
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هاشِم، أبو الحارِث، جَدُّ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وكفيلُهُ بعدَ وَفاةِ أَبيهِ عبد الله، يُلَقَّبُ بـ"شَيْبَةِ الْحَمْد"، وقيل هو اسمُه. نشأ في بيئة سيادة وشرف فهو سليلُ بيتٍ من الأسياد ملكوا زمام الأمور في مكّةَ، وحازوا شرف خدمة البيت الحرام وحجيجه، ولهم تجارة واسعة في اليمن والشام، وأهميّة دينيّة بارزة قد جعلتهم في مكانة بارزةٍ بين القبائل. لمْ يكنْ لقريش باعٌ طويلٌ في الشّعر كباقي القبائل في الجزيرة العربية، ولكنْ برز منهم مَنْ خاض مضمار الشّعر كعبد المطّلب وابنه أبي طالب وعبد الله بن الزِّبَعْرى وغيرهم. وعبد المطّلب كان شاعرًا مجيدًا، وتركّزتْ مواضيعُ شعره حول أحداث مِفْصليّة تتمحور حول نفسه أو قبيلته وبلده؛ كحادثة الفيل – وله عنها شعر كثير – وفداء ابنه عبد الله بمئة ناقة بعدما نذر أنْ يذبحه، وتنبُّئِه بسيادة النبي صلّى الله عليه وسلّم على العرب، ووصايته لأبي طالب بكفالته بعد موته. توفّي نحو 45 ق. هـ/ 579م في مكّة.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هو عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان.
يُقال إنّ عبد المطّلب لقبه وإنّما اسمه: شيبة؛ لشيبة كانت في رأسه، ويرجع ذلك إلى أنّه عندما ذهب عمّه المطّلب إلى أخواله وأخذه معه على بعيره إلى مكّة فقالت قريش عنه: عبد المطّلب، فقال المطّلب: لا بل هو شيبة. ولكنْ غلب لقب عبد المطّلب على شيبة واشتُهِر َبه.
ولُقِّب كذلك بالفيّاض، وسيّد البطحاء.
يُكنّى بأبي الحارث.
وقريشٌ قبيلةٌ مُضريِّةٌ عدنانيّةٌ، تنتسب إلى النبي إسماعيل عليه، وكانت لها السقايةُ والرّفادةُ وسدانة البيت، ومكانةٌ دينيّةٌ بارزة بين العرب.
والدهُ هاشم بن عبد مناف سيّد مكّة وصاحب الرحلتين في الشتاء والصيف، وأوّل من أطعم الثريد في مكّة، وإنّما كان اسمه عَمْرًا، فما سُمّي هاشمًا إلّا بهشمه الخبز بمكّة لقومه، لمّا ألمّتْ بهم مجاعة وأطبق عليهم القحط فلم يدع لديهم ما تُسَدُّ به الأرماق.
وإخوته: أسد وصيفيّ وأبو صيفيّ ونضلة.
وجدّه الأول عبد مناف بن قصيَ أحدُ سادةِ مكّة َوقريشٍ وله ينتسب بنو عبد مناف، وهو صاحب "الإيلاف".
وأمّا جدّه الثاني قصيّ بن كلاب حصلَ على نفوذٍ واسعٍ في مكّةَ، ويُعَدُّ أشهر رئيسٍ في قبيلة قريش قبل الإسلامِ، وكانت إليه الرّفادةُ والسقايةُ والسّدانةُ والندوةُ ولواءُ الحرب.
أمّا أبناؤه فهم: العبّاس، وحمزة، وعبد الله، وأبو طالب –واسمه عبد مناف-، والزبير، والحارث، وجَحْل-واسمه المغيرة-، والمقَوَّم-واسمه عبد الكعبة-، وضرار، وأبو لهب -واسمه عبد العُزّى-، والغَيْداق-واسمه نوفل-.
أما البنات فهنّ: صفيّة، وأمّ حكيم البيضاء، وعاتكة، وأُميمة، وأروى، وبرّة.
