
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَمــن تــذكر جيــران بــذي ســلم
نَحــرت قَلبـك بَيـن الضـال وَالعلـم
وَحيـن خيلـت عَيشـاً قَـد مَضـى بمنـى
مزجــت دَمــاً جَـرى مِـن مُقلـة بـدم
أَم هَبـت الريـح مِـن تلقـاء كاظمـة
فَبـت وَالطَـرف سـاهي العَيـن لَم يَنَم
ينهــل إِن سـرت النَكبـاء فـي سـحر
وَأَومـض البَـرق فـي الظلماء مِن إِضم
فَمـا لعينيـك إِن قُلـت اكففـا همتا
كَعــارض ســح أَو غــاد مِـن الـديم
وَمــا لنـارِك إِن أَطفأتهـا اشـتعلت
وَمــا لقلبـك إِن قُلـت اسـتفق يهـم
أَيَحســَب الصــب أن الحُــب مُنكَتــم
تــاللَه مــا حبــه عَنــا بمنكتـم
فَكَيــفَ يَخفــى وَقَـد أَضـحت حشاشـته
مــا بَيــنَ منســجم مِنــهُ وَمضـطرم
لَـولا الهَـوى لَـم ترق دَمعاً عَلى طلل
وَلا ســـهرت وَلا أَصــبحت فــي لمــم
وَلا ســقيت الــثرى مِـن مَـدمع خضـل
وَلا أرقــت لــذكر البــان وَالعلـم
فَكَيــفَ تنكــر حبــاً بَعـدَما شـَهدت
عَينــاك نـور محيـا بِالجَمـال سـمي
وكَيـفَ تكتـم شـَوقاً طـالَ مـا نَطقـت
بِــهِ عَلَيــك عـدول الـدَمع وَالسـقم
وَأثبــت الوَجــد خطـى عـبرة وَضـنى
أودى بجســمك مِــن رَأس إِلــى قَـدَم
لَقَــد رَأَيتهُمـا عِنـدَ الـوَداع ضـحى
مثــل البهـار عَلـى خـديك وَالعنـم
نعـم سـَرى طَيـف مَـن أَهـوى فَـأَرقني
وَبـاتَ قَلـبي بِنيـران الغَـرام حمـي
ســَرى فَأَضــحكني وَالشــَوق أَقلَقَنـي
وَالحُــب يَعــترض اللــذات بِــالألم
يـا لائِمـي فـي الهَوى العُذري مَعذرة
فَـأنتَ عَـن حال مثلي في الغَرام عَمي
دَع عَنـكَ لَـومي فَقَـد أَبـديت معذرتي
منــي إِلَيـك وَلَـو أنصـفت لَـم تلـم
عـــدتك حـــالي لا ســري بمســتتر
وَلا لِســـاني عَــن عــذري بِمنعجــم
وَلا اشـــتياقي وَلا حُـــبي بمنكتــم
عَـــن الوشـــاة وَلا دائي بِمنحســم
محضــتني النصـح لَكـن لَسـتُ أسـمعه
وَكَيــفَ أَســمع قَــولاً غَيــر مُنتظـم
هَيهــات لا يســمع العـذال ذو شـجن
إِن المحــب عَــن العـذال فـي صـمم
إِنـي اتهمـت نصـيح الشـَيب فـي عذل
وَطالمــا جَــد فـي حلـف وَفـي قسـم
فَلــم أطعــه وَلَــم أَبـرح مخـالفه
وَالشـَيب أَبعـد فـي نصـح عَـن التُهم
فَـإِن أَمَّـارتني بِالسـوء مـا اتعظـت
عَـن فعلهـا بِالَّـذي قَـد جاءَ مِن حكم
وَإِن لوامــتي بِالـذَنب مـا ارتـدعت
عَـن جهلهـا بنـذير الشـَيب وَالهـرم
وَلا عــدت مِـن الفعـل الجَميـل تَـرى
مـا حَـل فـي حـاجبي قَسراً وَفي لممي
وَلَــم تهيــئ لِهَـذا الضـَيف مكرمـة
ضــيف ألــم بِرَأســي غَيــر محتشـم
