
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـا كنـتُ أحسـَبُ أنَّ الحسـْنَ يلعَبُ بي
حتّـى انْجلـى كَتْبُكُـمْ للعيـنِ عن كَثَبِ
فهِمــتُ حيـن فهمـتُ السـرَّ مـن عجَـبٍ
ومِلـتُ حيـن لمحـتُ السـّحْر مـن طـربِ
كتــــابُ عِلْـــمٍ وآدابٍ جلوتَهمـــا
هــدْياً ورُشــْداً لأهـل العلـم والأدبِ
فــي حُلَّــةٍ قــد أجَلَّتهــا بلاغتُكُـمْ
مـن حسـنها رُتْبـةٌ مـن أرفـعِ الرُّتَبِ
حُلّـى بعيْنـي وقلبِـي إذ بـدا وغَـدَا
في الحُسْنِ والطّيبِ مثلَ الثغر والشّنبِ
كأنّمــا نفْســُه فــي صــَفْح مُهْرِقِـهِ
عِــذارُ خــدّ غــزالٍ بالجمـالِ حُبِـي
للّــهِ منـهُ دُجـىً فـي صـُبْحٍ اجتمعـا
للطّـرف كالمسـْكِ والكافورِ في الحسبِ
شــربتُ منــه ســُلافَ الــودّ صـافيةً
فـي كـأسِ أُنْـسٍ تحـاَّتْ جـوهَر الحَبَـبِ
كأنّمــا مُزِجـتْ فـي الكـأسِ خَمرَتُهـا
للنّفـسِ مـنْ حُبِّكُـمْ بالَّشـهْدِ والضـَّرَبِ
يــا طيـبَ نَفْحتِـه يـا حسـنَ صـفحتِه
وقـــد تَلَقَّيْتُــه بــالبرّ والرَّحَــبِ
جعلــتُ منــه لنفسـي مؤنِسـاً وكَفَـى
بأنســه دون مَـا يبـدو مـن الكتـبِ
ذَكَّرتنــي زمنــاً قضــّيتُ فيـه مُنـىً
مـن قربكـمْ ذكرُهـا بـالقلْبِ لم يَغِبِ
أشـرتَ فيـه إلـى قَصـْدِ الرئيـسِ أبي
يحيـى بـن عاصمِ أعْلَى السادةِ النُّجُبِ
عِلـقُ الزّمـانِ الـذي لا عِلـقَ يَعْـدِلُه
يـاقوتُه المنتقـى في المجدِ والحسبِ
يتيمــةُ الـدّهر فـي إبْـدَا عجـائِبه
ذخيــرةُ المُلْــكِ فــي الآراءِ والأدبِ
رسـالةُ الفضـل مصـباحُ البيـانِ هُدىً
مفتــاحُ مُقْفَلِـهِ الموضـوعُ مـن ذهـبِ
ســُلالَةُ العلــم فـي إيضـاحِ مُشـْكِلِهِ
خلاصــةُ الحسـبِ الوضـّاح فـي الحِقَـبِ
مَـنْ إنْ عَلِقْـتَ بـه فـي كشـفِ نائِبـةٍ
تَجِــدْهُ دون ســواهُ كاشــفَ النُّــوَبِ
مَـنْ لا خفـاءَ لـه فـي القُطْـر أجْمَعِهِ
إنّ الــدعاءَ بِبُقْيَــاهُ مــن القُـرَبِ
منــاقبٌ ليــس يُحْصــِيها ويَحْصــِرُها
لســـانُ صــبٍّ إلــى الآدابِ منتســبِ
آياتُهــا بهــرتْ آياتُهــا اشـتهرتْ
كالشـّمس والبـدر مـن بُعْـدٍ ومن قُرُبِ
مـاذا أجيـءُ بـه منهـا وقـد ظهـرتْ
فـي العـدّ والبعد كالحصباءِ والشُّهُبِ
أمْ مَـنْ يُـوفِّي لهـا وصـفّا وقد بَعُدتْ
صـفاتُها عـن منـال المنطـق الـذَّرِبِ
وحَســْبُ كُــلّ امــرئ يَهـوى تردُّدهـا
إدْراكُ بغيتِـــه والفـــوزُ بــالأدب
ومـا أشـار بـه مـن بعـث شـِعرِيَ قَدْ
وافــاهُ مــا بيــن وحْشـِيٍّ ومُخْتَشـَبِ
ولــو قَــدرتُ علــى دُرٍّ أتيــتُ بـه
إلــى حِمــاهُ ومــا يَمّمـتُ بالحَصـَبِ
لكــنَّ طاقــةَ مثلــي غيــرُ خافيـةٍ
والــذَّرُّ يَعْــذُرُهُ فــي خِسـَّةِ الجَلَـبِ
وقــد تــردّدتُ فــي إرســالِه خَجَلاً
منــه وعــذري لـديه واضـحُ السـّببِ
وقلــتُ حاشــاه حاشــاه يَشـِينُ بـه
ديـوانَ عِلْـمٍ أتَـى مـن أعجـبِ العجَبِ
بَقِيتُمــا فــي سـرور واتّصـال عُلـى
ونلتمــا منتهـى المـأمول والطّلـبِ
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .