
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لــو كنــتُ للمحبــوبِ يومــاً جَلِــداً
مــا كنـتُ أشـكو اليـومَ منـه جهـارَا
ولَمــا شــكا جفنــي القريـحُ سـُهَادَهُ
ولمــا شــكا قلــبي المشــوَّقُ نـارَا
لكنّنــــي أُبعـــدتُّ عـــن أوطـــانِهِ
لا طائعـــــــاً كلاَّ ولا مُختـــــــارَا
فعلـــى فـــؤادي أن يــذوب صــبابةً
وعلـــى دمـــوعي أن تصــوبَ غِــزَارَا
وعلـــى نجيـــبي أن يكــون مجَــدَّدّا
وعلـــى وَجيـــبي أن يكــون جِهــارَا
وعلـــى هُيـــامي أن يكــون ملازِمــاً
وعلـــى منـــامي أن يكــون غِــرَارَا
وعلــيَّ أن أرعــى لــه الحــبَّ الـذي
لــم يتّخــذْ غيــرَ الضــّلوع قَــرارا
فــدعِ الملامـةَ فـي الهـوى يـا لائمـي
وإذا تَلــــومُ فلا تكــــنْ مِكثـــارَا
فــاللومُ فــي ديــن الصـبابة سـاقطٌ
كـــلٌّ يـــرى فيــه الملامــةَ عــارَا
واعــذُرْ محبّــاً فــي المحبّـةِ صـادقاً
فــــالحرُّ ملتمِـــسٌ لـــه أعـــذارَا
فــالحبّ مــا يـأتِي اختيـاراً للفـتى
فَيــــودَّهُ ســــِمة لــــه وشـــِعَارا
وإذا الهـــوى زار الجوانـــحَ مــرّةً
فمـــن العــوائد أن يــزور مــرَارَا
وبِمُهجــــتي ظـــبيٌ أَنيـــسٌ حُســـْنُه
ســـَلَبَ العقـــولَ وتيّـــمَ الأفْكــارَا
مَلَــكَ النفــوسَ ولـم أخَـلْ مِـنْ قَبْلِـهِ
أحــــداً أراهُ يَملِــــكُ الأحــــرارا
شـــمسٌ ولكـــنْ لا مغيـــبَ لِحُســـنِها
بــــدْرٌ ولكـــنْ لا ينـــالُ ســـَرَارَا
قَـــدٌّ تَمايـــلَ للصـــَّبَا لا للصـــَّبَا
لا بَــلْ عليــه الغُصــْنُ قِــدْماً غـارَا
وتـــرى مُحيّــاهُ الوســيمَ إذا بَــدَا
مَلَـــكَ النـــواظِرَ هيبـــةً ووَقَــارَا
نَهَلَــتْ نُفــوسُ الخلــق مــن ألحـاظِهِ
بشـــــَرَابِ غُنـــــجٍ حَثَّــــهُ أوْدَارَا
عَجَبـــاَ لِســـَكْرانٍ بغُنـــجِ لِحـــاظِهِ
ثَمِــلِ الفــؤادِ ومـا استسـاغَ عُقـارَا
لَــمْ أنــسَ يـومَ وِصـَالِه وقـد اكتسـَى
خَــدّاهُ مــن فــرطِ الحيــاءِ خِمــارَا
وتَنعُّمــــي مـــن ذاتِـــهِ بمحاســـِن
مــا شــَقَّ حُســْنُ فتَــى لهــنَّ غُبـارا
فــي روضــةٍ تَحكــي لنــا أنوارُهــا
وجْـــهَ الرســـولِ يُجاهِــدُ الكُفّــارا
فــي فِتْيــةٍ جــاءَ الكتــابُ بمـدحِهمْ
فكســـاهم مجـــداً ســـما وفخـــارا
لــم يســلموه ســاعة مــن أســلموا
وغَـــدَوْا لـــه ولـــدينِهِ أنصـــارَا
مــــا منهــــمُ إلاّ إمـــامٌ فَضـــْلُه
فَضـــَحَ الرّيـــاضَ ونافــحَ الأزهــارَا
أخبـــارُهم أضـــحتْ لحافِظِهــا حُلــى
وحـــديثُهمْ أمســـى لـــه أســـمارَا