لَــو كُنــت أعلـم أَنـي مـا أوقـره
وَلَـم أَصـنه عَـن الفَحشـاء وا نَـدَمي
وَلــم أبــرئه عَـن عَيـب وَعَـن دَنـس
كَتمـت سـراً بَـدا لـي مِنـهُ بِـالكتم
مَــن لـي بـرد جمـاح مـن غوايتهـا
وَحفظهــا دائِمــاً عَـن زلـة القَـدَم
وَكفهــا عَــن فعــال غَيــر لائِقــة
كَمــا يــرد جِمـاح الخَيـل بِـاللجم
فَلا تــرم بِالمَعاصــي كسـر شـهوتها
فَإنهــا نقــم فــي صــورة النعـم
وَلا تســــمها بملبـــوس وَأَطعمـــة
إِن الطعــام يُقــوي شــهوة النهـم
وَالنفـس كَالطفـل إن تهملـه شب عَلى
شــر الخصـائل مِـن فعـل وَمِـن همـم
وَإِن أُبيحـت لَـهُ الثـديان عـاشَ عَلى
حُــب الرضــاع وَإِن تفطمــه يَنفطـم
فاصــرف هَواهــا وَحـاذر أن تـوليه
فصــرفها عَــن هَواهـا خَيـر مغتنـم
وَخــالف كُــل مـا تَهـواه مِـن عـرض
إِن الهَـوى مـا تـولى يصـم أَو يصـم
وراعهــا وَهـيَ فـي الأَعمـال سـائِمة
فَإنَّهــا العُــروة الـوثقى لملـتزم
وَإِن تَــولت فجرعهــا بِهــا ســحراً
وَإِن هِــيَ اسـتحلت المَرعـى فلا تسـم
كَــم حســنت لــذة للمــرء قاتلـة
وَأوقعـــت غصــة للعاقــل الفهــم
وَأَظهـــرت نصــحه مكــراً وَمخدعــة
مِـن حَيـث لَم يَدر ان السم في الدسم
وَاخـش الدسـائس مِـن جـوع وَمِـن شبع
فَفــي التَوســط فضــل غَيـر منخـرم
وَالجــوع مـن عبـث لا تَرتضـيه لَهـا
فَـــرب مخمصــة شــر مِــن التخــم
وَاسـتفرغ الـدمع مِـن عَين قَد امتَلأت
مِـن نَظـرة السـوء للعـورات وَالحرم
وَاضـرع إِلـى اللَه مِن نَفس لَقَد شعبت
مِـن المَحـارم وَالـزم حميـة النـدَم
وَخـالف النَفـس وَالشـيطان وَاعصـهما
همـا اللذا يوقعان المرء في العدم
وَكُــن بســنة خَيـر الخَلـق معتصـماً
وَإِن هُمــا محضــاك النصــح فـاتهم
وَلا تطــع مِنهمــا خَصــماً وَلا حَكَمـاً
تَبـــاً لمحتكــم مــن ذا وَمختصــم
وَلا تمــل أَبــداً يَومــاً لِقولهمــا
فــأنتَ تَعـرف كَيـد الخَصـم وَالحكـم
اســتغفر اللَــه مِـن قَـول بِلا عَمَـل
وَمِـن جَميـع دَواعـي السـوء وَاللمـم
اســتغفر اللَـه مِـن دَعـوى بِلا سـَبب
لَقَــد نَســبت بِــهِ نَسـلاً لِـذي عقـم
أَمرتـك الخَيـر لَكـن مـا ائتمرت بِهِ
وَمـا امتثلـت لمـا يلقـي إِليك فَمي
وَمـا أَقمـت عَلـى الخيـرات محتسـباً
وَمـا اسـتقمت فَمـا قَـولي لَك استقم
وَلا تَــزودت قَبــل المَــوت نافلــة
وَلا مَشـيت إِلـى الطاعـات فـي الظلم
وَلا كففــت عَــن العصـيان فـي وَجَـل
وَلَــم أصــل ســِوى فَـرض وَلَـم أَصـم
ظلمــت سـنة مـن أَحيـا الظَلام إِلـى
أَن نــالَ مرتبــة شــَماء كــالعلم
وَلَـم يَـزَل قائِمـاً جنـح الظَلام إِلـى
أَن اشــتَكَت قَــدماه الضـر مِـن ورم
وَشــد مِــن ســغب أَحشــاءه وطَــوى
أَديــم جــوف بحبــل اللَـه معتصـم
وَرض فــي غَــزوة الأَحـزاب عَـن ثقـة
تَحــت الحجــارة كشـحا مـترف الأدم
وراودتــه الجِبـال الشـم مِـن ذَهَـب
فَصــد عَنهــا بــوجه غَيــر مبتسـم
وَراجعتــه لكــي يُبـدي لَهـا شـغفاً
عَــن نَفســهِ فَأَراهــا أيمــا شـمم
وَأَكـــدت زهـــده فيهــا ضــرورته
لِكَـونه فـي المَعـالي راسـخ القـدم
وَشــيدت فــي مَقـام الزُهـد عصـمته
إِن الضــرورة لا تَعـدو عَلـى العصـم
وَكَيـفَ تَـدعو إِلـى الدُنيا ضَرورة من
جبريـل أَضـحى لَـه مِـن جملـة الخَدَم
مُحَمــد ســيد الكَــونين وَالثقليـن
وَالقــبيلين فــي حــل وَفــي حـرم
وَسـَيد سـاد فـي الـدارين وَالحرمين
وَالفريقيــن مِــن عــرب وَمِـن عَجَـم
نَبينــا الآمــر النــاهي فَلا أَحــد
مِــن الخَلائق إِلا فــي حمــاه حمــي
إِمامنــا المُرشـد الهـادي فَلا بشـر
أَبــر فــي قَــول لا مِنــهُ وَلا نعـم
هُــوَ الحَـبيب الَّـذي تُرجـى شـَفاعته
يَــوم القيامـة للعاصـين مِـن قـدم
وَالمُرتجــى للـوَرى وَالخَلـق قاطبـة
لكــل هَــول مِــن الأَهــوال مُقتحـم
دَعـا إِلـى اللـه فَالمستمسـكون بِـهِ
مؤيـــدون مِــن الأَعــداء وَالنقــم
وَلَيـسَ يخشـى عَلَيهـم في المعاد وَهُم
مُستمســـكون بحبــل غَيــر منفصــم
فـاقَ النَـبيين فـي خلـق وفـي خلـق
وَفــي كَمــال وَفـي فَضـل وَفـي همـم
فَلَـــم يقــاربه إِنســان وَلا ملــك
وَلَــم يــدانوه فــي علـم وَلا كَـرَم
وَكلهــم مِــن رَســول اللَـه مُلتمـس
وَهــم وَأتبــاعهم مِـن سـائر الأُمـم
مُسـتمطرون مِـن المختـار قَـد غرفوا
غَرفـاً مِـن اليـم أَو رَشفاً مِن الديم
وَواقفـــون لَـــدَيهِ عِنـــدَ حــدهم
وَيَســتمدون مِــن كَــف لَــديه همـي
قَــد روجـت بِـالهَوى أَرواحهـم وَروت
مِـن نقطـة العلم أَو من شكلة الحكم
فَهــوَ الَّــذي تَــم مَعنـاه وَصـورته
فَكــانَ مــا بَيــن مَعشـوق وَمُحـترم
حمــاه مَــولاه مِـن رجـس وَمِـن خبـث
ثُــم اصـطفاه حَبيبـاً بـارئ النسـم
مُنــزه عَــن شــَريك فــي مَحاســنه
لِــذاكَ قيمتــه زادَت عَلــى القيـم
إِن رُمــت قســمة حســن حـل جَـوهرة
فَجَــوهر الحســن فيـهِ غَيـر مُنقسـم
دَع مـا ادعتـه النَصـارى فـي نَبيهم
مَــع اليَهــود فيــا تَبـاً لِرَأيهـم
وَاثبـت لَـهُ كُـل نعت في الوجود نَما
وَاحكـم بِمـا شـئت مَدحاً فيهِ وَاحتكم
وَانسـب إِلـى ذاتِـهِ مـا شئت مِن شَرَف
وَانسـب إِلـى كَفـهِ مـا شـئت مِن كَرَم
وَانسـب إِلـى قَلبـه مـا شئت مِن حكم
وَانسـب إِلـى قَـدره مـا شئت مِن عظم
فَــإِن فَضــل رَسـول اللَـه لَيـسَ لَـه
عــد فيحصــر فــي الأَوراق بِـالقَلَم
وَمــا لَــهُ جــل رب العَـرش خـالقه
حـــد فيعــرب عَنــهُ نــاطق بِفَــم
لَــو ناســبت قــدره آيـاته عظمـاً
لَكــانَ مِــن آيـه إبصـار كُـل عمـي
وَإِن ذكــرت اسـمهُ للميـت فـي جـدث
أَحيـا اسـمهُ حيـنَ يدعى دارس الرمم
لَـم يَمتحنـا بِمـا تعيـي العُقول بِه
خَوفـاً عَلَينـا مِـن الإيقاع في الوَهَم
بَـل جاءَنـا مِنهُ بِالنور المُبين ضحى
حرصـاً عَلَينـا فَلَـم نرتـب وَلَـم نَهم
أعيـا الـوَرى فَهـم مَعناه فَليسَ يرى
فــي وَصــفِهِ غَيــر مُحتـار وَمنعجـم
وَلَـن تَـرى فـي جَميـع الكَون مِن أَحَد
فـي القُـرب وَالبُعـد فيهِ غَير منفحم
كَالشــَمس تَظهـر للعينيـن مِـن بعـد
وَتَملأ الكَــون مِــن واد وَمِــن أَكَـم
فَـاعجب لَهـا كَيـفَ تَبـدو وَهيَ مُشرِقة
صــَغيرة وَتكــل الطَــرف مِــن أمـم
وَكَيــفَ يُـدرك فـي الـدُنيا حَقيقتـه
قَـوم نَسـوا العَهد يَومَ الذر مِن قدم
وَهَــل يُحيـط بِـذات المُصـطفى أَبَـداً
قَــوم نِيــام تَسـلوا عَنـهُ بـالحلم
فَمبلــغ العلــم فيــهِ أَنــه بشـر
وَأنـــهُ مَصــدر الأَفضــال وَالنعــم
وَأَنَّــهُ الســَيد المُختـار مِـن مضـر
وَأَنَّــهُ خَيــر خَلــق اللَــه كُلهــم
وَكُـل آي أتـى الرسـل الكـرام بِهـا
وَمُعجِــــزات مشــــيرات لصـــدقهم
مَـع العُلـوم الَّـتي خَصوا بِها وَحَظوا
فإنمــا اتصــلت مِــن نــوره بِهـم
فَــإِنَّهُ شــَمس فَضــل هــم كَواكبهـا
تضــيء للنـاس فـي أَيامهـا الـدهم
وَصــحبه بعــده يــا صـاح أنجمهـا
يظهـرن أَنوارهـا للنـاس فـي الظلم
أَكــرم بخلــق نــبي زانَــهُ خلــق
وَمنظـر هـان لـي فيـه انسـفاك دَمي
وَقـــالب لرضـــاء الحَــق مُنقلــب
بالحســـن مشــتمل بــالبر متســم
كَـالزَهر فـي تَـرف وَالبـدر فـي شَرَف
إِن شــبهت ذاتـه وَالـوَجه مِـن قـدم
وَالمسـك فـي رَشـح وَالغَيـث فـي منح
وَالبَحـر فـي كَـرَم وَالـدَهر فـي همم
كَـــأَنَّهُ وَهــوَ فَــرد فــي جَلالتــه
مـع الوَقـار وَطـول الصـَمت وَالعظـم
لَيـث إِذا مـا بَـدا مِـن غيلـة وَأَتى
فــي عَسـكر حيـن تَلقـاه وَفـي حشـم
كَأَنَّمـا اللؤلـؤ المَكنـون فـي صـَدف
مِـن رشـحه حيـنَ يَأتي الوَحي بالحكم
وَالــدر وَالجَـوهر المَنظـوم مُنتـثر
مِــن مَعــدني مَنطــق فيـهِ وَمبتسـم
لا طيــب يَعــدل تربــاً ضـَم أَعظمـه
روحــي الفِـداء لـترب مِنـهُ محـترم
فَالمســك فــي كُـل نـاد لا يُقـاربه
