
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَشـائِرُ هـذا العِيـد بالعَوْد تُفْصِحُ
لِتـدبيرِ أمـرِ المُلْـكِ إذْ بِكَ يَصْلُحُ
تَخِـذْتَ لـه سـيفاً مـن الجدّ صارماً
تَصــولُ بـه صـَوْلَ الهُمـامِ وتَفْتَـحُ
هَنِيئاً بــه عيــداً أتـاكَ مُبَشـِّراً
بتســيير آمــالٍ لِنفْســكَ تَســْنُحُ
فَلِلْيُمْـنِ فـي سـاحاتِ فَضـْلِكَ مَهْيَـعٌ
وللأمْــنِ فـي أرجـاءِ عـدلِكَ مسـرحُ
وللســّعد نــورٌ مســتفيضٌ ضـياؤُهُ
لـديكَ بـه مـا دمـتَ تُمْسـي وتُصبحُ
وكُــلُّ مُعــادٍ بالـذي نِلـتَ راغِـمٌ
وكُــلُّ مُصــافٍ بالـذي حُـزْتَ يَفْـرَحُ
وللـدّهر إسـعافٌ بمـا أنـتَ راغِـبٌ
يجـود بمـا قـد شـِئتَ منـه ويَسْمحُ
ومَـنْ كـابن عبـد الـبرّ رَيَّ فضائِلٍ
بهـا الـدّهرُ يَزْهـى والطروسُ تُوَشَّحُ
وزيــر أميــرٌ شـَدَّ بالمُلْـكِ أزْرَهُ
وحـاجبُ سـُلطانٍ لـه الحُجْـبُ يَجنـحُ
حليــمٌ عليـمٌ طـاهرُ العـرض طيّـبٌ
إمــامٌ همــام للمعــالي مُرَشــَّحُ
قريــبٌ بعيـدٌ لا يـزالُ ولـم يـزلْ
فيقـــرُبُ فــي ذات الإلاه ويَنْــزَحُ
وَقــارٌ كطــوْدٍ فـي سـُكونٍ ورِفْعـةٍ
وبِشـْر كَزَهـرِ الـرّوضِ أو هـو أملَحُ
صـِفاتُ كمـالٍ أحكـمَ الـدينُ رَصْفَها
أحاديثُهــا بيــن الملـوكِ تُصـَحَّحُ
إذا جـاءَهُ للْعفـو والصـّفح مُـذْيِبٌ
يجـودُ بمـا يَبْغِـي فيعفـو ويَصـْفحُ
وإن أمَّــهُ للمــنِّ والمنـح مُسـْعَدٌ
يَجِــدْه بمــا يهـوى يمـنُّ ويَمنـحُ
وإن قــاسَ قــومٌ عقْلَـه بعقـولهم
أصـابوا لـه عقلاً لدى الخُبْر أرْجَحُ
لآرائِهِ فـــي المُعْضـــلاتِ إصــابةٌ
إذا صــَدَرَ السـّلطانُ عنهـنّ يَنْجَـحُ
يُنقّحُهـــا تـــدبيرُه فيُجيـــدُها
فــدام لهــا منــه مُجيـدٌ مُنَقَّـحُ
فكـمْ كُرْبـةٍ جَلَّـى عن الدين رُشْدَها
غــداةَ اســتباحتْه خُطــوبٌ تَبَـرَّحُ
فليـس يُـرَى ليلاً لهـا بَعْـدُ مُظْلِماً
ومـا إن يُـرَى ناراً لها بَعْدُ تَلْفَحُ
فضـــائلُ شـــتَّى جُمِّعــتْ لجلالِــه
علــى ذاتِــهِ منهـا سـَناً مُتوَضـّحُ
يَكِـلُّ لسـانُ المـدح عن وصفِ بعضِها
فيُبْـدِي الـذي فـي وسعه حين يمدَحُ
يَمينـاً لَمَـا أبقـى الجزيرةَ غيرُه
يُقَـــدِّسُ فــي أرجائِهــا ويُســبِّحُ
بحِفــظٍ ولَحْــظٍ واحتيــاطٍ وعَزْمـةٍ
تَطِيـبُ لنـا أخبارُهـا حيـن تُشـْرَحُ
تَعــوَّدَ فـي دنيـاهُ منهـا تِجـارَةٌ
بهـا الخُلْدَ في دار الكرامةِ يَرْبَحُ
وإنَّ وزيـراً سـار فـي المُلْكِ سيْرَهُ
لَتُلْفِيــه مِــنْ أعطــافه يَتمســَّحُ
فسـَلْ عـن جمـوعٍ للعدى قد أبادَها
تَجِـدْ مُخْبِـراً فـي كُـلِّ قُطْـرٍ يُصـرِّحُ
عِظـــامٌ وأشــلاءٌ وهــامٌ كريهــةٌ
لهـا الأرضُ مَرْمـىً لا تَـزالُ ومَطْـرَحُ
يَضـِيقُ بمـا منهـا أُتيحَ له الفَضَا
فَتَمْلــؤُهُ أنواعُهَــا وهــو أفيَـحُ
فللـه عَيْنَـا مَـنْ رآهُ لـدى الوغَى
يُجــدّلُ أبطــالَ الأعــادِي ويَجْـرَحُ
علـى ظهـر مركـوبٍ يُبارِي إذا جرى
بخِفَّتِــه ريـحَ الصـَّبَا حيـنَ تَنْفَـحُ
إذا مـا عَـدَا منـه بـأدْهَمَ للعدى
تَـرَى النـارَ منـه بالحوافر تُقْدَحُ
يَغِيـبُ ويبـدو فـي القتـامِ جبينُه
كبدْرِ الدُّجَى في الغيم يَسري ويَسْبحُ
رَعَـتْ عَيْنُـه الإسـلامَ واللـهُ عـالِمٌ
لِيَحْفظَــه يــومَ الســرائرُ تُفْضـَحُ
فكـمْ مُهْجـةٍ أحيَـى وكـمْ بلدةٍ حَمَى
وكـمْ نِعمـةٍ أوْلى لها النّفسُ تَطْمَحُ
ولكـــنَّ للأيّـــامِ شــِيمةَ غــادرٍ
إذا حَســَّنَتْ حــالاً تَعــودُ تُقَبِّــحُ
فغــارتْ عليــه لا لِنَقْــصٍ ووَصـْمةٍ
ولكــنْ طِبــاعٌ ليـس عنهـنَّ تَبْـرَحُ
يَراهــا ســواهُ بالعيـانِ إسـاءَةً
ويبـدو لـه إحسـانُها حيـن يَلْمـحُ
إســاءَتُها أضــْحتْ لــديهِ نَصـيحةً
فـدَعْها بمـا تـأتِيهِ مِنْ ذاكَ تَنْصَحُ
فلابُـدَّ مِـنْ تَقْلِيبِهـا بالّـذي يَشـَا
فَلِلْعـوْدِ عُقْبَـى كُلَّمـا اعتادَ يجْمَحُ
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .