، تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ 15ق.هـ المُوافَقَةِ لِسَنَةِ 608هـ.
هو عَمرُو بنُ قَمِيئةَ بنُ ذَريحِ بنِ سَعدِ بنِ مالكِ بنِ ضُبَيعةَ بنِ قَيسِ بنِ ثَعلبةَ بنِ عُكابةَ بنِ صَعبِ بنِ عَليِّ بنِ بَكرِ بنِ وائِلِ بنِ قاسِطِ بنِ هِنبِ بنِ أَفصى بنِ دِعميِّ بنِ جَديلَةَ بنِ أَسدِ بنِ رَبيعةَ بنِ نِزارٍ. وفي بَعضِ المَصادرِ كـ(الشِّعر والشُّعراء) و(طَبقات فُحولِ الشُّعراءِ) سَقطَ مِن نَسَبِهِ ذَريح، فَيكونُ جَدُّهُ سَعدَ بنَ مالِكٍ.
وقبيلة الشاعر هي بكر بن وائل، وهو من أشهر البطون فيها: ضبيعة بن قيس، وقد كانت قبيلة بكر بن وائل من أشهر القبائل العَدنانيَّةِ، ومِنْ أشدّها بأساً وأكثرها عدداً، ويذكر ويُذكرُ أنَّهُ كانَ للنُّعمانِ بنِ المُنذرِ كَتيبةٌ يُقالُ لَها الصَّنائِعُ، وَهُم صَنائِعُ المَلِكِ، أَكْثرهُم مِن بَكرِ بنِ وائلٍ، وكانتْ دِيارُها مِنَ اليَمامةِ إِلى البَحرينِ إِلى سَيفِ كاظمة، إِلى البحرينِ فأَطرافِ سوادِ العراقِ، فالأُبُلَّةِ فَهِيْت، وقد تقدَّمتْ شَيْئاً فشيئاً فِي العِراقِ، فَقَطَنَتْ عَلى دَجلةَ، فِي المنطقةِ المدعوَّةِ حتى يومِنا هذا باسمِهم (دِيار بكر). وقَبيلةُ بَكرِ بنِ وائلٍ مِن القَبائلِ المُحارِبَةِ، حتّى أنّها غَزَتْ تُخومَ الأمبراطوريَّةِ الفارسيَّةِ، فَجهَّزَ المَلكُ شابورُ حوالي سَنةَ 330م جيشاً لتأديبِها، فَقتلَ وَسَبَى وأَسَرَ عدداً كبيراً مِنَ الأَسرى فِي فارس، وقد كانت أَشْهَرُ وَقعاتِهم في الجَاهليةِ حربُ البَسوسِ معَ قبيلةِ تغلبَ حوالي سنةَ 490م.
وَقَدْ نَشَأَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ فِي أُسْرَةٍ ظَهَرَ فِيها طائِفَةٌ مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ المَشْهُورِينَ، فَجَدَّهُ سَعْدُ بْنُ مالِكٍ كانَ سَيِّداً مِنْ ساداتِ بِكْرٍ وَكانَ شاعِراً، وَابْنُهُ هو المُرَقِّشُ الأَكْبَرُ وَاسْمُهُ عَمْرو بْنُ سَعْدِ بْنِ مالِكٍ، وَالمُرْقِّشُ الأَكْبَرُ هُوَ عَمُّ المَرْقِّشِ الأَصْغَرِ، وَطَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ هُوَ ابْنُ أَخِي المُرْقِّشِ الأَصْغَرِ. وَبِذلِكَ يَكُونُ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ ابْنَ عَمِّ المُرْقِّشِ الأَكْبَرِ كَما ظَهَرَ فِي أَغْلَبِ المَصادِرِ. وَلَمْ تَرَدْ أَيُّ أَخْبارٍ عَنْ أَبِي عَمْرو بْنِ قَمِيئَةَ أَوْ عَنْ أُمِّهِ، وَلا ذِكْرَ لِأَوْلادِهِ إِلّا ما وَرَدَ أَنَّهُ كانَ يُكْنَى بِأَبِي كَعْبٍ أَوْ أَبِي يَزِيدَ، وَمِنْ أَخْبارِهِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأُسْرَتِهِ أَنَّ خِلافاً حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فَنَشَزَتْ فَطَلَّقَها، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ:
أَرَى جَـارَتِــي خَـفَّتْ وَخَـفَّ نَصِـيـحُهـا وَحُـبَّ بِهـا لَوْلا النَّوَى وَطُـمُــوحُهــا
فَـبِــيـنِـي عَلَى نَجْـمٍ شَخِـيـسٍ نُحُـوسُهُ وَأَشْـأَمُ طَـيْــرِ الزَّاجِرِيـنَ سَنِـيـحُهـا
فَـإِنْ تَشْـغَـبِـي فَالشَّغـْبُ مِنِّيـ سَجِـيَّةٌ إِذَا شِيـمَـتِـي لَمْ يُؤْتَ مِنْها سَجِيحُها
أُقَـارِضُ أَقْـوَامــاً فَـأُوفِــي قُرُوضَهُـمْ وَعَـفٌّ إِذَا أَرْدَى النُّفـُوسَ شَـحِــيـحُهـا
عَلَى أَنَّ قَوْمِـي أَشْقَـذُونِـي فَأَصْـبَـحَـتْ دِيَـارِي بِـأَرْضٍ غَـيْــرِ دَانٍ نُـبُـوحُهـا
تَـنَــفَّذَ مِـنْهُــمْ نـافِــذَاتٌ فَسُـؤْنَـنِـي وَأَضْـمَــرَ أَضْـغَــانــاً عَـلَيَّ كُـشُـوحُهـا
فَـقُـلْتُ فِرَاقُ الدَّارِ أَجْمَـلُ بَيْـنَـنـا وَقَدْ يَنْـتَـئِي عَنْ دَارِ سَوْءٍ نَزِيـحُها
نَشَأَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ يَتِيماً فَرَبّاهُ عَمُّهُ مَرْثَدُ بْنُ سَعْدٍ، وَكانَ عَمْرو جَمِيلَ الهَيْئَةِ، مَدِيدَ القامَةِ، حَسَنَ الشَّعْرِ، حَتَّى إِذا شَبَّ فِي كَنَفِ عَمِّهِ راوَدَتْهُ امْرَأَةُ عَمِّهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَذْكُرُ الأَصْفَهانِيُّ فِي (الأَغانِي) أَنَّها دَعَتْهُ يَوْماً بَعْدَ سَفَرِ عَمِّهِ، فَلَمّا دَخَلَ أَنْكَرَ شَأْنَها، فَوَقَفَ ساعَةً، ثُمَّ راوَدَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَقالَ: لَقَدْ جِئْتِ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَما كانَ مِثْلِي لِيُدْعَى لِمِثْلِ هذا، وَاللهِ لَوْ لَمْ أَمْتَنِعْ مِنْ ذلِكَ وَفاءً، لَأَمْتَنِعْنَّ مِنْهُ خَوْفَ الدَّناءَةِ وَالذِّكْرِ القَبِيحِ الشّائِعِ عَنِّي فِي العَرَبِ، قالَتْ: وَاللهِ لَتَفْعَلَنَّ أَوْ لَأَسُوأَنَّكَ، قالَ: إِلَى المَساءَةِ تَدْعِينَنِي. ثُمَّ قامَ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِها، وَخافَتْ أَنْ يُخْبِرَ عَمَّهُ بِما جَرَى، فَأَمَرَتْ بِجَفْنَةٍ فَكُفِئَتْ عَلَى أَثَرِ عَمْرٍو، فَلَمّا رَجَعَ عَمُّهُ وَجَدَها مُتَغَضِّبَةً، فَقالَ لَها: ما لَكَ؟ قالَتْ: إِنَّ رَجُلاً مِنْ قَوْمِكَ قَرِيبَ القَرابَةِ، جاءَ يَسْتامُنِي نَفْسِي وَيُرِيدُ فِراشَكَ مُنْذُ خَرَجَتْ، قالَ: مَنْ هُوَ؟ قالَتْ: أَمّا أَنا فَلا أُسَمِّيهِ، وَلكِنْ قُمْ فَافْتَقَدْ أَثَرَهُ تَحْتَ الجَفْنَةِ، فَلَمّا رَأَى الأَثَرَ عَرَفَهُ.
وَبَعْدَ هذِهِ الحادِثَةِ هَرَبَ عَمْرُو إِلَى الحِيْرَةِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّينَ، ثُمَّ مَدَحَ عَمَّهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَمِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ:
لَعَــمْـــرُكَ مـا نَـفْــسٌ بِـجِــدٍ رَشِـيــدَةٍ تُــؤَامِـــرُنِـــي سِــرّاً لِأَصْـرِمَ مَـرْثَــدا
وَإِنْ ظَهَــــرَتْ مِــــنْهُ قَــــوَارِصُ جَــــمَّةٌ وَأَفْـرَعَ فـي لَوْمِـي مِـرَاراً وَأَصْـعَــدا
عَـلَى غَـيْــرِ ذَنْـبٍ أَنْ أَكُـونَ جَـنَـيْـتُهُ سِــوَى قَــوْلِ بـاغٍ كَـادَنِــي فَـتَــجَهَّدا
لَعَمْـري لَنِعْـمَ الْمَرْءُ تَدْعُـو بِحَـبْـلِهِ إِذَا مَا الْمُنَـادِي في الْمَقَامَةِ نَدَّدا
عَـظِــيــمُ رَمَـادِ الْقِـدْرِ لَا مُـتَــعَــبِّسٌ وَلَا مُـؤْيِــسٌ مِـنْهــا إِذا هُـوَ أَوْقَـدا
وَلا يُعْرَفُ بَعْدَ هذِهِ الحادِثَةِ كَيْفَ قَضَى عَمْرو حَياتَهُ، وَما هِيَ الفَتْرَةُ الَّتِي قَضاها فِي الحِيْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى قَوْمِهِ، وَكُلُّ ما يُعْرَفُ مِنْ أخْبارِهِ بَعْدَ ذلِكَ ارْتَبَطَ بِعَلاقَتِهِ مَعَ امْرِئِ القَيْسِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ المَصادِرِ كَـ(الشِّعْرِ وَالشُّعَراءِ) أَنَّ عَمْراً كانَ خادِماً لِحُجْرٍ أَبِي امْرِئِ القَيْسِ، لكِنْ لا تُذْكُرُ أَيُّ تَفاصِيل عَنْ فَتْرَةِ خِدْمَتِهِ لِحُجْرٍ، وَمِمّا يُثِيرُ الشك في صِحَّةِ هذهِ العَلاقَةِ مع أَبي امرئِ القَيسِ هوَ أَنَّ امْرَأَ القَيْسِ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ عَمْرو بْنَ قَمِيئَةَ قبل أن يلتقيه وهو شيخُ كبيرٌ، فَقَدْ أَشارَ الأَصْفَهانِيُّ فِي (الأَغانِي) أَنَّ امْرَأَ القَيْسِ نَزَلَ بِبَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وَجَلَسَ إِلَيْهِ وُجُوهُ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، فَقالَ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يَقُولُ الشِّعْرَ؟ فَقالُوا: ما فِينا شاعِرٌ إِلّا شَيْخٌ قَدْ خَلا مِنْ عُمرِهِ وَكَبُرَ، قالَ: فَأَتُونِي بِهِ، فَأَتَوْهُ بِعَمْرو بْنِ قَمِيئَةَ وَهُوَ شَيْخٌ، فَأَنْشَدَهُ فَأُعْجِبَ بِهِ، فَخَرَجَ بِهِ مَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ:
بَـكـــى صـاحِـــبـي لَمّا رَأى الدَّرْبَ دُونَهُ وَأَيْـقَـــنَ أَنَّا لاحِـقـــانِ بِقَـيْـصَـرا
فَـقُـــلْتُ لَهُ لا تَـبْـــكِ عَيْــنُـكَ إِنَّما نُـحــاوِلُ مُلْكــاً أَوْ نَمُــوتَ فَنُــعْـذَرا
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتابِهِ (الشِّعْر وَالشُّعَراء) أَنَّ عُمَرَ بْنَ قَمِيئَةَ عِنْدَما بَكَى قالَ لامْرِئِ القَيْسِ: غَرَّرْتَ بِنا، وَذلِكَ كَما أَوْضَحَ الأَصْفَهانِيُّ فِي (الأَغانِي) أَنَّ امْرَأَ القَيْسِ أَوْهَمُ عَمْراً أَنَّهُ خارِجٌ لِلصَّيْدِ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ عَمْرو:
شَــكَـــوْتُ إِلَيْهِ أَنَّنــِي ذُو جَــلَالَةٍ وَأَنِّي كَـبِــيــرٌ ذُو عِـيــالٍ مُحَـنَّبُ
فَقَـالَ لَنا أَهْلاً وَسَهْلاً وَمَرْحَباً إِذَا سَرَّكُمْ لَحْمٌ مِنَ الْوَحْشِ فَارْكَبُوا
ذَكَرَتْ أَغْلَبُ المَصادِرِ الَّتِي تَناوَلَتْ حَياةَ عَمْرو بْنِ قَمِيئَةَ أَنَّهُ عُمِّرَ حَتَّى بَلَغَ تِسْعِينَ سَنَةً، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ مَعَ امْرِئِ القَيْسِ إِلَى بِلادِ الرُّومِ، لِذا فَقَدْ سَمَّتَهُ العَرَبُ -كَما ذَكَرَ صاحِبُ الأَغانِي- عَمْراً الضّائِعَ لِمَوْتِهِ فِي غُرْبَةٍ وَفِي غَيْرِ أَرَبٍ وَلا مَطْلَبٍ. وَلا يُعْرَفُ بِالتَّحْدِيدِ تارِيخُ وَفاتِهِ، ذَكَرَ الزَّرْكَلِيُّ فِي (الأَعْلامِ) أَنَّهُ تُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 85هـ المُوافِقِ لِعامِ 540م.
عَمْرو بْنُ قَمِيئَةَ مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، وَذَكَرَ الأَصْفَهانِيُّ فِي كِتابِهِ (الأَغانِي) أَنَّ هُناكَ مَنْ يَعُدُّهُ أَوَّلَ مَنْ قالَ الشِّعْرَ مِنْ نِزارٍ وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ امْرِئِ القَيْسِ.
عَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ فُحُولِ الشُّعَراءِ وَقَدْ جعلَهُ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ فِي كِتابِهِ (طَبَقاتُ فُحُولِ الشُّعَراءِ)، فجَمَعَهُ مَعَ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ وَأَوْسِ بْنِ غَلفاء الهُجَيْمِيّ وَعُوفِ بْنِ عَطِيَّةَ الخَرِع.
كانَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقَدَّمِينَ، وَشِعْرُهُ كانَ يُقِرْنُ بِشِعْرِ امْرِئِ القَيْسِ وَقَدْ ذَكَرَ اِبْنُ سَلّامٍ فِي طَبَقاتِهِ أَنَّ بَنِي قَيْسٍ تَدَّعِي بَعْضَ شِعْرِ امْرِئِ القَيْسِ لِعَمْرو بْنِ قَمِيئَةَ.
هُناكَ مِنْ الرُّواةِ مَنْ قَدَّمَ عَمْرو بْنَ قَمِيئَةَ عَلَى سائِرِ الشُّعَراءِ، فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الفَرَجِ الأَصْفَهانِيُّ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ حَمّاداً الرّاوِيَةَ بِالبَصْرَةِ وَهُوَ عِنْدَ بِلالِ بْنِ أَبِي بَرْدَةَ: مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟ قالَ الَّذِي يَقُولُ:
رَمَتْنِي بَناتُ الدَّهْرِ مِنْ حَيْثُ لا أَرَى فَما بالُ مَنْ يُرْمَى وَلَيْسَ بِرامِ
قالَ: وَالشِعْرُ لِعَمْرو بْنِ قَمِيئَةَ.
(ابْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(أبو الفرجِ الأَصفهانيّ/ الأَغانِي).
(المرزبانيّ/ معجم الشّعراء).
(مطاع صفدِي وَإيليا حاوِي/ مَوْسُوعَةُ الشِّعْرِ العَرَبِيِّ)