
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الأفوهُ الأَوْديّ هو صَلاءَةُ بنُ عمرو بنِ مالك، من قبيلةِ أود المنحدرةِ من قبائلِ مَذْحِج الجنوبيّة، كُنيتُهُ أَبو ربيعة، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 54ق.ه/570م. كانَ سَيِّدًا من ساداتِ قبيلتَهِ أود، وقائدًا لهُم في حروبِهم مع القبائل الشَّمالِيَّة. يُعَدُّ الأفوَه الأوديّ من حكماءِ العربِ وأصحابِ الرّأيِ والتّجرِبَة، واحتفى بهِ وبشعرِهِ علماءُ اللغةُ العربيّةِ والنقّادُ في القديمِ والحديث؛ لا سيّما بقصيدتِه الدّاليّة الّتي عدّوها من حكمةِ العربِ وآدابِها. يغلُبُ على شعرِهِ الفخرُ والحكمةُ وشعرُ الحماسةِ الّذي يوثّقُ أيّامَ العرب ومعاركَها في الجاهليّة.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
الأفوهُ الأَوْديُّ هو صَلاءَةُ بنُ عمرو بنِ مالك بنِ عوف بن الحارِث بن عوف بن منبّه بن أود بن الصّعب بن سعد العشيرةِ بنِ مَذْحِج. ومَعْنى "صَلاءَة": مِدَقُّ الطِّيب، وكلُّ حجرٍ عريضٍ يُدَقُّ عَلَيْهِ الطِّيب.
قَبيلتُهُ هي قبيلةُ أَوْد المنحدرةِ من قبائلِ مَذْحِجِ القحطانيّة الجنوبيّة، وموطنُ مَذْحَج الأصليُّ هو جوفُ اليمن، ثمّ انتشرَت بُطونُها وقبائلُها حتّى وصلَت إلى بلاد اليمامة وجنوب شبه الجزيرة العربيّة وتخوم بلادِ نجد.
وكُنيتُهُ أَبو رَبيعة. و"الأفوهُ" لقبٌ غَلَبَ عليه لأنّهُ كان غليظَ الشَّفَتَينِ ظاهرَ الأسنان.
والدُهُ عمرُو بنُ مالك مِن فُرسانِ العرب، وكانَ يُقالُ له "فارِسُ الشَّهْواء"، والشَّهْواء اسْمُ فَرَسِه، وكُلُّ فَرَسٍ طويلةٍ رائعةٍ يُقالُ لَها "شَهواء". وقد ذكرَ الأفوهُ أَباهُ في شعرِهِ فقال:
أَبي فارِسُ الشَّهْواءِ عمرُو بْنُ مالكٍ غَداةَ الْوَغى إِذْ مالَ بِالجِدِّ عاثِرُ
سُمِّيَ جَدُّهُ وجدُّ قبائلِ أَوْد "سَعْد بن مالك" بـ"سعد العَشيرَة" لأنّهُ كانَ يَرْكَبُ مَعَ ثلاثِمئةِ فارسٍ كُلُّهُم أَوْلادُهُ مِنْ صُلْبِه
يُعَدُّ الْأَفْوَهُ الْأَوْدِيُّ من أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهلِيِّينَ كما جاءَ في المصادرِ العربيّة، وقد كان سَيِّدًا في قومِهِ بَني مَذْحِج وقائدًا لهُمْ في حُروبِهم، وكانُوا يَعتَدُّونَ بهِ ويأخذونَ بِرَأيِه؛ فهُوَ شاعِرٌ فارِسٌ ورثَ السّيادَة والفروسيّةَ عن آبائِه. ويحفُلُ ديوانُهُ بالمقطوعاتِ الّتي تَصِفُ المعاركَ والأيّامَ الّتي قادَ فيها قومَهُ ضدَّ العربِ الشَّماليّين؛ من مثلِ يومِ الصَّبيب، ويومِ روضَةِ السُّلّان، ويومِ السَّدّ، وغيرِها من الأيّام. يقولُ في يومِ الصَّبيب الّذي انتصَرَت فيهِ قبائلُ مَذْحِج على قبائلِ بني عامر:
أَلا يا لَهْفَ لَوْ شَهِدَتْ قَناتِي قَبائِلَ عامِرٍ يَوْمَ الصَّبيبِ
غَداةَ تَجَمَّعَتْ كَعْبٌ عَلَيْنا جَلائِبَ بَيْنَ أَبْناءِ الْحَريبِ
فَلَمَّا أَنْ رَأَوْنا فِي وَغاهَا كَآسادِ الْعَرينَةِ وَالْحَجيبِ
تَداعَوْا ثُمَّ مالُوا فِي ذُراها كَفِعْلِ مُعانِتٍ أَمْنَ الرَّجيبِ
وطارُوا كالنَّعامِ بِبَطْنِ قَوٍّ مُواءَلَةً على حَذَرِ الرَّقيبِ
ويقولُ في يومِ رَوْضَةِ السُّلّان:
وِبِرَوْضَةِ السُّلَّانِ مِنَّا مَشْهَدٌ وَالْخَيْلُ شاحِيَةٌ وَقَدْ عَظُمَ الثُّبى
تَحْمِي الْجَماجِمَ وَالْأَكُفَّ سُيوفُنا وَرِماحُنا بِالطَّعْنِ تَنْتَظِمُ الْكُلى
وديوانُ الأَفْوَهِ الْأَوْدِيّ شاهِدٌ عَلى عِظَمِ الْخِلافِ الَّذي كانَ في عصرِهِ بينَ قبائلِ الجَنوبِ والشَّمال، ولَهُ قصيدَةٌ رائيّةٌ في ذمّ عربِ الشَّمال مِن أَبناءِ إسماعيل قالَ بعضُ المحدّثينَ إنّ النبيَّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ نهى عن روايتِها.
والعربُ تعُدُّ الأَفْوَهَ الأَوْدِيَّ من حُكمائِها أَصحابِ الرّأيِ والخبرةِ والتّجرِبَة، ويمتلئُ ديوانُهُ بنماذجِ الحكمةِ الفريدَةِ في شتّى الموضوعات؛ لا سيّما في شؤونِ الحكم والسّيادة، والشّؤونِ العسكريّة، وما سوى ذلك من الموضوعاتِ الّتي كانت تهُمُّ العربيَّ القديم.
ومن ملامحِ شخصيّةِ الأفوهِ الأوديّ إيمانُهُ بأهميّةِ السّيادةِ في حياةِ الأممِ والقبائلِ والشُّعوب، وكانَ شديدَ الاستياءِ مِن نفَرٍ مِن قومِهِ لا يؤمنونَ بمكانةِ السّادةِ في القبيلةِ ويسعَوْنَ لإفسادِ ما بنى الأوَّلون، يقولُ مثلًا:
فِـيْـنـا مَعـاشِـرُ لَمْ يَبْـنُـوا لِقَوْمِهِـمُ وَإِنْ بَنـى قَومُهُـمْ ما أَفْسَدُوا عَادُوا
لا يَـرْشُــدُونَ وَلَنْ يَـرْعَـوا لِمُرْشِـدِهـِمْ فَالْغَـيُّ مِنْـهُـمْ مَعـاً وَالجَهْلُ مِيعادُ
كَـانــُوا كَـمِـثْـلِ لُقَيـمٍ في عَشـيـرَتِهِ إذْ أُهْـلِكَــتْ بِـالَّذي قَدْ قَدَّمَـتْ عادُ
أَو بَــعـْــدَهُ كَـقُــدَارٍ حِـيــنَ تـابَــعَهُ عَـلى الغَوايَـةِ أَقْوامٌ فَقَـدْ بادُوا
وَالبَـيـْـتُ لا يُـبْــتَـنـَى إِلَّا لَهُ عَمَـدٌ وَلا عِــمـــادَ إِذا لَمْ تُــرْسَ أَوْتــادُ
ويبدو أنَّ الأفوهَ قد تعرّضَ في حياتِهِ لشيءٍ من الفقرِ وشظَفِ المعيشَة، وهُوَ ما جعلَ النّاسَ ينفَضُّون عنهُ إلى الجَفاءِ والمُعاداة، يقولُ في ذلك:
بَلَوْتُ النَّاسَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ فلَمْ أَرَ غَيْرَ خَلَّابٍ وَقالِ
وَذُقْتُ مَرارَةَ الْأَشْياءِ جَمْعًا فَما طَعْمٌ أَمَرُّ مِنَ السُّؤالِ
وَلَمْ أَرَ في الْخُطوبِ أَشَدَّ هَوْلًا وَأَصْعَبَ مِنْ مُعاداةِ الرِّجالِ
والأفوهُ الأوْدِيّ مَعْدودٌ في الشُّعَراءِ المُعَمَّرين، وقد أَوْرَدَ أَبو حاتَم السَّجِسْتانيّ وصيَّةً طويلةً له جاءَ فيها: "كُونوا مِنَ الْفِتَنِ عَلى حَذَر، وَلا تَأْمَنُوا عَلى أَحْسابِكُم السُّفَهاء، وَلا تُشْرِكوهُمْ فِي سِرِّكُمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَالضَّأْنِ في رَعِيَّتِها، كَلامُهُمْ ذُعْر، وَفِعْلُهُمْ عُسْر، لا يَسْتَحْيُون مِن دناءَة، ولا يُراقِبونَ مَحْرَماً".
يتّفِقُ كُلٌّ مِن لويس شيخو وجرجي زيدان وخير الدِّين الزِّرَكليّ عَلى أنَّ وفاةَ الأفوه الأوْدِيّ كانت نحو سنةِ 570م الموافقة لـ54 ق.هـ، فيما يرى عمر فرّوخ أنّه توفّي نحو سنة 560م الموافقة لـ64 ق.هـ. ويتّفق فريق الموسوعة الشّعريّة مع الرَّأي القائل بأنَّ وفاته كانت نحو سنة 570م الموافقة ل54ق.هـ؛ وذلك لورودِ بيتينِ في ديوانِهِ يوثّقُ فيهما مقتلَ عبدِ الله بن معديكرِب شقيقِ عمرِو بن معديكرب بعدَ أن قتلَهُ بنو مازن، ومن المعروفِ أنَّ عمرو بن معديكرب ترّأَسَ مكانَ أخيه على بني زُبَيد، وكانت ولادةُ عمرِو بنِ معديكرب نحو 75 ق.هـ، ولا يُعقَل أنّه تَرّأَسَ على قومِهِ وهُوَ ابنُ إحدى عشرةَ سنة، لكن من المعقولِ أن يكونَ تَرَأَّسَ عليهم وهو في حدود العشرين أو يزيد.
مَعاشِرٌ ما بَنَوْا مَجْدًا لقومِهِمُ وَإِنْ بَنى غَيْرُهُمْ ما أَفْسَدوا عادوا
أوردَ ابنُ قتيبةَ الدَّينوريّ في كتابه "الشِّعر والشُّعراء" أربع مقطوعاتٍ للأفوه الأوديّ وعقَّبَ على اثنتينِ منها قائلًا إنَّها من جيِّد شعر العرب.
اختار الأخفشُ الأصغرُ داليّةَ الأفوه الأوديّ ضمن كتابه "الاختيارين"، وهي ليست من اختيارات الأصمعيِّ ولا المفضَّل الضَّبِّي، لكن من زيادات الأخفش على الكتابين.
يرى محمَّد بن السَّائب الكلبيُّ أنَّ الأفوهَ الأَوْديَّ من كبارِ الشُّعراء القدماء في الجاهليَّة.
عدَّ أَبو الفرجِ الأصفهانيّ قصيدتَهُ الدَّاليَّة مِن حكمةِ العربِ وآدابِها.
أوردَ ابنُ رشيقٍ القيروانيُّ في كتابه "العمدة" وجلال الدّين السّيوطيّ في كتابه "المزهر" أنَّ الأفوه أقدمُ من المهلهل ومن امرئ القيس وعمرو بن قميئة، وأنَّه أوَّلُ من قصَّد القصائد. ويُشير لويس شيخو إلى أنَّ هذا الرَّأيَ لا دليلَ عليه.
أوردَ له البُحتريّ في حماستِهِ مجموعةً من الاختيارات الشِّعريَّة، وهي المختارات: 127، 196، 493، 795، 1139، 1182.
أورد له البصريُّ في حماستِه قصيدتينِ طويلتينِ؛ الأولى دالِيَّتُه الشّهيرة، والأخرى رائيَّتُه الّتي مطلعُها:
إِنْ تَرَيْ رَأْسِيَ فِيهِ قَزَعٌ وَشَواتي خَلَّةٌ فِيها دُوارُ
عدَّه جرجي زيدان على رأسِ الشُّعراء الأمراء في العصر الجاهليِّ.
اخْتارَ له محمَّد مهدي الجواهريُّ في مختاراته "الجمهرة" مقاطع من قصيدتيهِ الدَّاليَّة والرَّائيَّة.
عدَّهُ مطاع صفدي وخليل حاوي ضمن كبار الشُّعراء الفرسان في العصرِ الجاهليّ، واختارا من ديوانِهِ ثمانيةَ مختارات.
"كانَ الْأَفْوَهُ من كبارِ الشُّعَراءِ الْقُدماءِ في الجاهليَّة، وكان سيِّدَ قومِهِ وقائدَهُم في حُروبِهِم، وكانُوا يَصْدُرونَ عَنْ رَأْيِه". (محمّد بن السّائبِ الكلبيّ).
"أَوَّلُ مَنْ شبَّهَ الحافِرَ بالحِجارَةِ الْأَفْوَهُ في قولِه:
يَرْمي الْجَلاميدَ بِأَمْثالِها مُرَكَّباتٍ في وَظيفٍ نَهيِسْ"
(أَبو هلال العسكريّ)