
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لــو بالجـدارة كـل أحـرز الرتبـا
لكنــت أفضــل كفــء للعلـى خطبـا
فكـم مناصـب يعلوهـا الكـثير ومـا
صــدروهم تحتــوي علمــاً ولا أدبـا
بــل جهلهــم طبـق الآفـاق منتشـراً
مثـل السـحاب بهـاء الشمس قد حجبا
ســارت غبــاوتهم فـي قطرنـا مثلا
وعيننــا مثـل هـذا مـا رأت عجبـا
وهكــذا الغـرض الأعمـى يقـود إلـى
جـور بكـى الحـرّ مـن جراه وانتحبا
فمــن تخلــى عـن العرفـان مرتفـع
نحــو السـها وإلـى هامـاته وثبـا
ومــن تحلــى بكــل الفضـل منخفـض
نحـو الحضـيض ولم ينفعه ما اكتسبا
أرى الأديــب قليـل الحـظ فـي زمـن
ذو الجهـل يركـض فيـه واللبيب كبا
وكيــف ينشــط شــهم نــابه فطــن
إن كــان يصـبح فـي أقرانـه ذنبـا
أمــامه أبلــهُ يرقــى إلــى قمـم
بغيــر حــق ولكــن حقــا اغتصـبا
وبــل لظالمنــا يـوم الجنـاب إذا
أداه للــه والميــزان قــد نصـبا
والمنصـفون لهـم أجـرٌ فقـد عـدلوا
وحكمهـم كـان محـض الصدق لا الكذبا
لـو تعـرف الناس أقدار الرجال لما
شـاهت فـي الاوج إلا السـادة النجبا
مــن زينـت جيـد وأدينـا معـارفهم
مثــل القلائد تحـوي الـدّر منتخبـا
إن المعـالي فـي الشـرع الأحـق بها
والعـرف هـم علمـاء الناس والأدباء
ومــن كأحمــد أولــى بـالعلا وقـد
أضـحى لنـا خيـر من أفتى ومن كتبا
يــا أوحـد العصـر يابحاثـة عـثرت
علــى كنـوز يـداه بعـد مـن نقبـا
أولاك ربـــك عقلا راجحـــا وذكـــا
توقـد الـذهن منـه مـا انطفا وخبا
قــد انتســبت إلــى علـم ومعرفـة
فـوق الجـدود إليهـم غيـرك انتسبا
وحســبك الفضــل والأفضــال مفخـرة
إذ أصــبحا لزكــيّ بيننــا حســبا
بحــر تـدفق بـالعلم النفيـس لـذا
قـد غـاص فـي لجـه مـن لؤلؤاً طلبا
إن قلـت بحـر فلا أعنـي الأجـاج فقد
صــفا لنـا منهـل مـن أحمـدٍ عـذبا
أو قلـت فـذ فمـا أخطـأت فـي كلمي
براعــه فـاق رمحـا بالـدما خضـاب
فـي حلبـة البحـث جلـي خيـر تجلية
بيـن المبـارين لمـا أحـرز القصبا
وقـد أقـروا لـه بالفضـل واقترقوا
بــأنه الفـائز السـبّاق مـا غُلبـا
بـروق فطنـة هـذا الشـهم قـد ومضت
تمحـو الدياجي فتبدي كل ما احتجبا
فكــم مبــاحثه الغـراء قـد كشـفت
عــن وجــه مشـكلة أو معضـل نُقبـا
إن كنـت مستوضـحاً أو طالبـاً رشـدا
فعنــده تــدرك الإيصــاح والطلبـا
فـــداره كعبــة للقاصــدين إلــى
هــدى يقيـن يزيـل الشـك والريبـا
وصــدره قــد وعـى مـالا تعـي كتـب
فســل زكيــا ولا تستشــهد الكتبـا
إذا أنــــامله هــــزت يراعتـــه
أرتـك سـحراً عقـول العـالمين سـبى
أو قــال فـالقول منـه حجـة وعلـى
كـل الأقاويـل ذيـل الفخـر قد سحبا
وإن تكلــم خلــت الــدر منتــثراً
بــل اللآلىــء واليـاقوت والـذهبا
أو اعتلــى منــبراً يلقـى مـواعظه
أزرى بكـــل خطيــب مصــقع خطبــا
بلاغــة لــم يكــن سـحبان حائزهـا
وحكمــة مــا ســليمان لهـا نسـبا
وُخلقــه كنســيم قــد ســرى سـحراً
وخلقــه لاح منـه النـور مـا غربـا
