
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
فريــدةُ حســنٍ وجهُهـا البـدرُ طـالعُ
أشـــاهد معنـــى لطفِهــا وأطــالعُ
تجلّـــت وكـــل الحادثــات مغــاربٌ
فجلَّـــت وكـــل الحادثــات مطــالع
ولاحــت لعينــي وهــي نـور فأَعـدَمت
ظلامَ ســـواها واســـتنارت مرابـــع
وكــانت ولا شـيءٌ كمـا هـي لـم تـزل
كـــذلك والأشـــياء منهــا وقــائع
نفتنــي بــأنوار التجلــي وأثبتـت
فكلــي لهــا منهــا إليهــا ودائع
وعنــدي لهــا أنــواع عشـق تفصـلت
علـى قـدر مـا تبـديه منها البراقع
تثنـــت فقــالوا لاح ثــان وثــالث
علـى الـزور والبهتـان منهـم ورابع
ولـو وحَّـدوها طبـق مـا زعمـوا لمـا
رأوا غيرهـا فـي كـل مـا هـو واقـع
فهــل مــن فـتىً يـا غـافلون أدلُّـه
عليهــا فيحظــى بالــذي هـو طـامع
وتنفتــح الأبــوابُ بعــد انغلاقهــا
ويــدخل بيــت العـز مـن هـو قـارع
نعـم هـو هـذا لـو ثبتـم على التقى
كمــا أنــا أدري واســتقلت مطـالع
وســـلمتم الأحـــوال للـــه كلهــا
وفيــه اسـتقمتم مـا ثنـاكم منـازع
تريــدون لكــن بالأمــاني وصــالها
فيـــدفعكم وهــمُ الســوى ويمــانع
ولا صـــدق إلا فــي مــراد نفوســكم
لكـــم وأعــاقتكم دعــاوى قواطــع
وأيـن اقتحـام الحـرب مـن ذاكر لها
ولا يشــبه الشــبعان مـن هـو جـائع
ومـن يخطـب الحسـناء يسـنح بمهرهـا
وطــالب شــهد لــم تخفـه اللواسـع
رويــــدك مهلاً إن للحــــق عصـــبة
ومـــا منهمــو إلا وبــالحق صــادع
أقـاموا علـى محـض اليقيـن بنـاءهم
وجامــدهم مــن هيبــة الأمـر مـائع
ودامــوا علـى صـدق الإرادة والرجـا
وهــم كــل قــرم للخطــوب يقــارع
وقـــد عمــروا أوقــاتهم بحضــوره
وعنـــدهم الـــدنيا ديــارٌ بلاقــع
وأعلـى العلـى مـن دون دون نعـالهم
يعـــز بهــم متبــوعهم والمتــابع
هـي الشـمس أبـدت مـا سـواها أشـعة
إذا غربــت نحــن النجـوم الطوالـع
أشـارت بجفـن العيـن فـافتتن الورى
ولا قلـــب إلا وهــو حيــران والــع
وأبصـــرها طرفـــي وذلــك طرفهــا
فكــان لهــا منهــا بصــير وسـامع
وأحببتهـا بـل تلـك كـانت هـي التي
قــديما أحبتنــي فــزال التقــاطع
وقــد ملأت عينــي بــأنوار قدســها
ومنهـــا لغــزلان الجمــال مراتــع
ومـــا الكــل إلا صــورة مســتحيلة
كمـــاء لــه مــوجٌ وفيــه فواقــع
ومـا المـاء إلا الـروح والموج أنفس
فواقعهــا الأجســام وهــي الجوامـع
وتلــك تقــادير بهــا الأمـر ظـاهر
ومــن خلـف هـذا كلـه الـذات واسـع
صـدقتك جـاء الحـق والباطـل انتفـى
وزالــت تماثيــل الخيـال الخـوادع
ومخطوبـــة الأرواح ألقــت لثامهــا
عـن الـوجه منهـا وهـو بالنور ساطع
فــأفنت جميــع الكائنــات وهيمــت
رجــالاً وهــت منهـم عليهـا الأضـالع
وكــم فتنــت فـي عشـقها مـن مـتيم
إذا ذكــرت منــه تفيــض المــدامع
صــلت بالمصــلَّى مهجــتي بفراقهــا
ونلــتُ مُنـىً إذ لـي مِنـىً هـو جـامع
وجــادت علــى كـل الـذوات بـذاتها
فلا ذات إلا ذاتهـــا يـــا مـــدافع
وكــل صــفات الكــون فهـي صـفاتها
وتنزيههـا فـي الكـون بـالكون شائع
ولا قـــائم إلا بهـــا فــي وجــوده
ولا صـــانع إلا بهـــا هـــو صــانع
ألفــت قــديماً حبَّهـا وهـو حـب مـا
أحــب فكــانت مـا أنـا فيـه والـع
وقــرت بهــا عينــي غـداة عرفتهـا
فمــن عينهــا تجـري لعينـي منـابع
وبــانت ومـا بـانت فلا شـيء غيرهـا
ســوى أننــا عنهــا بــروق لوامـع
إذا أسـفرت عـن وجههـا برقـعَ السوى
هـدت كـلَّ ضـال فـي الـورى هـو ضائع
وإن ســترت بــالغير وجــه جمالهـا
أضـــلت عقـــولاً تعتلـــي فتقــارع
ولــولا دفـاع النـاس بعضـاً ببعضـهم
لهــدت كمــا قــال الإلــهُ صــوامع
ونحـــن أولاء المـــؤمنين بحســنها
عـــداوتنا ســـم حـــذارك نـــاقع
ومـن رامنـا بالسـوء فـالله دائمـاً
كمـا جـاء فـي القـرآن عنـا يـدافع
ألمــت بنـا والكـون كالليـل مظلـم
فلـم تشـعر الواشـون إذ هـم هواجـع
وزارت علــى رغـم الأعـادي فـانكروا
زيارتهـــا قــالوا خيــال يرافــع
ومــا ذاك إلا أننــي كنــت فارســاً
ببيـدائها والغيـر فـي السـير ظالع
محجبــــة إلا علـــى كـــل محـــرم
لهــا قرَّبتْــهُ فهــو للــوتر شـافع
ومقبلـــة لكــن علــى كــل تــارك
ســواها بهــا عنهـا إليهـا يسـارع
أعـارت معـاني الكـون ثـوب صـفاتها
وكـــل معـــار للمعيـــرة راجـــع
وأودعـــت الأشـــياء ســر وجودهــا
ولا بــد يومــا أن تــرد الــودائع
ظهرنـا بهـا لا بـل بنـا ظهـرت وقـد
تســــاوت دوانٍ ههنــــا وشواســـع
ولا ديـــن إلا حبهــا عنــد أهلهــا
فكــم نحوهـا مـن سـاجد وهـو راكـع
إليهــا صــلاة القـوم أيـن توجهـوا
وقبلتهـــم وجـــه لهـــا يتلامـــع
وبالمـاء مـاء الـروح من أمرها لهم
وضــــوء وغســــل دائم متتــــابع
وإن خــالطوا الأغيـار كـانت جنابـة
لهـم رفعهـا فـرض علـى القـوم قاطع
وإن لــم يكــن مـاء هنـاك تيممـوا
صــعيداً لـه طيـب مـن الجسـم ضـائع
هــو الحـق لاقـوا مـن سـواه نجاسـة
فمنهـا قـد اسـتنجوا وزالـت فظـائع
وعــن غيـره لـم ينطقـوا فتمضمضـوا
وشـــموه باستنشـــاقهم فهــو ذائع
وعمّــا ســواه كــان غســل وجـوههم
لكــي يقبلــوا عنـه لـه ويسـارعوا
وغســل يــديهم مــن جميـع أمـورهم
بتغويضــهم فيــه تنــال المطــامع
وتثليــث هــذا الغســل شـكل مثلـث
بـــه ظهــرت ممــن بــراه صــنائع
وقـــد مســحوا فيــه رؤوس رياســة
فمــا الــذل إلا وصــفهم والتواضـع
وقــد غسـلوا أقـدامهم فـي قيـامهم
بخــدمته عــن كــل مــا هـو مـانع
وقــد كــبروه عـن مـدى وصـفهم لـه
برفــع يــديهم ظــاهراً وهـو رافـع
وأثنــوا عليــه بالــذي هـو أهلـه
ومنــه اسـتعاذوا فهـو ضـار ونـافع
وهــم باسـمه قـاموا ليتلـوا كلامـه
فمــا منهمــو إلا بــه هــو خاشــع
وإن ركعــوا مــالوا إليــه بكلهـم
وصــاروا لــديه والقلــوب خواضــع
وإن سـجدوا يفنـوا ويبقـوا بـه لـه
إذا ســجدوا الأخــرى وتبـدو بـدائع
وفيهــم ســكونٌ مــن قعــود تشــهُّدٍ
لــه وانقضــى تحريكهــم والتنـازع
وقــد سـلموا طوعـاً إليـه وأسـلموا
ومنهــم لـه التسـليم للسـوء دافـع
ولا مــال عنــد القــوم إلا نفوسـهم
تجــارتهم فيهــا غلــت والبضــائع
وقــد أنفقوهـا حيـن آتـوا زكـاتهم
علـى الحـق لـم يقطـع بـه عنه قاطع
وأدوا إليــه فطــرة فطــروا بهــا
ومـــا غيروهــا والقلــوب طــوائع
وصـاموا عـن الأغيـار فيـه وأفطـروا
علــى وجهـه مـذ غـاب للكـون طـالع
وفـي الحـج كـانوا بيـت عزتـه فهـم
بنشـــأتهم طـــافوا فســت وســابع
وقـد رملـوا فـي ذا الطـواف تـدللاً
عليــه وفخــر عنــدهم فيــه بـارع
ولمـا بـدا مـن قلبهـم حجـر الهـدى
لـه اسـتلموا إذ منـه بـانت أصـابع
وفــي عرفـات الوصـل حـازوا تقربـاً
بـــوقفتهم فيهــا فزالــت موانــع
ونـالوا مُنـاهم فـي مِنـى وبها رموا
جمــــارَ همـــومٍ كلهـــنَّ مصـــارع
وقـد ودعـوا الـبيت العتيق وأقبلوا
علـى أصـلهم فـي العلـم وهـو مواضع
وفـي عيـد نحـر الهجر فازوا بذبحهم
ضــحايا طبــاع هــن فيهــم لواسـع
ذبيحــة نفــس قطــعُ عــرقِ فسـادِها
إلــى أن يفــي منهـا خـؤونٌ مخـادع
وأخـذ لقيـط القلـب فـي مسجد الحجى
مهــم لــه تسـعى الكـرام المصـاقع
ومــن يلتقــط ســراً بتعريفــه لـه
يــرد علــى الــروح الإلهــي ضـائع
وغيبــة مفقــود عـن الكـون حكمهـا
كمــوت لــه فــي كــل أمـر يضـارع
وحــب معــاني الحـق إخـراج عشـرها
خـــراجٌ لأربـــاب الجهالــة قــاطع
وجزيــة كفــار النفــوس يكـون عـن
يـــدٍ وصـــغارٍ حيــث قــرر واضــع
ومـن نـال صـيد الغيـب كلبُ هواه أو
أعيقــت ببـازي القلـب طيـر سـواجع
فقـد فـاز بالقصـد الـذي هـو راكـب
إليــه علــى خيــل وهــن الطبـائع
وواهــب ذات الخــال ظلمــة كــونه
تعوضـــه نـــوراً بـــه هــو لامــع
وقــد آجــر الأقــوام إمكـانهم لـه
فــــأجرتهم إنعـــامه المتســـارع
وبــاعوا نفوســاً فـي هـواه نفيسـةً
لــه فاشــتراها حيــن أوجـب بـائع
فقــال لهـم فاستبشـروا إذ بـبيعكم
تـــوليتكم فالكــلُّ عنــدي مطــاوع
وإن جهــاد القلــب للنفــس واجــب
عليهـم لفتـح الـروح فهـو المصـارع
وقـد دخلـوا بالملـك فـي قلعة الأنا
فليــس لهــم عمــا يرومــون دافـع
وقــادوا أســارى كــلَّ خُلْــقٍ مُـذمَّمٍ
وفــــاز شـــجاع بالغنـــائم دارع
وقــد شــاركوه فـي الوجـود فثـامن
لفســخ اشــتراك كـان منهـم وتاسـع
وقــد كفــل الرحمـن أرزاقهـم لهـم
وطـــالب بالأعمـــال وهــي منــافع
فــإن الــدعاوى ألزمتهــم كفالــة
بأعمـــالهم والكــل منــه نوابــع
وتـــوكيلهم للحــق أنتــج قربهــم
إليــــه وهــــذا للكمـــال ذرائع
أحــال بهـم يومـا عليهـم فأفلسـوا
وقــد أصــبحوا بعــضٌ لبعـض يتـابع
ولمـــا إليـــه بالحوالــة ردَّهــم
لهــم بالفنــا كـانت لـديه يتـابع
ونحـــن لـــه وقــفٌ لأجــل صــفاته
وقــد عمــرت منــا لهــنَّ المـزارع
وقــاض قضــى بـالحق والـروح شـاهد
فكــان لحــق النفــس منهـا مقـامع
ودعوى الغنى تعطي الخصومة في الهوى
وقـــد جمعـــت للعاشــقين مجــامع
وجــاءت بــأنواع الشــهادات أمــة
علــى الحــق زكتهــا صـفات بـوارع
وهــذا نكــاح الأمــر عقــد محقــق
ومــن كــل شـيء خَلْـقُ زوجيـن بـادع
شــهدنا علــى إيجابنــا وقبولنــا
وكــانت لنــا بالحضــرتين وقــائع
وزفــت عــروس القـرب ليلـة قـدرنا
وفــي ذَكَـرِ الـذكر اسـتلذَّ المجـامع
وإنزالُــهُ القــرآن قــد حملـت بـه
فـــروج قلـــوب بــالعلوم تــدافع
وبــت طلاق الصــبر زوج فـتى الهـوى
ثلاثــاً علــى ســلمى فكيــف يراجـع
ولــو دفعــت كـل الـذي هـو ملكهـا
علــى طلقـة مـا كـان قلـبي يخـالع
وبُـــرَّتْ يميـــنٌ واليميـــن ثلاثــة
غمــوسٌ بحكــم الغيــر للغيـر رائع
ولغــو علـى أهـل المجاهـدة احتـوى
ولا إثــم فيــه لكــن القلـب جـازع
ومنعقــد وهــو الــذي بيـن قومنـا
تلــذ بــه عنــد اللقـاء المسـامع
كلام علـــى حكـــم العيــان مفصــل
بـه الغيـث مـن سـحب الحقـائق هامع
وتكفيــره فــي حنثـه سـتر كـل مـا
بــدا فثمــار الحــظ منــه أيـانع
ومــن يأخــذ الــدنيا بشـفعة داره
مــن الحـق لمـا باعهـا فهـو بـاخع
ومــن رد عبــداً آبقــاً كـان أجـره
عظيمــاً علــى مـولاه فهـو المـوادع
وإحيـا مـوات النفـس بالـذكر واجـبٌ
ليســـعد فيهـــا بالحراثـــة زارع
وقتلـك معنـى الـروح بـالروح يقتضي
قصاصــاً بســيف الحـق إذ هـو شـارع
وإن أخــذت مــن وصــفها ديــةً لـه
فـــذلك حكـــم للقصـــاص يضـــارع
وهيــــأت الأقـــوام أرض نفوســـهم
