
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
سـرىَ طيفُـه لا بَـلْ سـَرى بـي سـَرابُهُ
وقَــد طَـارَ مِـنْ وَكْـرِ الظلام غرابُـهُ
ومـا كـان يَـدْرِي الطَّيـفُ قبلَ طُروقهِ
بــأَنَّ انْفِتـاحَ الجَفْـنِ مِنِّـي حِجَـابُه
لئِنْ شـــَرَّ نَفْســـي قُرْبُــه ودُنُــوُّه
لَقــد ســَاءَها تَشــْتِيتُه واغْتِرابُـه
ولـولا انْغِمارُ القَلْبِ في غَمرةِ الهَوى
لكـــانَ ســَواءً نــأْيُه واقْتِرابُــه
أَتَـتْ مـع نِقْـسِ اللَّيـلِ صـفحةُ وجهـه
فقلــتُ حــبيبٌ قــد أَتـانِي كِتَـابُه
وأَمْلَــى عِتابــاً يُســتَطابُ فلَيْتَنـي
أَطَلْــتُ ذُنُــوبِي كَــيْ يَطـولَ عِتَـابُه
وَبــي رشــَأٌ حُلْــوُ الشـَّمائِلِ أَهْيَـفٌ
ويَفْتِــنُ قَلْبِــي إِنْ خَلاَ بِــي خِلاَبُــه
ويَنْثُــر ضــَمِّي فــوقَ نَهـدَيْه عِقـدَه
ويُمْحَــي بِلَثْمــي مِـنْ يَـدَيْه خِضـَابُه
وقَــد عَــقَّ صـَبْري حسـنُه لاَ تمـائِمي
وكــم مَــسَّ جَلْــدي مِسـْكُه لا تُرابُـه
وذلِــــكَ بــــدرٌ والهلالُ لِثَـــامُه
فلا تَحْســــَبُوا أَنَّ الهلاَلَ نِقَــــابُه
وفــي غَزَلِــي ذكـرُ العُـذَيبِ وبـارقٍ
ومــــا ذَاك إِلا ثَغْـــرُه ورُضـــَابُه
وذاك رُضـــابٌ للرحيـــق اعــتزاؤه
وذَلـــكَ ثَغْــر للحَبَــاب انْتِســَابُه
وفـي القلـبِ شـَوقٌ كاد من ذكرِه فمي
تُحِّرقُــــه نِيرَانُــــه والْتِهـــابُه
إِلــى غـائِب إِنْ جَـاءَني عنـه سـائلٌ
فســائِلُ دَمْــع المُقْلَــتين جَــوابُه
لّقَــدْ شــَقِيَتْ بِالبُعْـدِ مِنْـه رِبَـاعُه
كَمَــا ســَعِدتْ بـالقُرْب مِنـه رِكَـابُه
وإِنَّ حُــدَا حَــادِي الحــبيبِ غِنَـاؤُه
وإِنَّ صــَدى ربْــع الحـبيبِ انْتِحـابُه
إِذا اســْتَبطأَ المشـتاقُ أَوْب حـبيبِه
فَمــنْ لــي بمحبــوبٍ يُرَجَّـى إِيـابُه
يَــذُمُّ اللَّيــالي وهــيْ أَهْـلٌ لِـذَمِّه
فُــؤَادٌ دَهَــاه ظُلمهــا واكْتِئَابُــه
علـى أَنَّ شـكوى المـرءِ للـدَّهرِ عادةٌ
وشــكواهُ عِنْــدي للخَصاصــةِ عــابُه
ومـن هـابَ مـن هـذا الأَنـامِ زمـانَه
فقـــلْ لِزمــاني إِنَّنــي لا أَهَــابُه
وســِيَّانَ عِنــدي صـابُ حَـالي وشـهدُه
علـى غيـر مَحْـلٍ منـه أَو صـابَ صَابُه
وكيـف يَخـافُ الفقـرَ أَوْ يَرهبُ الرَّدى
فـتىً مِـنْ يـدَيْ عبدِ الرَّحيمِ اكتسابُه
فَمَـنْ كـان مِثْلـي آويـاً فـي جَنَـابِه
فيـا عُـذْرَ دهـر قَـدْ نَبَـا عَنْه نَابُه
وقـــد صــُحِّفَتْ جنَّــاتُه أَو جِنَــانُه
فقيــل علــى رَغْـمِ الحَسـودِ جَنَـابُه
ومَــا بَرِحَــتْ تُرخَــي عَلَّــي ظِلالُــه
كَمــا أَنَّهــا تُزْجَــي إِلــيّ سـَحابُه
وكَــمْ مـن كَـذوبٍ رَامَ تغييـر رَأْيِـه
علَّــي فلــم تَنْفُــق عَليــه كِـذَابُه
ولا نُهْنِهَــت بــالزُّور عَنْــه أَنَـاتُه
ولا زُلْزِلَــت للحلــمِ مِنْــه هِضــَابُه
وحَــالَ مُحــالاً ليــس يَـدْري جَهالَـةً
بــأَنَّ لنــا رَبّــاً عَلَيْــه حِســَابُه
يُعَجِّــلُ مِــنْ تكــذيبِه مِنْــه خَجْلَـةٌ
ســـيعقُبها عَمَّـــا قَلِيــلِ عِقَــابُه
فَبُــورِكَ مَـنْ مَـا زالَ عِنْـدي نعيمُـه
كَمــا عِنْــدكُمْ يَـا حاسـدين عَـذَابُه
وإِنْ قُلـتُ عِنْـدِي بعـضُ أَخْبـارِ مَجـدِه
فَمنصــِبُه الــرَّاوِي لهــا ونِصــابُه
وَمَـا ارْتَـابَ فـي عليـائِه قَـطُّ حَاسِدٌ
إِلـى أَنْ يقولُـوا زالَ عَنْـه ارْتِيابُه
يُــزَفُّ لــه مِــن كُــلِّ راوٍ مَــديحُه
ويُهــدَى لــه مــن كُـلِّ رأْيٍ صـَوابُه
ومــا الفضـْلُ إِلاَّ مـا حَـوَتْهُ طُروسـُه
ولاَ المَجْــدُ إِلاَّ مــا حَــوَتْه ثِيَـابُه
إِلـى حَـوْزَةِ العَـافين تَهـوِي هِبَـاتُه
وَفــي قِمَّـةِ الجَـوْزَاءِ تَعْلُـو قِبَـابُه
أَضـــَرَّ بــإِفْراطِ النَّــوالِ عُفَــاتَه
فَرَغْبَتُهـــم فِــي أَنْ تَغِــبَّ رِغَــابُه
وأَغْنــى وأَقْنَــى القَاصـِدِين لِبَـابِه
فَجــاءَ لــه مــن كُـلِّ شـُكرٍ لُبـابُه
فلا مُلتــــجٍ إِلا عليـــه اتِّكـــالُه
ولا مُرتَــــجٍ إِلا إليــــه مَــــآبُه
أَرى الدَّهْرَ بحراً وهْو في البحر دُارُه
وكُـــلُّ الــورَى حَصــْباؤه وحَبَــابُه
يَقِــــلُّ لـــه أَنَّ البســـيطةَ دَارُه
وأَنَّ نجــومَ الأُفْــقِ فيهــا صــِحَابُه
وَمـــا هُــو إِلاَّ لِلفضــَائِلِ أُفْقُهــا
وخــاطُره الوقَّــادُ فِيهــا شــِهابُه
تُفَلِّـــلُ عَزْمــاتِ الكَتــائِب كُتْبُــه
ويُــذْهِبُ أَزْمَــاتِ الخُطُــوبِ خِطَــابُه
يُفـــرِّسُ أَلْبـــابَ الرِّجــال كَلامُــه
فمـا هـو إِلاَّ اللَّيـثُ والطِّـرسُ غَـابُه
أَمَــوْلاَيَ أَشــْكُو جَــوْرَ دَهــرٍ مُبَـرِّحٍ
تَطَـاولَ بِـي لمَّا انْتَشَى بي انْتشَا بُه
أَتَــانِي لَكِــن أَيْــن مِنِّــي رُجُـوعُه
وأَقْبَــلَ لكــن أَيْــن مِنِّــي ذَهَـابُه
قَسـا قَلْـبُ دَهْـرِي بَعْـد ليـنٍ أَلِفْتُـه
وَمَــنْ لِــي بِـدَهرٍ لاَ يُخَـافُ انْقِلابُـه
وإِنْ لَـمْ تَجُـد لِـي مِـنْ يَـدَيْك سَحابَةٌ
فَبَيْنــي وبَيْــن الْهَــالِكين تَشـَابُه
وإِنِّــي مَــنْ كَسـْبُ المَعَـالي مُـرادُه
وغَيـــرُ جَــزِيلاَتِ العَطَايَــا طِلاَبُــه
أَنـا الحَـائرُ السـَّاري وأَنْـت شِهَابُه
أَو الحــائُم الصـَّادِي ومِنْـك شـَرَابُه
فكـمْ حاجـةٍ لـي ضـاع مِنِّـي نَجاحُهـا
وكـم أَمَـلٍ لـي طـالَ مِنِّـي ارْتِقَـابُه
ومــا الــدَّهْرُ إِلا خـادِمٌ أَنـتَ ربُّـه
ولا الــرِّزْق إِلا مَنــزِلٌ أَنْــتَ بَـابُه
