
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الحِــبّ حيــثُ المعشــرُ الأعــداءُ
والصــبر حيــثُ الكِلّـةُ السـِّيَراءُ
مــا للمَهـارى الناجيـاتِ كأنّهـا
حتــمٌ عليهــا البَيـنُ والعُـدَواءُ
ليـس العجيـبُ بـأن يُبارِينَ الصَّبا
والعــذلُ فــي أســماعِهِنّ حُــداءُ
تـدْنو منَـالَ يـدِ المحِـبّ وفوقهـا
شــمسُ الظهيـرة خِـدرُها الجـوزاءُ
بـــانتْ مُوَدِّعـــةً فجيــدٌ مُعْــرِضٌ
يــومَ الــوداع ونظــرةٌ شــزْراءُ
وغــدتْ مُمنَّعــةَ القِبــاب كأنهـا
بيــن الحِجــالِ فريــدةٌ عصــماء
حُجبَــتْ ويُحجَــبُ طيفُهــا فكأنمـا
منهــم علــى لحظاتِهــا رُقبــاء
مـا باَنـةُ الـوادي تَثَنّـى خُوطُهـا
لكنّهـــا اليَزَنيّـــةُ الســـّمْراء
لــم يبْــقَ طِــرْفٌ أجْـرَدٌ إلاّ أتـى
مـــن دونهـــا وطِمِــرّةٌ جــرداء
ومُفاضــــَةٌ مســـرودةٌ وكتيبـــةٌ
مَلمومَــــةٌ وعَجاجَــــةٌ شـــهباء
مـاذا أُسـائِلُ عـن مغَـاني أهلِهـا
وضـــميريَ المـــأهولُ وهــي خَلاء
للّــه إحــدى الـدّوحِ فـاردةً ولا
للّــــهِ مَحنِيَــــةٌ ولا جَرْعــــاء
بــانَتْ تَثَنّــى لا الرّيـاحُ تَهُزُّهَـا
دونـــي ولا أنْفاســـيَ الصــُّعَداء
فكأنّمــا كــانتْ تَــذكَّرُ بيْنَكــم
فتميــدُ فــي أعطافِهـا البُرَحـاء
كــلٌّ يَهيــجُ هــواكَ إمّــا أيْكَـةٌ
خَضــــراءُ أو أيكيّـــةٌ وَرقـــاء
فــانْظُرْ أنـارٌ بـاللّوى أم بـارِقٌ
مُتَــــألّقٌ أم رايــــةٌ حَمْـــراء
بــالغَوْرِ تَخْبــو تــارَةً ويَشـُبُّها
تحـــتَ الدُّجُنّــةِ مَنْــدَلٌ وكِبــاء
ذُمَّ الليـاليَ بعـدَ ليلتِنـا الـتي
ســَلَفَتْ كمــا ذمَ الفــراقَ لقـاء
لبِسـتْ بيـاضَ الصـّبْح حـتى خلتُهـا
فيـــه نجاشـــيّاً عليــه قَبــاء
حـتى بـدَتْ والبـدرُ فـي سـِرْبالِها
فكأنّهــــا خَيْفَانــــةٌ صـــَدراء
ثـمّ انتحـى فيهـا الصّديعُ فأدبَرَتْ
فكأنّهــــا وَحْشــــِيّةٌ عَفْــــراء
طُــوِيتْ لــيَ الأيـامُ فـوقَ مَكايـدٍ
مــا تَنْطـوي لـي فوقَهـا الأعـداء
مـا كـانَ أحسـنَ منْ أياديها التّي
تُولِيــــكَ إلاّ أنّهــــا حَســـْناء
مـا تُحسـِنُ الـدنيا تُـديمُ نعيمَها
فهــي الصــَّناعُ وكفُّهـا الخَرْقـاء
تشـأى النّجـازَ علـيّ وهْـيَ بفتكِها
ضــــِرْغامَةٌ وبِلوْنِهـــا حِرْبـــاء
إنّ المكــارِمَ كــنّ ســرْباً رائداً
حـــتى كنَســـْنَ كـــأنّهُنّ ظِبــاء