فكــان المســاقي شـيخهم والمـزارع
وإقرارهـــم بــالحق حجتهــم علــى
ســـواه وكــلٌّ لابــسُ الأمــر خــالع
وإعطــاء رأس المــال وهـو وجـودهم
إليــه اقتضـى ربحـاً وضـل المخـادع
مضــاربة منــه قــديماً مــع الـذي
لــه كـل مـا فـي الكائنـات توابـع
وإن غصــبوا أوصــافهم مـن ذواتهـا
أغـــارت عليهــم منــه خيــل طلائع
وفي الصلح عن دعوى المغايرة اختفوا
فهـم منـه فـي الـدنيا غيـوث هوامع
وقـــد رهنــوه بالــديون قلــوبهم
ومـــاض وحـــال لا يفـــي ومضــارع
حــدود الهـوى قـامت عليهـم بربهـم
فلـــم يعتـــدوها والحــدود روادع
ومــن يــدعي ملكــاً فــذلك ســارق
يمــد يــداً فــالحق لليــد قــاطع
وعينيــك فاســمع لا تَمُـدَنَّ قـال فـي
إمــامٍ فكيــف المقتـدي وهـو تـابع
وخمــر السـوى منـه إذا شـرب امـرؤٌ
عليـــه بــأنواع الخطــوب مقــارع
وزانيـةٌ لـم تحصـن الفـرج عـن سـوىً
لهــا الرجـم بالحرمـان حـد يمـانع
وقــذف أولـي التشـبيه يـوجب حـدهم
ســياطَ بعــادٍ عــن حمــاه قــوارع
وقــد كــان بــالتقوى وصـيته لنـا
غــداة بــدت ســبلٌ ولاحــت مشــارع
بــه منــه تقوانــا فلا نـدعي لنـا
وجـــوداً ونرضـــى حكمــه ونطــاوع
وميراثـــه منـــا بميراثنــا لــه
فــرائض كــانت منــه فينـا بواضـع
فَثَمِّــــنْ وثلـــث إرث أم كتابنـــا
علــى حكمهــا فـي قسـمتي لا أنـازع
ولا يــرث المحجــوب منهــم بحــاجب
علــى العيـن حكـمٌ قررتـه الشـرائع
وبـالعول إن زادت سـهام أولي الحجى
خيــالاً تراءتــه العيــون الهواجـع
أعـد نظـراً مـا زاد شـيءٌ علـى الذي
عملــــت ولكـــن لجـــة وزعـــازع
وقـام وصـي الحـق يحفـظ بالهـدى ال
يـــتيم الإلهــيْ والجميــع مراضــع
وفقـه الهـوى فـرض علـى القوم درسه
وكــم نــاله شــيخ وكهــل ويــافع
ومــن كــان مقـداماً يَلِـجْ كـل لجـة
إليــه وإن ضــجت عليــه الضــفادع
وأهـل طريـق اللـه قـد ألفوا السرى
وطـــال بطـــاحٌ دونهـــم وأجــارع
وغـابوا عن الأكوان في الغيب حيث لم
يكــن ههنــا إلا الشــخوص الخـوادع
ومـــدت لهــم منــه يــد أقدســية
تبـــايعهم فيهــا رأوا فتبــايعوا
هـم القـوم لا يشـقى الجليس بهم إذا
لهــم كــان فــي سـر وجهـر يطـاوع
وقـد زهـدوا فـي الزهد عما سواه إذ
رأوا الزهــد معنـىً للعقـول يخـادع
وعــن توبــة تـابوا وهـذا مقـامهم
لهـم هـو مـن فـوق المقامـات رافـع
وتقــواهم التقــوى علـى كـل حالـة
لــديهم عــن التقـوى وتلـك بـدائع
ومــا ورع إلا عــن الــورع اقتفـوا
ومــا منهمــو إلا عـن القنـع قـانع
وفــاتوا مقامــات الســلوك لأنهــا
علــى أوجــه الأسـرار منهـم مقـانع
وقـاموا بوصـف الـذات فـي غيب غيبه
لـه فيـه ختـم مثـل مـا كـان طـابع
وتمـــت معـــانيهم علــى كلمــاته
ومـاء الهـدى مـن عينهـم هـو نـابع
وزال الــذي كــانوا يظنــون أنــه
ســواهم لــه عــز عـن الكـل شاسـع
وقــد كـان وهمـاً ذاك عنـد عقـولهم
كمثــل رقــوم أظهرتهــا المــدامع
وقــد بــدلت أرض لهـم غيـر أرضـها
كـــذاك ســـموات وزالـــت طوالــع
وقــد بــرزوا للواحـد الأحـد الـذي
بهــم هــو فيــه عــالم ثـم صـانع
وكـانوا كما كانوا على الحالة التي
بهــا أزلاً كــانوا كلــم يـك واضـع
كمــا أنـه بـاق بمـا هـو فيـه مـن
قــديم وهــذا الأمــر للـوهم قـامع
بـــدايتهم كـــانت نهــايتهم بــه
ومهيعهـــم آلــت إليــه المهــايع
وفــي العلــم كــل هكــذا مــترتب
حضــور لـه مـا قـد مضـى والمضـارع
فمـن يعلـم العلـم القديم يرى الذي
أقــول وتُرمــى عــن حميــر بـراذع
وتخفـــى علـــوم للعقــول حــوادث
عناكبهــا تبنــي الــبيوت خــوادع
ولـــم يـــك ذا إلا بتعليمـــه ولا
يعلـــم إلا مـــن لـــديه يـــوادع
ومـا كـان فيـه فهـو يبـدو لـه بـه
ومـا لـم يكـن فيـه فمـا هـو واقـع
هيــولا شــهدنا أنهــا نــور نـوره
لهـــا صـــور شــتى بــه تتــدافع
وألوانهـــا ذات الفنـــون فــأزرق
ســـماويُّ لــونٍ ثــم أبيــض ناصــع
وأســـود غربيـــبٌ وأخضـــر ناضــرٌ
وأحمــر قــاني ثــم أصــفر فــاقع
ظــواهر منــه فيــه عنــه لـه بـه
بــواطن أفناهــا مــن الـذات لامـع
وبــالحق أنزلنــا وبــالحق نــازل
لقــد حققتــه العــارفون المصـافع
ومــا الحــق إلا واحــد فهـو عـالم
وعلــــم ومعلــــوم ثلاث قــــوارع
ومــن ههنــا ألهــى التكـاثرُ أمـة
محققهـــا مــن كــوثر هــو جــارع
وذلــك نهــر الجنــة العـذب مـاؤه
وفــي الحـوض أنبوبـان منـه شـوارع
هـو الحـوض منـه كـل مـن نـال شربة
فلا ظمـــأ يلقـــى ولا هـــو جــازع
ويطــرد عنــه كـل مـن تبـع الهـوى
وتمزيقـــه دينــاً بــدنياه راقــع
أبــاريقه قــوم بــه امتلأوا وهــم
نجـــوم بآفـــاق العلــوم ســواطع
يضـيء بهـم ليـل السـراة إلى الحمى
ومنهـــم رجـــوم للطغــاة قوامــع
حنانيــك عـش إن فـزت منهـم بواحـد
ســعيداً قريــر العيـن غصـنُك يـانع
وكــن عبــده لا عبــد حــظ وشــهوة
فمـا أنـت نـاويه علـى القلـب طابع
وهــذا مقــام حــف بـالبؤس والأسـى
ومــا نــاله إلا الشــجاع المقـارع
ودم طالبــاً منــه التحقـق فيـه لا
ســواه تجــده عنــك فيــك يســارع
وإن زدت صـــدقاً فــي محبتــه لــه
بــه زدت قربـاً واهتـدى منـك ضـائع
وزالت معاني الغير في العين وانطوت
