
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أتجـزع شـوقاً أم تـرى الصـبرَ أنجعـاً
إذا أنــت عــانقتَ الحـبيب المودَّعـا
فـإن كـان حلمـي يقتضي الصبر فالنوى
بهـا حِلـم مَـن قبلـي قـديماً تَزَعزَعـا
وكـم غـالَ نفسـاً غـالب الـدهرَ ربُّهـا
وحــــلَّ بقلــــبٍ ثـــابتٍ فتصـــدَّعا
خليلــيَّ مــا عــذري عشــيةَ ودَّعــوا
وقـــد جـــرتِ الأقـــدار ألا أودعــا
وهـل أنـا فـي تلـك المعـاذير مُعـذِر
إذا قــال أحبــابي حَفِظنــا وضــيَّعا
ولكــنَّ لــي مـن صـادق الـودَّ عنـدهم
شــفيعاً إذا مــا عــاتبوني تشــفَّعا
فــذرني أكفكــف عَــبرةً كلمــا جـرت
رأيــت بهــا حــوض المـدامع مُترَعـا
وأنشـــُد بعـــد الظــاعنين حشاشــة
تَملكهـــا بَـــرحُ الغــرام فأوجعــا
وقلبــاً تــولاه الأســى كلمــا هفــا
بِمســـمعه ذكـــر البخـــار تفزَّعــا
فيـا قاتَـل اللَـه البخـار كـم اعتدى
عَلـــى شــَمل قــوم جــامع فتقطَّعــا
إذا مـا شـكا قبلـى مـن العيـس موجَع
شــكوت قطــار البَــرَّ أدهَــم أسـفعا
فمــن سـائر ينقـض فـي البيـد زائراً
فتحســبه طيفــاً مــن الجــن مُفزعـا
نـــراه إذا أرســـلتَه فــي مفــازة
إلـى قطعهـا مـن خـاطر النفـس أسرعا
وينقــض فــي البيـداء يعلـو عجـاجه
كمــا عصـفت ريـح مـن الغـرب زعزعـا
كــأن نجــوم الليــل حــال ادَّلاجــه
مــن الــوحش ســربٌ مُقبــل مـدبرمعا
وســابحة يعنــو لهــا البحـر هيبـةً
ويمســي ســحابُ الجــو منــه مُروَّعـا
كـــأن حِفافَيهـــا قـــوادمُ أربـــد
بحيزومـــه نحـــوَ المجــرَّة أتلعــا
تطيــح جبــالُ المــوج تحـت لبانهـا
كمــا طــاح رَضــوى أوثــبير تصـدَّعا
وتلهــو بمخضــر العبــاب كمـا لهـت
ســوامٌ بمخضــلَّ مــن النبــت أمرعـا
تـرى فـي رغـاء البحـر فـي جنباتهـا
فــتى شــيَّبت منــه الحـوادث قُنزُعـا
تمَيَّـــس بـــالهوج الريــاح دُعابــةً
كمــا مــاس غصــنٌ بالنسـيم ترعرعـا
رعـى اللَـه صـَحبي يـومَ حلّـوا شِراعَها
ومـا تركـوا للصـبر فـي القوس مَنزَعا
إلـى الشـأم تحـدوها البشـائرُ تحتهم
ويقــدُمها هــادٍ مــن اليُمـن مُسـرِعا
يبشـــر أهليهــا بــأن أخــا العلا
إليهـم مـع الألبـاب مـن مصـرَ أقلعـا
فهــل مبلــغٌ أشــواق مصــرَ وأهلهـا
نســـيمٌ يــوافي المغربــي فيُســمِعا
أقـام بهـا حينـاً مـن الـدهر لم يكن
سـوى البحـر فياضـاً سوى الليث أروعا
سـوى الشـَرع آدابـاً سـوى الحلم شيمةً
سـوى الفضـل جلباباً سوى الصدق مهيعا
سـوى الـروض مفـتراً سوى المسك ذائعاً
سوى البدر في الضوء سوى الشمس مطلعا
لــه قلــمٌ يعلـو بـه الحـقُّ إن جـرى
وكــان بــه يحلــو المؤيَّــد مشـرعا
إذا اســتله فــي المُعضــلات رأيتَــه
بــه اللَــهُ تبيـانَ الحقـائق أودعـا
هنيئاً لعبــد القـادر المجـدُ مَحتِـداً
عرفنــا بــه ذاك الأديــبَ السـَميَذَعا
ثـــوى بيننــا فــي ســيرةِ نبويَّــة
نشــُم لهـا رَوحـاً مـن المسـك أسـطعا
أســـاءت غليـــه الحــدثات بأرضــه
وربَّ مُســــيءٍ رام ضــــَرا لينفعـــا
وكــان بهــا مــن قـومه فـي عرينـة