إن الزكـيَّ زكـا فـي النـاس منبتـه
ودام يرويـه نبـع المجـد مـا نضبا
أخـوه محمـودُ مصـباح الرشـاد ومـن
قـد أسـمع الخلـق مـن آيـاته طربا
يـا أيهـا العالم التحرير أنت لنا
بسـتان فضـل بمـاء النبـل قد خصبا
حجــت إليــه لكــي تجنـى أزاهـره
كــل الــورى فـرأت سـاحاته رحبـا
روض لنـــا ورفــت أظلالــه ودنــت
أثمــــاره وهمــــت لآلاؤه ســـحبا
شـتان بيـن امرىـء قـد جـد مجتهدا
ومـن أضـاع ثميـن العمـر أو لعبـا
مـن يبـذل الـذات والمجهود عن وطن
حسـن الثنـاء عليـه بعـض مـا وجبا
يـا أيهـا المنفـق الأعـوام عن وطن
ومـن متـون العنـا للعلـم قد ركبا
لمــا استضــاء بـك الآنـام قاطبـة
أرسـلت نـوراً إليهـم يبهـر الشهبا
شـدت إليـك الرحـال الناس وابتهجت
بمــن يفـرج عـن أنفاسـها الكربـا
ألفــت كريمـا خضـما خضـرماً زخـرت
ميـــاهه وجــرت نيلا لمــن شــربا
لمـا اسـتقوا واستناروا قال قائهم
بـالعلم شمنا وذقنا النور والضربا
ســلمت ذخــراً لأوطـان بـك افتخـرت
والأم شـمنا وذقنـا النـور والضربا
شــرفت مصــراً وفســطاطاً وجيزتــه
والنيـل بينهمـا قـد سـال منسـكبا
دار العروبــة دار أنــت ســاكنها
كـم كرّمـت لغـة العربـاء والعربـا
جيــل كريــم إلــى قحطـان منتسـب
وهــل رأيــت كجــد مثلــه نســبا
هــذه خريــدة شــعر منــك راجيـة
عطفـا وقـد لبسـت أثوابهـا القشبا
حلــت حمــاك تقـول السـعد مكتمـل
لــي فــالزكي بفضــل خصـني وحيـا
ثـم انثنـت فـي سـرور وهـي منشـدة
بأحمــدٍ قـد بلغـت القصـد والأربـا
آثــار أحمــد فـي الأنحـاء قائمـة
تقـول هـذا الـذي في البرّ قد رغبا
بــل كــل ألســنة الآنــام ناطقـة
بــانه فـي سـبيل اللـه كـم وهبـا
ولـم يحـد عـن وصـايا الحق في عمل
وحـالف العلـم طـول الدهر واصطحبا
أمـا الشـهود ففـي الغـوريّ مكتبـة
زكيــة تــزدري الأمــوال والنشـبا
كـم ألـف سـفر نفيـس فـي خزانتهـا
تشـفى فوائدهـا مـن جهلنـا الوصبا
هــي الحـدائق منهـا نجتنـي ثمـراً
حلـو المـذاق إليـه القوم قد ألبا
قـد قـال قـولا أبـو تمـام فـي كتب
يفضــل السـيف حـدٍّ الجـد واللعبـا
إنـــي أعارضــه فــي قــوله وأرى
إن الكتـاب يفـوق الـبيض واليلبـا
أسـفارا فـي أرتقـا أخلاقنـا فعلـت
فعلا إلـى الخيـر وجه الشر قد قلبا
قــد جـاء مـن كتـب محمـود عاقبـة
وقلمــا مثلهـا نـارَ الـوغى عقبـا
بـالعلم نحيـا وبالسـيف الهلاك لنا
والعلـم عمـر مـا بالسـيف قد خربا
والعلـم ينقـذ شـعبا مـن أذى مـرض
فـي النـاس يفتـك والأنعام فتك وبا
معلمــاً صــامتاً عُـد الكتـاب فكـم
منـه اسـتفدنا ولـم نسـمع له صخبا
نفوســنا خيــر تهــذيب لهـا كتـب
مثــل الغــذاء شـهياً للـذي سـغبا
جـاد الزكـيّ بهـا عطفـا علـى وطـن
أحبـــه فحبـــاه بــالكنور حبــا
وتلــك أفضــل مــا يهــدي لأمتــه
مـن لاح فـي أفـق علـم كوكبـاً ثقبا
ففـــي عـــوارفه أوفــي معــارفه
لكلنــا أحمــدٌ أضــحى أخـاً وأبـا
ينبــوع حكمتــه مــا غـاض فائضـه
