
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لابُـدَّ أنْ يَضـْحَكَ الـدّهرُ الـذي عَبَسـَا
ويَنْعَـمَ البـالُ مِمَّـنْ ظَـلَّ قـد يَئِسـَا
ويَكْتَسـِي الغُصـْنَ في روض المُنى زَهَراً
مـن بعْـدِ مـا قَدْ ذَوى فيه وقد يَبِسَا
والمَرْبَـعُ الـدّارسُ الخالي يعودُ غَداً
كـــأنَّه مــا خَلاَ يوْمــاَ ولا دَرَســَا
ومــن غَــدَا وهُمـوم الـدّهْرِ تُثْقِلُـهُ
يـروحُ منهـا خفيـفَ الحِمـل ما نُكِسَا
فلا الصـَّبرُ أوْلـى بَمَـنْ ضاقتْ مذاهبُهُ
يومــاً وأصـبحَ فـي دنيـاهُ مُبْتَئِسـَا
بالضــِّيقِ تَعْقُبُــهُ مِــنْ بَعْـدِه سـَعَةٌ
تُبْـدِي لـه مِـنْ سـَنَا أنْـوارِه قَبَسـَا
فيــا فــؤاديَ كُــنْ للأسـْرِ مُصـْطَبِراً
وارْجُ السـَّراحَ عسـاهُ أن يكـون عَسـَى
فكَـمْ أسـيرٍ حَبِيـسٍ فـي القيـودِ غَدَا
كــأنَّه مــا رأى أسـْراً ومـا حُبِسـَا
واجعَـلْ رئيسـَكَ في الصّبر الإمامَ أبا
عبـد الإلاه البيـانيَّ خيْـرَ مَـنْ رَأسَا
ذا الحِلْمِ والصّفحِ والعلمِ الذي بَهَرَتْ
أنــوارُ أنــواعِه مَـنْ ظَـلَّ مُقْتَبِسـَا
قُــسُّ الفصــاحةِ إنْ وافيـتَ مُسـْتَمِعاَ
مَعْــنُ الســَّماحةِ إنْ يَمّمـتَ مُلْتَمِسـَا
إنْ جـادَ جـادَ كَمِثْـلِ الغيـثِ مُنْسَكِباً
أوْ صـالَ صـالَ كمثْـلِ اللّيـثِ مُفْتَرِسَا
يَليـــنُ إنْ لاَنَ فـــي ذات الإلاهِ وإنْ
قَسـَا ففـي ذاتِـهِ منْـهُ الفـؤادُ قَسَا
قَبُـولُهُ يُخْجِـلُ الـرَّوْضَ الْمنيـرَ بـدَا
وقـارُهُ يَبْهَـرُ الطَّـوْدَ العظيـمَ رَسـَا
يــدْري بفِطْنَتِـه مـا الصـّدْرُ يُضـْمِرُهُ
ســِرّاً فيُعـربُ عمّـا فيـه قـد هَجَسـَا
كـــأنّه عـــارِفٌ بــالغيبِ يَعْلَمُــهُ
إذا غَـــدَا مُــدَّعيهِ يَــدَّعِي هَوَســَا
فَراســَةٌ فضــحتْ ســِرَّ الكَتـومِ كمـا
بَـدْرُ الدُّجُنَّـةِ أمسـَى يَفْضـَحُ الغَلَسـَا
إذا ارْتَقَــى مِنْبَـراً للـوعظِ تَحْسـَبُهُ
قَرْمـاً غَـدَا راكِبـاً يوْمَ الوغَى فَرَسَا
فــي كــلّ يــومٍ لــه علـمٌ يُقـرّره
تــرى الفَصـيحَ لـديْهِ سـاكِتاً خَرِسـَا
للــه مَجْلِســُه يُلْقِــي العلـومَ بـه
وفَــوْزُ صــَبٍّ إلــى إلْقــائِهِ جَلَسـَا
نِعْــمَ المحــلُّ مَحَــلٌّ مُونــقٌ عَبِــقٌ
يَهْــدي لِمَـنْ أمَّـهُ مِـنْ طيبِـهِ نَفَسـَا
يَمَّمْتُـــه زمنـــاً أجْنِــي فــوائدَه
مُصــَابِراً عنــدما أجْنِــي ومُخْتَلِسـَا
والجِــدُّ يَبْعَثُنِــي والمَجْـدُ يَسـعدنِي
مَـعَ الشـَّبابِ وطَـرْفُ الـدّهر قَدْ نَعَسَا
حتّـى جَـرَى القـدر المَحْتُـومُ سـَابِقُهُ
فخــابَ ظنّــي ومـا أمّلتُـه انْعَكَسـَا
فحَــرُّ صـدْري يُحـاكِي النّـارَ مُلْهَبَـةً
ودمْـعُ عينـي يُحـاكِي المـاءَ مُنْبَجِسَا
لكِنَّنـــي صـــابرٌ أرجــو بــدَعْوتِهِ
عـوْدَ الزّمـانِ الّـذي إصباحُه انْطَمَسَا
فهـو الـذي مُـذْ بّـدتْ أنـوارُ حكمتِه
وفَّــى مــؤمَّلَه منهــا ومــا بَخَسـَا
مـــا أمَّـــهُ طـــالبٌ إلاّ وشــاطرَهُ
فـي قـوتِهِ دائمـاً دَعْ ناجِبـاً وكَسـَا
فيَنْثَنِــي عــن مَحَـلِّ الجـودِ حَضـْرَتُهُ
كــأنّه مــا رأى فقْــراً ولا فَلَســَا
نَعَـمْ ولا الْتَبَسـتْ فـي العلـمِ مسألة
إلا وبيــن منهــا كـل مـا التبسـا
فطــالب العلـم يجنـي مِـنْ بـدائِعِه
غَرْسـاً زَكَـا مـا سـِواهُ مِثْلَـه غَرَسـَا
وحَــقِّ والــدِهِ الحبْـرِ الإمـامِ ومـا
حَـوَى مِـن العلْـمِ بالدّرس الذي دَرَسَا
مــا أبْصـَرتْ مُقْلَتِـي شخصـاً يُمـاثِلُه
فـي بعـضِ أوصـافِهِ مُـذْ جُلْـتُ أنْدَلُسَا
فيـا وحيـداً عَلَـتْ فـي العِلْم رُتْبَتُهُ
فبــاتَ يَرْشــُفُ لِلْعَلْيـا جَنـىً سَلِسـَا
خُــذْها إليْــكَ عَرُوســاً حَلْيُهـا أدَبٌ
تَبْغِـي القبول عليها المهر ما بخسا
جاءتــك مــن خجـل التقصـير لابسـة
ثـوب الحيـاءِ الـذي مـا مِثْلُهُ لُبِسَا
فاعــذُرْ بِفَضــْلِكَ صـَبّاً صـاغَها عجَلا
يَشــْكُو بــآبُرَةٍ أســْراً صـباحَ مَسـَا
أتـى بهـا يبتغِـي مِنْـكَ الـدُّعَاءَ لَهُ
لَمَّــا رأى أنّــه فيهـا حليـفُ أسـَى
فَهَــبْ لـه منـه حَظّـاً وافِـراَ لِيَـرَى
مِـنَ السـَّراحِ بـه مـا مِنْـهُ قد يَئِسَا
لا زِلْـتَ تُـدْرِكُ مـا تَبْغيـهِ مِـنْ أمَـلٍ
ومَــنْ يَرُومُـكَ بـالمَكْرُوهِ قَـد تَعِسـَا
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .