
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
اللَيــل حَيــث حَلَلـنَ فيـهِ نَهـارُ
فلــذا اللَيــالي وصــلهنَّ قِصـارُ
يـا صـاحِ أَبصر في السَرابِ ضَعائِنا
كالــدُرِّ يَطفــو فَــوقَهُ التَيّــارُ
تَقِـف العُيـون إِذا وَقفـن وَأَينَمـا
دارَت بِهِــنَّ العيــس فَهــيَ تُـدارُ
أَرَأَيـتَ مِـن عنّفـت فيـهِ فَقـالَ لي
أَمــا الوجــوهُ فَإِنَّهــا أَقمــارُ
فاســفح بِنَجـدٍ مـاء عينـك إِنَّمـا
لِلعامِرِيَّــــة كــــل نَجـــدٍ دارُ
وَلَهــا بِــهِ مِـن كـل مـاء مَشـرَبٍ
وَبِكُـــلِّ مَســـقَطِ مزنـــةٍ آثــارُ
قَـومٌ إِذا مـا المُـزن طَنَّـب طَنَّبوا
أَو سـارَ نَحـوَ دِيـار قَـومٍ سـاروا
فتــوقَّ أَعيــن عــامِر وَســُيوفها
كُــــلٌّ وَجـــدّك صـــارِم بَتّـــارُ
إِيّــاك إِيّــاكَ العُيــون فَإِنَّهــا
قَضــُبٌ وَأَشــفار الجُفــونِ شــفارُ
لَـــم أَدرِ إِذ وَدَّعنَنـــي أَمُقبِّــل
لِحَلاوَة فـــي الريــق أَم مُشــتارُ
أَلبَســنَني ســِربال ضــَمٍّ مـا لَـهُ
إِلّا رُؤوسَ نُهودِهــــــــــا إِزرارُ
أَجنـي الرِضـابُ مِـنَ الغُصونِ وَحَبَّذا
تِلــكَ الغُصــونُ وَحَبَّــذا الأَثمـارُ
فـي رَوضـَةٍ جمَعَـت لمرتـاد الصـَبا
مَـــرأىً يُحِـــلُّ لِمِثلِــهِ وَيُســارُ
بوجــــوهن ووشـــيهن وَنَورِهـــا
إِنَّ الثَلاثـــة عِنـــدَك النَـــوارُ
إِن أَظلمـت قطـع الرِيـاض أَضـالَها
نُوّارِهــــا فَكَأَنَّهـــا الأَنـــوارُ
وَتَمــازَجَت حَتّــى كَــأَنَّ قطينهــا
مِمّـــا تَضـــَمَّنَ نَبــت أَرضٍ قــارُ
مِــن كُــلِّ بَــدرٍ يَستَســِرُّ زَمـانه
وَلِكُـــلِّ بَـــدرٍ مَطلَـــعٌ وَســِرارُ
لا يُرتَجـــى درك لِثـــاري عِنــدَهُ
جَــرح الحَداثَــة وَالمهـاة جَبـارُ
فـي طَرفِهـا يَقضـي غـرار مـن كَرىً
وَلِكُــلِّ ماضــي الشــَفرَتَين غـرارُ
أَرَأَيــتَ طَرفِــكَ ناشــِب أَم سـائِف
أَم نـــافِث لِلســـِحرِ أَم خَمّـــارُ
قَـد كُنتَ أَعذَل في الهَوى قِدَماً وَقَد
يُرمـى الطَـبيبُ بِغَيـرِ مـا يُختـارُ
خُضـتُ الأُمـورَ وَعمـتُ فـي غَمراتِهـا
وَمِـــنَ الأُمــورِ مَخــائِض وَغمــارُ
فَرَأَيـت دَهـري قَـد يُضـيء وَلَيسَ مِن
شــأن الزَمــان الضـوء وَالأَسـفارُ
مـــا عــذره أَلّا يُضــيءَ وَفضــله
عُقــدٌ عَلــى جيـد الزَمـانِ مُـدارُ
وَصـَحوتُ مِـن سـكر الصـِبا وَلَرُبَّمـا
يَعتـادَني فـي الحيـن مِنـهُ خُمـارُ
وَحصـرتُ نَفسـي بالعفـاف عَـن الَّتي
تصـم الكَريـم وَفـي العفـاف حِصارُ
فَظفـرت مِـن كـف المُظَفَّـرِ بِـالمُنى
إِذ ســـاعدت بِلِقـــائِهِ الأَقــدارُ
ملــك لــه مِنَــنٌ تَمَلَّكَنــي بِهـا
وَبِمِثلِهــــا يُتَمَلَّـــكُ الأَحـــرارُ
أَضــحى مقــراً لِلضــيوفِ وَمــالُهُ
ضــَيف فَلَيــسَ لَــهُ لــديهِ قَـرارُ
ينبيــك عَنــه وَلَـو تَنَكَّـرَ بشـره
إِنَّ البَشاشـــَةَ لِلكَريـــمِ شــِعارُ
فــي قَلبِــهِ عَـن كُـلِّ سـوءٍ زاجِـرٌ
وَبِفِعـــلِ كُـــلِّ فَضــيلة أَضــرارُ
مَغــرىً بإحيــاء النَـدى فيميتـه
إِنَّ الأَمانَـــةَ لِلنَّـــدى إِنشـــارُ
صــــــَلى اللَــــــهُ فَـــــإِنَّه
مَـــن رأيـــه تَتَبَيَّــنُ الأَســرارُ
مـا اختـارَهُ المَـولى عَلى نُضرائِهِ
حَتّــى اِرتَضــاهُ الواحِـدُ القَهَّـارُ
جمـع الإِلَـه لَـهُ العُلـى وَبِـهِ كَما
جُمِعَــت بِطــرفِ الرَقــدِةِ الأَشـفارُ
فــالوَجهُ بَــدرٌ وَالعَزيمَـةُ صـارِمٌ
وَالكَـــفُّ بــر وَالبَنــانُ بِحــارُ
يعـدي اللَئيـمَ بِجـودِهِ فَلَـو أَنَّـهُ
حَجَــرٌ جَــرَت فــي عَرضـِهِ الأَنهـارُ
كتـم النَـوال وَقَـد أَتـاهُ تَظَرُّفـاً
فَكَــأَنَّ إِظهــار النَــوال العـارُ
مــا طَــرَّزَ القرطــاس إِلّا أَقلامـه
أَيـدي العـدى مهجـاً عَلَيـهِ تُمـارُ
وَتَمُـــجُّ فـــي قرطاســه أَقلامــه
ظُلَمــاً مَواقِــع نَفعِهــا أَنــوارُ
فَصــَريرها فـي سـَمعِنا مِـن حُسـنِهِ
نَغَــمٌ وَفــي ســِمعِ الأَعـادي نـارُ
تَقِـصُ اللُيـوث الغلـب وَهـي ضَعائِف
وَتَطــول ســُمر الخُـطِّ وَهـيَ قِصـارُ
يَفـري الكَليـل مِـنَ السـُيوفِ بِكَفِّهِ
وَيَكِــلُّ فــي يَــد غَيـرِهِ البَتّـار
إِنَّ المَخـالِب فـي يَـدي لَيث الوَغى
قَضــبٌ وَفــي يَــد غَيــرِهِ أَظفـارُ
يَرضـي الكَتيبـة وَالكِتابَـة سـَعيه
وَعنـــاؤُهُ وَالنَقـــض وَالأَمـــرارُ
مــا كُــلُّ مَــن حَمِــدَتهُ كـابنِ ع
لـيٍّ الأَقلامُ يَحمَـدُهُ القَنـا الخَطّارُ
هَلّا ســــَألت بَنـــي كِلابٍ بأســـَهُ
وَالنَقــع بَيــنَ الجَحفَلَيـن مُثـارُ
وَالبَيـضُ تَطفـو فـي الدِماءِ كَأَنَّها
حَبَــبٌ وَمَســفوحِ الــدِماء عِقــارُ
أَرضـــَينَ ثُــمَّ تَــرائِب وَحَواســِر
وَســــماوَتَين جَـــوارِحُ وَعثـــارُ
رَحِـمَ الإِمـامُ بـك المَدينـة رَحمَـةً
رويــت بِهــا الآمـال وَهـيَ حِـرارُ
فــي جَحفَـلٍ وَقـع المَـذاكي فـوقه
ظُلمــاُ يــثير ظَلامهــا المِقـدارُ
نَكَحَــت سـنابكها الحَصـى فَتَوَلَّـدَت
بَيــنَ الحِجـارَةِ وَالنِعـال النـارُ
فأباهُمــا ولــدٌ يُنــافي أَصــله
وَأَبــاهُ أَحمَــرُ يَعتَليــهِ صــَفارُ
تَعـدو رِماحـك خالِقـاتٍ فـي العِدى
حَــدقاً وَفــي أَجفانِهــا أَشــفارُ
تَهــدي الأَســِنَّة كُــلُّ رمـحٍ طـائِشٍ
لِنحــــورهم فَكأَنَّهـــا أَبصـــارُ
وَلَــهُ عَلـى الأَقـدامِ إِقـدام وَقَـد
رفــع القَنـا وَعَلا الغُبـار غُبـارُ
تَجلــو بِحَبّــاتِ القلــوبِ كَأَنَّهـا
بَيــنَ القُلــوبِ وَبَينَهُــنَّ ســرارُ
وَمغلغلات فـــــي ســــويداواتها
مِــن حيــث لا تَتَغلغــل الأَفكــارُ
وَكــأَنَّ رمحــك إِذ تَغَلغَــل فيهـم
ســـلك ينظمهـــم وَهــم تقصــارُ
زَرَعـوا وَقَـد حَصـَدوا فأن يَتَعَرَّضوا
أُخــرى فهــذي المهـر وَالمُضـمارُ
كَــرّوا فَلَــم يَنفعهــم إِقـدامهم
وَمَضــوا فَلَــم ينفعهــم الإِدبـارُ
وَقفلــت عَنهُــم غانِمـاً وَقلـوبهم
فيهـــا لخوفـــك عَســكَرٌ جــرارُ
رَأَت الضَحاضـِح مِنـكَ صـَدراً مِثلهـا
ســعة ضــياء الجَــوِّ مِنـهُ مَنـارُ
يــا ذا الَّــذي لِمَسـيره وَمَقـامِهِ
تَتَحاســـَد البَيـــداء وَالأَمصــارُ
لِدِمَشــق نَحــوَكَ صــبوة وَصــباوة
مُـــذ صــَرَّحَت بِقُــدومِكَ الأَخبــارُ
لَــولا وَقــارُ فـي دِمَشـق وَأَهلهـا
طــارَت لإِفــراطِ السـُرورِ وَطـاروا
وَنبــت مِنهـا المَـرجُ حَتّـى خِلتَـه
خَــداً أَســيلاً أَنــتَ فيــهِ عـذارُ
إِنّــي دَعوتــك وَالخُطــوب محيطـة
بــي مِثلَمــا ضـَمَّ الـذِراعُ سـِوارُ
قَــد حــار شـعري فـي علاك لأَنَّهـا
شــَمسٌ وطــرف المــرء ثَـمَّ يُحـارُ
فافرج أَبا الفرج الخُطوبِ فَقَد غَدَت
وَصـــروفها ســـورٌ عَلــيَّ تُــدارُ
يَخفــي الزَمـان فَضـائِلي فَكَـأَنَّني
وَكَأَنَّهـــا فـــي قَلبِــهِ إَضــمارُ
أَثقَلَــت سـَمعي عَـن مَقالَـة أَهلِـهِ
وَالــوَقرُ فـي بَعـضِ الأُمـورِ وَقـارُ
لَـــم أَخَــف إِلّا للعلــو وَإِنَّمــا
تخطــي الســُهى لِعُلــوِّهِ الأَبصـارُ
نَفـديكَ مِـن غَيـرِ الزَمانِ وَلَم تَزَل
لفــداء مِثلَــكَ تَــذخر الأَعمــارُ
فيهِــنَّ مـا خـولن مِـن كَـرَمٍ وَعِـش
يــا ماجِــداً زينـت بِـهِ الأَمصـارُ
فــي رِفعَــةٍ مــا لاحَ صـُبحٌ طـالِع
وَتجــاوَبَت فــي أَيكهــا الأَطيـارُ
أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية وأخرى لبني أمية. وانتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.