
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
طرقـت خَيـالاً بَعـد طـول صدودها
وفـرت إِلَيـكَ السِجنَ لَيلَةَ عيدِها
أَنّى اهتَدَت لا التيه منشؤها وَلا
سـفح المُقَطَّـمِ مِـن مَجـرِّ بُرودِها
فــي لَيلَـة لَيلاء أَلـزم فضـلها
بيـض اللَيـالي أَن تدين لِسودِها
حَـقُ اللَيالي البيض قسم سوادِها
خــالاً وَخــالاً زينــة لُخـدودِها
أَســرَت إِلَيـهِ مِـن وَراءِ تِهامَـةٍ
وَجَفـاهُ داني الدار غَير بَعيدِها
فـأَتَته ما ارتاحَت لِحُسنِ ظِبائِها
وَهنـاً ولا ارتـاعَت لِزأر أُسودِها
مُســتَوطِناً دار البنـود وَقلبـه
للرعـب يَخفِـق مِثـلَ خَفق بنودِها
دار تحـطُّ بِهـا المنـون شِباكِها
فَتَـروح وَالمهجـات جـل صـيودِها
فَتَعَثَّـرَت بِعُـرى الأَداهِـمِ فالتَقى
جرســان جـرس حَليِّهـا وَحَديـدِها
قيــد وَسلســلة وَأَدهَــم مصـمت
محـن الكـرام عَظيمَـةُ كقصـودِها
وَقِلادَةٌ فـــي جيــدِهِ إِن حُرِّكَــت
تَهتَـزُّ مِنهـا الأَرضَ فـي تَمييدِها
وَتـأوَّهَت عَـن زَفـرة لَـو صـادَفَت
حَجَـراً جَـرى مـاء لِفَـرطِ وقودِها
وَأَصـاب دُرُّ الـدَمعِ لؤلـؤ ثَغرِها
ثُــمَّ اسـتَفاضَ فَبَـلَّ دُرَّ عُقودِهـا
فَعَفَفـتُ ثَـمَّ وَلَـو هَمَمـت بِضـَمِّها
منعـت مِـن استقصـائِهِ بنهودِهـا
مـا ضـَجَّ مِن تلف الحَياة ضَجيعها
لَكِــن الاح وَضــَجَّ مِـن تَنكيـدِها
بَــثَّ الفَضــائِل خلفـه وَأَمـامه
فَفَنــاء مُهجَتِـهِ كَمِثـلِ خُلودِهـا
كالشَمسِ تُوَدِع في الكَواكِب نورها
فَتَنـوب للسـارين عَـن مَفقودِهـا
مَحـنٌ قَـد احتَشـَدَت وَقَلـبٌ واثِـقٌ
بـاللَهِ وَالزَيـديُّ فـي تَبديـدِها
بِفُــؤاد أُســرَتِها ودرَّة تاجِهـا
وَسـواد ناظِرهـا وَبيـت قَصـيدها
بِــأَغَرَّ يَحســِدُهُ أَفاضــِل عَصـرِهِ
قـدر الفَضـيلة مِثلَ قدر حُسودِها
حاشـا مـن اعتَمَـدت عَليـهِ دولَة
مِـن أَن يَضـيقَ بِفَـكِّ بَعضِ عَبيدِها
واللَـهُ أَكـرَم حيـنَ أَنزَلَ حاجَتي
بمســودِ الكُرَمـاءِ دونَ مسـودِها
وَلَــرُبَّ مصــطنع يَــداً تقليـده
صـدر الحُسـامِ أَخـف مِن تَقليدِها
وَأَراهُ لا يَرضــى بِفعــلِ صـَنيعَةٍ
حَتّــى يُتابِعهـا كَفـاء حُـدودِها
صـِلَةُ اللَهيـفِ هيَ الصَلاةُ بِعَينِها
وَتَمامِهــا بِركوعهــا وَسـُجودِها
واللَـهِ لَـو ضـمن الرُقادِ حَميته
عينـي فَما اكتحلت بطيب هجودها
ونظمـت أَجفـاني العلـى لجبنها
نظمــاً وأَسـفلها إِذاً بِخـدودِها
وَصـفدت نَفسـي بِالوَفـاء وَضـيقِهِ
إِنَّ الوَفـاء لمـن أَشـَدِّ قيودِهـا
وَلَقيــتُ نِعمَتِــهِ بِأَحســَن خُلَـةٍ
تَلقـى بِها النعماء عِند ورودِها
حــــزت العَلاءَ إِفـــادَة وَولادة
فــأعنت طـارِفَ رتبـة بتليـدِها
إِنَّ المــآثِرَ كالخِضـابِ نصـولها
عَجِـلٌ إِذا لَـم تَسـعَ في تَجديدِها
نَفــس الشــَريف كَحُلَّــةِ موشـية
فَــإِذا تَنـاهَت طُـرِّزَت بِجـدودِها
وَإِذا اعتَبَــرَت فروعـه بأصـولِهِ
أَيقَنَــت أَنَّ دُخـانِهِ مِـن عودِهـا
وَمَحاسـِن الأَشـياء فـي تَركيبهـا
طـوق الحَمامَـةِ خِلقَـةٌ في جيدِها
وَفَضــائِل الإِنسـان تَتبَـع أَصـلِهِ
قطـع الصـَوارِمِ تـابع لحديـدِها
أَدنــى بَنيهـا مِـن ولادة خامِـلٍ
لا ينسـل الأَشـبال غَيـر أُسـودِها
تَفـديكَ طائِفـة إِذا مـا فـوخرت
فَزَعَـت إِلـى أَجـداثِها وَلحودِهـا
لَغــو كَحَـرف زيـدَ لا مَعنـى لَـهُ
أَو واوُ عَمـروٍ فقـدها كَوجودِهـا
وَأعـدت مـا أَبدَت جدودك مِن عُلىً
سـُبحانَ مُبـديها بِكُـم وَمعيـدها
يـا ابـن الأثمـة مِن قُرَيش دعوة
نظمـت دَعاويهـا بِسـِلكِ شـُهودِها
دَلَّـت عَلَيـكَ فـأجزأت عَـن غَيرِها
يغني اشتَهار الحال عَن تَحديدها
إِن كــانَ أَولاد الوَصـيِّ كَواكِبـاً
فـاعلَم بِأَنَّـكَ أَنـتَ سَعدَ سعودِها
نَقَلـوا فَضـائلهم إِلَيـكَ كَأَنَّهـا
زُر جونَـةٍ نُقِلَـت إِلـى عَنقودِهـا
أَتَضـيع نَفسـاً أَنـتَ مِن تامورها
وَصـَميمِها كـالجُزءِ مِـن تَوحيدِها
جعلتــك واسـطةً إِلـى مَنجاتِهـا
وَأَبــاكَ واسـطةً إِلـى معبودِهـا
لا أَنحــل الأَيــام نَحلاً بَعـدَ ذا
حَسـبي بِأَنَّـكَ نَفحـة مِـن جودِهـا
أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية وأخرى لبني أمية. وانتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.