
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
سَلامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ السَّعْدِيُّ، مِنْ قَبِيلَةِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بِنْ تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ المُقِلِّينَ وَأَحَدُ وُصّافِ الخَيْلِ، عَدَّهُ ابْنُ سَلّامٍ مِنْ فُحُولِ الشُعَراءِ ووضعَهُ فِي الطَّبَقَةِ السّابِعَةِ، وَكانَ سلامةُ مِنْ فُرْسانِ قَبِيلَةِ تَمِيمٍ، وَأَكْثَرُ شِعْرِهِ فِي الحَماسَةِ وَالفَخْرِ، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ الأَصْمَعِيّاتِ وَالمُفَضَّلِيّاتِ، تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ 15ق.هـ المُوافَقَةِ لِسَنَةِ 608هـ.
تَتَّفِقُ كُلُّ المَصادِرِ عَلَى أَنَّ اسْمَهُ هُوَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم، وَتَخْتَلِفُ بَعْدَ ذلِكَ فِي بَعْضِ الأَسْماءِ الوارِدَةِ فِي نَسَبِهِ، وَهُوَ عَلَى أَشْهَرِ الأَقْوالِ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بْنِ مالِكِ بْنِ عَتّابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ جُشَمَ بْنِ بَكْرِ بْنِ حُبَيبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ وائِلٍ، وَاخْتَلَفَ القُدَماءُ كَذلِكَ فِي كُنْيَتِهِ فَقِيلَ هُوَ أَبُو عَبّادٍ، وَذَكَرَ المَرْزُبانِيُّ أَنَّهُ أَبُو الأَسْوَدِ أَوْ أَبُو عُمَيْرٍ.
وَهُوَ مِنْ قَبِيلَةِ تَغْلِبَ بْنْ وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ القَبائِلِ العَرَبِيَّةِ العَدْنانِيَّةِ، تَفَرَّعَتْ إِلَى فُرُوعٍ عَدِيدَةٍ مِنْها: بَنُو شُعْبَةَ بِالطّائِفِ، وَبَنُو حَمْدانَ مُلُوكُ المُوصِل، وَالأَراقِمِ. وَكانَتْ مَساكِنُهُمْ بِالجَزِيرَةِ الفُراتِيَّةِ بِجِهاتِ سِنْجارَ وَنَصِيبينِ وَتُعْرَفُ بِدِيارِ رَبِيعَةَ، وَأَشهرُ بُطونِ قَبيلةِ تَغلبَ ستّة وهم: بَنُو جُشَم، وبَنُو مالكٍ، وَبَنُو عَوفٍ، وبَنُو عمرٍو، وبَنُو مُعاويةَ، وبَنُو ثَعلبةَ، وَقَدْ عُرِفَتْ هذِهِ القَبِيلَةُ بِالبَأْسِ وَالشَّجاعَةِ، فَهِيَ مِنْ القَبائِلِ الحَرْبِيَّةِ الَّتِي اعْتادَتْ الغَزْوَ وَالقِتالَ، وَأَخْبارُ وَقائِعِها مَعْرُوفَةٌ أَشْهَرُها حَرْبُ البَسُوسِ مَعَ بَنِي بَكْرِ بْنِ وائِلٍ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ كُلَيْبٍ سَيِّدِ تَغلِبَ آنَذاكَ، وَلَها وَقعاتٌ أُخْرَى مَعَ بَنِي اليَرْبُوعِ وَبَنِي شيبانَ وَبُنِي سَعْدِ بْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِها، وَقَدْ عَظُمَتْ هذِهِ القَبِيلَةُ وَاشْتُهِرَ أَمْرُها قَبْلَ الإِسْلامِ حَتَّى قِيلَ فِيها "لَوْ أَبْطَأَ الإِسْلامُ قَلِيلاً لَأَكَلَتْ بَنُو تَغْلِبَ النَّاسَ".
وَكانَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ مِنْ أُسْرَةٍ ذاتِ مكانةٍ فِي قَبِيلَتِهِ، واجتمع له الشُرف من ناحية الأَبِ والأمِّ، فَأَبُوهُ كُلْثُومُ بْنُ مالِكٍ كانَ مِنْ أَفْرَسِ العَرَبِ، وَأُمُّهُ هِيَ لَيْلَى وَقِيلَ أَسْماءُ بِنْتُ المُهَلْهِلِ الشّاعِرِ وَالفارِسِ المَشْهُورِ، وَأَخُوهُ مُرَّةٌ بن كلثومٍ هُوَ الَّذِي قَتَلَ النُّعْمانَ بْنَ المُنْذِرِ وَإِيّاهُ عَنَى الأَخْطَلُ بِقَوْلِهِ لِجَرِيرٍ:
أبْنِي كُلَيْبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذا قَتَلا المُلُوكَ وَفَكَّكا الأَغْلالا
وَقَدْ كانَ لِهذِهِ الأُسْرَةِ تَأْثِيرٌ بالِغٌ عَلَى عَمْرِو بْنِ كُلْثُوم فَأَكْسَبَتْهُ الشَّجاعَةُ وَالإِقْدامَ وَالفُرُوسِيَّةَ والجرأةَ، وَجَعَلَتْهُ مُؤَهِّلاً لسِيادَةَ قَوْمِهِ فِي مُقْتَبَلِ حَياتِهِ، وَلِعَمْرُو بْنِ كُلْثُومٍ ثَلاثَةٌ مِنْ الأَوْلادِ ذَكَرَهُمْ فِي دِيوانِهِ وَهُمْ عَبّادٌ وَالأَسْوَدُ وَعَبْدُ اللهِ، وَابْنُهُ عَبّادٌ هُوَ قاتِلُ بِشرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدسٍ، وَبَقِيَ لَهُ عَقِبٌ اُشْتُهِرَ مِنْهُمْ كُلْثُومُ بْنُ عَمْرٍو العَتّابِي الشّاعِرُ صاحِبُ الرَّسائِلِ.
عاشَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ فِي قَبِيلَةٍ اعْتادَتْ الحَرْبَ وَالقِتالَ، وترعرع في ظلِّ أسْرَةٍ ذاتِ شَرفٍ وسُؤدَدٍ، واسْتَطاعَ أَنْ يَسُودَ قَوْمَهُ حينَ بلغَ خمسَ عَشْرَةَ سنةً كما ذكرَ الرُّواة، وَتَذْكُرُ بَعْضُ المَصادِرِ كَالأَغانِي قِصَصاً تَتَنَبَّأُ بِسِيادَةِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ قَبْلَ مَوْلِدِهِ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ لَمّا تَزَوَّجَ مُهَلْهِلٌ (جدُّ عَمرٍو لأمّه) هِنداً بنتُ عتيبةَ ولدتْ لَهُ جَارِيَةً، فَقَالَ لأُمِّها: اقْتُلِيْها وَغيّبِيها فَلَمَّا نَام تف بِهِ هَاتِفٌ يَقُول:
وَعددٌ لَا يُجْهل، فِي بَطنِ بِنتِ مُهلْهِل
فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أَيْن بِنْتي فَقَالَت: قتلتُها. فَقَالَ: لَا وإلهِ ربيعَةَ وكانَ أولَ مَن حَلفَ بِهَا. ثمَّ رَبّاها وَسَمَّاها أَسمَاء وَقيَل لَيلى، وَتَزَوَّجهَا كُلْثُومُ بنُ مَالكٍ، فَلَمَّا حَملتْ بِعَمْرو أَتَاهَا آتٍ فِي الْمَنَام فَقَالَ:
يَا لَكِ لَيلَى مِنْ وَلَدْ يَقدَمُ إِقدامَ الْأَسَدْ
مِن جُشَمٍ فِيهِ الْعدَدْ أَقُوُل قَولاً لَا فَنَدْ
فَلَمَّا ولدتْ عمْراً أَتاها ذَلِك الْآتِي فَقَالَ:
أَنا زَعيمٌ لَكِ أُمَّ عَمْرو بِماجدِ الجدِّ كَريمِ النِّجارِ
أَشْجَعُ مِنْ ذِي لبِدٍ هُزَبْرٍ وقّاصِ أَقْرَانٍ شَدِيدِ الْأَسْرِ
يَسُودُهُم فِي خَمْسَةً وَعَشْرِ
وَكَانَ كَمَا قَالَ سادَهُم وَهُوَ ابْن خمسَ عَشرَةَ سنةً، وَمَات وَهُوَ ابْن مئَةٍ وَخمسينَ سنةً. وربَّما كانَ أشهرُ حادثٍ في حياةِ عَمرِو بنِ كُلثومٍ هُو قصةُ قتلِهِ لعمرِو بنِ هندٍ ملكِ الحِيرةِ، وَكَانَ سَبَبُ ذلكَ -كما ذكر ابْنُ قُتَيْبَة- أنّ عَمْرَو بنَ هِنْدٍ قَالَ ذَات يَوْم لندمائِهِ: هَل تعلمُونَ أَحداً مِن الْعَرَبِ تأنفُ أُمُّهُ مِن خِدمَة أُمِّي قَالُوا: لَا نعلَمُها إِلَّا ليلى أمّ عَمْرٍو بن كُلْثُوم قَالَ: وَلم ذَلِك قَالُوا: لِأَنَّ أَبَاهَا مُهلهلُ بنُ ربيعَةَ وعَمَّها كُلَيْبُ وَائِلٍ أعزُّ الْعَرَبِ وبَعلَها كُلْثُومُ بنُ مَالكِ بنِ عَتّابٍ أَفرسُ الْعَرَبِ وَابْنَهَا عَمْرُو بنُ كُلْثُوم سيّدُ من هُوَ مِنْهُ فَأرْسل عَمْرُو بن هِنْدٍ إِلَى عَمْرو بن كُلْثُوم يَسْتزيرُهُ ويَسأَلُهُ أَنْ يُزيرَ أُمَّهُ أُمَّهُ.
فَأَقبلَ عَمْرُو بنُ كُلْثُومٍ مِن الجزيرةِ إِلَى الْحِيرَةِ فِي جمَاعَةٍ مِن بَني تَغلبَ وَأَقْبَلتْ لَيلى بنتُ مُهلهِل فِي ظَعنٍ مِن بَني تَغلبَ وَأَمرَ عَمْرُو بنُ هِنْدٍ بِرُواقِهِ فَضُرِبَ مَا بَينَ الْحِيرَةِ والفُراتِ وَأَرْسلَ إِلَى وُجُوهِ أَهلِ مَمْلَكَتِهِ فَحَضَرُوا، وَدَخَلَ عَمرُو بنُ كُلْثُومٍ على عَمْرِو بنِ هِنْدٍ فِي رِواقِهِ وَدخلتْ لَيلى بنتُ مُهلهلٍ عَلى هِنْدٍ قبّتَها، وَهِنْدٌ أمُّ عَمْرِو بن هِنْد عمَّةُ امْرِئِ الْقَيْس ِالشَّاعِر، ولَيلى بنتُ مُهلهلٍ أمُّ عَمْرِو بن كُلْثُوم هِيَ بنتُ أَخي فَاطِمَةَ بنتِ ربيعَةَ أمِّ امْرِئِ الْقَيْس، فَدَعَا عَمْرُو بنُ هِنْدٍ بمائدةٍ فنَصَبَها فَأَكَلُوا ثمَّ دَعَا بالطُّرَفِ وهي الثّمار النّادرة، فَقَالَت هِنْدٌ: يَا لَيلى ناولِينِي ذَلِكَ الطَّبَقَ. فَقَالَت: لتَقُمْ صَاحِبَةُ الْحَاجةِ إِلَى حَاجَتِهَا فأَعادتْ عَلَيْهَا. فَلَمَّا ألحَّتْ صاحتْ لَيلى: وَاذُلَّاه يَا لتغلبَ فَسَمعَهَا ابْنُهَا عَمْرُو بنُ كُلْثُومٍ، فثارَ الدَّمُ فِي وَجههِ وَنظرَ إِلَى عَمْرِو بنِ هِنْدٍ فَعرفَ الشَّرَّ فِي وَجهِهِ فَقَامَ إِلَى سيفٍ لعَمْرِو بنِ هِنْدٍ مُعلَّقٍ بِالرُّواق وَلَيْسَ هُنَاكَ سيفٌ غَيرُه فَضربَ بِهِ رَأسَ عَمْرٍو بنِ هِنْدٍ حَتَّى قَتلَه ونادَى فِي بَني تَغلبَ فانْتَهبُوا جَمِيعَ مَا فِي الرّواق وَاسْتَاقُوا نجائبَهُ وَسَارُوا نَحْوَ الجزيرةِ، وفي ذلك قال قصيدته (ألا هُبِّي بِصحنِكِ فاصْبِحينا)، وكانَ قامَ بِها خَطيباً بِسوقِ عُكاظ وقامَ بِها فِي مَوسمِ مَكَّةَ، وَقَدْ ذَكرَ الفَرَزْدقُ هذهِ الحادِثَةَ مفْتخراً في قولِهِ يردُّ عَلى جَريرٍ:
وَاسأَل بِتَغلِبَ كَيفَ كانَ قَديمُها وَقَديمُ قَومِكَ أَوَّلَ الأَزْمانِ
قَومٌ هُمُ قَتَلوا ابنَ هِنْدٍ عَنوَةً عَمْراً وَهُم قَسَطوا عَلى النُّعْمانِ
وَتُعَدُّ كَذلِكَ حادِثَةُ أَسْرِهِ مِنَ الحَوادِثِ المَشْهُورَةِ فِي حَياتِهِ، فَقَدْ أَغارَ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ ثُمَّ مَرَّ مِنْ غَزْوِهِ ذلِكَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَمَلَأَ يَدَيْهِ مِنْهُمْ وَأَصابَ أُسارَى وَسَبايا وَكانَ فِيمَنْ أَصابَ أَحْمَدَ بْنَ جَنْدَلٍ السَّعْدِيّ ثُمَّ انْتَهَى إِلَى بَنِي حَنِيفَةَ بِاليَمامَةِ، فَكانَ أَوَّلَ مَنْ أَتاهُ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ بَنُو سُحِيمٍ عَلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ شَمَرَ فَلَمّا رَآهُمْ عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم ارْتَجَزَ فَقالَ:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعْدَها فَلا اجْتَبَرْ
وَلا سَقى ماءً وَلا راءَ الشَّجَرْ
بَنُو لُجَيْمٍ وَجَعاسِيسُ مُضَرْ
بِجانِبِ الدَّوِّ يُدَهْدُونَ الْعَكَرْ
فانْتهى إِليهِ يزيدُ بنُ عمرٍو فَطعنَهُ فَصرعهُ عَن فَرسِهِ وِأِسرَهُ، وكانَ يَزيدُ شَديداً جَسيماً فَشدَّهُ فِي القِدِّ وقالَ لَهُ أنتَ الَّذي تَقولُ:
مَتـى نَعْـقِـدْ قَرِيـنَـتَـنـا بِحَـبْلٍ تَجُـذَّ الْحَبْـلَ أَوْ تَقِـصِ الْقَرِينا
أَما إِنِّي سَأَقْرِنُكَ إِلَى ناقَتِي هذِهِ فَأَطْرُدُكُما جَمِيعاً، فَنادَى عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ يالَرَبِيعَةَ أَمُثْلَةٌ؟ قالَ فَاجْتَمَعَتْ بَنُو لُجَيم فَنَهُوهُ وَلَمْ يَكُنْ يُريدُ ذلِكَ بِهِ، فَسارَ بِهِ حَتَّى أَتَى قَصْراً بِحَجْرٍ مِنْ قُصُورِهِمْ وَضَرَبَ عَلَيْهِ قُبَّةً وَنَحَرَ لَهُ وَكَساهُ وَحَمَلَهُ عَلَى نَجِيبِة وَسَقاهُ الخَمْرَ، فَلَمّا أَخَذَتْ بِرَأْسِهِ تَغَنَّى:
أَأَجْمَعُ صُحْبَتِي السَّحَرَ ارْتِحالا وَلَمْ أَشْعُـرْ بِبَـيْـنٍ مِنْكِ هالا
وَلَمْ أَرَ مِثْـلَ هالَةَ فِي مَعَـدٍّ أُشَبِّهُ حُسْـنَهـا إِلَّا الْهِلالا
أَلا أَبْلِغْ بَنِـي جُشَمَ بْنِ بَكْرٍ وَتَـغْــلِبَ كُـلَّهـا نَبَـأً جُلالا
وكانَ عمرُو شُجاعاً مظفّراً مِقداماً، وَبهِ يُضْرَبُ المَثَلُ فِي الفَتْكِ، فَيقالُ: أَفتكُ مِن عَمرِو بنِ كُلثومٍ، وكان عاقِلاً حَكِيماً كَما يَظهرُ مِن وَصيَّتِهِ لِأولادِهِ عِندَ وَفاتِهِ.
ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ عَمْرَو بنَ كُلْثُومٍ قُتِلَ بَعْدَ إغارَتِهِ عَلَى بَنِي حَنِيفَةَ، عِنْدَما أَسَرَهُ يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الحَنَفِيّ، فَقَدْ سَقاهُ الخَمْرَ فِي قَصْرِ حَجْرٍ بِاليَمامَةِ حَتَّى ماتَ، وَلكِنَّ المَصادِرَ الأُخْرَى الَّتِي ذَكَرَتْ قِصَّةَ أَسْرِهِ لَمْ يَرِدْ فِيها أَنَّهُ قُتِلَ، وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلانِ هذِهِ القِصَّةِ أَبْياتٌ لعَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ يمدَحُ فيها يَزِيدَ بْنَ عَمْرِو بَعْدَ حادِثَةِ أُسَرِهِ.
وَقَدْ ذَكِرَتْ رِواياتٌ أُخْرَى أَنَّ عَمْرَو بْنَ كُلْثُومٍ ماتَ مُنْتَحِراً بِشُرْبِ الخَمْرِ، وَذلِكَ أَنَّ المُلُوكَ كانَتْ تَبْعَثُ إِلَيْهِ بِحِبائِهِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفِدَ إِلَيْها. فَلَمّا سادَ ابْنُهُ "الأَسْوَدُ بْنُ عَمْرٍو" بَعَثَ إِلَيْهِ بَعْضُ المُلُوكِ بِحِبائِهِ كَما بَعِثَ إِلَى أَبِيهِ، فَغَضِبَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم وَقالَ: "ساوانِي بَولِي، فَحَلَفَ لا يَذُوقُ دَسَماً حَتَّى يَمُوتَ. وَجَعَلَ يَشْرَبُ الخَمْرَ صِرْفاً عَلَى غَيْرِ طَعامٍ. فَلَمْ يَزَلْ يَشْرَبُ حَتَّى ماتَ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي الأَغانِي أَنَّهُ لَمّا حَضَرَتْ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ الوَفاةَ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ وَمِئَةُ سَنَةٍ جَمَعَ بَنِيهِ فَقالَ يا بُنَيَّ قَدْ بَلَغْتُ مِنْ العُمْرِ ما لمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ آبائِي وَلا بُدَّ أَنْ يَنْزِلَ بِي ما نَزَلَ بِهِمْ مِنْ المَوْتِ، وَإِنِّي وَاللهِ ما عَيَّرْتُ أَحَداً بِشَيْءٍ إِلّا عُيِّرْتُ بِمِثْلِهِ إِنْ كانَ حَقّاً فَحَقّاً وَإِنْ كانَ باطِلاً فَباطِلاً، وَمَنْ سَبَّ سُبَّ فَكَفُّوا عَنْ الشَّتْمِ فَإِنَّهُ أَسْلَمُ لَكُمْ، وَأَحْسِنُوا جِوارَكُمْ يَحْسُن ثَناؤُكُمْ، وَامْنَعُوا مِنْ ضَيْمِ الغَرِيبِ فَرُبَّ رَجُلٍ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ، وَرَدٍّ خَيْرٌ مِنْ خَلَفٍ، وَإِذا حُدِّثْتُمْ فَعُوْا، وَإِذا حدَّثْتُمْ فَأَوْجِزُوا فَإِنَّ مَعَ الإِكْثارِ تَكُونُ الأَهْذارُ، وَأَشَجَعُ القَوْمِ العَطُوفُ بَعْدَ الكَرِّ، كَما أَنَّ أَكْرَمَ المَنايا القَتْلُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا رَوِيَّةَ لَهُ عِنْدَ الغَضَبِ، وَلا مَنْ إِذا عُوتِبَ لَمْ يُعْتِبْ، وَمِنْ النّاسِ مَنْ لا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلا يُخافُ شَرُّهُ فَبَكْؤُهُ خَيْرٌ مِنْ دَرِّهِ، وَعُقُوقُهُ خَيْرٌ مِنْ بِرِّهِ، وَلا تَتَزَوَّجُوا فِي حَيِّكُمْ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى قَبِيحِ البُغْضِ.
يَغْلبُ عَلَى شِعْرِ عَمْرِو بْنِ كلثومٍ الفَخْرُ وَالطّابَعُ المَلْحَمِيُّ مِنْ حيثُ وَصْفُ الوَقائِعِ وَالقِتالِ، وَخاصَّةً فِي مُعَلَّقَتِهِ الَّتِي قالَها يُفاخِرُ فِيها بِقَبِيلَتِهِ، وَيَذْكُرُ بَأْسَهُمْ وَشِدَّتَهُمْ وَتَفَوُّقَهُمْ فِي الحَرْبِ، وَقَدْ عَدَّ مُطاع الصَّفديّ وَإِيلْيا حاوِي شِعْرَهُ نَمُوذَجاً لِلشِّعْرِ الحَرْبِيِّ الَّذِي تَتَمَثَّلُ فِيهِ فَضائِلُ الفُرُوسِيَّةِ العَرَبِيَّةِ الكْلاسِيكِيَّةِ خَيْرَ تَمْثِيلٍ. لذا فَلا نجدُ فِي شِعرِ عَمرِو بنِ كُلثومٍ تَنوُّعاً فِي الأَغراضِ والمَوضُوعاتِ.
كانَ لِشِعْرِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ مَكانَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ عِنْدَ القُدَماءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَهُ عَلَى غَيْرِهِ من الجاهليين وَجَعَلَ مُعَلَّقَتَهُ أَفْضَلَ المُعَلَّقاتِ، لكِنَّهُ كانَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ مُقارَنَةً مَعَ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وذكر أبو عمرِو بنِ العلاءِ أنّه لمْ يَقُلْ غَيرَ واحِدتِهِ ولولا أَنَّهُ افْتخرَ فِيها بِقومِهِ وَذكرَ مآثِرَهُم ما قالَها. وَلَعَلَّ السَبَبَ فِي ذلِكَ أَنَّهُ سادَ قَوْمَهُ فِي مُقْتَبَلِ عُمْرِهِ، وَخاضَ مَعَهُمْ وَقائِعَ وَصِراعاتٍ لَمْ تُتِحْ لَهُ المَجالَ لِيَتَفَرَّغَ لِشِعْرِهِ كَغَيْرِهِ مِن الشُّعَراءِ وَقَدْ لاحَظَ ذلِكَ القُدَماءَ فَقَدْ تَحَسَّرَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ عَلَى قِلَّةِ شِعْرِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُوم وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ يَفُوقُ أَقْرانَهُ لَوْ أَنَّهُ رَغِبَ فِيما رَغِبَ فِيهِ أَصْحابُهُ مِنْ الشِّعْرِ.