أعـــزَّ منــالاً مــن عقــاب وأمنعــا
فَرَوَّعــه الحِــدثان حــتى نبــت بــه
وكـم ريـع ليـثٌ فـي العريـن فأُفزِعـا
ليــاليَ كــان الجَــور أشــرفَ خَلَّــةٍ
لحكّامهـــا والحـــق فيهــا مُضــيَعا
وأكــبرَ إثــم للفــتى نُصــحُ قــومه
يعــدونه خِطئاً مــن العــار أشــنعا
مســاوي بهــا دار الخلافــة أصــبحت
مَـــراداً لأطمــاع الملــوك ومَرتَعــا
ولــولا رجــال مخلصــون نَجَــوا بهـا
رأيــــتَ مغانيهـــا دوارسَ بَلقَعـــا
أولئك قــوم أســهروا فــي ســبيلها
عيونــاً إلــى غيـر العلا لـن تَطَلَّعـا
وكــم أهريقــت منهــمُ أنفــسٌ أبــت
لِعزَّتهـــا إلا إلـــى الحــق مَرجِعــا
أحـــال عليهـــا الظلام لا تســـتفزَّه
بهـــا رحمــة حــتى تــذِل وتخضــعا
أبــــى وأبـــت ألا تقِـــرَّ بأرضـــه
قلــوبٌ نهاهــا البــأس أن تتورَّعــا
إذا طــالبت جنــدَ الليــالي بحاجـة
أبـــت منــه إلا نَيلَهــا أو يُصــَرَّعا
وإن شــَزَّرت للــدهر والــدهر عــابس
أنــاب إليهــا صـاغرَ النفـس أخضـعا
نفـوس أرتنـا كيـف نجـري مـع الحِجـا
إذا عصــفت ريــح الحــوادث زَعزَعــا
وكيــف يقــوم الســيف للحـق ناصـراً
إذا لـم يجـد ذو الحلـم للحلم موضعا
إذا المَلــك لـم يُعـطِ الرعيـة حقَّهـا
فغيـــر عجيـــب أن يُهــان ويخلعــا
وقـــال أنـــاس لا تـــبيت عدالـــةٌ
بغِمــــد وهنــــديٌّ وحريـــةٌ معـــا
وقُـرّاء ذكـر اللَـه مـن قبـلُ لـم نجد
فــتىً منهــمُ ليــس الكمـيَّ المُقنَّعـا
ومــا فــارق الــدينَ المُهَنَّـدُ حِقبـةً
مــن الــدهر إلا كـان فيهـا مُضعضـعا
رعـى اللَـه ملكـاً للرشـاد بـه اعتلى
وألبســه مــن ســابغ النصـر أدرُعـا
ومـا المُلـك إلا مـا أقـامت له الظُبا
علـى الحـق صـَرحاً سـاميَ العرش أتلَعا
ولـى عنـده عُتـبى إذا لـم أبـح بهـا
تلهـــب قلـــبي بــالجوى فتشَعشــعا
ســقاني مــن الـبين المشـت مشـارباً
تركــنَ فــؤادي ذاكـي الشـوق موجَعـا
إذا خفــق الــبرق الشــآميُّ مَوهِنــا
حكــى لوعــتي للمُـزن فانهـل أدمُعـا
وذكَّــر قلــبي فــي طرابلــسَ جيــرة
لهــم عنــد قلــبي ذمـةٌ لـن تضـيَّعا
أظـــلُّ إذا ريـــح الشـــآم تَنفَّســت
وأرقَـــل حـــادٍ بـــالمطي وأَوضــَعا
أرجــع قــولَ ابـن القشـيري إذ غـدا
وقــد بــان عــن ريـا كيبـا موجَّعـا
بروحــي تلـك الأرض مـا أطيـب الرُبـى
ومــا أحســن المُصــطافَ والمتربَّعــا
وأذكــر أيــام الحمــى ثــم أنثنـي
علــى كبــدي مــن خشــية أن تصـدَّعا
ســلام علـى صـحبي سـقى اللَـه عهـدنا
بمصـــرَ وحيّـــاه مَصـــيفاً ومَربَعــا
محمد بن عبد المطلب بن واصل.من أسرة أبي الخير، من جهينة.شاعر مصري، حسن الرصف، من الأدباء الخطباء. ولد في باصونة (من قرى جرجا بمصر) وتعلم في الأزهر بالقاهرة، وتخرج مدرساً، وشارك في الحركة الوطنية، بشعره ومقالاته وخطبه.وتوفي بالقاهرة.له (ديوان شعر ).وله:(تاريخ أدب اللغة العربية) ثلاثة أجزاء، و(كتاب الجولتين في آداب الدولتين) الأموية والعباسية، و(إعجاز القرآن) وروايتا (الزباء) و(ليلى العفيفة) كلها لا تزال محفوظة.