طـــوبى لمنتشـــق مِنــهُ وَملتثــم
أَبــان مَولــده عَــن طيــب عنصـره
وَحســن فطرتــه وَالمنظــر الوســم
كَــأَن مَبــدأه مِــن عَيــن مختمــه
يــا طيــب مبتــدأ مِنــهُ وُمختتـم
يَــوم تفــرس فيــهِ الفــرس أَنهـم
بــاؤوا بكــل وبــال فـي ديـارهم
وَحيـــنَ أَيقنـــت الأَتــراك أنهــم
قَـد أَنـذروا بحلـول البُـؤس وَالنقم
وَبــاتَ إيــوان كسـرى وَهـوَ مُنصـدع
يَشــكو فُـؤاداً بِـأَنواع البلاء رمـي
وَهَـل سـمعت بشـمل فـي الوجـود غَدا
كَشــمل أَصــحاب كسـرى غَيـر ملـتئم
وَالنــار خامـدة الأَنفـاس مِـن أَسـف
عَلــى بنــاء بـدار الفُـرس منفصـم
وَالأَرض باكيــة الأَجفــان مِــن لَهـف
عَلَيـهِ وَالنَهـر سـاهي العَين مِن سدم
وَســاءَ ســاوة أَن غاضــت بحيرتهـا
مِـن بَعـد مـا طفحـت كَالوابل السجم
أَمســت مَواردهــا تَحكــي حجارتهـا
وَرد واردهــا بــالغيظ حيــنَ ظمـي
كَـأَن بِالنـار مـا بِالمـاء مِـن بَلل
وَذاكَ فــي طَبعهـا ضـَرب مِـن القَسـَم
لأَن مــا نالَهـا قَـد كـانَ مِـن أَسـَف
حُزنـاً وَبِالمـاء مـا بِالنار مِن ضرم
وَالجــن تَهتــف وَالأَنــوار ســاطعة
وَالكَــون مُبتســم عَـن خَيـر مُبتسـم
وَالــدين أَصــبح مَســروراً بِمَولـده
وَالحَـق يظهـر مِـن مَعنـى وَمِـن كلـم
عمـوا وَصـموا فـاعلان البَشـائر لَـم
تفـد أُناسـاً غَـدوا مِـن جملة النعم
قُلــوبهم ختمــت عَـن درك ذاكَ فَلَـم
تَســمع وَبارقــة الانـذار لَـم تشـم
مِـن بَعـد مـا أخـبر الأَقوام كاهنهم
ببعــث أَحمــد بــالقُرآن وَالحكــم
وَبَعــد مــا أنــذر الأَحلاف عـالمهم
بِــأَن دينهــم المعــوج لَــم يَقـم
وَبَعـد مـا عـاينوا في الأُفق مِن شهب
خـرت كَمـا خَـر طَيـر البـاز وَالرخم
أعجـب لَهـا مِـن نُجـوم مِـن مواقعها
منقضـة وفـق مـا فـي الأَرض مِـن صنم
حَتّـى غَـدا مِـن طَريـق الـوَحي مُنهزم
مِـن نارهـا بـاءَ بِـالإِحراق وَالضـرم
وَكُــــل منـــذعر الإدراك منخلـــع
مِــن الشـَياطين يَقفـو إِثـرَ منهـزم
كَـــأَنهُم هَربـــا أَبطــال ابرهــة
لَمـا أَتـى طَيرهـم بِـالبُؤس وَالنقـم
أَو جَيــش بـدر أَمـام الرُسـل فرقـه
أَو عَسـكر بِالحَصـى مِـن راحَـتيهِ رمي
نبــذاً بِــه بَعـدَ تَسـبيح بِبطنهمـا
رَمـي البَنـادق فـي جَمـع مِـن البهم
حكــت برميتهــا جَيـش العَـدو ضـحى
نَبــذ المســبح مِـن أَحشـاء ملتقـم
جــاءَت لــدعوته الأَشــجار ســاجدة
مُطيعـــة لنــبي العــرب وَالعَجــم
لا بـدع إن أَسـرَعت طَوعـاً لَـه وَأَتَـت
تَمشــي إِلَيــهِ عَلــى سـاق بِلا قَـدَم
كَأَنَّمــا ســطرت ســَطراً لمـا كتبـت
عُروقهـا فـي الثَـرى سـَطراً بِلا قَلَـم
أَجـل مـا فعلـت فـي المَشي ما رَسَمت
فُروعهـا مِـن بَـديع الخَـط في اللقم
مثــل الغَمامــة أَنـى سـار سـائره
عَلَيـهِ قَـد ظَلَلـت فـي الحـل وَالحرم
إِن سـارَ سـارَت وَامـا واقفـاً وَقفـت
تَقيــهِ حــر وَطيــس للهجيــر حمـي
أَقســمت بِــالقَمر المُنشــق إِن لَـهُ
ســراً عَجيبـاً وَعلمـاً صـارَ كـالعلم
مـا انشـق نصـفين إِلا حَيـث كـانَ لَهُ
مِــن قَلبــه نسـبة مَـبروره القسـم
وَمـا حَـوى الغـار مِـن خَير وَمِن كَرَم
وَمِــن عَفــاف وَمِـن جـود وَمِـن عظـم
إِذا طــرف جبريــل يَرعـاه وَيرمقـه
وَكُــل طَـرف مِـن الكُفـار عَنـهُ عمـي
فَالصدق في الغار وَالصَديق لَم ير ما
حاشـاهما اللَـه مِـن سـوء وَمِـن نقم
وَردت الفئة الأَرجـــــاس خائبــــة
وَهُـم يَقولـون مـا بالغـار مِـن أرم
ظَنـوا الحمـام وَظَنوا العَنكبوت عَلى
مُحمــد وَأَخيــه الصــدق لَــم تخـم
وَأَيقنــوا أَنَّــهُ لَــو كـانَ داخلـه
خَيـر البَريـة لَـم تنسـج وَلَـم تحـم
وقايــة اللَــه أَغنـت عَـن مُضـاعفة
مِــن الكَتــائب وَالفُرسـان وَالحشـم
وَحيطـــة اللَــه تَحميــه وَتحفظــه
مِــن الـدُروع وَعَـن عـال مِـن الأَطـم
مـا سـامَني الدَهر ضَيماً وَاستجرت بِهِ
وَصـرت أَدعـو بِـهِ فـي حنـدس الظلـم
وَلــذت مِــن عظـم إشـفاقي بحضـرته
إِلا وَنلــت جــواراً مِنــهُ لَـم يضـم
وَلا التمسـت غنـى الـدارين مِـن يده
إِلا وَأَصــبَحت فــي بَحـر مِـن النعـم
وَلا اســتلمت جَنابــاً عَــزَ صــاحبه
إِلا اسـتَلَمت النَـدى مِـن خَيـر مُستلم
لا تُنكـر الـوَحي مِـن رُؤيـاه إِن لَـهُ
سـراً عَجيبـاً وَقَـدراً في الكَمال سَمي
وَكُــل مــا قَــد رَأى حــق لأَن لَــه
قَلبـاً مَـتى نـامت العَينـان لَم ينم
وَذاكَ حيـــنَ بُلـــوغ مِــن نبــوته
إِذ جـاءَ جبريـل بِالنـاموس وَالحكـم
وَحيــنَ إِذ طهــر الرَحمَــن جملتــه
فَكَيــفَ يُنكــر فيــهِ حــال مُحتلـم
تَبــارك اللَــه مــا وَحـي بمكتسـب
بَــل إنمـا هُـوَ عَـن حَـظ وَعَـن قسـم
وَلا رَســـول لمــا يَــأتيه مُخــترع
وَلا نَـــبي عَلـــى غَيـــب بمتهـــم
كَــم أَبـرَأت وَصـباً بِـاللَمس راحتـه
وأقصــدت جَحفلاً كَـالبَحر فـي العظـم
وَكَـم رَوَت عَسـكراً مِـن فَيـض راحتهـا
وَأطلقــت أربــاً مِـن ربقـة اللمـم
وَأحيــت الســنة الشــَهباء دَعـوته
وَأَخرجــت أَهلهـا مِـن سـورة العـدم
وَضــوء نيرهــا مِــن نــور جَبهتـه
حَتّـى حَكَـت غـرة فـي الأَعصـر الـدهم
يعـارض جـاد أَو خلـت البطـاح بهـا
