
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تكلَّـم وادي النيـل فليسـمع الـدهرُ
وأملـى علـى الأيـام فليكتـب الشِعرُ
فحسـبُ العـوادي نَهمـةُ النيل زاجراً
وحسـبُ الليـالي أن يُقـال صـحت مصر
صـحت بعد ما أزرى بها الصبرُ والأنى
ويــا ربمــا أزرى بصـاحبه الصـبر
لعمــرك مــا صــبرُ الأبــيِّ مهانـةً
ولكــنَّ صـمت الليـث يعقبـه الـزأر
ولا أنكرتنــا شـمسُ جيـلٍ ولا انطـوى
لنــا عَلَــم بيـن الـدهور ولا ذكـر
وفـي النـاس مـن شـابت قرونٌ وأعصرٌ
وهُـم فـي بطـون الغيب عرفانهم نكر
وهـــل مصـــرُ إلا آيـــة أزليـــةٌ
مقدًّســة والنيــلُ فـي لوحهـا سـطر
تفلَّقـــت الأجيــال حــول وجودنــا
ونحـن الجبـال الشـم والزهر النضر
لئن كــان ماضــينا فخـاراً فإِنمـا
بحاضــرنا تعلـو المحامـدُ والفخـر
وَقفنــا لرَيـب الـدهر حـتى تفلَّلـت
مضــاربُه وانشـقَّ عـن ليلـه الفجـر
بكــل أنــاة يَكهَـم السـيف عنـدها
وللحلـم مـالا تفعـل الـبيض والسمر
ولمـا اسـتطال الـدهر فـي غُلَـوائه
وجــارت ليـالٍ مـن خلائِقهـا الغـدر
أهبنـا بـه فاسـتنَّ عايـديه راجفـاً
كمـا انتفـض العصـفور بلَّلـه القطر
عشــية ســعدٍ فــي الإســار وصـحبه
ويــا رُبَّ حـقٍّ لـذَّ مـن دونـه الأسـر
تُفــــدّيه أرواح عليـــه عزيـــزةٌ
جـرت فجـرى في الترب من طيبها نشر
فـدت نفـراً فـي نُصرة الدين أَرخصوا
كــرائمَ يســتخزي لعزَّتهــا الـدهر
جـرى مـا جـرى لا تستعِد ذكر ما جرى
فــإن الأسـى يهتـاج كامنـةَ الـذكر
سنضـرب عنـه الـذكرَ صـفحاً إذا وَفى
لنـا الـدهر عهداً والذنوب لها غَفر
تركنــا لعمــرٍو جُـرمَ زيـد كرامـةً
إذا كــان بَـرّاً فـي مواعـده عمـرو
نزلنـا علـى حكـم السـلام فـإِن نجِد
سـلاماً فعنـد اللَـه ذاك الدم الطُهر
علــى أننــا لا ننثنــي دون غايـةٍ
جرينـا إليهـا والشـباب لنـا ذُخـر
وإنــا علــى مـا نحـن ليـنٌ وعـزَّة
وذو الحـق مـن آيـاته العزُّ والنصر
حــراصٌ علــى اســتقلالنا ببلادنــا
لقـد ذهبـت تلـك الوصـايات والحَجرُ
وهـــل يُنبــت الإِنصــاف إلا مــودةً
ويثمــر إلا مهلِــكَ الغُــدَر الغَـدر
غَضــِبنا وكــانت غضـبةً جـرَّ شـؤمها
علــى مصــرَ عِسـّيفَ بـه شـقيت مصـر
فلا عَتــبَ حــتى يُعتِـبَ الحـقُّ أهلـه
ويجـري بحُكـم اللَـه فـي خلقه الأمرُ
حـــرامٌ علينــا أن نعيــش أذِلــة
وذو الـذل أولـى ما يكون به القبر
وإن يـرضَ قـومٌ حِلفنـا يسـعدوا بـه
وإلا فعُقـبى أمـر ذي القـوة الخَسـر
فيأيهــا الغــادون والنيـل أدمـع
يرقرقهـا مـن بعـد مـا بنتم القُطر
إلـى غـرضٍ حـالت يـدُ الـدهر دونـه
فمطلبـــه صـــعبٌ ومســـلَكه وَعــر
ولســتم ســوى مصـرٍ وليسـت سـواكمُ
فـأنتم لهـا الـروح المدبِّر والفكر
وإن جــلَّ مــا لاقيتُـمُ فـي سـبيلها
فقـد يُبتلـى فـي قـومه الرجل الحر
بــأر ض تمــوج الحادثـات بأهلهـا
فهـم لجـج ينتابهـا المـد والجـزر
كــأنَّ حقــوق السـِلم فيهـا تجـارةٌ
تســام خلابــاً والوفـود بهـا تَجـر
إذا قيـل وفـدُ النيـل أعـرض معـرضٌ
وقطـب وجـهٌ كـان أولـى بـه البِشـر
وإن ذكــرت بــاريسُ ســعداً وصـحبه
عرا القوم من حمى السياسة ما يعرو
أبــاريس مـا أنكرتنـا عـن جهالـةٍ
وعنــد بنــي الــدنيا بنــا خُـبر
وإن أنكرتنــا عصـبةُ الصـلح منهـم
فللحــق قــوم آخــرون بنـا بـروا
محـت يـد شـعب السين بيضاء سوءَ ما
أتـى شـيخُه والمـرء يحـزُ بـه الأمر
وكفَّــر عــن آثـام ولسـُنَ مـا أتـى
بــه آلُ واشــنطونَ والبلــد الحـرُّ
علينـــا لأحــرار الولايــات منــةٌ
وأشـياخ أمريكـا بهـا خلُـد الشـكر
جـزى اللَـه سـعداً حيـث حـل وصـحبه
عـن النيـل ما يجزى به الولد البرُّ
لـك اللَـه مـن سـارٍ طوى شقَّة النوى
إلـى قـومه واليمـن يحـدوه والبِشر
لـك اللَـه مـن سـارٍ إذا حـلَّ أرضـه
تزاحـم فـي تكريمـه الـبرُّ والبحـر
ففـي البحـر لاسـتقباله الفُلـك شرَّعٌ
وفـي الـبر تجـري تحت موكبه القطر
خليلـــي مــالي خليــاني لعلنــي
أراجــع أنفاســي تملكهــا البهـر
أرى مصـرَ فـي يـوم مـن الزهو جامع
لــه ضـحكت أُسـوان وابتسـم الثغـر
جمــوع تضــيق الأرض عنهــا وضــجة
علــت فــي نواحيهـا وألويـة حمـر
ونـــور تخــطُّ الكهربــاء ســطوره
فتحسـُدها فـي الأُفـق أنجمـه الزُهـر
وأَفئدة خفّاقــــة فــــي جوانـــح
وألسـنةٌ يحلـو بهـا الحمـد والشكر
يحيــون فــي سـعدٍ أمـانيَ إن وفـت
فقـد ثـابت الأيـام واعتـذر الـدهر
محمد بن عبد المطلب بن واصل.من أسرة أبي الخير، من جهينة.شاعر مصري، حسن الرصف، من الأدباء الخطباء. ولد في باصونة (من قرى جرجا بمصر) وتعلم في الأزهر بالقاهرة، وتخرج مدرساً، وشارك في الحركة الوطنية، بشعره ومقالاته وخطبه.وتوفي بالقاهرة.له (ديوان شعر ).وله:(تاريخ أدب اللغة العربية) ثلاثة أجزاء، و(كتاب الجولتين في آداب الدولتين) الأموية والعباسية، و(إعجاز القرآن) وروايتا (الزباء) و(ليلى العفيفة) كلها لا تزال محفوظة.