
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فُــؤادك مــا بيـنَ المنيّـةِ والمُنـى
يسـائل أَم مـا فـي حِجـاك مِـنَ الظّما
إِذا مـا تَرامـى العَقـل يَجلو حقائقاً
شـَكا القلـب إنّ الغبن في ذلك الجلا
وَمـا الغبـنُ إلّا أَن يرى القلب هائماً
وَتَخفـى عَلى العقلِ الحقائقُ في الدنى
لَقــد قلــت إنّ الــدينَ ضــربةُ لازبٍ
وَجـزءٌ مـنَ الوجـدانِ فـي أعمقِ الحَشا
وإنّــا إِذا لــم نَعبـد اللَـه ربّنـا
عَبــدنا ولــو إِلّاً أَقَمنـاه مِـن صـوى
فَلــولا مــنَ النفـسِ السـجينةِ بـارقٌ
يمـزّق سـجفَ الجسـمِ ما كانَ ذا الصبا
وَلـو أنـتَ أَعملـت الرويّـةَ لا الهـوى
لأَدركــتَ أَنّ الـدّين لا صـوتَ بَـل صـَدى
صــدى حبّنــا البقيـا لهـولِ حقيقـةٍ
وَزلفــى ذَلفنـا للّـذي يَحفـظ البقـا
وَمـاذا عـزاءُ المـرءِ مِـن بعـدِ موتهِ
إِذا حبّــهُ للــذّاتِ لَــم يـدفعِ الأذى
وأنّــي لــع دفــعِ القضــاء محتمـاً
فَلــم يبـق إلّا باِسـم الـوهمِ مرتجـى
هــو الحـبّ إِكسـير الوجـود بلا مـرا
ولـولاه مـا كـان الوجـود كمـا تـرى
فكـلّ الّـذي تَلقـاه فـي الكـون سـرّه
وَهــاديهِ فــي أفعـالهِ كَيفمـا نحـا
هـو الحـيّ مولـوداً هـو الميت فانياً
هـو النّجم قَد أَسرى هو الصبح والدجى
هــو الكـلّ فـي كـلّ معيـداً ومبـدياً
وَمـا نَحـن إِلّا فيـه مِـن صـورِ الفنـا
وَليــسَ فنــاءً مــا نَــراه وإِنّمــا
هـو العـود للأولـى هـو البعـث للألى
قَضــوا فَحيينــا واِنقَضـينا بِعَودنـا
إِلَيهـم وَغيـر الكـلّ لَيـس لـه البقا
ومـا الحبّ من أدنى فأعلى إِلى الرجا
فَمـا فـوق إلّا الشـوق فـي كبدِ السهى
تَرقـى بِنـا حتّـى النّهـى وَهـو دونها
كَما في نيوبِ اللّيثِ أَو في حشى الصّفا
حببنـا الّـذي فينـا حببنـا رَجاءنـا
حَببنــا الّــذي نرجـو كحـبٍّ لمقتنـى
وَهِمنــا بـه فـي الأرض طـوراً وتـارةً
صـَبونا إلـى ملـك وطـوراً إلى السما
عَبــدنا بــهِ ربّــاً مثيبـاً معاقبـاً
ويقضــي ولا ردّ ويقضــي كمــا يشــا
رَجَونــاه رحمانــاً أردنــاه عـادلاً
خشــيناه جبّــاراً كملــكٍ إذا عتــا
دَعونـا إليـه النـاس بالحلمِ وَالتقى
دَعونـاهم بالنـار والسـيفِ في القلى
فـإِن كـانَ هَـذا الميـل هـدي نُفوسنا
رُوَيـــدك إِنّ الكائنــات بــه ســوا
فَـأَين مَكـان النفـس فيهـا منَ القوى
وَأَيــنَ نَـبيّ العـالمين إلـى الهـدى
وَإِن كــان كالوجــدان غيــر مفـارق
فَلِـم لا نَـراه فـي جميـع بنـي الورى
وَوجــداننا هَــل أَنــت أَلفَيـت أَنّـه
يَقـومُ بِغيـرِ الجسـمِ إِن حلّ ما اِستوى
أَلــم تــر أنّــا فيـه تحـت طـوارئ
تعــدّد فيهــا أو نعــدّ لـه الرقـى
إِذا مــا منينــا بِالحقــائقِ مــرّة
فَهَـل فـي التمنّي خَير ما يُبلغُ المنى
نُقيــمُ بـهِ مِـن حـائِلِ الـوهمِ مَعقلاً
وَكَــم ذا نُلاقــي إِن نَشـَأ دكّـه عنّـا
نـرى المـرءَ فـي رشـدٍ إِلى أفقِ دينه
هُنـاكَ يَغيـب الرشـد والصـوب والنهى
ولــوعُ الفــتى فيــهِ ولـوعٌ بعـادةٍ
تَرســّخت الأجيـال فيعـا علـى المـدى
ولكنّهــا العــادات مَهمــا تَضـاءلت
فَناموسـها الرجعـى وناموسـنا الرجا
لَئِن كــانَ فــي الأديـان ردعٌ لجاهـل
فَكَـم قَـد جنـى جـانٍ علينـا بها بغى
وَإِن كــانَ فيهــا مـن عـزاءٍ لبـائسٍ
ولكنّهــا لا تقنــع العقــل والحجـى
وَإن يَـــك للإِنســـانِ قســـطٌ مؤجّــلٌ
فهلّا هــدى هــادٍ بِغيــرِ الّـذي هـدى
إذا كــان مخلوقــاً كمـا شـاء ربّـه
فمـــاذا جنــى غيــر الّــذي هــدى
وَإن قلـــت مَخلـــوق وحـــرٌّ مهــدّدٌ
فَهــذا مَقــالٌ لســت أفهمــه أنــا
شبلي بن إبراهيم شميل.طبيب، بحاث، كان ينحو منحى الفلاسفة في عيشته وآرائه، ولد في كفر شيما (بلبنان) وتعلم في الجامعة الأميركية ببيروت، وقضى سنة في أوربة، وسكن مصر، فأقام في الإسكندرية، ثم في طنطا، ثم في القاهرة، وتوفي فيها فجأة.أصدر مجلة (الشفاء) سنة 1886-1891م، وألف (فلسفة النشوء والارتقاء-ط)، و(مجموعة مقالات -ط) مما نشره في الجرائد والمجلات، وله رسالة (المعاطس-ط) صغيرة، على نسق رسالة الغفران للمعري، وكتب شروحاً وتعليقات على كتب طبية قديمة تولى نشرها، كفصول أبقراط، وأرجوزة ابن سينا. وكان من أكبر مزاياه التنديد بالظالمين، والمجاهرة بما يعتقده حقاً، ولو خالف فيه جميع الناس؛ قلمه ولسانه في ذلك سيان، وله نظم، وكان يجيد الفرنسية، ويعد من الكتّاب بها.