يــا مُوثَقــاً بيــن العِــدى بقيـودِهِ
يَجْنِــــي لـــديهمْ ذِلَّـــةٌ وصـــَغَارَا
حَكَـــمَ الإلاهُ عليـــه بالأســْرِ الــذي
مـــا فـــي عظيـــمِ بلائِهِ يُتَمـــارَى
اِصــْبِرْ لحُكْــمِ اللـه وارضَ بمـا قَضـَى
تُكْتَــبْ لــديهِ مِــنَ الأنــامِ خِيــارَا
وســَلِ الســَّراحَ بجــاهِ أفضــلِ مُرْسـَلٍ
لِـــترى لـــه عــن عاجــل أســرَارَا
فبجــــاهِه رفَــــعَ الإلاهُ شــــدائداً
عـــنْ خَلْقِــهِ كــانتْ تهــولُ ونَــارَا
فالمحْـــلُ أذهبَـــه بجـــاهِ رســولِهِ
والغيـــثُ أنْـــزَلَ مـــاءَهُ أنْهَــارَا
وشــَكَا إليــه النـاسُ إضـرارَ الحَيـا
لَمَّـــا هَمَـــى بـــديارِهمْ مِـــدْرَارَا
فــدعا لهــمْ فانجــاب عنهـم مُسـْرِعاً
وعلـــى الحــدائِق والأباطِــحِ صــَارَا
وهزيمـــةُ الأحـــزابِ أبـــداها لــهُ
فبـــدتْ ليُظْهِـــرَ دينَـــه إظْهـــارَا
ورمَى التُّرابَ على العدى في المبعض من
غزاوتــــه فغـــدا لـــه أحجـــارا
هـــزم الالاه بـــه العــدى فســيوفُه
أفْنَتْهُــــمُ إذْ وَلَّــــوُا الأدْبــــارَا
للـــه دَرُّ رجـــالِ صـــدقٍ أســـْلمُوا
ملــؤوا بِهِــمْ بِيــداً خَلَــتْ وقِفَـارَا
مــا كــان عنــدَهُمُ قِتــالُ جمِيعهــمْ
إلاَّ كمُرجِـــــعِ طَــــرْفٍ اســــْتحقارَا
عَلِـــــمَ الإلاهُ حقيقــــةً إخلاصــــَهُمْ
فنفـــى بِهِــمْ عــن دينِــه أغيَــارَا
يــا حُســْنَ أيــامٍ مضـتْ كـانوا بهـا
لضــــيائِها وبهائِهــــا أقْمــــارَا
ســـَبَقَتْ لهُـــمْ عنـــد الإلاه ســَعادة
رفعــتْ لهــم بيــن الــورَى أقـدارَا
دَعْنِــي أهيــمُ بــذكرهمْ يــا عـاذلي
وأخـــوضُ بحـــرَ مـــديحِهمْ زَخَّـــارَا
فالمــاءُ فَيْضــاَ مــن أنــامِلِهِ جَـرَى
فســـقَى الســـرّيّةَ صـــَفْوةٌ مِــدْرَارَا
وأعــادَ عيــنَ قتــادةٍ مـنْ بعـد مَـا
ســـالَتْ وصـــار بِفَقْـــدِها مِعْــوَارَا
يَرْمِــي بهــا مثـلَ الصـّحيحةِ واغْتـدتْ
أبهَـــى لِنَــاظِر مَــنْ غَــدا نَظَّــارًا
ورأتْ حليمـــةُ مِـــنْ ســنا بَركــاتِه
نــــــوراً أدرَّ لبَانَهــــــا إدْرَارَا
وأقالَهـــا مِــنْ قِلَّــةٍ قطعــتْ بهــا
دهْـــراً خَؤونــاً لــم يَــزَلْ غَــدّارَا
والبـــدْرُ شــُقَّ لــه لــدى إكْمــالِه
ورِجـــالُ مَكّــة قــد أتــوْا نظَّــارَا
لَمّــــا رأوهُ دونَ رَيــــبٍ أعرضـــُوا
عنـــه وقــالوا قــد غَــدَا ســَحَّارَا
قُومـوا اسـْألُوا مَـنْ جـاءَكُمْ عـن فِعْلِه
إنْ كـــانَ عـــمَّ بســـحْرِهِ الأمصــارَا
فجميــعُ مَــنْ ســألوه ممّــنْ جــاءَهُمْ
بالقَصـــْد أخـــبرَهُم بـــه إخْبــارَا
ولقـــد أتـــوهُ للمُنـــاظرةِ الــتي
رًامُـــوا بهــا تَعجيــزَهُ اســْتظْهارَا
فـــرأوْا محـــلَّ الشــُّهْبِ دون مَحلِّــهِ
بُعْــداً فمــا اسـْطاعوا إليـه مَسـارَا
مــا نــاظَرَ الرُّهبــان والأحبــارَ إل
لاَ أعْجــــزَ الرُّهبــــانَ والأحبـــارَا
إيـــهٍ ولـــمْ يُخبِــرْ بشــيْءٍ كــائنٍ
إلاّ وجـــــاء يُوافــــقُ الأخْبــــارَا
ودعَــا إلــى الإســلامِ شخْصــاً كـافراً
مُتمــــرِّداً فــــي كُفْـــرِه نَكَّـــارَا
فأجــــابَهُ لَكِــــنْ بِشـــَاهِدِ صـــِحَّةٍ
يُبْـــدي فيُبْصـــَرُ نـــورُه إبْصـــَارَا
فـــدعا إليــه بعــضَ أشــجارِ الفَلاَ
فـــأتَتْ إليـــه ومـــاتَنِي تَســْيارَا
حـــتى إذا وصـــلتْ إليــه بجَمْعِهــا
صــــَلَّتْ عليـــه وســـلّمتْ إكْبـــارَا
والشـــخصُ يَســـْمعُ صــوتَها ويــرى ح
قيقــةَ مَشــْيِها نحـوَ الرّسـول جِهـارَا
فـــاعجَبْ لأحجـــارِ الفَلاَ شــهِدتْ لــه
ولِعاقـــلٍ فـــي أمــرِه قــد حَــارَا
والجِـــذْعُ حَـــنّ لــه حَنيــنَ مُتَيَّــمٍ
أوْلاَهُ مَـــــوْلاهُ قِلـــــىً ونِفــــارَا
يــا أيُّهـا المغـرورُ بالـدّنيا الـتي
غَــــرَّتْ أُناســـاً قبْلَـــه أخْيـــارَا
هـــذا الجمـــادُ حنينُـــه لمحمّـــدٍ
بـــادٍ وقلبُـــك جـــاوزَ الأحجـــارَا
لكــــنْ تَحِـــنُّ لوالـــدةٍ ولزوجـــةٍ
وتُحِــــبُّ مـــالاً صـــامتاً وعَقـــارَا
حـــاوِلْ صــلاحَ فســادِه فلقــد طَمَــا
مــا دُمــتَ فــي وقــتٍ تصـيبُ يَسـارَا
فيَســـارُكَ العُمْـــرُ الـــذي تَعتــدُّه
لكنّــــه أضــــحى لـــديكَ مُعَـــارَا
وَصـــلَ الحنيـــنُ أمْ أطــافَ بطَيْبــةٍ
مَثْـــوىً لـــه فيهـــا يلــوح ودَارَا
وشــكا لــه الجمــلُ الضـّعيفُ لحـالِهِ
فأقــــالَه لمّـــا شـــكا وأجـــارَا
ومَــنِ ادّعــى الحــبَّ الصــحيحَ فـإنّه
أبـــــداً يُــــرى لحــــبيبه زَوّارَا
لَمّــا اســتهلَّ لــدى الـولادة صـارخاً
صــــدعَ الظّلامُ لنُــــورِه فأنــــارَا
واهــتزّتِ الــدنيا لــه فَرَحــاً بِــهِ
واسْتَبْشــــَرَتْ بظُهـــورِه استِبشـــارَا
وســـَرَتْ بأنفـــاسِ العــبيرِ نَواســِمٌ
ملأتْ بــــه الأنجــــادَ والأغْــــوارَا
وبـــدتْ لمولِـــدِه الشــريفِ عجــائبٌ
مـــا مِثْلُهـــا أبـــداهُ دهــرٌ دَارَا
فخَبَـــتْ لـــه نيــرانْ فَــارِسَ آيــةٌ
فغَــدتْ ومــا تَســْطيعُ تُوقِــدُ نــارَا
وارْتــجّ مِــنْ إيــوانِ كســْرى جــانبٌ
ســــَقَطَتْ بـــه شـــُرُفاتُه إنـــذَارَا
والمــاءُ أضــحى بــالبحيرةِ ناضــِباً
مَـــنْ أمَّـــهُ لــم يَحْمَــدِ الإصــْدَارَا
والنّــورُ فــاضَ علـى الجهـاتِ ضـياؤُه
فجَلاَ قصــــوراً للعِــــدى ودِيــــارَا
والشــُّهْبُ عــادتْ تُحــرِقُ الجـنَّ الـتي
ســـَرَقَتْ لأســـرار العُلـــى أخْبــارَا
فَلِمَــا تخــافُ مِــنِ احــتراقٍ هــائلٍ
أبَـــتِ الـــدُنُوَّ وأقصـــرتْ إقصــارَا
آيــــاتُ حـــقٍّ تَنْجلـــي أســـرارُها
بقلــــــــوبِ قـــــــومٍ مـــــــن
ســُبْحانَ مَــنْ أســرى بــه مــن مكّـةٍ
ليلاً لِمســــجدِ إيليــــا أســــحارَا
وســَما بــه فــوقَ السـّماواتِ العُلَـى
وأراهُ مِـــــنْ آيــــاتِهِ أســــرَارَا
فــي صــُحبةِ الــرّوح الأميــن كرامـةً
وعلا علـــى ظهـــر البُــراقِ فطَــارَا
إيِـــهٍ وفـــارقَهُ الأميـــنُ بموُضـــِعٍ
هـــو حَــدُّهُ مــا جــازَهُ اســتمْرارَا
فشــكَا إليــه فِراقَــه ثُــمّ ارتقَــى
فَـــرداً يَشـــُقُّ الحُجْـــبَ والأنْــوَارَا
حتّــى دنــا مِــنْ ربِّــهِ جــلَّ اســْمُه
فــــأجلَّهُ وقَضـــَى لـــه الأوْطَـــارَا
ثــمّ انثنــى والليــلُ أســْودُ شـافع
غِرْبيبـــهُ عَـــنْ غُصــْنِهِ مــا طَــارَا
حتّــــى إذا الإصــــباحُ لاحَ جـــبينُه
شـــَرْقاً وأســـْفَر وجْهُـــه إســـْفارَا
جلـــسَ الرســـولُ لِصـــَحْبِهِ يَســـْقِهِمُ
بحـــــديثه ممّـــــا رَآه عُقــــارَا
يــا فــوزَ قــوْمٍ أظْهــرُوا تَصــْديقَه
وخَســـارَ قَـــوْم أنكـــروا إنْكــارَا
ومِــنَ العجــائب آيــةُ الغـار الـتي
صـــَحَّتْ فَأنْجَـــدَ ذِكْرُهـــا وأغـــارَا
لمّـــا فشــا أمــرُ الرســولِ بمكّــةٍ
وتكـــــرّرتْ أخبـــــارُه تَكْــــرَارَا
وبَـــدتْ علامـــاتُ الشــَّتاتِ بأُفْقِهــا
ورأتْ قُريــــشٌ للحــــروبِ بِحــــارَا
عَزَمَــتْ علـى الشـُّورى معـاً فـي أمـرِهِ
واســـتكثرتْ تَردادَهـــا اســـتكثارَا
وأتـــاهُ جبريـــلُ الأميـــنُ مُعَرِّفــاّ
بجميــع مــا قــد أضــْمَرتْ إضــْمارَا
حتّــى انتهَــتْ للغــارِ ضــَلَّ دليلُهـا
فــرأى الرّجــوعَ ولــم يـؤُمَّ الغـارَا
عَمِيَــتْ بَصــِيرَتُه فلــمْ يُبصــِرْ بهــا
أحـــداً بـــداخِلِهِ حــوى اســْتقرارَا
ومحمَّـــدٌ فيـــه مــع الصــِّدِّيقِ قَــدْ
ســــَدَلَ الإلاهُ عليهمــــا أســــْتَارَا
وســـــُراقَةٌ إذْ أمَّـــــهُ بجــــوادِهِ
لِخروجِــــهِ عـــن قـــومِهِ إســـْرارًا
غَرِقَــتْ قــوائِمُهُ عِقابــاً فـي الثَّـرى
فــرأى الرّجــوعَ ولــو أبـاهُ لَبَـارَا
ولـــه بتَظليـــلِ الســـّحابةِ آيـــةٌ
إذْ كــان حَــرُّ الشـَّمسِ يَحْكـي النَّـارَا
لمّـــا اصــْطفاهُ اللــه جــلَّ جلالُــه