وفضــله مخصــب الأرجــاء ماجــدبا
وفـوق هـذا فقـد أنشـا لنـا أثـراً
بــه رضـى ربـه والنـاس قـد كسـبا
أقـام فـي جيـزة الفسـطاط مـن ورع
خيــر المعابــد للغفــران مطلبـا
صـنع بـديع أمـام النيـل قـد رسخت
أركـانه مثـل طـود بيننـا انتصـبا
شـــاهدته فوجـــدت الفــن مكتملا
فـي كـل جـزء فحـار الطرف واضطربا
كــأنه قلعــة قــامت علــى عمــد
يــدعو مؤذنهــا للفــرض مرتقبــا
أجـــاد منشـــئه تنظيمــه فبــدا
بهـــاؤه وإليـــه لبنـــا جــذبا
فيــه ضــريح جليــل للعظيـم بُنـي
لكننــا نبتغــي عيشــا لـه رطبـا
يجــاور النيــل فـي دنيـا وآخـرة
قلـبٌ زكـي إلـى النهـر السعيد صبا
كـــأنه كـــوثر تصـــفو مــوارده
للــداخلين جنانــاً بابهــا رحبـا
يرجـون المصـلون للبـاني جزيل جزاً
مــن ربهـم ولـه أن يُحسـن العقبـا
ويضــرعون إليــه أن يفــي ســمحاً
شـهما تقيـاً حليمـا يجهـل الغضـبا
يواصـــلون دعــاء للكريــم علــى
مكــارم حصـرها أعيـا الـذي حبنـا
وآزر الكــل بـالعلم الشـريف كمـا
أعــان بـالبر والإحسـان مـن نكبـا
ســلوا الشــهور تجبكــم عنمـآثره
واستشـهدوا رمضـان الخيـر أو رجبا
بــل كـل يـوم إلـى الآنـام محمـدة
يسـدي فيسـري بهـا كـالعطر كل نبا
هـــذي فضـــائله هـــذي شــمائله
فإنهــا مثــل أعلــى لنــا ضـُربا
فـي مـدحه قلمـي قـد خـاض مبتعـدا
عـن معبـد كـان مـن أرجـاه مقتربا
إنــي أعــود إليــه خاشــعا وجلا
فــإنه فــي فـؤادي أوقـع الرهبـا
أرى إزائي أبهـــى قبلـــة نقشــت
ومنــبراً فيــه للإرشــاد منتصــبا
خطيبـــه يعـــظ الآنـــام موعظــة
تهـدي الذي عن صراط الخير قد رغبا
فيــأمر النـاس بـالمعروف نـاهيهم
عـن منكـر منـذراً بالويـل مرتكبـا
فـي جـانب المسـجد المعمـور مدرسة
تزهــو بــدين عليــه أحمـد وظبـا
قـــامت لتعليـــم قــرآن بجــوده
مـن التلاميـذ مـن فـي حفظـه دأبـا
بمســجد جــاورته الــدهر مدرســة
أرضــى زكـيٌّ رقيبـاً عفـوه ارتقبـا
أنشــأ وأعلـى بنـاء شـامخاً فبنـى
في الخلد قصراً عقول الحور قد خلبا
مـادام فـي الجيـزة الأهـرام باقية
آثـار أحمـد فيهـا لـن تـرى عطبـا
وللزكـــي فعـــال لســت أحصــرها
هـي الخلـوة فكـم صـدع لنـا رأبـا
ربـه عـرى العلم والعرفان قد وثقت
والتام شمل العلى من بعدما انشعبا
لأحمـــدٍ همــم تســمو بهــا أمــم
وزانــه شــمم فــي نفســه وأبــا
في العلم والبحث كم عانى وكابدٍ بل
كـم جـال فـي سـائر الأقطار مغتربا
وســـرنا كبنيـــن أوبُـــه كـــأب
بــه اطمــأن فــؤاد طالمـا وحبـا
بعزمـــه أدرك الجــوزاء معتليــاً
وســهل الأمــر مهمـا شـق أو صـعبا
بمثلــه قطرنـا فـوق السـماك سـما
مجـداً وغيـر حلـول الفرقـدين أبـي
هـل العظـام إذا لم يعقبوا انقرضت
آثــارهم والـذي خطـوا لنـا ذهبـا
كلا فـــإن زكيـــاً خالـــد أبــداً
ذكـراً وإن كـان لـم يـترك لنا عقا
والمـرء ذكـراه مثـل المسـك نافحة
خيـر مـن النسـل بـل عمر بقي حقبا