
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مَــتى يتجلّــى أفـق مصـرَ بأَقمـاري
وَأَروي عَــن اللقيـا أَحـاديثَ بَشـّارِ
وَأَقــرأ آيَ الوصـل مـن صـُحفِ أَوجـهٍ
مواضـعُ ختـمِ اللثـمِ فيهـا كأعشـارِ
وأهـتزّ كالنشـوان مِـن فـرحِ اللقـا
بِلا مِنَّـــةٍ عِنــدي لكاســات خَمّــارِ
إِلــى مِصـرَ واشـوقاً لمصـرَ وَأهلهـا
تشــوُّقَ صــبٍّ لِلنــوى غيــرِ مختـارِ
وَيـا وَحشـَتي يـا مصـرُ منـك لبلـدة
لـداخلها بـالأمن بشـرى مـن الباري
تهــبُّ نســيماتُ الشــمال بأَرضــها
فينشــق مِنهــا الأنـفُ جَونـةَ عطّـارِ
محســـَّدَةٌ لا قَـــدح فيهــا لعــائب
عَلـى أَن زنـدَ الفضل مِن أَهلِها واري
إِذا فاخروهــا قــام صـارِمُ نيلهـا
بِمقيــاسِ صــِدقٍ كاســِراً كـلّ فخّـارِ
مَراتِــعُ لَــذّاتي وَملهــى شــَبيبَتي
وَمَبــدأُ أَوطــاني وَغايَــةُ أَوطـاري
وَمَنــزِلُ أَحبــابي وَمنــزِه مقلــتي
ومطلــعُ أَقمــاري ومغــرب أَفكـاري
لبســتُ ثيــاب اللهـو فيهـا خلاعـةً
وَقـامَت عَلـى خَلعـي عـذاريَ أَعـذاري
فَكَــم مـن غَـزال لـي بِهـا كَغَزالـة
تملّــكَ روحــي باِلتفــات وَإِســفارِ
ومــن قمـر لِلبَـدر مـن نـور وجهـه
ســِرارٌ ومحــقٌ بعــد تَــمٍّ وَإِبـدارِ
ينِــمُّ عَلَينــا عَرفُــهُ حيـنَ يَنثَنـي
فَيهــزا بأغصــان وَيُــزري بأَزهـارِ
أَأَحبابَنـا أُصـليتُ فـي البحر بَعدَكُم
بِنــاري وَأَنتُـم فـي ريـاض وَأَنهـارِ
رمتنــي النَــوى حَتّـى ركبـتُ مطيّـةً
أَحاديثُهــا فيهــا غَــرائِبُ أَسـمارِ
إِذا السـَهلُ أَوفـى أَبطأت في مسيرِها
وتسـرعُ فـي الأَمـواج سـيراً بأَوعـارِ
وجاريَـــةٌ لكنّهـــا تســـترقُّ مــن
تَبَطَّــنَ فيهــا مــن عَبيـدٍ وَأَحـرارِ
وَإِن رُحِلَـت فـي البَطـنِ تَمشـي سَريعة
عَلـى ظَهرِهـا فَاِسـمَع عَجـائِب أَخباري
ولا خَيــرَ فيهــا غيــرَ أَنّ نزيلَهـا
نَـــديمٌ لقـــرآن مـــديم لأذكــارِ
وَأَعجــبُ مــا أَحكيــهِ أَنّـي مُسـافِرٌ
مقيــمٌ ولكــن منزلـي أَبَـداً سـاري
وَفـي سـفري لَـم أَلـقَ لـي مِن مؤانِسٍ
سـِوى الكُتبِ أَجلو الهَمَّ مِنها بأَسفارِ
أَبيــتُ ســَميرَ الأفــق أَحسـبُ أَنَّكُـم
كَـــواكِبهُ حَتّـــى تعشــّقتُ ســَمّاري
وَفــارقتُ أَنفــاسَ الحَــبيب وثغـره
فَطـال الـدُجى من فقد صبحي وَأَسحاري
بَكـى نـاظِري بالـدمع وَالدمِ وَالكَرى
فَمُــذ نَفِــدَت طُـرّاً بكـاكُم بـأَنوارِ
فَمـا أَظلـم الـدنيا بعيني وَقَد نأت
ولاة غَرامــي العــاذِلون وَأَقمــاري
لَبِسـتُ ثيـاب الليل حُزناً عَلى اللقا
وَصــرتُ لــذيل الــدمع أيّـة جَـرّارِ
وَمـا فـي ضـَميري غَيركُـم مذ فَقدتكُم
فَحــذفُكمُ عَــن مُقلَـتي حَـذفُ إِضـمارِ
وَأَنتُــم منـى روحـي وَهـدي بصـيرتي
وَتَنــويرُ أَبصـاري وَتَيسـير إِعسـاري
نَزَلتُــم بِقَلــبي وَهـوَ عَمّـارُ حبّكـم
فأَضــرمتم دار الضــيافة بالنــارِ
فَفي البين لا تَبغوا لَهُ القتلَ إِنَّ مِن
عَلامَــةِ أَهــلِ البَغــي مقتَـلُ عَمّـارِ
أَظُــنُّ النــوى ليســَت بعـارٍ لأَنَّنـي
عهـــدتُكُمُ لا تغمضــون عَلــى عــارِ
فَيــا نسـماتِ الريـح بـاللَه بلّغـي
سـَلامي عَلـى روحـي المقيمة في داري
ســليها تُســامِح مقلــتي بِمَنامهـا
لتحظى بطيب الوصل من طيفها الساري
وَلا تخبريهــا عــن سـقامي يسـوؤها
ولا سـَهَري البـاقي وَلا دَمعـي الجاري
وَقـولي لَهـا إِنّـي عَلـى عهـد حبّهـا
مُقيــمٌ وَإِن لَـم تُطـوَ شـُقَّةُ أَسـفاري
رحلــــتُ بِلا قَلـــبٍ وَلا أَنَـــسٍ وَلا
لَذيــذ مَنـامٍ وَهـيَ أُنسـي وَتـذكاري
وأذكـر داراً قـد حَـوَت طيـبَ عَرفهـا
فأرتـاحُ فـي الأَشـعار للرند والغارِ
ومــن رضـيَ الآثـارَ مِـن بَعـد عينِـهِ
فَمَـن لـيَ مِـن معشـوق قَلـبي بآثـارِ
فَـإِن أَصـبحَت مَـن هـامَ قَلبي بحسنها
مهــاجرةً أَمســَت دمــوعيَ أَنصــاري
كَفـى حزَنـاً أَن لا نَصـيرَ سـِوى البُكا
لتخفيــف أَحزانـي وَإِخفـاء أَسـراري
وَمـا اِسـتعبَرَ العُشـّاقُ إِلّا ليَـدفَعوا
يَـدَ الحُـزنِ جَهلاً عَـن قلـوب بِأَبصـارِ
أُســِرُّ غَرامــي مــن عــذول وَحاسـِدٍ
فَــإِعلانُ صــَبري لا يُشــابِهُ إِسـراري
بليـتُ بمَـن لَـم يَـدرِ مقـدارَ صبوتي
فَيـا لَهفـي بَعـدَ الرَحيل عَلى الدارِ
وَأَبســِمُ لكـن لَـو بَـدا لَـكَ بـاطِني
ظهــرتَ عَلــى نـارٍ بِـهِ ذاتِ إِعصـارِ
ورُبَّ صــَديقٍ ضــاقَ بــالبين صــَدرُهُ
وَمـا كُـلُّ مـن لاقـى الفـراق بصـبّارِ
يَقـــول أُواري لومــتي أَو أَبُثُّهــا
وَمـا حـالُ زنـدِ الصبر قلت له واري
لَقَـد غرّنـي داعـي الفـراق فها أَنا
وردتُ وَلَــم أَعلَــم عَـواقِب إِصـداري
حَليـــفٌ لأَشـــجانٍ طَليـــقُ مَــدامِعٍ
صـــَديقٌ لأَحـــزانٍ أَســيرٌ لأَفكــاري
وَأَنفقـتُ عمـري للوصـول إِلـى اللقا
فَمـا نِلـتُ ممّـا أَرتَجـي عُشـرَ مِعشارِ
ســِوى أَنَّ هَمّــي فــي فـؤادي مقـرَّرٌ
وَراتِــبُ دَمعـي بعـدهم مطلـقٌ جـاري
أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني أبو الفضل شهاب الدين بن حجر.من أئمة العلم والتاريخ أصله من عسقلان (بفلسطين) ومولده ووفاته بالقاهرة، ولع بالأدب والشعر ثم أقبل على الحديث.ورحل إلى اليمن والحجاز وغيرهما لسماع الشيوخ، وعلت شهرته فقصده الناس للأخذ عنه وأصبح حافظ الإسلام في عصره.وكان فصيح اللسان، راوية للشعر، عارِفاً بأيام المتقدمين وأخبار المتأخرين صبيح الوجه، وولي قضاء مصر عدة مرات ثم اعتزل.تصانيفه كثيره جليلة منها: (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة-ط )، و(لسان الميزان-ط) تراجم، و(ديوان شعر-ح )، و(تهذيب التهذيب-ط )، و(الإصابة في تمييز الصحابة-ط ) وغيرها الكثير.