مســـافة نفـــس بالمحــال تخــادع
وكنـت كمـا قـد كنـت من قبل لم تكن
وكـان كمـا قـد كـان وهـو المـوادع
عليــم بـذات منـه تجلـى عليـه فـي
معـــاني صـــفات كلهـــن بـــوادع
وفيـــه زمــان والمكــان تــداخلا
وكيـــفٍ وكــمٍّ وهــو للكــل جــامع
لــه الكــل وهـو الكـل وهـو منـزه
عـن الكـل فـاعرف واعتـبر يا منازع
تصـــاويره فيـــه تمـــاثيله لــه
تقـــاديره منـــه فـــروض بــوارع
مـن العـدم امتـدت إلى العدم انتهت
خيلات عقـــــل واحـــــد يتلامــــع
ومــا هــو إلا النــور نــور محمـد
تبــدى مـن النـور الـذي هـو طـالع
فنــور علــى نـور كـذا قـال ربنـا
وذلـــك مشـــفوع لـــديه وشـــافع
وأعلاهمــا النــور الإلهـيُّ شـأنه ال
تكـــبر والأدنـــى هــو المتواضــع
وذلـــك لا يفنـــى وذا كــل لمحــة
بأيــدي الفنـا ثـم البقـا يتتـابع
تجليـــه يبقيـــه بــه واســتتاره
فنـاء لـه فـي الفكـر والحـس قـالع
هــو العقـل عقـل الكـل فـرد جـوهر
يلــوح ويخفـى عـن ضـيا وهـو شـارع
هـو الـروح روح الكـل والقلـم الذي
بـه الكـل مكتـوب لـه اللـوح واضـع
وعـــرش وكرســـي تجســـم فيهمـــا
لـــه صـــورة تحويهمـــا وأضــالع
وفــي كــل شــيء ســر أمــر ملبـس
بخلـــق جديـــد للخفـــاء مســارع
كــبرق عــن الــذات النزيهـة لامـع
فيـا لـك بـرق مـن حمـى الحـب لامـع
سـرت نسـمات الـروح مـن روضة الحمى
فعطرنــي طيــب مــن الحــب ضــائع
وعطـــرت الأنفـــاس منــي بنفحهــا
جميـع الـورى حـتى اسـتطيبت مصـانع
وقـامت دعـاة الحـق بـالحق عـن يدي
تعاهـــد أربــاب التقــى وتبــايع
فَحَيَّهَلا يـــا قـــوم نحــو حقيقــتي
فـــإن طيـــوري بالجمــال ســواجع
وحوضـــــي ملآنٌ ومــــائي مــــروَّقٌ
وروضــي بــأنواع المحاســن يــانع
وبـــاعي طويــل والزمــان مســاعد
لنــا وعيــون الــدهر عنـا هواجـع
وكاســات أفراحــي براحــي وراحـتي
دهــاق وأيــامي المواضــي رواجــع
علـي سـلامي فـي الـورى يـوم مولـدي
ومـوتي وبعـثي مـاهمى الـدهر هـامع
عبد الغني النابلسي.شاعر عالم بالدين والأدب مكثر من التصنيف، تصوف ولد ونشأ في دمشق ورحل إلى بغداد وعاد إلى سوريا وتنقل في فلسطين ولبنان وسافر إلى مصر والحجاز واستقر في دمشق وتوفي فيها.له مصنفات كثيرة جداً منها: (الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية - ط) و(تعطير الأنام في تعبير الأنام -ط) و(ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأَحاديث -ط)، و(علم الفلاحة - ط)، و(قلائد المرجان في عقائد أهل الإيمان - خ)، و(ديوان الدواوين - خ) مجموع شعره وله عدة دواوين.