
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـاجَ بَـرقُ السـَعدِ قَمَرِيُّ الهَنا
فَتَغَنّـــى هَزجـــاً فــي هَــزجِ
وَسـَرَت بِـاليَمنِ مِـن رَوضِ المُنى
نِســـمَةً هَبَّـــت بِطيـــبِ الأَرجِ
وَحَمـــامُ البِشــرِ غَنّــى وَتَلا
ســَيرُ اللَهــوِ بِنـادي الطَـرَبِ
قَـد رَقـى مِنبَـرُ بـانٍ وَاِعتَلـى
فــي مُــروجٍ كَمُــروجِ الــذَهَبِ
فَهــوَ لا يَنفَــكُّ يُملــي لِلمَلا
أَعنَقَــت بِـالحُزنِ عُنُقـاً مَغـرِبِ
بغنــاً ناهيـك فيـه مـن غنـا
خمــرة اللهـو بـه لـم تمـزج
أتــرى معبــد القـى المـدنا
لحمـــام الســقط والمنعــرج
فـترى فيهـا الفضا لما ارتدى
ولــه مـن لامـع الـبرق شـنوف
يرقـص القطـر زفونـاً إذ غـدا
يضــرب الرعـد بجنـبيه دفـوف
وتـرى الآكـام فـي قطـر الندى
ظهـرت فـي مـده مثـل الحـروف
وتــرى فيــه الرواسـي سـفنا
ســبحت مــا خــرة فــي لجـج
وتــرى الضــب يـؤم المكمنـا
ثانيـــاً برثنــه لــم يعــج
وتــرى منتظـم الطـل السـقيط
فيــه بطـن الـواديين اتشـحا
والصـبا قـد حملت عرف الخليط
ولــذا كـانت لقلـبي أرواحـا
فصــلت هــذي وذيــاك يخيــط
مطـرف الزهـر فيكسـو الأبطحـا
إذ حـدا الرعـد يسـوق المزنا
مثقلات كــــالظعين المدلـــج
ودعــا عنـد محـاني المنحنـى
يــا ربـوع ابتشـري وابتهجـي
عـارض الوسـمي كـم قـد روضـاً
وجـــه وهــدٍ وكــثيب أوعــس
فكــأن المــاء لمــا غيضــا
قيـل يـا أرض أبلعي ثم أكتسي
والبســي أخضــر لكــن فضضـا
بالأقــاحي فهــو أسـنى ملبـس
الحمــت آســاً وســدت سوسـناً
يــد أزهــار الربيـع الأبهـج
ثــم حــاكته تبـاهي اليمنـا
هكـــذا صـــنعاء لا تنســـجي
دولـة للزهـر ترتـاح النفـوس
فــي تجليهــا وفـي أطوارهـا
أرغمــت كرتهـا أنـف المجـوس
إذ تجلـى المـاء فـي أزهارها
كـم تـرى نجمـاً ولكـن الشموس
ليــس يخفيــه سـنا أنوارهـا
وتــرى وشــياً يـروق الأعينـا
يرقــص الأغصــان رقـص الغنـج
والشـقيق الغـض يصـبي الغصنا
إذ بــدا فــي خـده المنفـرج
والثريـــا مثــل كــف بضــة
للـدجى أو مـت فلباهـا الغسق
أو كعنقــود بــدا مــن فضـة
قــد جلاه الإفــق فـالأفق طبـق
وســـهيل خـــد خـــود غضــة
لثمــت فــاحمر منهــا وخفـق
أو كقلــب بــالملاح افتتنــا
فهــو خفــاق كــثير الوهــج
بــات ينــزو مسـتطيراً شـجنا
إذ أتــى الليــل بظـل سجسـج
واتانــا بعــد صــد ونفــار
وأصــلاً حبلــي بـه مـن قطعـا
زار ليلاً فغــدا الليـل نهـار
قمــر فــي أفــق شـعر طلعـا
كلمـا حـط عـن الثغـر الخمار
شــيم بــرق بالثنايـا لمعـا
فارتجينــا غيــث أنـس هتنـا
يرتــوي منــه أوام المرتجـي
وقرعنــا ثــم أبـواب الهنـا
ففتحنـــا كــل بــاب مرتــج
وغــدا البـدر إليـه يستشـيط
رام أن يفضــــحه فافتضـــحا
أخجـل البدر فذا الطل السقيط
عــرق مــن وجهــه قـد رشـحا
ولئن ســح علـى وجـه البسـيط
فبمنــديل الــدجى قـد مسـحا
وهــو لــو أنصـفه كـان دنـا
وتــدلى فــي مكــان الدملـج
أم رأى القــرط يــؤد الأذنـا
ورأى الســـاق بحجـــل حــرج
ونــديمي فــي أوانيــه سـعى
ذو بنــان راق فــي تطريفــه
وفــر البـذل علينـا إذ رعـى
عهــده فــأزور مــن تطفيفـه
طـاف بالصـغرى وبـالكبرى معا
معجــب الصــنعة فـي تـأليفه
فهـو لـي بشـرى بإتناج المنى
إذ ســعى نحــوي بشـكل منتـج
جــابراً صـدعي فيـه مـذ دنـا
يصــدع الليــل بــوجه أبلـج
وأبـــاريق إذا مــا عربــدت
أشـرقت أكؤسـها بيـن الريـاض
بابنـة الكـرم علنيـا قد بدت
فافتضضـنا ختمهـا لا عـن تراض
زوجــت مــن غيـر عقـد فغـدت
تنتـج اللؤلـؤ مـن غيـر مخاض
فــانجلت أفــراخ در بيننــا
حضـــتها كـــف ذات الدملــج
أمهــا فـي فـرع كـرم تجتنـي
وأبوهــا مــن نطـاف الحشـرج
دع ســلاف الخمـر فـي تصـفيقه
وارتشـف مـن ثغـره خمر أتروق
حبــذا شــرب الطلا مـن ريقـه
أنهـا أعـذب مـا يحسو المشوق
لــم يدنســها صــدا أبريقـه
فلــذا ســاغت صـبوحاً وغبـوق
إذ غــدا يحسـو رضـاباً وجنـى
مــن ثنايــا شعشـعت بالبلـج
تلـك للمضـنى بهـا برء الضنى
وبلال لغليــــــل الوهـــــج
كلمـا ارتـج وهـي رمل الكثيب
خجلاً مــن موجــة فــي ردفــه
وإذا ماس انحنى الغصن الرطيب
طربــاً فــي هــزة مـن عطفـه
فـإذا ريـح الصـبا هبـت قريب
طــار قلـبي خشـية مـن قصـفه
وإذا مــا كســر اللحـظ لنـا
فتكـــت الحـــاظه بالمهـــج
كــم رمــاني بسـهام إذ رنـا
ذلــك الريــم بطــرف أدعــج
قــائلاً لمــا جلا لــي شــنفه
شـم بـن بـرق المنى يا مبتغي
قلــت ورد الخـد أبغـي قطفـه
قـال يـا عقـرب صـدغي ألـدغي
قلــت يــا نفـس ترجـي عطفـه
أو كــل البـذل لـوا والأصـدغ
فغــدا يضــحك منــي وانــثى
ينظــم القـول باسـلك الغنـج
قـال طب نفساً فقد نالت المنى
مـا علـى أهـل الهـوى من حرج
قســـماً بالراقصــات الضــمر
تــترامى للمصــلى والحجــون
وبمــا يحملــن مــن معتمــر
مسـعر القلـب بنيـران الشجون
بــادر النســك بقلــب مقصـر
وقضـى مـن منسـك الحـج شـؤون
وبمــــن بـــات ثلاث بمنـــى
ضــارعاً فــي همــه المعتلـج
ذاهــل اللـب عنـاه مـا عنـى
فالتجـا حيـث يغـاث الملتحـي
ومـبيت الركـب فـي روضـة خاخ
بــي أحقــاف النقـا والأبـرق
وبمــن يقنـص مـن غيـر فخـاخ
متهمـــات كــل ركــب معــرق
كـم مـول ثـار عـن قلـب أناخ
فهــي أشــتات بــه لا تلتقـي
كــم رأت عينـاي وجهـاً حسـنا
بيــن هاتيـك الربـي والفـرج
مـن ظبـاء الخيـف إذ عنت لنا
بيــن أدمــاء وخشــف أدعــج
وبمسـرى العيس للحادي اللجوج
قـد كسـاها الليـل ثوب الحلك
فـي بـدور أشـرقت بين الحدوج
قـد سـبت حسـناً بـدور الفلـك
تخـذت مـن فـاحم الشـعر بورج
وحبــاك الرمــل ذات الحبــك
فــي قــدود كأنـابيب القنـا
بســـوى الأدلال لـــم تنعــوج
كـم رأى مـن جـاء ذاك الظعنا
بــدر تــمٍ مشــرق فـي هـودج
وبمـــن يجـــررن ربــط الأزر
يختلسـن الخطـو تيهـاً لا حذرا
كــل غيــداء ســعت للمشــعر
قـد جلا معصـمها رمـي الجمـار
وانثنــت فـي بـدنها للمنحـر
ولهــا أشـفار عينيهـا شـفار
ليـت شـعري لـم تسـوق البدنا
أو لــم تفــد بسـفك المبهـج
كــل مـن حـج لـديها افتتنـا
قـد أصـاب الـبر مـن لم يحجج
لقـد أثـاقلت عـن ديـن الهوى
وتخلــت مــن يــدري أمراسـه
إذ ذوي غصــن شـبابي فـالتوى
ونســـيمي ركـــدت أنفاســـه
أو للغيــد أرى نهجــاً ســوا
والصــبا قــد عريـت أفراسـه
كـان ذاك الـورد غصن المجتنى
وشــفيعاً موليــاً مـا أرتجـي
خلتــه يبقـى فلـم يبـق لنـا
وتقضـــي ليلـــه فــي دلــج
أيهــا المضـني لركـب أوجفـا
وزمــان عنــك فــابت شمســه
دعــه واسـل ويـك عمـا سـلفا
واقتبــل دهـراً جديـداً أنسـه
إن موســى مـذ أحـال الشـرفا
طبــق الــدنيا سـروراً عرسـه
وبــه قــد راق بــل رق لنـا
مشــرع الأفــراح عمـر الحجـج
إن موســى ونشــيدي والهنــا
أرج فـــــي أرج فـــــي أرج
كـان لـولا فضـل موسـى مـدركي
وأيــاديه الـتي أعيـت أيـاد
مغرقــي دمعـي وشـوقي مهلكـي
للحبيـــبين شــبابي وســعاد
باليـد البيضـاء أضـحى ممسكي
إذ طغى فرعون حزني في الفؤاد
ولقــد دك بــه طــوط العنـا
إذ بــدا فـي نـوره المنبلـج
وهــو مــن يـاس وكـرب قرنـا
كـان لـي بـاب الرجـا والفرج
رد غــرب الشــوق فـي فرحتـه
وهـو بحـر كـان لمـا انبجسـا
فاتـل مـا قـد جـاء في مدحته
جعــل البحــر طريقــاً يبسـا
وســرى ســرحي إلــى ســرحته
وعليــه ركــب شــوقي حبســا
قــالت الآمـال قـف بـي ههنـا
وعلـــى وادي طـــواه عـــرج
فــي ذرى جــانب طـور أيمنـا
هــو كهـف الملتجـي للملتجـي
كنــت لـم آلـف لـدار مألفـا
أو أرى الحســناء مــن ألافـه
ولكــم كلفــت ركــبي نفنفـا
لــم تحـم طيـر علـى أكنـافه
أوطــأت حرتــه نضــوي حفــا
فســقى الــترب دمـا أخفـافه
تــارة شــاماً وأخــرى يمنـاً
مولعــاً فــي مــدخل أومخـرج
تهـت فـي وادي التصـابي زمنا
وهــو أفضــاني لأهــدي منهـج
فأنـا أشـكره مـا اخضـر عـود
إنمــا الشـكر جـزاء المنعـم
وأهنيـــه بنظـــم كــالعقود
كــان سـراً فـي ضـمير الحكـم
قـارنت بدر الهدى شمس السعود
فتهانينـــا بنظـــم الأنجــم
واســـتنارا بســـناء وســنا
فأضــاءا غسـق الليـل الـدجي
مـذ أتـت تطوي الظلام المردنا
تتحــرى منــه أهــدى منهــج
بــذخت فــي نســب مـن أحمـد
فهــي للجمــرة مــن عـدنانه
لشـعيب مـا اتنمـت فـي محتـد
لا ولــم تــرع لـه فـي ضـانه
لــم تقــف ذائدة عــن مـورد
لا ولا اجتــازت علــى أوطـانه
بـــالغريين لهــا لا مــدينا
منــزل ســامٍ رفيــع الــدرج
تـــألف الأملاك منــه مأمنــا
فيـه مـا نـام القطا لم يزعج
وهـو من في موسم العليا اتجر
وتجـارات المعـالي لـن تبـور
فيــه للعــافين كنــز مـدخر
إن رمـت فـي أزمة قوس الدهور
وهــو للأمــال بحـر قـد زخـر
تغـرق الشـعري به وهي العبور
حـاز مـن شـم المعالي القننا
وبــه غيـر العلـى لـم تعـرج
ذاك نهـج قـد نبـا واسـتحزنا
عــدلت عنــه بنــات الأعــوج
فمــتى كــوكب نــوءٍ أكــذبا
ناكثـاً فـي حلفـه عهد العهاد
وبــروق المــزن كـانت خلبـا
وغـدا البـدو يكـدون الثمـاد
وأديــم الأرض أضــحى أشــهبا
حيـث تنصـاح الروابي والوهاد
كنـت فيـه المجتـدي والمجتنى
منــه أزهـار الربيـع الأبهـج
وســجايا تمطــر النـاس غنـا
ظــل مـن فـي بـابه لـم يلـج
قـل لمـن جـاراه يبغي القصبا
حازهــا موســى فلــم تسـتبق
فـإذا مـا الـبزل وافـت خببا
قصــرت عــن شــأوهن الحقــق
وإذا الـبر ذون جـاري سـلهبا
رد مجـــراه مضـــيق أزلـــق
ليــس مــن جــاراه إلا زمنـا
مقعــداً فــي شــلل أو عــرج
وهــو كـالبرق وإن كـان ونـى
فهـو كـالهوج سـرت فـي مـدرج
ففــتى فــاراب فــي تعليمـه
لـم يكـن مـن مسـكه إلا أريـج
يبهــز الكنــدي فـي تنجيمـه
وهـو لا واللَـه لـم ينظر بزيج
ينــزع الخصــم إلـى تسـليمه
ولكــم خاصــم أســاداً تهيـج
فهــو إن جـادل أو قـال أنـا
ســــطعت حجتــــه بالفلـــج
وإذا مـــا غــالطوه برهنــا
أي وعينيـــه بـــأقوى حجــج
فـابن سـينا لـم يكن في علمه
مثـل مـن في طور سيناء ارتقى
وإيـــاس قطـــرة فــي يمــه
وأويـــس لا يـــدانيه تقـــى
وابـن قيـس لـم يقـس في حلمه
وكــذا قــس إذا مــا نطقــا
لا تقســه فــي ســواه علنــا
ليــس كــالحرة لحـب المنهـج
أم تـرى البـدر كليـل أدكنـا
أم شـذا المسـك كريـح العرفج
عرقــت فيــه البهاليـل ومـن
عرقــت فيــه البهاليـل نجـب
نســب أشـرق فـي أفـق الزمـن
شـهباً تهـزأ مـن ضـوء الشـهب
مــن كــرام عـم شـاماً ويمـن
نيلهــم فهـو كـأنواء السـحب
كـــل جيـــد طوقــوه مننــا
مشــرقات فـي الـدجى كالسـرج
لـم يـزل ربعهـم ربـع الهنـا
ومغــانيهم مغــاني الملتجـي
محمد سعيد بن محمود، من آل حبوبي، الحسني النجفي.شاعر وفقيه وطني ومجاهد عراقي، من أهل النجف، ولد بها وأقام مدة في الحجاز ونجد، له (ديوان شعر - ط) نظمه في شبابه. وانقطع عن الشعر في بدء كهولته، فتصدى لتدريس الفقه وأصوله، وصنف في ذلك كتباً.وكان في جملة العلماء الذين أفتوا بالجهاد، في بدء الحرب العالمية الأولى، لصد الزحف البريطاني عن العراق، وقاتل على رأس جماعة من المتطوعين، في (الشعبية) مع الجيش العثماني. وبعد فشل المقاومة لم يتمكن من العودة إلى النجف، فنزل بمدينة الناصرية وتوفي بها.