
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قـالت وقـدر حبـت بـالركب أرجـاء
زوّار قـبرك يـا خيـر الورى جاءوا
مـن كـل فـج عميـق قـد أتـوك ولم
يـدركهم مـن عنـاء السـير إعيـاء
الشــوق رائدهـم والوجـد قـائدهم
ومبتغــى الكــل أنــوار وأضـواء
لفيــض فضـلك قـد مـدوا أيـاديهم
ومنــك للكــل يـا مختـار إرضـاء
فـاعطف عليهم ففي مغناك قد نزلوا
ومنــك يرجــى وحـقّ الحـق إعطـاء
فكـم جـرى اليمن من يمناك منهمرا
ويســر يسـراك زالـت منـه بأسـاء
حلـوا حمـاك ضـيوفا بعـد دعـوتهم
ووجـــه ضـــيفك وضـــّاح ووضــاء
يـا مصـطفى لـك فـي الإحسان منزلة
مـن دونهـا في اعتلاء الفدر جوزاء
شــدوا إليـك رحـالا حـال دعـوتهم
ولــم ينــل طـرف كـل قـط إغفـاء
خاضوا البحار وجابوا البيد مقفرة
وأذنهــم عــن نـداء الأهـل صـمّاء
والجــو صـحو وثغـر الكـل مبتسـم
والبحــر رهـو ومنـه غـار إرغـاء
والفلك في البحر باسم الله جارية
ومـا لأمواجهـا فـي البحـر ضوضـاء
تختـال فـي اليـم من تيه ومن طرب
كأنمــا البحــر بـر وهـيَ هيفـاء
أو أنهـا سـرحة فـي اليـم مائسـة
أو قلعــة مــن قلاع الفـرس شـماء
ســارت تشـق عبـاب البحـر مـاخرة
أمـا الشـراع بهـا فالنار والماء
وصــدر كــل بحسـن القصـد منشـرح
فمـا لطـرف الصفا في القوم إغضاء
إخـوان صـدق مجـال الصـفو يجمعهم
وكلهـــم لحــديث الشــوق قــرّاء
كأنمــا الأنـس ذات هـم لهـا عـرض
أو جسـم شـخص وهـم للجسـم أعضـاء
لــم يلههــم قـط لا مـال ولا ولـد
بــل ملــء أفئدة السـارين سـراء
وجئت مـن بينهـم والوجـد يجـذيني
والعيـن مـن شـوقها بالدمع وطفاء
والقلـب مـن جـذوة الأشـواق متقـد
لكـن لـه مـن ميـاه القـرب إطفاء
كــأنني وســفين الــبر تحملنــي
بـرق سـرى ومرامـي البيـد ظلمـاء
أو أننـي كالقطـا في القيظ صادية
وراءهــا النسـر أو قـدامها مـاء
تشــق بـالطير قلـب الجـو مسـرعة
وعينهـا عـن سـوى المقصـود عمياء
تطــوى الفيــافي بـأطرف وأجنحـة
كمـا انطـوت بيـد الوابـور بيداء
تسـابق الريـح لا تلـوى علـى أحـد
كأنهــا حيــة فـي الجـرى رقطـاء
تطـوى يـداها بسـاط الأرض فـي عجل
طــى الســجل وأرض البيـد جـرداء
والال كـالنهر فـوق الرمـل مضـطرب
يجــرى ومــا فيـه للظمـآن إرواء
والرمـل في البيد كالحصباء مصطخد
حــتى تـوارت للفـح الحـر حربـاء
وكـم رأيـت بـأرض السـام مـن عجب
فكــم بهــا نفــق تتلـوه تيهـاء
مـن صـخرها فاض عذب الماء منبجسا
وأخضــبت بجميــل الــزرع صـفواء
ومــن تبـوك شـرينا بعـض حاجتنـا
ولـم يكـن في ابتياع الحاج إبطاء
وقـد رأينـا بهـا الأنـوار مشـرقة
حيـث النـبي بها والصحب قد جاءوا
فأذكرتنـا بمـن فـي طيبـة مـردوا
علـى النفاق ومن سادوا ومن ساءوا
ومـن على البر والإنفاق ما ادخروا
وســعا ومــن هــو للأمـوال أتـاء
منهـا الحجـاز دخلنـا فـي فدافده
صـحراء مـن بعـدها في الدو صحراء
جئنــا ديــار ثمـود وهـي قائمـة
بـالحجر تخـبر عنهـم وهـي خرسـاء
بـــأنهم عقـــروا للــه نــاقته
فـأهلكوا وبسـخط اللـه قـد باءوا
قـد أحكموا تحتها في الصخر مثقتة
واليـوم صـار بهـا للـوحش إيـواء
آيـات صـدق بهـا القـرآن أخبرنـا
وصــح فيهـا عـن المختـار أنبـاء
لـم نـدر والطائر الميمون يطربنا
منـه صـفير لـه فـي الـدو أصـداء
حــتى بـدت قبـة المختـار مشـرقة
وللضــــياء بـــأوج الأفـــق لألاء
جثنـا إلـى سـاحة بالجود قد ملئت
وســاحة المصـطفى بـالجود فيحـاء
فيهـا العطايا وفيها الفضل منهمر
ذوالعــز يهمـى وللضـيفان إقـراء
فيهـا ثغـور الصـفا والأنـس باسمة
فيهــا لمســتمطر الإحسـان إسـداء
للــه طيبــة قـد طـابت مسـاكنها
إن المــدائن بــر وهــى دأمــاء
قـد أحـرزت برسـول اللـه ما قصرت
عنـــه دمشــق وبغــداد وصــنعاء
ومصـر والمـدن في الدنيا بأجمعها
إذ أنهــا الكـل لكـن هـن أجـزاء
أســتغفر اللــه إلا مكــة فلهــا
بـالبيت منزلـة فـي الفضـل قعساء
مـتى أراهـا وحـج الـبيت يشفع لي
والركـن والـبئر والمسـعى وبطحاء
بـالله يـا مصـطفى كـن خير واسطة
فـالقود شـاب وأضـنى الجسم أدواء
سـكان طيبـة قـد فـازوا بسـكنتها
إن الجــوار لــه بـالعطف إيمـاء
فـالقرب للقـبر قـد أحيا عواطفهم
فالكـل مـوتى وهـم بـالقرب أحياء
أبنــاء طيبــة نعــم الأم أمكــم
منهـا عليكـم جنـت بـالعطف أحشاء
وقـد غـذتكم مـن الألمـان أطيبهـا
كمـا وقتكـم بهـا في القيظ أفياء
وماؤهــا سلســبيل ســاغ مــورده
وعينهـا مـن صـفاء المـاء زرقـاء
وكــم بهـا نجـت الأرواح مـن ظمـأ
وكـم بهـا اخضـرّ في الأنحاء أحياء
فليـس فـي الكـون مـاء قط يعدلها
فــأينَ منهــا إذا أنصــفت صـداء
مـن معجـزات النـبي المصطفى نبعت
مـن صـخرة وهـي فـي الأخـدود حراء
وإن تبــدت مـن الأخـدود وارتفعـت
فقـد كسـتها ثيـاب الثلـج أجـواء
تشـفى السقام وتشفى القلب من حسد
فلا يـــدوم بهـــا حقـــد ولا داء
وتــرب طيبــة للمجــدوم عافيــة
وكـم بـه العيـن صـحت وهـى رمداء
ولا المســيخ ولا الطـاعون يـدحلها
ولا تـــؤمّ حماهـــا قــط أعــداء
قـد خصـها اللـه بـالإجلال فانقشعت
عنهـا مـن الكـرب والبأساء أنواء
وكيــف لا وخيـار الخلـق مـن مضـر
لــه بهــا قبــة بالخصـب خضـراء
فمـن رآهـا ومـن في الدار جاورها
فهـــو الســعيد ولا تــأتيه لأواء
وهــو المنعــم فـي دنيـا وآخـرة
وفــي النعيــم لـه مجـد وعليـاء
يـا سـيّد الخلـق مـن عرب ومن عجم
ومـــن علينـــا لــه فضــل وآلاء
ومـن لـه انشـق في أفق السما قمر
ومــن بــه اختـصّ معـراج وإسـراء
ومــن لــه حــن ذع عنــد فرقتـه
ومـن تـدانت لـه فـي النخل أفناء
قـد خصـّك اللـه بـالآداب مـن صـفر
ومقلــة القـوم عـن عليـاك حـولاء
للعلـم والغيـث ذات قـد خصصت بها
وخـــص آدم مــن هاتيــك أســماء
عليــك قـد أنزلـت للنـاس قاطبـة
شــريعة كضــياء الشــمس بيضــاء
بهــا لأجلــك كنــا أمــة وســطا
شــهود عــدل جبـاه الـوجه غـراء
لــم تبــق بعـد نـبى قـط معجـزة
إلا لطـــه وفـــي الإبطـــاء إعلاء
وإنّ معجــزة القــرآن مــا بقيـت
إلا وفيهــا إلــى الإســلام إبقـاء
تكفّــل اللــه بــالقرآن يحفظــه
فـــوجه دينــك بــالقرآن وضــاء
ديــن قــويم وشــرح كلــه حكــم
لـولاه مـا اعتدلت في الكون عوجاء
وكــم وكـم نفحـت بـالطيب روضـته
وكـم بهـا غـردت فـي الدوح ورقاء
لــولا النــبي ولـولا شـمس طلعتـه
لمـا انمحـت مـن بقاع الأرض ظلماء
واسـتفحل الخطـب واشـتدّت عواصـفه
ودمّــرت ركـن هـذا الكـون نكبـاء
ولكــن اللــه بــالقرآن أرســله
يهــدى إلـى الرشـد والآذان صـماء
فأسـمع الكـل صـوت الحـق مرتفعـا
فمنــه رجــت بـأمر اللـه أرجـاء
ومنــه رقــت وكـانت قبـل قاسـية
غلفــق القلـوب وراقـت منـه آراء
وأصـبح الشـرك بعـد الرفع منخفضا
ونــاله بعـد قـرب الـدار إقصـاء
والنـاس قـد دخلـوا في دينه زمرا
مـن بعـد مـا مزقـت للكفـر أشـلاء
واللــه أيــده بالنضــر مـع فئة
هـم للسـعادة فـي الـدارين أكفاء
أصــحاب صــدق وأنصــار غطارفــة
قـد أيـدوا الحـق والهيجاء هوجاء
شــعارهم رحمــاء القلــب بينهـم
لكــن علــى عصـبة الأعـدا أشـداء
يـا خيـر مـن وسـع المضـطّر ساحته
ومـن إليـه وفـود الرفد قد جاءوا
ألقيـت عنـدك يـا طـه عصـا سـفرى
وفــي حمـاك تطيـب اليـوم إلقـاء
وقـد دخلـت الحمـى بالجاه معتصما
وجـار هـذا الحمـى حاشـاه يسـتاء
أو أن يعــود ولـم يظفـر بحـاجته
حاشــى وكلا فـأنت البـاء والـراء
إنــى أتيتــك والــزوار قاطبــة
والنفـس فيهـا مـن الحاجات أشياء
فـاعطف علينـا ولا تقلـل لنـا صلة
فــأنت للخيــر والإحســان معطـاء
وأكـرم الخلـق مـن بـدر ومـن حضر
وخيـر مـن ولـدت فـي الكـون حواء
زوّار قـبرك يـا خيـر الـورى وجبت
لهـم شـفاعتك العظمـى وإن سـاءوا
والحمـد للـه قـد زرنـا علـى شحط
مــن الــديار والإخفــاء إبــداء
وطالمـا قـال لـي مـن لسـت أسمعه
تكفيـك أولـى ففيها الحاء والظاء
ولـــج يوســعني ذمــا ويمنعنــي
فصـدّه فـي الجـواب الصـاد والهاء
وقمـت فـي الحـال مـزورا وقلت له
دع عنـك لـومى فـإن اللـوم إغراء
يـا سـيد الرسـل قد وافيت معتذرا
ومنــك يرجـى بحسـن الظـن إغضـاء
دنّســت نفســي بالآثــام مـن صـغر
واليـوم عينـي عـن الآثـام عميـاء
كــم للجــوارح مـن جـرح يدنسـها
وملــء عينـي مـن الأقـذاء أقـذاء
وصـنت نفسـي عـن الإفشـاء من خجلى
إذ لا يليــق لســر الـذنب إفشـاء
نـام الشـباب وقـام الشيب ينذرني
حـتى انتهيـت وملـء النفـس أهواء
وإن لــي نســبا ينمــى لفاطمــة
بنــت النــبي ونعــم الأم زهـراء
فكيــف لا أرتجــي جــدّى ونصــرتهُ
والجــد إن عـزّ عـزّت منـه أبنـاء
مـن لـي سـواك رسول الله ينظر لي
بــالعطف إن نزلـت بالجسـم ضـراء
أو مـن سـواك بيوم الشحر يشفع لي
والنـاس مـن هـوله لـولاك لاستاءوا
يـوم بـه الشـمس تـدنو وهي محرقة
مـــن الــرؤوس ولا ظــل ولا مــاء
وليــس مـن أحـد يلـوى علـى أحـد
بــل قـد تفـر مـن الأبنـاء آبـاء
والــوزن بالقسـط لا حـول ولا حيـل
أمــا الشــهود فــأطراف وأعضـاء
وحىــء يــومئذ بالنــار صــالية
كالمهـل تـومى شـواظا وهـي غبراء
فليـــس للحملاوي قــط مــن أحــد
ســواك يرجـى وأرض الحشـر رمضـاء
يـا سـيد الرسـل والأملاك خـذ بيدي
فـــإنني مـــؤمن آختــه حوبــاء
وحــاش للـه يـوم الـدين تثقلنـي
مـن الـذنوب وأنـت الجـاه أغبـاء
بالصــاحبين أتيـت اليـوم ملتجئا
أرجـو رضـاك وفـي افرضـاء إغضـاء
وبــالبتول وبانيهــا ومـن ولـدت
فهــم بحبــك فـي القربـى أخصـّاء
وحمــزة ســيد الأبطــال فـي أحـد
ومــن لـه طعنـة فـي الحـرب نجلاء
علــيّ فــرض مــدى عمـرى محبتهـم
ففـــي محبّتهــم ســعدٌ و إثــراء
وبغضـهم عنـد خفـض العيـش متربـة
بـل بدعـة عنـد أهـل الدين شنعاء
يــا مصــطفى أنـت روض كلـه ثمـر
وآل بيتــــك أفنـــان وأفيـــاء
فيهـم وفيـك جميـل المـدح يطربني
ومنـــه ينعــش إنشــاد وإنشــاء
بمــدحكم لا أزال الــدهر مشـتغلا
إذ منـــه تحلــو كتابــات وإملاء
وفيــه بعـد جلاء القلـب مـن غيـر
للأذن حلـــى وللأفـــواه حلـــواء
أوصـافك الغـر فـي خلـق وفـي خلق
لا يســـتطاع لهــا عــد وإحصــاء
وكيـف واللـه قـد أطـراك فـي خلق
وليــس بعــد ثنـاء اللـه إطـراء
حسـبي لـديك وقـد وافيـت معتـذرا
يتيمــة مـن بنـات الفكـر عصـماء
جـاءت إليـك تغـضّ الطـرف مـن خجل
والطـرف عنـد اللقـا تغضيه عذراء
لا عيـب فيهـا علـى ما راق من أدب
أن ليـس فـي بيتهها بالعيب إبطاء
وأنهـا مـن بيـوت المجـد قد وفدت
ومــا بهــا قــط إكفـاء وإقـواء
وقـد كسـتها صـفات المصـطفى حللا
فمـا لهـا لسـوى المختـار إهـداء
عســاك منـي رسـول اللـه تقبلهـا
فإنهــا غايـة فـي الحسـن غيـداء
هـذا هـو المهر إن تقبل وإن رجعت
فقـد كسـتها صـغار الحـزن خنسـاء
لكـن أراهـا بحسـن الحـظ قد قبلت
وليـس فـي المهـر للغيـداء إكداء
لــذا أقــول وصـدرى صـدر منشـرح
سـر القبـول لـه فـي القلـب سراء
وقــد رأيـت رسـول اللـه مبتسـما
ومنـه لـي اسـتماع المـدح إصـغاء
صـلى عليـه إلـه العـرش مـا وخدت
فـي السـير بـالركب علكوم ووجناء
والآل والصـــحب والأزواج قاطبـــة
مـا أورق الغصن أو ما أغدق الماء
أحمد بن محمد الحملاوي.أديب، مدرس مصري، له نظم. تخرج بدار العلوم ثم بالأزهر. وزاول المحاماة الشرعية مدة. وعمل في التدريس إلى سنة 1928 ووضع كتباً مدرسية، منها (شذا العرف في فن الصرف - ط)، و(زهر الربيع في المعاني والبيان والبديع - ط)، و(مورد الصفا في سيرة المصطفى - ط)، و(ديوان - ط) أكثره مدائح نبوية.