
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَقَــدْ كُنْـتَ لِلمَظْلُـومِ عِـزّاً وَنَاصِراً
إِذَا مَـا تَعَيَّـا فِـي الأُمُـورِ حُصُونُهَا
كَمَــا كَـانَ حِصْـناً لَا يُـرَامُ مُمَنَّعـاً
بِأَشْــبَالِ أُسْــدٍ لَا يُــرَامُ عَرِينُهَـا
وَلِيــتَ فَمَــا شَـانَتْكَ فِينَـا وِلَايَـةٌ
وَلَا أَنْـتَ فِيهَـا كُنْـتَ مِمَّـنْ يَشِـينُهَا
فَعَفَّـــتْ عَــنِ الأَمْـوَالِ نَفْسُكَ رَغْبَـةً
وَأَكْــرِمْ بِنَفْــسٍ عِنْـدَ ذَاكَ تَصُـونُهَا
وَعَطَّلْتَهَــا مِــنْ بَعْـدِ ذَلِـكَ كَالَّـذِي
نَهَـــى نَفْسـَهُ أَنْ خَـالَفَتْهُ يُهِينُهَـا
كَــدَحْتَ لَهَــا كَــدْحَ امْـرِئٍ مُتَحَـرِّجٍ
قَــدَ ايْقَــنَ أَنَّ اللهَ سَوْفَ يَـدِينُهَا
فَمَــا عَـابَ مِـنْ شـَيْءٍ عَلَيْـهِ فَـإِنَّهُ
قَـدِ اسْـتَيْقَنَتْ فِيـهِ نُفُـوسُ يَقِينُهَـا
فَعِشْــتَ حَمِيـداً فِـي البَرِيَّـةِ مُقْسِطاً
تُــؤَدِّي إِلَيْهَـا حَقَّهَـا مَـا تَخُونُهَـا
وَمُــتَّ فَقِيــداً فَهْـيَ تَبْكِـي بِعَوْلَـةٍ
عَلَيْـــكَ وَحُــزْنٍ مَـا تَجِـفُّ عُيُونُهَـا
إِذَا مَــا بَـدَا شَجْواً حَمَـامٌ مُغَـرِّداً
عَلَــى أَثْلَــةٍ خَضْـرَاءَ دَانٍ غُصُـونُهَا
بَكَـتْ عُمَـرَ الخَيْـرَاتِ عَيْنِـي بِعَـبْرَةٍ
عَلَـــى إِثْـرِ أُخْـرَى تَسْـتَهِلُّ شُؤُونُهَا
تَــذَكَّرْتُ أَيَّامــاً خَلَــتْ وَلَيَالِيــاً
بِهَا الأَمْنُ فِيهَا العَدْلُ كَانَتْ تَكُونُهَا
فَــإِنْ تُصْـبِحِ الـدُّنْيَا تَغَيَّـرَ صَفْوُهَا
فَحَـــالَتْ وَأَمْسـَتْ وَهْـيَ غَـثٌّ سَمِينُهَا
فَقَــدْ غَنِيَـتْ إِذْ كُنْـتَ فِيهَـا رَخِيَّـةً
وَلَكِنَّهَــا قِــدْماً كَــثِيرٌ فُنُونُهَــا
فَلَـوْ كَـانَ ذَاقَ المَوْتَ غَيْرُكَ لَمْ تَجِدْ
سـَخِيّاً بِهَـا مَـا عِشْـتَ فِيهَا يَمُونُهَا
فَمَــنْ لِليَتَـامَى وَالمَسَـاكِينِ بَعْـدَهُ
وَأَرْمَلَـــةٍ بَـــاتَتْ شَدِيداً أَنِينُهَـا
وَلَيْـسَ بِهَـا سُقْمٌ سِوَى الجُوعِ لَمْ تَجِدْ
عَلَــى جُوعِهَا مِـنْ بَعْدِهَا مَنْ يُعِينُهَا
وَكُنْـتَ لَهَـا غَيْثـاً مَرِيعـاً وَمَرْتَعـاً
كَمَـا فِـي غُمَـارِ البَحْرِ أَمْرَعَ نُونُهَا
فَــإِنْ كَـانَ لِلـدُّنْيَا زَوَالٌ وَأَهْلِهَـا
لِعَـدْلٍ إِذَا وَلَّـى فَقَـدْ حَـانَ حِينُهَـا
أَقَــامَتْ لَكُـمْ دُنْيَـا وَزَالَ رَخَاؤُهَـا
فَلَا خَيْـرَ فِـي دُنْيَـا إِذَا زَالَ لِينُهَا
بَكَتْـــهُ الضـَّوَاحِي وَاقْشَعَرَّتْ لِفَقْـدِهِ
بِحُـــزْنٍ عَلَيْهَـــا سَهْلُهَا وَحُزُونُهَـا
فَكُـــلُّ بِلَادٍ نَالَهَــا عَــدْلُ حُكْمِــهِ
شـَدِيدٌ إِلَيْهَـــا شـَوْقُهَا وَحَنِينُهَــا
فَلَمَّــا بَكَتْــهُ الصَّــالِحَاتُ بِعَـدْلِهِ
وَمَــا فَاتَهَـا مِنْـهُ بَكَتْـهُ بُطُونُهَـا
وَلَمَّــا اقْشـَعَرَّتْ حِيـنَ وَلَّى وَأَيْقَنَـتْ
لَقَـــدْ زَالَ مِنْهَـا أُنْسُهَا وَأَمِينُهَـا
وَقَـالَتْ لَـــهُ أَهْلاً وَسـَهْلاً وَأَشْــرَقَتْ
بِنُــورٍ لَــهُ مُسْتَشْــرِفَاتٍ بُطُونُهَــا
فَــإِنْ أَشْـرَقَتْ مِنْهَـا بُطُـونٌ وَأَبْشَرَتْ
لَــهُ إِذْ ثَوَى فِيهَـا مُقِيمـاً رَهِينُهَا
وَقَــدْ زَانَهَــا زَيْنـاً لَـهُ وَكَرَامَـةً
كَمَـا كَـانَ فِـي ظَهْـرِ البِلَادِ يَزِينُهَا
لَقَـــدْ ضـُمِّنَتْهُ حُفْـرَةٌ طَـابَ نَشْـرُهَا
وَطَـــابَ جَنِينـــاً ضُمِّنَتْهُ جَنِينُهَــا
ســَقَى رَبُّنَـا مِـنْ دَيْـرِ سَمْعَانَ حُفْرَةً
بِهَـا عُمَـرُ الخَيْـرَاتِ رَهْنـاً دَفِينُهَا
صــَوَابِحَ مِــنْ مُـزْنٍ ثِقَـالٍ غَوَادِيـاً
دَوَالِـــحَ دُهْمـاً مَـاخِضَـاتٍ دُجُونُهَـا
كُثيِّرُ بنُ عَبدِ الرّحمنِ الخُزاعِيُّ، اشْتُهِرَ بِكُثَيِّرِ عَزَّةَ وَهِي مَحْبُوبَتُهُ وغالِبُ شِعْرِهِ تَشبِيبٌ بِهَا، وَيُقالُ لَهُ ابنُ أَبِي جُمُعَةَ نسبة لجدِّه لِأُمِّهِ، وَكُثَيِّرُ عَزَّةَ شاعِرٌ مِنْ فُحولِ الشُّعراءِ المُقدَّمِينَ فِي الْعَصْرِ الأُمَوِيِّ، وَهُوَ مِنَ الشُّعراءِ المُتيَّمِينَ الْمَشْهُورِينَ، قالَ عَنْهُ المَرزُبانِيُّ: " كانَ شاعِرَ أَهلِ الحِجازِ فِي الإِسلامِ لَا يُقَدِّمُونَ عَليهِ أَحَداً"، وهوَ مِنْ أَهلِ الْمَدِينةِ المُنوَّرَةِ وَأَكْثَرُ إِقامَتِهِ بِمِصْرَ، وفدَ عَلى الْخُلفاءِ وَكانَ شاعِرَ بَنِي مَروانَ وخاصّاً بِعبدِ الْمَلِكِ وكانُوا يُعَظِّمُونَهُ وَيُكْرِمُونَهُ. وكانَ مُفْرِطَ الْقِصَرِ دَمِيماً، فِي نَفْسِهِ شَمَمٌ وَتَرَفُّعٌ، تُوفِيَ نَحْوَ سَنَةِ 105 لِلْهِجْرَةِ