واختــار منــه لِــوَحْيِهِ مـا اختـارَا
وأتَـــى بـــه للعَـــالَمِينَ هدايـــةً
كَثُـــرتْ عليهـــمْ أجمعيـــنَ نِثــارَا
ظهـــرتْ عليـــه لِلاصـــْطفاءِ شــواهدً
نَشـــــَرَتْ عُلاهُ فعمَّــــتِ الأمْصــــارَا
مــا رَاءَ منهــا ذُو البصـيرةِ شـاهداً
إلاَّ اهْتـــدى واستَبْصـــرَ استِبصـــَارَا
عَجَبـــاً لمُبْصـــِرِها تَـــروقُ منيــرةً
كالشـــّمسِ كيـــف لِمُنْكِـــر إنْكــارَا
مَضــَتِ الشــواهدُ إذ مضــتْ أزمانُهــا
فنُفوســُنا تَســْلُوا بهــا استبشــارَا
لَكِـــنْ كتــابُ اللــه منهــا شــاهدٌ
يَجلـــو العَمـــى ويُنــوِّرُ الأبصــارَا
إعْجـــــازُه عنـــــد الإلاهِ مُجــــرَّدٌ
مـــا جَـــرَّدَ الأعـــوامَ والأعْصـــارَا
ولقــد أتــى والــوقت وقــتُ بلاغــةٍ
مـــا فيـــه إلاّ مَــنْ رَوَى الأشــْعارا
فجميـــعُ مَـــنْ فيــه أقــرَّ بعجْــزهِ
عـــنْ أنْ يُعـــارِضَ ســـُورةً إقْــرارَا
عرفُـــوا بلاغَتَـــه وحُســـْنَ مَســـَاقِهِ
فاستشـــعروا إعْجـــازَهُ اسْتِشـــْعارَا
وكَفَــى بِكَلْمَــةِ عُتبــةَ بــنِ رَبيعَــةٍ
لمّـــا وعــاهُ ومــا إليــه أشــَارَا
فَـــوَ حقِّـــهِ ووَحـــقِّ آيـــاتٍ بِـــهِ
تُبْــدي العيــونُ لِــذكْره اســْتعْبارَا
لَهُــوَ الشــِّفاءُ لكــلِّ مَكْلـومِ الحَشـَى
مــــا عــــدَّه لِلســـانِهِ مِضـــْمارَا
يــا خَـاتِمَ الأرْسـالِ يـا خيـرَ الـورى
وأجــلَّ مَــنْ ســُحُبَ النجــاةِ أثــارَا
أنـــتَ العظيــمُ لــدى الإلاهِ شــَفاعةً
وأجـــــلُّ مَخلـــــوقٍ عَلاَ مِقْــــدَارَا
مَــا لــي إلــى ربِّــي سـواكَ وسـيلةٌ
أرجــــو بهـــا أن تَمْحُـــوَ الأوزَارَا
ويجمـــعُ الشـــّملَ الشــّتيتَ بوالــدٍ
أضــحتْ ضــُلوعي مِــنْ نَــواهُ حِــرَارَا
ويَخُصــــُّنِي مِـــنْ فضـــلِه بعنايـــةٍ
تَبْنِـــي لتَيْســـِير الســّراحِ مَنــارَا
فلقـــد غــدوتُ حليــفَ أســرٍ مُكْــرِبٍ
بـــديارِ قـــومٍ أصـــبحوا كُفَّـــارَا
يُمْســِي ويُصــبحُ فــي الحديـد مُقيَّـداً
مَـــعَ جُملــةٍ مِــنْ مُســلمينَ أُســارَى
فاشــفَعْ لنــا لِربِّنــا فــي كَرْبنــا
يـــا خيــرَ هــادٍ مَحْتِــداً ونِجــارَا
فَلَــكَ الشــفاعةُ فــي غــدٍ مخصوصــةً
ولَــكَ الوســيلةُ فـي الجِنَـانِ جِهـارَا
صــَلَّى عليــكَ اللـهُ مـا بلـغَ المُنَـى
مَــنْ أمَّ قبْــرَكَ فــي القُبــورِ وزَارَا
وابتـلَّ قَطْـرُ الزَّهْـرِ مـن قَطْـرِ النّـدى
وســـَرى النَّســـمُ يُرَقِّـــمُ الأشــْجارَا
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .