
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
وِصـالُكَ مَقْصـودي فهـلْ أنـتَ واصِلُ
فليــس بقلـبي غيـرُ حُبِّـكَ حاصـلُ
وبـي أنَّـةٌ مـن أجلِ بُعْدِكَ قد بدتْ
تكـادُ لهـا مِنّـي تُقَـدُّ المَفاصـِلُ
ولـو جـادَ دَهْـري بِقُقربِـكَ سـاعةً
لَنلـتُ مـن الدّنيا الذي أنا آمَلُ
فيـا ليـتَ شِعري هل أفوزُ بنيلِها
وأبلُـغُ منهـا عـاجِلاً مـا أُحـاوِلُ
فقلــبي عليهـا بالمَحَبَّـةِ خـائِمٌ
ودهـري بـأنواع التّصـاريفِ حائلُ
وإنّـي علـى بُعْـدِي فوقَ خدِّيَ هامرٌ
يَقـلُّ لـه وَبْـلٌ مـن القَطْـرِ هَامِلُ
ولـي مِنْ وصالي في الصّبابةِ عَاذِرُ
ولكـنّ لـي فيهـا من الهجر عاذِلُ
وإنّـي بأشـجاني عـن العَذلِ غائِبٌ
لأنّ اسـتماعَ العـذلِ فِيـكَ لَشـاغِل
ومَـنْ بحِمـاهُ بـالهوى أنـا نازِعٌ
هـو الدّهرَ ما بين الجوانح ماثِلُ
ومِــنْ عَجَــبٍ أنّــي بحبّـي سـائِرٌ
إليــه وعنــه باشـتياقيَ سـائِلُ
وزورَتَــه أبغـي فهـل أنـا زائرٌ
فمـا بسـواها مـا أعـانيهِ زائلُ
وكَــوني بنـاديه المعظَّـمِ قـائِمٌ
وفـي ظلّـه الممـدودِ عُمـرِيَ قايلُ
وحـقِّ أيَـاديهِ الّـتي أنـا حامِـدٌ
بلا كـذبٍ منهـا الـذي أنـا حامِلُ
لَمَـا غيرُه مثواهُ في القلب كامِنٌ
ومـا إنْ سـواهُ الدّهرَ للحبِّ كامِلُ
فقـدْ ثبتَـتْ فـي الفضل عنه مآثِرٌ
بإثباتِهــا للنـاس دانَ الأماثِـلُ
وضـحت لـه فـي المكرمـات فضائل
بتصـحيحها للخلـق قـام الأفاضـل
وبلغـت له في النقل منها أواخرٌ
كمـا بلغتْ في النقلِ منها أوائِلُ
وَحَســْبِي اكتفــاءً أنّهـا لمحمَّـدٍ
علـى الشَّرَفِ العالي العظيم دلائلُ
بأنوارِهــا بـانَتْ نُبـوّتُه الـتي
بهــا بُكُـرٌ راقَـتْ ورَقَّـتْ أصـائِلُ
وغَنَّـتْ قيـانُ الـوُرْقِ في كل دوحةٍ
ومـالَتْ بأعطـافِ الغُصونِ الشمائِلُ
وفـاحَ نَسـيمُ الزّهـرِ في كلّ روضةٍ
وسالَتْ من الماءِ الفُراتِ الجداوِلُ
وجـاء كلامُ الحـقّ مـن عنـد ربِّـهِ
وقـد شاعَ بين الخلقِ للجهلِ باطِلُ
وما في الورى إلاّ مُصرٌّ على الخنى
مُقيـمٌ علـى الآثـامِ بـالله جاهِلُ
فـــرائضُ رُشــْدٍ جَمَّــةٌ ونَوَافِــلُ
ومــا منهــمُ إلاّ لَبــوسُ غوايـةٍ
وفـي بُرْدِهـا غيـرِ المُسـَّهَمِ رَفِـلُ
فقـامَ بـإذنِ اللـه فيهـمْ بوحْيِهِ
يُخاصــِمُهمْ فــي ذاتِــهِ ويُجـادِلُ
وكـم مـن تيقيم أبرأ الله سقمه
بلمـس يـدٍ بـالجود منـه تعامـل
وأمْلَـى عليهِـمْ منـه آيـاتِ حِكمةٍ
تُقِـرُّ لهـا بالعجزِ عنها المَقاوِلُ
كتـابٌ كريـمٌ أعجـزَ الخَلـقَ نَظْمُهُ
فسـَحْبانُهم فـي عجـزَه عنـه باقلُ
بأكْنــافِهِ رَكْــبُ البيـانِ مُخيِّـمٌ
فمـا هـو عـن آياتِهِ الدّهرَ راحلُ
وأيَّـــدَه بـــالمعجزاتِ لأنّهـــا
لتَصــديقِه فيمــا يُقـالُ رسـَائلُ
فشـُقَّ لـه البـدرُ المنيـرُ بمكّـةٍ
ونــادِي قُريـشٍ عنـد ذلـك حافِـلُ
وأفصــَحَ يَشـْكوهُ البعيـرُ لضـعفِهِ
وبالعمـل الصـّعب الـذي هو عامِلُ
وحـنَّ لـه الجـذعُ الـذي صحَّ يُبْسُه
وأنَّ أنينــاً مثلَمــا أنّ عاقِــلُ
ومـالَ عليـه الـدّوحُ طوْعـاً لأمرِه
ولـولا عُلاه لَـمْ يَمِـلْ منـه مـائلُ
وأقبلــتِ الأشــجارُ تُسـرِعُ نحـوَه
غـداةَ دعاهـا لا تَنِـي أوْ تُماطِـلُ
وفـي الـذئب لمّا كلَّمَ الرّاعِ آيةٌ
يُردّدُهــا بــالقطع راوٍ وناقِــلُ
وقـال لغُصـْنٍ جِيـءْ فجاءَ فقال عُدْ
فعــادَ لمَثْـواهُ ومـا هـو عاقِـلُ
وردَّ بمـرْأى الخلـقِ عيْـنَ قَتـادةٍ
وقـد كـان منها سالَ بالخدّ سائِلُ
وفـي ليلـةِ الإسـراء آيـةُ عِبْـرةٍ
يُبــاهي بهــا صـَبٌّ بـه ويُجـادلُ
وكـمْ مِـنْ طعـامٍ قَـلَّ عـادَ بجاهِهِ
كــثيراً وفــاءً فَجرّتْـهُ الأنامِـلُ
فأصــبحَ ظمـآنُ الصـّحابةِ رَاويـاً
وجـائِعُهُمْ شـَبعانَ والخيـرُ شـَامِلُ
وكَـمْ مـن غَـوِيٍّ نـال منـه بدعوةٍ
رشـاداً فأضـحى وهـو للرُّشدِ نائلُ
وكَــمْ جَحْفـلٍ أرْدَاهُ عنـد لقـائِه
وصـَالَ عليـه منـه كالشـّبلِ صائِلُ
وكَـمْ مِـنْ غُيُوبٍ أخبرَ الصّحبَ أنها
تكـونُ فكـانتْ وِفـقَ مـا هو قائلُ
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .