
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَذهبـت رونـق مـاء النُصـحِ في العَذلِ
فــاربَعَ فلســتَ بِمَعصـومِ عَـن الزَلَـلِ
لِكُــلِّ ســَهمٍ يَعُــدُّ النــاس ســابغة
تـــردُّه عَنـــكَ إِلّا أَســـهم المُقَــلِ
هــامَ الفُــؤادُ بِشـَمسٍ مـا يُزايلهـا
غَـربٌ مِـنَ البَيـنِ أَو غيـمٌ مِـنَ الكِلَلِ
يَنتـابُ دَمـعَ النَـوى وَاللَهـو وَجنَتَها
فقلَّمــا انفَـكَ ظهـر الخَـدِّ مِـن بَلَـلِ
لا شــيءَ أَكفَــر مِــن مِسـواكَ إِسـحلة
يُعلُّــهُ الريـق لَـم يـورق وَلَـم يَطُـلِ
يَخفـى شـهاب الهَـوى فـي درِّ ريقتهـا
كَمـا اسـتكنَّ نَقيـع السـُمِّ فـي العُسُلِ
وَفــي أُصــول الثَنايــا بـارِد عَلِـلٌ
نَفسـي الفِـداء لِتِلـكَ البـارِدِ العَلِلِ
كــأَنَّ ريقتهــا بعــد الكَــرى عَسـَلٌ
أَسـتغفر اللَـهَ بَـل أَحلـى مِـنَ العَسَلِ
إِيّـــاكَ إِيّــاكَ تَطريفــاً بأَنمُلِهــا
فَهــيَ الأَســِنَّةُ فـي العَسـّالَةِ الـذَبلِ
مــا بــالُ طرفــك لا تنمــي رَميَّتـه
كَأَنَّمــا هــوَ رام مِــن بَنــي ثُعَــلِ
صـــَدَّت بِنَجــدٍ وَزارَت فــي طَرابُلُــسٍ
وَبَينَنـــا عَنَـــقٌ لِلســـُّفن وَالإِبِــلِ
فــي خــرَّد نُهَّــدٍ يعكســنَ أَعيُننــا
لِضـــَوئِهِنَّ كَعَكـــس الشــَمسِ للمُقــلِ
تَنقادُ نَحوَ هَواهُنَّ القُلوب كَما اِنقادت
إِلــى هِبَـةِ اللَـهِ العلـى ابـن علـي
فَـتىً عَـن السـُمرِ بِالسُمرِ الكُعوبِ وَعَن
بيـضِ الوجـوهِ بِـبيضِ الهنـد فـي شُغلِ
يُزَيِّـــنُ الدَولَــة الغَــرّاء مَوضــِعه
إِذا تَزَيَّنَــــــت الأَملاكُ بِالـــــدُوَلِ
يُنــبي تَبســُّمه عَــن نَشــرِهِ أَبَــداً
وَالغَيــث آيَـة صـَوبِ الوابِـل الهَطـلِ
يزينهـا فَـوقَ مـا زانتـه فَهـوَ بِهـا
فـي حُلَّـةٍ وَهـوَ مـن عَليـاه فـي حُلَـلِ
يَبُــشُّ بِالوَفــد حَتّــى خلــت وآفـده
وَآفــي يُهنِّيـه بِالتـأخير فـي الأَجَـلِ
عَلا فلا يَســـتَقِرُّ المــالُ فــي يَــدِهِ
وَكَيــفَ يُمســِكُ مـا فـي قَنَّـة الجَبَـلِ
يَقضـي بِحُكـمِ الهُـدى في المُشكِلاتِ كَما
يَقضـي بِحُكـمِ الظُـبيِ فـي ساعَةِ الوَهلِ
قَـد حـالَفَ العَـدلَ فـي أَحكـامِهِ أَبَداً
وَالعَـدلُ خَيـرُ اقتِنـاء الفارِسِ البَطَلِ
تَخشـى العِـدى أَبَـداً صَدرَ الجَوادِ فَقَد
ظَــنَّ العِــدى أَنَّــه صــَدرٌ بِلا كَفَــلِ
فـــي جَحفَـــلِ لَجــبٍ لَــولا تبســّطه
لخلتــه شــهباً مــن كَــثرَةِ الأُســُلِ
كَــأَنَّ حُمَـر المـذاكي الخمـر تَحتَهـم
وَبيضــُهم حبَــبٌ يَطفــو عَلـى القُلَـلِ
أَمَّلـــتُ ذلـــك عِلمــاً أَنَّــهُ رَجُــل
فَــردٌ فأبصـرت كـل النـاس فـي رَجُـلِ
يُصـغي إِلـى سـائِلي جَـدوى يَـديه كَما
يُصـغي المُحِـبُّ إِلـى التَغريـدِ وَالغَزَلِ
لَــو شـاءَ قـالَ وَلَـم يَكـذِب بِمَخبَـرِهِ
عَــن كُــلِّ فَضــلٍ أَراهُ أَنَّ ذَلِــكَ لـي
لأَنَّـــه اختَـــرَعَ العَليــاء ســالفة
وَســائرُ النــاسِ مــن تـالٍ وَمُنتَحِـلِ
قَـد أَحكـم الحـاكِم المَنصـور دولَتَـهُ
بــآلَ حَيــدَرَةٍ فــي السـَهلِ وَالجَبَـلِ
وَرَفَّهـــت كتبهـــم أَقصــى كَتــائِبِهِ
عَـــن الزِيــادَة للأَعــداءِ وَالقفــلِ
تَرضــى الــدَراريعُ عنهــم وَالـدُروعُ
وَأَصـدافُ القنـا وَصـُدور البيضِ والأُسُلِ
تــاهَت بِهِـم دولـة الإِسـلامِ واِعتَـدَلَت
بِعَزمِهِـم كاِعتِـدالِ الشـَمسِ فـي الحَمَلِ
شـادوا وَسـادوا بِمـا يَبنـونَ مِن كَرَمٍ
أَســاسُ مجــدهم المُســتَحكِم الأَزلــي
تَشــابَهوا فــي اِختِلافِ مــن زَمـانِهِمُ
عِنـدَ اللَهـى وَالنُهـى وَالقَولِ وَالعَمَلِ
كــــالرُمُ أَوَّلَــــه عَـــونٌ لآخِـــرِهِ
وَآخــر الرُمــحِ عــون الأَكعــبِ الأُوَلِ
تبعـتَ فـي الجـودِ وَالعَليا أَباك وَلَم
تَكـذِب كَمـا تبـعَ الوَسـميّ صـَوبَ وَلـي
غَيثـــانِ أَيّهمـــا جــادَت أَنــامله
فــي بَلــدَةٍ نَبَتَـت بِالمـالِ وَالخَـولِ
حَلَّيتمــا الــدِين وَالـدُنيا بعزِّكمـا
فَلا أَزالهُمـــا الرَحمـــن بِالعَطَـــلِ
وَلا رَأَينــا بِعَينــي دَهرِنــا مَرَهــاً
فَأَنتُمــا فــي مــآقيهِ مــن الكُحُـلِ
وَعشــتُما أَبَــداً فــي ظِــلِّ مَملَكَــةٍ
قَـد اِسـتَعاذَت مِـنَ التَغييـر وَالـدُوَلِ
مـا رَقـرَقَ المـزنُ فَـوقَ الأَرضِ أَدمعـه
وَحَـــنَّ ذو شـــَجَنٍ يَومـــاً لمرتَحِــلِ
أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي. من كبار شعراء العرب، نعته الذهبي بشاعر وقته. مولده ومنشؤه في اليمن، وأصله من أهل مكة، كان يكتم نسبه، فينتسب مرة للعلوية وأخرى لبني أمية. وانتحل مذهب الاعتزال، وسكن الشام مدة، ثم قصد العراق والتقى الصاحب ابن عباد، وعاد فتقلد الخطابة بجامع الرملة، واتصل بالوزير المغربي فكان من أعوانه في ثورته على الحاكم الفاطمي، قال الباخرزي: (وقصد مصر واستولى على أموالها، وملك أزمة أعمالها، ثم غدر به بعض أصحابه فصار ذلك سبباً للظفر به، وأودع السجن في موضع يعرف بالمنسي حتى مضى لسبيله). ونقل ابن خلكان عن كتاب مجهول في يوميات مصر خبر مقتله في في دار البنود بمصر، وكان يسجن فيها من يراد قتله، وذلك يوم 9 جمادى الأولى 416هـ. وفي (نضرة الإغريض) نوادر من أخباره، منها أن حسان الطائي أقطعه حماة لقصيدة قالها في مدحه. ولم يثبت ابن خلكان قصيدته المشهورة (حكم المنية في البرية جار) لأنها كما قال من القصائد المحدودة. قلت: والقصائد المحودة هي التي تصيب حافظها بالسبب الذي كتبت لأجله.