جعلَ ابْنُ سَلّامٍ عمرَو بنَ كلثومٍ فِي الطَّبَقَةِ السّادسةِ من الشعراء الجاهليين، مع الحارثِ بنِ حِلزّةَ وعنترة بن شدّاد وسُويدِ بنِ أبي كاهلٍ.
أَجْوَدُ شِعْرِ عَمْرو بْنِ كُلْثُوم -كَما ذَهَبَ النُقّادُ القُدَماءُ- مُعَلَّقَتُهُ ومطلعُها
أَلا هَبِيَ بِصَحْنِكَ فَاصْبِحِينا ولا تُبْقي خمورَ الأنْدرِينا
وَيُقالُ إِنَّهُ ارْتَجَها فِي مَجْلِسِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ ملِكِ الحِيرةِ، وَأَنَّها كانَتْ تَبْلُغُ أَلْفَ بَيْتٍ وَقَدْ وَصَلَ أَقَلُّها، وحَظِيَتْ هذِهِ المُعَلَّقَةُ بِاهْتِمامٍ بالِغٍ مِنْ قَبِيلَتِهِ بَنِي تَغْلب وَكَثُرَت رِوايَتُهُمْ لَها حَتَّى قالَ أَحَدُ الشُّعَراءِ فِيهِمْ:
أَلْهَى بَنِي تَغْلِبٍ عَنْ كُلِّ مَكْرُمَةٍ قَصِيدَةٌ قالَها عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ
يُفاخِرُونَ بِها مُذْ كانَ أَوَّلُهُمْ يا لَلرِّجالِ لِفَخْرٍ غَيْرِ مَسْؤُومِ
وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَواضِيعَ مُتَنَوِّعَةٍ مِمّا جَعَلَ بَعْضَ النُقّادِ يَرَى أَنَّها لَمْ تُنْظَمْ دَفْعَةً واحِدَةً فَقَدْ تَمَّ إِضافَةُ أبْياتٍ عَلَيْها بَعْدَ ذلِكَ حَسْبَ المُناسَباتِ، وَيَرَى جَواد عَلي أَنَّ فِي المُعَلَّقَةِ أَشْعارٌ مُضْطَرِبَةٌ وَتَكْرارٌ، وَعَدَمُ تَجانُسٍ فِي وِحْدَةِ المَوْضُوعِ، وَقَدْ يَكُونُ ذلِكَ بِسَبَبِ تَلاعُبِ الأَيْدِي فِي القَصِيدَةِ.
(أَبُو زيد القُرشيّ/ جمهرة أشعارِ العَربِ "
(عيسى بن عمر/ ذكره أَبُو زيد القُرشيّ في جمهرة أشعارِ العَربِ).
(أبو عبيدة البكريّ فِي شرح نَوَادِر القاليّ)
(نَشْوَةُ الطَّرَبِ فِي تارِيخِ جاهِلِيَّةِ العَرَبِ).
(ابْنُ رَشِيقٍ القَيْرَوانِيُّ/ العُمْدَةُ).
(لُوِيس شيخُو/ شُعَراءُ النَّصْرانِيَّة)
(بروكلمان/ تاريخُ الأدبِ العربيّ)
(مَطاع صفدِي وَإيليا حاوِي/ مَوْسُوعَةُ الشّعر العَرَبِيِّ)