وُلِد بيثرب نحو عام 480م ومنهم من قال: ولد عام 497م، وعاش عند أخواله من بني النجار، وقد مات أبوه بغزة في تجارته، فأرجعه عمه المطلب بن عبد مناف وحمله معه إلى مكة.
نشأ عبد المطّلب في بيئة سيادة وشرف. وعَظُم قدره لما احتفر بئرَ زمزم، وكانت من قبل مَطْوِية، وذلك في زمن الملك قباذ ملك فارس، فاستخرج منها غزالتي ذهب عليهما الدرّ والجوهر، وغير ذلك من الحليّ، وسبعة أسياف قلعيّة، وسبعة أدرع سوابغ؛ فضرب من الأسياف بابًا للكعبة، وجعل إحدى الغزالتين صفائح ذهب في الباب، وجعل الأخرى في الكعبة. وعظم قدره كثيرًا بين العرب بعد يوم الفيل. وقدم اليمن في وجوه قريش ليهنِّئ الملك سيف بن ذي يزن لتغلّبه على الأحباش المغتصبين للجنوب العربيّ، فأكرمه الملك، وقرَّبه، وحباه، وخصَّه، وبشَّره بأنَّ النبوة في ولده. وكان محسودًا من بعض قريش، فنافره بعضهم فنكس وانتكس، وحاول آخرون مجاراته فأُفْحِمُوا وتعبوا. شدَّ أحلاف آبائه، وأوثق عُراها، وعقد لقريش حلفًا مع خزاعة فكان أنفةً لفتح مكة في عام 8 هـ ودخول الناس في الإسلام.
كفل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد موت أبيه، ونال شرف تربيته بعد موت أمّه آمنة بنت وهب الزهريّة. ومات عبد المطّلب وعمر رسول الله ثمان سنين، كان كاملًا عاقلاً، ذا أناة ونجدة، فصيح اللسان، حاضر القلب، أحبّه قومه ورفعوا من شأنه، فكان سيّد قريش حتّى هلك.
وقال الجاحظ: لم تقلْ العرب أحلمَ من عبد المطّلب، ولا هو أحلم من هاشم، لأنّ الِحلم خَصْلة من خصاله كتمام حلمه، فلمّا كانت خصاله متساويةً، وخلاله مشرّفة متساويةً، وكلُّها كان غالبًا ظاهرًا، وقاهرًا غامرًا، سُمّي بأجمع الأشياء ولم يُسَمَّ بالخَصْلة الواحدة، فيُستدلُّ بذلك على أنّها كانت أغلب خصال الخير عليه.
ولمّا جاء أصحاب الفيل ليهدموا الكعبة، ذهب إلى أبرهة الأشرم وقابله وطلب إبله التي نهبوها، فتعجّب أبرهة وقال: أنتم تعظّمون البيت، ولم تسألني عنه وتسأل عن إبلك؟ فقال له: أنا ربُّ الإبل، وللبيت ربّ يحميه، ثم ذهب وتعلّق بأستار الكعبة قائلًا:
لاهُــمَّ إِنَّ الْعَبْــدَ يَمْــ ــنَع رَحْلَـهُ فامْنَعْ حَلالَكْ
لا يَغْلِبَــــنَّ صـــَلِيبُهُمْ وَمِحـالُهُمْ غَـدْراً مِحالَـكْ
وَانْصـُرْ عَلَـى آلِ الصَّلِيـ ــبِ وَعابِدِيهِ الْيَوْمَ آلَكْ
فَلَئِنْ فَعَلْـــتَ فَرُبَّمـــا أَوْ لا فَـأَمْرٌ مـا بَدا لَكْ
وَلَئِنْ فَعَلْــــتَ فَـــإِنَّهُ أَمْــرٌ تُتِـمُّ بِـهِ فِعالَـكْ
أَنْـتَ الَّـذِي إِنْ جـاءَ با غٍ نَرْتَجِيــكَ لَــهُ كَـذَلِكْ
وممّا قاله في ذلك اليوم أيضًا:
يـا أَهْـلَ مَكَّـةَ قَدْ وافاكُمُ مَلِكٌ مَعَ الْفُيُولِ عَلَى أَنْيابِها الزَّرَدُ
هَـذا النَّجاشِيُّ قَدْ سارَتْ كَتائِبُهُ مَـعَ اللُّيُوثِ عَلَيْها الْبِيضُ تَتَّقِدُ
يُرِيـدُ كَعْبَتَكُـمْ وَاللـهُ مـانِعُهُ كَمَنْـعِ تُبَّـعَ لَمَّـا جاءَهـا حَـرِدُ
وحادثة حفر بئر زمزم لمّا رأى مكانها في الرؤية في قرية النّمل بين الوَثَنَيْن إسافٍ ونائلة وكانت قريش تنحر عندهما، فاحتفر هناك ومعه ابنه الحارث ولم يكنْ معه ولد غيره حينئذٍ فقامت إليه قريش تمنعه ولكنْ لم يصغِ إليهم ومضى في أمره وقال لابنه الحارث: ذُد عنّي، فظهر الطمي وعرف أنّه قد صُدِق ووجد فيها أيضًا غزالتيْن من ذهب اللّتين كانت جُرْهم قد دفنتهم ووجد أسيافًا قَلَعِيّة وأدرعًا، فقالت قريش له: يا عبد المطّلب لنا في هذا معك حقٌّ وشِرْك، فقال: لا ولكنْ هلمَّ إلى أمرٍ نصَفٍ بيني وبينكم ونضرب بالقِداح، قالوا وَكَيْفَ نَصْنَعُ قَالَ أَجْعَلُ لِلْكَعْبَةِ قَدَحَيْنِ وَلِي قَدَحَيْنِ وَلَكُمْ قَدَحَيْنِ فَمَنْ خَرَجَ قَدَحَاهُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ لَهُ وَمَنْ تَخَلَّفَ قَدَحَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَالُوا: أَنْصَفْتَ فَجَعَلَ لِلْكَعْبَةِ قَدَحَيْنِ أَصْفَرَيْنِ وَلَهُ أَسْوَدَيْنِ وَلَهُمْ أَبْيَضَيْنِ ثُمَّ أَعْطَوُا الْقِدَاحَ لِلَّذِي يَضْرِبُ عِنْدَ هُببَلَ وَهُبَلُ أَكْبَرُ أَصْنَامِهِمْ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ: اعْلُ هُبَلُ. يَعْنِي هَذَا الصَّنَمَ.
وَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ. وَذَكَرَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ جَعَلَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْمَحْمُودْ
رَبِّي وَأَنْتَ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدْ
وَمُمْسِكُ الرَّاسِيَةِ الْجُلْمُودْ
مِنْ عِنْدِكَ الطَّارِفُ وَالتَّلِيدْ
إِنْ شِئْتَ أَلْهَمْتَ ما تُرِيدْ
لِمَوْضِعِ الْحِلْيَةِ وَالْحَدِيدْ
فَبَيِّنِ الْيَوْمَ لِما تُرِيدْ
إِنِّي نَذَرْتُ عاهِدَ الْعُهُودْ
اجْعَلْهُ رَبِّي فَلا أَعُودْ
قَالَ وَضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ فَخَرَجَ الأصفران على الغزالين لِلْكَعْبَةِ، وَخَرَجَ الْأَسْوَدَانِ عَلَى الْأَسْيَافِ وَالْأَدْرَاعِ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَخَلَّفَ قَدَحَا قُرَيْشٍ. فَضَرَبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب فكان أول ذهب حلية للكعبة فِيمَا يَزَعُمُونَ. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَقَامَ سِقَايَةَ زَمْزَمَ لِلْحَاجِّ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَكَّةَ كَانَ فِيهَا أَبْيَارٌ كَثِيرَةٌ قَبْلَ ظُهُورِ زَمْزَمَ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ عَدَّدَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ وَسَمَّاهَا وَذَكَرَ أَمَاكِنَهَا مِنْ مَكَّةَ وَحَافِرِيهَا إِلَى أَنْ قَالَ فَعَفَتْ زَمْزَمُ عَلَى الْبِئَارِ كُلِّهَا.
وكان لعبد المطّلب سيفٌ يلقَّبُ بالعطشان وقيل أنّ سيف بن ذي يزن أهداه له لمّا وفد عليه.
وقد قيل إنّ السيف العضب الذي ذكره ابنه أبو طالب هو نفسه العطشان الذي ورثه من أبيه وذلك في قصيدته المشهورة "خليليّ ما أذني لأوّل عاذلِ" فقال:
صَبَرْتُ لَهُمْ نَفْسِي بِسَمْراءَ سَمْحَةٍ=وَأَبْيَضَ عَضْبٍ مِنْ تُراثِ الْمَقاولِ#
وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِيمَا يَزْعُمُونَ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ مَا لَقِيَ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ ثم بلغوا معه حتى يمنعوه ليذبحن أَحَدَهُمْ للَّه عِنْدِ الْكَعْبَةِ. فَلَمَّا تَكَامَلَ بَنُوهُ عَشَرَةً وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ وَهُمُ. الْحَارِثُ. وَالزُّببَيْرُ. وَحَجْلٌ. وَضِرَارٌ. وَالْمُقَوَّمُ. وَأَبُو لَهَبٍ. وَالْعَبَّاسُ.
وَحَمْزَةُ. وَأَبُو طَالِبٍ. وَعَبْدُ اللَّهِ. جَمَعَهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْوَفَاءِ للَّه عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ فَأَطَاعُوهُ وَقَالُوا كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا ثُمَّ يَكْتُبُ فِيهِ اسْمَهُ ثُمَّ ائْتُونِي فَفَعَلُوا ثُمَّ أَتَوْهُ، ففَدَخَلَ بهم على هبل فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَكَانَتْ تِلْكَ الْبِئْرُ هِيَ الَّتِي يُجْمَعُ فِيهَا مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ، وَكَانَ عِنْدَ هُبَلَ قِدَاحٌ سَبْعَةٌ وَهِيَ الْأَزْلَامُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا إِذَا أَعْضَلَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ مِنْ عقل أو نسب أوامر مِنَ الْأُمُورِ جَاءُوهُ فَاسْتَقْسَمُوا بِهَا فَمَا أَمَرَتْهُمْ بِهِ أَوْ نَهَتْهُمْ عَنْهُ امْتَثَلُوهُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا جَاءَ يَسْتَقْسِمُ بِالْقِدَاحِ عِنْدَ هُبَلَ خَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَصْغَرَ وَلَدِهِ وَأَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِيَدِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إِلَى إِسَافٍ وَنَائِلَةَ لِيَذْبَحَهُ فَقَامَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ مِنْ أَنْدِيَتِهَا فَقَالُوا: مَا تُرِيدُ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ أَذْبَحُهُ فَقَالَتْ له قريش وبنوه إخوة عبد الله وَاللَّهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يجيئ بِابْنِهِ حَتَّى يَذْبَحَهُ فَمَا بَقَاءُ النَّاسِ عَلَى هَذَا. وَذَكَرَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الْعَبَّاسَ هُوَ الَّذِي اجْتَذَبَ عَبْدَ اللَّهِ مِنْ تَحْتِ رِجْلِ أَبِيهِ حِينَ وَضَعَهَا عَلَيْهِ لِيَذْبَحَهُ فَيُقَالَ إِنَّهُ شَجَّ وَجْهَهُ شَجَّا لَمْ يَزَلْ فِي وَجْهِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ ثُمَّ أَشَارَتْ قُرَيْشٌ عَلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْحِجَازِ فَإِنَّ بِهَا عَرَّافَةً لَهَا تَابِعٌ فَييَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ إِنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ فَاذْبَحْهُ وَإِنْ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ لَكَ وَلَهُ فِيهِ مَخْرَجٌ قَبِلْتَهُ فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوُا الْمَدِينَةَ فَوَجَدُوا الْعَرَّافَةَ وَهِيَ سَجَااحُ فِيمَا ذَكَرَهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِخَيْبَرَ فَرَكِبُوا حَتَّى جَاءُوهَا فَسَأَلُوهَاا وَقَصَّ عَلَيْهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَبَرَهُ وَخَبَرَ ابْنِهِ فَقَالَتْ لَهُمُ ارْجِعُوا عَنِّي الْيَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلُهُ فَرَجَعُوا مِنْ عِنْدِهَا فَلَمَّا خَرَجُوا قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُوو اللَّهَ ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُمْ قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ، ككَمِ الدِّيَةُ فِيكُمْ؟ قَالُوا عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ وَكَانَتْ كَذَلِكَ قَالَتْ فَارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ ثُمَّ قَرِّبُوا صَاحِبَكُمْ وَقَرِّبُوا عَشْرًا مِنَ ا الْإِبِلِ ثُمَّ اضْرِبُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا مِنَ الْإِبِلِ حَتَّى يَرْضَى رَبُّكُمْ وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا عَنْهُ فَقَدْ رَضِيَ رَبُّكُمْ وَنَجَا صَاحِبُكُمْ فَخَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ ثُمَّ قَرَّبُوا عَبْدَ اللَّهِ وَعَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَزَادُوا عَشْرًا ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَزَادُوا عَشْرًا فلم يَزَالُوا يَزِيدُونَ عَشْرًا عَشْرًا وَيَخْرُجُ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى بَلَغَتتِ الْإِبِلُ مِائَةً. ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى الْإِبِلِ فَقَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ قُرَيْشٌ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللَّهَ قَدِ انْتتَهَى رِضَى رَبِّكَ يا عبد المطلب. فعندها زعموا أَنَّهُ قَالَ لَا حَتَّى أَضْرِبَ عَلَيْهَا بِالْقِدَاحِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَضَرَبُوا ثَلَاثًا وَيَقَعُ الْقِدْحُ فِيهَا عَلَى الْإِبِلِ فَنُحِرَتْ ثُمَّ تُرِكَتْ لَا يُصَدُّ عَنْهَا إِنْسَانٌ وَلَا يُمْنَعُ.
وقد قال في هذه الحادثة شعرًا كثيرًا.
توفِّيَ في مكّةَ نحو سنة 45 ق. هـ/ 579م، لمّا بلغ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمان سنين، وكان عمره بضع وثمانون سنة.
تأثّر بشعر أخواله بني النّجّار لمّا نشأ بينهم، فكان شعره من أعذب أشعار القرشيّين، وشعره غنائيٌّ، وسهل اللّفظ، وواضح المعنى، وجيّد.
قالت رَفِيقَةُ بنتُ نُباتةَ تَمْدَحُهُ وَقَدْ اسْتَسْقَى فَأَمْطَرَتِ السَّماء
بِشَيْبَةِ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتَنا وَقَدْ فَقَدْنا الْحَيا وَاجْلَوَّذَ الْمَطَرُ
فَجادَ بِالْماءِ جَوْنٌ مُسْبِلٌ هَطِلٌ بِهِ تَنَفَّسَتِ الْأَنْعامُ وَالشَّجَرُ
مَنٌّ مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونِ طائِرُهُ وَخَيْرِ مَنْ بَشَّرَتْ يَوْماً بِهِ مُضَرُ
مُبارَكُ الْأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمامُ بِهِ ما فِي الْأَنامِ لَهُ شِبْهٌ وَلا خَطَرُ