وطفِقْــتُ أســألُ عــن أغـرَّ محَجَّـلٍ
فـــإذا الأنــامُ جِبِلّــةٌ دَهمــاء
حــتى دُفعـتُ إلـى المعـزّ خليفـةً
فعلمـــتُ أنّ المَطلَــبَ الخُلفــاء
جــودٌ كــأنّ اليَــمّ فيـهِ نُفاثَـةٌ
وكأنمــا الــدّنْيا عليــهِ غُثـاء
ملِـــكٌ إذا نطقَـــتْ عُلاهُ بمــدحِهِ
خــرِسَ الوفــودُ وأُفحـمَ الخُطبـاء
هُـوَ عِلّـةُ الـدُّنيا ومـن خُلقـتْ له
ولِعِلّـــةٍ مـــا كــانتِ الأشــياء
مـن صـفوِ مـاء الـوحي وهوَ مُجاجةٌ
مــن حَوضـه الينبـوع وهـو شـفاء
مـن أيكـةِ الفـرْدوْس حيـثُ تفتقـتْ
ثَمَراتُهــــا وتفيّـــأ الأفيـــاء
مـن شـعلة القبَـس التي عُرِضتْ على
موســى وقـد حـارَتْ بـه الظَّلمـاء
مــن معـدِنِ التقـديس وهْـوَ سـُلالةٌ
مــن جَـوهرِ الملَكـوتِ وهـو ضـياء
مـن حيـثُ يُقتبَـسُ النهـارُ لمُبصـِرٍ
وتُشــَقُّ عــن مَكنونهــا الأنْبــاء
فتَيَقّظــوا مــن غَفْلــةٍ وتَنَبّهـوا
مـا بالصـّباحِ عـن العيـونِ خفَـاء
ليسـتْ سـماءُ اللّـهِ مـا تَرْأونَهـا
لكـــنّ أرضـــاً تحتــويهِ ســَماء
أمّـــا كواكِبُهــا لــه فخَواضــِعٌ
تُخفــي الســجودَ ويَظهـرُ الإيمـاء
والشـمسُ تَرجـعُ عـن سـَناه جفونُها
فكأنّهــــا مَطرُوفــــةٌ مَرْهَـــاء
هــذا الشــّفيعُ لأمّـةٍ يـأتي بهـا
وجُــــدُودُهُ لجـــدُودِها شـــُفعاء
هــذا أميــنُ اللّـهِ بَيـنَ عِبـادِهِ
وبلادهِ إنْ عُــــــدَّتِ الأمنـــــاء
هــذا الّــذي عطفَــتْ عليـهِ مكّـةٌ
وشـــِعابُها والرُّكْــنُ والبَطحــاء
هــذا الأغَـرُّ الأزْهَـرُ المتـألّقُ ال
متَــــدَفِّقُ المُتَبَلِّـــجُ الوَضـــّاء
فعَليــهِ مـن سـِيما النـبيّ دَلالَـةٌ
وعليــهِ مــن نــورِ الإلـهِ بَهـاء
وَرِثَ المُقيـمَ بيـثرِبٍ فـالمِنبرُ ال
أعْلــى لــه والتُّرعَــةُ العَليـاء
والخطبةُ الزّهراء فيها الحكمة ال
غَــرّاءُ فيهــا الحجّــةُ البَيضـاء
للنّــاس إجمــاعٌ علــى تفْضــِيلهِ
حـتى اسـتَوَى اللُّؤمـاءُ والكُرَمـاء
واللُّكْـنُ والفُصـَحاء والبُعَداء وال
قُرَبـــاءُ والخُصــَماءُ والشــُّهداء
ضـرّابُ هـامِ الـرّومِ منتَقمـاً وفـي
أعنـــاقهمْ مــنْ جــودِهِ أعبــاء
تجــري أيــاديه الــتي أَولاهُــمُ
فكأنّهــا بَيــنَ الــدّماءِ دمــاء
لـولا انبعـاثُ السـيف وهـو مسـلَّطٌ
فــي قتْلهــمْ قَتَلَتْهُــمُ النَّعْمـاء
كــانتْ ملــوكُ الأعجمَيــنِ أعــزّةً
فأذلّهـــا ذو العِـــزّةِ الأبّـــاء
لـنْ تصـْغُرَ العُظمـاءُ فـي سُلطانهم
إلاّ إذا دلفَـــتْ لهــا العُظَمــاء
جهِـلَ البطـارِقُ أنّـه الملِـكُ الذي
أوصــى البَنِيــنَ بســِلمِهِ الآبـاء
حــتى رأى جُهَّــالُهم مِــن عزْمــهِ
غِــبَّ الــذي شـهِدتْ بـه العُلمـاء
فتقاصـَروا مـن بعد ما حكمَ الردى
ومضــَى الوَعيــدُ وشـُبّتِ الهيجـاء
والســيْلُ ليـسَ يحيـدُ عـن مُسـتنّهِ
والســّهمُ لا يُــدْلى بــه غُلَــواء
لـم يُشـرِكوا فـي أنّـهُ خَيرُ الوَرَى
ولِــذي البَريّــةِ عنــدهُمْ شـُركاء
وإذا أقـــرّ المشــرِكونَ بفَضــْلِهِ
قَســْراً فمـا أدراكَ مـا الحُنفـاء
فــي اللّـهِ يسـري جـودُهُ وجنُـودُهُ
وعَديـــــدُهُ والعـــــزْمُ والآراءُ
أوَمــا تـرَى دُوَلَ الملـوكِ تُطيعـه
فكأنّهـــا خَـــوَلٌ لـــهُ وإمــاء
نَزَلَــتْ ملائكــةُ الســماءِ بنصـرِهِ
وأطـــاعَهُ الإصـــْباحُ والإمســـاء
والفُلْـكُ والفَلَـكُ المُـدارُ وسـعدُهُ
والغَـزْوُ فـي الـدّأماءِ والـدّأماء
والــدهرُ والأيّــامُ فـي تصـريفِها
والنــاسُ والخضــراءُ والغــبراء
أيــنَ المَفَــرُّ ولا مَفَــرَّ لهــارِبٍ
ولــكَ البسـيطانِ الثّـرى والمـاء
ولـكَ الجـواري المُنشـَآتُ مـواخِراً
تَجــري بــأمركَ والرّيــاحُ رُخَـاء
والحـــامِلات وكلّهـــا محمولَـــةٌ
والنّاتِجـــات وكلّهـــا عـــذراء
والأعوجيّـــات الــتي إن ســُوبقَتْ
ســـَبقَتْ وجَـــرْيُ المــذكيات غِلاء
الطــائرات الســّابحات السـّابقا
ت الناجيــات إذا اســتُحِثّ نَجـاء
فالبـأس فـي حَمْـس الوغى لكُماتها
والكبريـــــاءُ لهُــــنّ والخُيلاء
لا يُصــْدرونَ نحورَهـا يـومَ الـوغى
إلاّ كمــا صــَبَغَ الخــدودَ حيــاء
شــمُّ العَــوالي والأنـوفِ تَبَسـّموا
تحـت القُنـوس فـأظلموا وأضـاءوا
لبسوا الحديدَ على الحديدِ مُظاهَراً
حــتى اليَلامِــقُ والــدروعُ سـَواء
وتقنّعـوا الفـولاذَ حتى المقلةُ ال
نجلاءُ فيهــا المقلــةُ الخوصــاء
فكأنّمـــا فــوقَ الأكُــفّ بَــوراقٌ
وكأنّمــا فــوقَ المُتــونِ إضــاء
مــن كـلّ مسـرودِ الـدَّخارِص فـوقَه
حُبُـــكٌ ومَصـــْقولٍ عليــهِ هَبــاء
وتَعـــانَقوا حـــتى رُدَيْنيّــاتُهُم
عطْشـــَى وبِيضــُهُمُ الرقــاقُ رِواء
أعْـزَزْتَ ديـنَ اللّـهِ يـا ابنَ نبيّه
فـــاليومَ فيــهِ تخمُّــطٌ وإبــاء
فأقــلُّ حــظّ العُـرْبِ منـكَ سـعادةٌ
وأقــلُّ حــظّ الــرّومِ منـكَ شـقاء
فــإذا بعثْـتَ الجيـشَ فهـوَ منيّـةٌ
وإذا رأيــتَ الــرأيَ فهـوَ قَضـاء
يكسـو نَـداكَ الـروْضَ قبـل أوانـهِ
وتَحيـــدُ عنــكَ اللَّزْبَــةُ الّلأواء
وصـِفات ذاتـك منـكَ يأخذها الورى
فــي المكرُمــاتِ فكلّهــا أسـماء
قـد جـالتِ الأوهـام فيـك فدقّتِ ال
أفكــــارُ عنــــكَ فجَلّـــتِ الآلاء
فعنَـتْ لـكَ الأبصارُ وانقادتْ لك ال
أقــدارُ واســتحيَتْ لــكَ الأنـواء
وتجمّعـتْ فيـك القلـوبُ على الرّضى
وتشـــيّعتْ فـــي حُبّــكَ الأهــواء
أنـتَ الـذي فصـَلَ الخطـابَ وإنّمـا
بــك حُكّمــتْ فـي مـدحِكَ الشـُّعراء
وأخــصُّ منزِلـةً مـن الشـُّعراء فـي
أمثالِهــا المضــروبةِ الحُكمَــاء
أخــذوا الكلامَ كــثيرَه وقليلَــه
قِســــــــمَينِ ذا داءٌ وذاكَ دواء
دانــوا بـأنّ مـديحَهُمْ لـكَ طاعـةٌ
فَــرْضٌ فليــسَ لهــم عليـك جَـزاء
فاســلَمْ إذا رابَ البريّــةَ حـادثٌ
واخْلُــدْ إذا عَــمّ النفـوسَ فَنـاء
يفْــديكَ شــهْرُ صـِيامِنا وقِيامنـا
ثــمّ الشــُّهورُ لــه بـذاك فِـداء
فيــه تنــزّلَ كــلُّ وَحــيٍ مُنْــزَلٍ
فلأهــلِ بَيــتِ الـوحي فيـه ثَنـاء
فتطـــولُ فيــه أكــفُّ آلِ محَمــدٍ
وتُغَـلُّ فيـه عـن النّـدى الطُّلَقـاء
مــا زلْــتَ تَقضـي فَرضـَه وأمـامَه
ووراءَه لــــكَ نـــائلٌ وحِبـــاء
حَســْبي بمــدحك فيـه ذُخْـراً إنّـه
للنُّســْكِ عنــد الناســكين كِفـاء
هيهـات منّـا شـكرُ مـا تُـولي ولو
شــكَرَتك قبــلَ الألســُنِ الأعضــاء
واللــهُ فـي عليـاك أصـدق قـائل
فكــأنّ قــولَ القــائلين هُــذاء
لا تســألنّ عــن الزّمــانِ فــإنّهُ
فــي رَاحتَيْــكَ يـدورُ كيـفَ تشـاء
محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي، أبو القاسم يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة.أشعر المغاربة على الإطلاق وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق، وكانا متعاصرين.ولد بإشبيلية وحظي عند صاحبها، واتهمه أهلها بمذهب الفلاسفة وفي شعره نزعة إسماعيلية بارزة، فأساؤا القول في ملكهم بسببه، فأشار عليه بالغيبة، فرحل إلى أفريقيا والجزائر.ثم اتصل بالمعز العبيدي (معدّ) ابن إسماعيل وأقام عنده في المنصورية بقرب القيروان، ولما رحل المعز إلى مصر عاد ابن هانئ إلى إشبيلية فقتل غيله لما وصل إلى (برقة).