هبة الله بن جعفر بن سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله السعدي أبو القاسم القاضي السعيد.شاعر من النبلاء، مصري المولد والوفاة، كان وافر الفضل، رحب النادي جيد الشعر بديع الإنشاء، كتب في ديوان الإنشاء بمصر مدة، ولاه الملك الكامل ديوان الجيش سنة 606 هـ.وكان ينبز بالضفدع لجحوظ في عينيهله (دار الطراز- ط) في عمل الموشحات، (وفصوص الفصل- خ) جمع فيه طائفة من إنشاء كتاب عصره ولاسيما القاضي الفاضل، و(روح الحيوان) اختصر به الحيوان للجاحظ و "كتاب مصايد الشوارد"، و(ديوان شعر- ط) بالهند، وفي دار الكتاب الظاهرية بدمشق الجزء الثاني من منظومة في (غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم) يُظن آنها له.وترجم له الصفدي في الوافي قال:قال ابن سعيد المَغرِبي": كان غالياً في التشيّع (ثم سمى كتبه ثم قال):وقال ياقوت الحموي: حدثني الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم، قال: كان سناء الملك واسمه رَزين رجلاً يهودياً صيرفيّاً بمصر وكانت له ثروةٌ، فأسلم ثم مات، وخلّف ولدَه الرشيد جعفراً، وكان له مضارَباتٌ وقُروضٌ وتجاراتٌ اكتسب بها أموالاً جمّةً ولم يكن عنده من العلم ما يشتهِر إلا أنه ظفِر بمصر بجزء من كتاب الصِحاح الجَوهري، وهو نِصف الكتاب بخط الجوهري نفسِهِ فاشتراه بشيء يسير، وأقام عنده محروساً عدّة سنين إلى أن ورد إلى مصر رجلٌ أعجمي ومعه النصف الآخر من صحاح الجوهري، فعرضه على كتبيّ بمصر، فقال له: نصف هذا الكتاب الآخر عند الرشيد بن سناء الملك، فجاءه به وقال: هذا نصف الكتاب الذي عندك، فإما أن تُعطِيَني النصفَ الذي عندك وأنا أدفَعُ إليك وزنَه دراهم، فجعل الرشيد يضرب أخماساً لأسداس ويخاصم نفسَه في أحد الأمرين حتى حمل نفسه وأخرج دراهم ووزَن له ما أراد، وكان مقدارها خمسةَ عشر ديناراً، وبقيت النسخة عنده، ونشأ له السعيد ابنهُ هبةُ الله، فتردّد بمصر إلى الشيخ أبي المحاسن البَهنَسي النحوي، وهو والد الوزير البهنسي الذي وزر للأشرف بن العادل، وكان عنده قَبولٌ وذكاء وفطنة، وعاشر في مجلسه رجلاً مغربيّاً كان يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال، فوقّفه على أسرارها وباحثه فيها وكثّر حتى انقَدَح له في عملها ما زاد على المَغاربة حُسناً، وتعانى البلاغة والكتابة، ولم يكن خَطّه جيّداً، انتهى، قلتُ: وكان يُنبَز بالضفدع لجحوظٍ في عينيه، وفيه يقول ابن الساعاتي، وكتب ذلك على كتابه "مصايد الشوارد":تــأَمَّلتُ تَصــنيفَ هــذا السـعيد وإنـــــي لأمثـــــالِهِ ناقــــدُفكــم ضــَمَّ بيــتَ نُهـىً سـائراً وصــــِيدَ بـــه مَثَـــلٌ شـــارِدُوفــي عَجَــب البحـر قـولٌ يطـول وأعجبَـــــه ضــــفدعٌ صــــائدُوفيه يقول أيضاً وقد سقط عن بغل له، كان عالياً جدّاً ويسمَّى الجَمَل:قالوا السعيد تعاطى بَغلَه نَزِقاً فــزلّ عنــه وأهـلٌ ذاك لِلزلَـلفقُــل لـه لا أقـالَ اللـهُ عَـثرَتهُ ولا سـَقَته بَنـانُ العـارضِ الهَطِـلأَبغَضـت بـالطَّبع أُمَّ المؤمنين ولم تُجِيـب أباهـا فهـذي وقعةُ الجملوهذا دليل على أن ابنَ سناء الملك كان شيعيّاً، ...إلخولم يذكر ابن خلكان أن جده كان يهوديا ولا أنه كان ينبز بالضفدع قال:ابن سناء الملك القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمدسناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد السعدي، الشاعر المشهور، المصري صاحب ديوان الشعر البديع والنظم الرائق، أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، ...إلخ.وفي السلوك للمقريزي ترجمة نادرة لوالده الرشيد في وفيات سنة 592 ونصها:وفي خامس ذي الحجة: مات القاضي الرشيد ابن سناء الملك. قال القاضي الفاضل فيه: "ونعم الصاحب الذي لا تخلفه الأيام، ولا يعرف له نظير من الأقوام: أمانة سمينة، وعقيدة ود متينة، ومحاسن ليست بواحدة، ومساع في نفع المعارف جاهدة. وكان حافظا لكتاب الله، مشتغلا بالعلوم الأدبية، كثير الصدقات، نفعه الله، والأعمال الصالحات، عرفه الله بركاتها".ومن شعر ابن سناء الملك قصيدة في 68 بيتا يودع بها والده القاضي الرشيد في سفرة له إلى دمشق، وفيها قوله:فلا يعجــبِ الصــبحُ مــن نــوره فـــوجهُ الرشــيدِ أبــى أنْــورُواخبـــارُ ســؤدده مــن ســناه أبهـــى ومـــن حســـنه أبهــرهــو الســيد المشـتري للثنـاءِ وقــد عجــز القـومُ أن يشـترواوراحتــــهُ قبلــــةُ الآمليـــنَ علـــى أنهـــا ديمـــةٌ تمطــرفللجــــود باطنهــــا مَشـــْرَعٌ وَلِلَّثْــــمِ ظاهرهــــا مَشــــْعَرُفــإن شــئتَ قــل إِنــه جنـةُ النعيــــمِ وراحتُــــهُ الكـــوثرتُقَصـــِّرُ إِنْ ســابقَتْهُ الريــاحُ وتوجـــدُ فـــي إِثـــره تَعْثُــرومن مدائحه في الرشيد الموشح الذي مطلعه:أَخْمَلَ ياقوتَ الشفقْ - دُرُّ الدراريوفيه قوله:لا شــــمسَ إلا مــــن مــــدامْ ذاتِ وقـــــــــــــــــــــودِتجلــــــو بتمزيـــــقِ الظلامْ وجــــــــــهَ الرشـــــــــيدنفــــسُ العلا معنـــى الأنـــامْ ســـــــــــرُّ الوجــــــــــودوهــــو إِذا عُــــدَّ الأنــــام بيــــــــــتُ القصـــــــــيدِثم أورد العماد موشحا له في رثاء أمه أوله:يـا مَـا عَـرَا قلـبي ومـا دهـاهْ مضـــــــــــى نُهَـــــــــــاهْوكلا الموشحين ليسا في ديوانه المنشور في إصدارات الموسوعة السابقة(1) قلت أنا بيان: انفرد ياقوت بهذه المعلومة الخطيرة وقد فندها الأستاذ محمد إبراهيم نصر في كتابه (ابن سناء الملك) انظر كلامه كاملا في صفحة القصيدة الدالية التي أولها:خـانت جفـوني لمـا لـم تفـض بدملكـن وفـىَ الجسم لما فاض بالسقم