
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـــذه قصـــةٌ جـــرت لنســيم ال
روض فيمـــا مضــى مــن الأزمــانِ
وردت فـــي كتـــابِ ســحرٍ قــديمٍ
خطَّــــه فكـــرُ ســـاحر شـــيطانِ
لــم يكــن قـادراً علـى فهـم مـع
نــاهُ سـوى شـاعرٍ لعـوب المعـاني
وُجــد الشــعرُ حينمـا وُجـدَ السـح
ر شــــقيقين ليــــس يفترقـــانِ
قيــل إِن النسـيم قـد كـان يومـاً
يتمشـــَّي علـــى رُبـــى لبنـــانِ
هائِمـــاً لا يقـــرُّ منـــهُ قــرار
مــن مكــانٍ يميــلُ نحــو مكــانِ
تـــارةً يلثــم الزهــور وطــوراً
يرتمـــي فـــي معــاطفِ الأغصــانِ
إِذ أَتـــى منــزلاً قــديماً لشــيخٍ
مــن شــيوخِ القـرى رفيـع الشـانِ
فــانبرى داخلاً إليــهِ مــن الكـو
ةِ وثبــاً مـن غيـر مـا اسـتئذانِ
حيــث بنــتٌ للشــيخ تغـزل صـوفاً
وهــي فــي مــأمن مــن الحـدثانِ
تغــزلُ الصــوف كفُّهــا ولهـا جـف
نـــانِ بالســحر والهــوى غــزِلانِ
عبـــثَ الــزائِرُ الجريــءُ بشــعرٍ
نـــاعمٍ فـــوق رأســها الفَتــانِ
فتــدلَّت اطرافــهُ الشـقرُ مـن فـو
قِ جفــــونٍ ســـودٍ وخـــدٍّ قـــانِ
ورأَى ذل النســــــيمُ جمـــــالاً
مــا رآهُ مــن قبــل فــي إنسـانِ
فغـــدا شاخصــاً إليهــا مُــديماً
نحوهــا نظــرة الفــتى الحيـرانِ
ذلــك الأهــوَجُ الخفيــفُ المـرائي
القليــلُ الثَبــاتِ فــي كـل شـانِ
فاضــحُ العاشــقين ناشــرُ اسـرار
الهـــوى بيـــن كــلّ قــاصٍ ودانِ
اصــبح الآن بابنــة الشــيخ صـبّاً
مســــتهاماً بحبهــــا متفـــاني
عاشـــق لا يُــرى ويكفيــهِ منهــا
ان يراهـــا فــي كــل حــالٍ وآنِ
حيث كانت يكونُ في البيت او في ال
روض بيـــن النســرين والريحــانِ
همُّـــهُ كـــل همِّـــهِ أن يراهـــا
فـــي ســـرورٍ وغبطـــةٍ وأَمـــانِ
جـاعلاً نفسـه كما تشتهي حراً فبرداً
علــــــــى اختلافِ الزمـــــــانِ
فــإذا الليــلُ كــان ليـلَ شـتاءٍ
يخِــزُ الــبردُ فيـه وخـز السـنانِ
صــار حــالاً إلــى هــواءٍ لطيــفٍ
فـــاترٍ وفـــقَ نســبةِ الميــزانِ
وإِذا اليــومُ كــان يومـاً شـديداً
يلـــذعُ الحــرَّ فيــه كــالنيرانِ
جاءهــا مــن ذرى الجبــال بنفـحٍ
منعــشِ الــروح منعــشِ الجثمــانِ
وإِذا استشــعر انقباضـاً بهـا يـو
مــاً مضــى مسـرعاً إلـى البسـتانِ
وأتاهــا مــن الطيــور الشـوادي
بــــأَرقِّ الأنغــــامِ والأَلحــــانِ
وإِذا الفصــلُ كــان فصــلَ خريــفٍ
وغــدا الـروضُ مثـل وجـه العـاني
وخلا خــدرُها مــن الزهــرِ مـن ور
دٍ ومـــن نرجـــسٍ ومــن اقحــوانِ
سـار خلـف الفـراش فـي الحقـل يج
ديــه كمـا تُجتنـى زهـورُ الجنـانِ
وأتاهـــا منـــه بباقــاتٍ حســنٍ
زاهيــــاتٍ بأَجمــــلِ الأَلــــوانِ
مــــن عقيـــقٍ ولا زوردٍ ويـــاقو
تٍ وتــــبرٍ وأَبيــــضٍ كالجمـــانِ
تتجـــارى فــي خــدرها طــائراتٍ
لامعــــاتِ الجنـــاح كالعقيـــانِ
وإِذا كـــان فــي يــديها كتــابٌ
درســـه محـــوجٌ إلـــى الإِمعــانِ
وانتهــت مـن قـراءة الـوجه منـه
ثـــمَّ همـــت بــدرسٍ وجــه ثــانِ
فـــتراهُ بنفخَـــةٍ قَلَــبَ الــوجهَ
فليســـت تحتـــاجُ مــدَّ البنــانِ
ولكــم وقفــةٌ لــه ليــس تُنســى
عنـــد ذاك الســرير ذي الأركــانِ
وقــد اســتحوذ النعــاسُ عليهــا
وتـــولّى الكــرى علــى الأجفــانِ