طوفــان نـوح وَلَكـن بِـالنَوال همـي
كَــأَن وابلهــا فــي كُــل ناحيــة
سـيب مِـن التـم أَو سـَيل مِـن العرم
دَعنــي وَوَصــفي آيــات لَــهُ ظَهَـرَت
عَلـى الـوَرى وَغَـدَت للنـاس كَـالنعم
اللَــهُ بَعــد خفــاء مِنـهُ أظهرهـا
ظُهــور نـار القـرى لَيلا عَلـى علـم
فَالــدر يَـزداد حُسـناً وَهـوَ مُنتَظـم
فـي سـلكه وَيـرى فـي أَحسـن القِيَـم
وَلَيــسَ يعــدم حســناً وَهـوَ مُنتَـثر
وَلَيــسَ يَنقــص قَــدراً غَيـر مُنتَظـم
فَمــا تَطــاول آمـال المَديـح إِلـى
كَمـــاله وَعلاه الـــوافر العمـــم
وَكَيــفَ تَســتوعب المــداح قاطبــة
مــا فيـهِ مِـن كَـرَم الأَخلاق وَالشـيَم
آيــات حَــق مِــن الرَحمــن محدثـة
قَـد بينـت خـبر الماضـي مِـن الأُمـم
وَإنَّهــا عِنــدَ أَهــل الحَــق كُلهـم
قَديمــة صــفة المَوصــوف بِالقــدم
لَــم تقــترن بزمـان وَهـيَ تخبرنـا
عَــن الغُيـوب وَعمـا كـانَ مِـن هـرم
جـاءَت إِلَينـا مِـن البـاري لتنبئنا
عَــن المعــاد وَعَـن عـاد وَعَـن إِرم
دامَــت لَــدَينا فَفـاقَت كَـل معجـزة
جـاءَت بهـا الرُسـل مِـن باد وَمكتتم
وَاســتوعبت كــل إرهــاص وَمكرمــة
مِـن النَـبيين إِذا جـاءَت وَلَـم تَـدُم
مُحكمــات فَمــا يَبقيــن مِــن شـبه
وَمحكمــات فَمــا غــادرنَ مِـن سـقم
لَــم تبـق ريبـا وَلا شـَكا فَواصـلها
لــذي شــقاق وَلا يَبغيــن مِـن حكـم
مــا حـوربت قَـط إِلا عـاد مـن حَـرب
عَــدوها وَهــوَ فـي خـزي وَفـي نقـم
وَكَــم غَــدا حيثمـا سـلت صـَوارمها
أَعـدى الأَعـادي إِلَيهـا ملقـي السلم
رَدت بَلاغتهـــا دَعـــوى معارضـــها
عَلــى فَظاظَتهــا مَنكوســة العلــم
تـرد مَـن جاءَهـا يَبغـي الهَوان بِها
رَد الغيـور يَـد الجـاني عَـن الحرم
حسين بن علي بن حسن بن محمد بن فارس العشاري البغدادي الشافعي نجم الدين أبو عبد الله.يعود أصله إلى العشارة وهي بلدة تقع على ضفة نهر الخابور وكانت تابعة في العهد العثماني إلى لواء دير الزور، ولد وتعلم ببغداد، وفي تاريخ ولادته خلاف إذ وجد رسالة كتبها باسم والي بغداد إلى الشريف مسعود بن سعيد بن زيد المتوفى سنة 1165ه وهي بالتالي تناقض التاريخ الذي ذكره المرادي أنه ولد سنة 1150ه.وكان من أساتذته الشيخ جمال الدين عبد الله ابن حسين السويدي البغدادي المتوفى سنة 1174 ه وولده الشيخ عبد الرحمن السويدي المتوفى سنة 1200ه وكان خطه جميلاً نسخ به كثيراً من الكتب.له: (حاشية على شرح الحضرمية لابن حجر الهيتمي)، (حاشية على جمع الجوامع في أصول الفقه)، (رسالة في مباحث الإمامة)، (ديوان الشعر).