يجتلـــي حســنَ معصــمين أَضــاءا
فــــوق ملمـــوم صـــدرها الملان
ولكـــم زحــزح الســتار وأدنــى
ثغـــره فـــوق ثغرهــا الظمــآن
فرواهـــا كمـــا ارتــوى دون أن
تخجـــل منـــه وليــس بــالخجلان
هكــذا عــاش فــي هواهـا زمانـاً
نـــاعمَ البــال خــاليَ الأَشــجانِ
حاســــباً أنَّ للصـــفاء دوامـــاً
هـــل دوام الصـــفاءِ بالإمكـــانِ
ودِّعِ الحــبَّ يــا نســيمُ فقـد جـا
ءَك خصــمٌ أَقــوى إلــى الميــدانِ
جـاءُ مـن يخطـبُ الفتـاةَ فـتىً فـي
عصـــرهِ كـــان أجهَــلَ الفتيــانِ
مــا لــه ميـزةٌ علـى غيـرهِ إِلا م
بمـــــالٍ يفيــــض كالغــــدران
غرَّهـــا كـــثرَة الحلــي فمــالت
وقــديماً تهــوى الحلـيَّ الغـواني
رضـــــيَتهُ بعلا فواخيبـــــةَ الآ
مــالِ مــن ذلــك المحـبّ العـاني
آه مهمــا يــكُ النســيمُ لطيفــاً
طيِّــــبَ النشـــرِ عـــاطرَ الأردانِ
مــا الــذي يســتطيعهُ دون مــال
وحُلّـــــيٍ بهيَّـــــة اللمعــــانِ
لهــفَ قلــبي عليــهِ بعــد مزيـدِ
العــزِّ يمســي فــي ذلّــة وهـوان
واقفــاً خلــف كـوَّة الـبيت يشـكو
بـــــــأَنينٍ كأَنَّـــــــة الثكلانِ
ولـــهُ كالحمـــامِ حينــاً هــديلٌ
وفحيـــحٌ حينــاً كمــا الافعــوانِ
ولكـــم حـــدَّثَتهُ بالشـــرِّ نفــسٌ
مــا لهــا بالشــرور قبـلُ يـدانِ
فــابتغى ان يصــيرَ عاصــفَ ريــحٍ
هـــداماً بيتهــا علــى الســكان
وللإدن وافـــتِ الكنيســةَ بــالمو
كــب تبغــي إتمـامَ عقـدِ القـرانِ
عيــلَ صــبراً فثــارَ ثــورةَ ليـثٍ
وأَثــارَ الغبــارَ ملــءَ العيــانِ
وانــبرى للشــموع يطفئهــا غــي
ظــاً ولــم يحــترم جلالَ المكــانِ
زاد حقـداً فـرامَ تجفيـف ما في ال
كـــاس حـــتى تبقــى بلا قربــان
ومــديرُ النــاقوس ممــا اعـتراهُ
أَســـمَعَ النـــاسَ دقَّــةَ الاحــزانِ
كـلُّ هـذا لـم يُجـدِ نفعـاً وتـمَّ ال
عــرسُ رغمــاً عــن ذلـك الهيجـانِ
فمضـى هائمـاً علـى وجهـهِ والصـدرُ
يغلــــي بالحقــــدِ كالبركـــان
ســاحَ فــي الأَرضِ مســتغيثاً ملــو
ك الريــح مــن كـلّ صـادقٍ معـوانِ
بيــــن هَيــــفٍ وزَعــــزَعٍ ودَروجٍ
وســـــمومٍ وعاصـــــفٍ مرنــــانِ
ثـم وافـى مـن بعـد عامين في جيش
خضـــــمٍّ يمـــــوجُ كالطوفــــانِ
يــزرعُ الرُعــبَ فـي البلادِ ويكسـو
هـــوله الشــيب مفــرَقَ الشــبّانِ
خاربــاً فــي طريقـهِ كـلَّ مـا مـرَّ
عليـــهِ مـــن عـــامرِ البلــدانِ
وصــلَ الــبيتَ وهـو يحسـبُ أَن يُـد
رِيــهُ فــي الفضـاء مثـلَ الـدخانِ
إذ يـرى فـي جـوانب الـدارِ مهـداً
فيــهِ طفــلٌ يبكــي بغيــر بيـانِ
ولــدى الطفـل امُّـهُ وهـي مـن خـو
فٍ عليــــه شــــديدةُ الرجفـــانِ
فتلاشـــت قــواهُ وانتصــرَ الحــبُّ
عليــــهِ والحــــبُّ ذو ســــلطانِ
فجثــا قــرب طفلهــا آخــذاً عـن
هـــا يهــزُّ الســريرُ كالغلمــانِ
إلياس فياض.أديب لبناني، تعلم ببيروت، ثم بمدرسة الحقوق بالقاهرة.وكتب في مجلتي إبراهيم اليازجي (الضياء) و(البيان) في القاهرة، وتولى رئاسة التحرير بجريدة (المحروسة) اليومية.ثم عاد إلى لبنان، فكان من أعضاء مجلس النواب، فوزيراً للزراعة، وتوفي ببيروت عن نحو 55 عاما.له (ديوان شعر - ط) الجزء الأول منه.ترجم عن الفرنسية قصصاً، منها (الشهيدة - ط)، و(عشيقة مازارين - ط).