
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بـي يـا ساقي الطلا ابدأ أولا
وبـي اختـم دورهـا مـن قرقـف
ألبســت خــديك منهــا شـعلا
تســلب الليــل رداء الســدف
خمــرة فــاح شــذاها بعـدما
فضــح الأرجــاء بــل أرجهــا
هــي مــن نــار ولكـن كلمـا
نضــح المــاء بهــا أججهــا
وحبـاب المـزج فيهـا انتظمـا
كثغـــور جـــل مــن فلجهــا
وبـــدت فيهـــا لآلٍ تجتلـــي
مـــا حكتهــن لآلــي الصــدف
عقـدت فـي نظمهـا عقـد الولا
رصـــفه راق كمـــاء الرصــف
حربهــا حربـي وسـلمي سـلمها
فأنـاً مغـرىً بهـا بها مستهتر
مـن خـدود الغيـد يجني كرمها
وبأحـــدق المهـــا تعتصـــر
فــإذا مـا فـض عنهـا ختمهـا
فـي الـدجى بـات الدجى يستعر
ســكب المــاء بهـا فاشـتعلا
وأبـــت شــعلتها أن تنطفــي
وهـي فـي الحالين عند النبلا
منيـــة المقتبــس المغــترف
مــن ثنايـاك اسـتعارت حببـا
ومــن الريــق طلاهـا تسـتعار
فكــأن صــورة ثغــر أشــنبا
لاثـه الخمـر ومـا لاث الخمـار
رشــحه لــو لـم نصـفه ذهبـا
لـم يكن في معصم الساقي سوار
فهـو لـو ينطـق ما بين الملا
لســـوى ثغــرك لــم يعــترف
فاســقني ثغــر لا ثغـر الطلا
أنــــه أعــــذب للمرتشـــف
خمــرة عتقهــا القــس سـنين
فأقــامت وهــي لا تبغـي حـول
فهـي فـي بطـن الحوانيت جنين
وهـي تـروي سـير الفـرس الأول
أفصـحت إذ بـات عيـاً مـن تلا
شــرح أنبــائهم فــي الصـحف
كـم جلوناهـا وكم فيها انجلى
نبـــأ القــس وســر الأســقف
أبــداً تجلــى ويجلـى القمـر
فيــرى ثــم لهــا سـر أنيـق
طـاب فـي مثـل حسـاها السـمر
إذ بـدت تحسـبها نـار الفريق
وإذا الركــب رأوهـا أبصـروا
وأضـح النهج وقد ضلوا الطريق
تــترك المعقــول حسـاً للملا
وهـي مـن وشـي البها في مطرف
فــترى فيهــا الطـراز الأولا
وهــي تحكيــه عيانــاً فتفـي
كــن لــدى جلوتهــا منتبهـا
فعلـى تكييفهـا طـال اللجـاج
أهـي بالكـاس أم الكـأس بهـا
أذ بـدت صرفاً فأخفاها المزاج
فهمــاً شــيء بــدا مشــتبها
أم همــا شـيئان خمـر وزجـاج
لا الطلا كــأس ولا الكــأس طلا
عــزب القصــد علـى المعتسـف
ولهــا إن شــئت فاضـرب مثلا
وحــدة الوصــف مــع المتصـف
فهــي لا تنفــك تجلــو حببـا
كــاللآلي انتظمـت فـي سـلكها
هـــي كالفضــة لاقــت ذهبــا
وغــدت ممتــازة فــي سـبكها
أو كشـــمس بســـناك اتصــلا
مـا أتـى الـدهر بليـل مسـدف
والــــذي أبصـــر ليلاً أليلا
فهــو عــن مرآكمـا فـي كنـف
مـن فـم الإبريـق لمـا انسكبت
شــربتها مقلــتي قبــل فمـي
أتــرى كفــك منهــا اختضـبت
بــدم العنقــود لا بلا بــدمي
هـي مـن نـار إذا مـا التهبت
أحرقــت بـالكف زهـر العنـدم
إن مـــا خضــب تلــك الأنملا
دم مشــعوف جــرى مــن شــعف
طـل فـي تلـك الترافي والطلى
وســـوى خـــدك لــم يغــترف
هاتهــا تشــرق فـي أكوابهـا
صـبغت ثـوب الدجى لون الصباح
علـى نفسـي مـن ضـني أوصابها
تجـد الـبرء ويعروهـا ارتياح
وأنعتنهـا ويـك فـي ألقابهـا
فهــي روح وهـي روح وهـي راح
وكأوصــاف الطلا ســاقي الطلا
ولمـــاه العـــذب للمرتشــف
إذ ســعى يرتـاح فيهـا معجلا
عـاثراً بـالريط ريـط الرفـرف
رشـــأٌ يرتــاع مــن مغرمــه
وهـو فـي مـأمنه بيـن الفـرق
وإذا مــا خفــت مــن لــومه
ظلـت أكني عنه بالغصن الرشيق
ولكـــم مــوهت عــن مبســمه
بثنايا الجزع من وادي العقيق
قـد لـوى جيـدي عن ريم الفلا
ربــرب القصــر ربيـب الـترف
جــؤذر قـد راح يـأوي منـزلا
بيــن أطبـاق الضـلوع الرجـف
فهـو مـن قلـبي يـأوي مكنسـا
وبأجفـــــاني إذ تنطبـــــق
ناظمـاً دمعـي إذ مـا انبجسـا
لؤلـــؤاً فــي جيــده يتســق
وعلـى نـار الصـبا قـد غرسـا
ورد خـــــديه فلا يحـــــترق
وبميــل الســحر لمـا اكتحلا
مســح اللحــظ بحــد المرهـف
وجلا ســــيفاً ورمحــــاً قتلا
وهمـــا مــن دعــج أو هيــف
رقرقــت وجنتـه مـاء الشـباب
فــأراقت أدمعـي فيـه المقـل
ولنـار الحسن في الخد التهاب
يبعـث الوجـد إلينـا بالقبـل
كــم رنــا لا بـل رمـى أصـاب
مـن حشـا عاشـقه مـأوى الغلل
وإذا الألحــاظ كــانت أنصـلا
لـم يكـن غيـر الحشـا من هدف
أي وعينيــه إذا مــا اعتقلا
صــعدةً مــن قــده المنعطــف
علــق القــرط بــأذنيه وثـن
ضــل مــن صــلى إليـه وغـوى
كم بذاك القرط ذو اللب افتتن
إذ تجلـى وعلـى العـرش استوى
مرســلاً مـن سـبط الشـعر علـن
ودعـا النـاس إلـى شرع الهوى
كــافراً جــاء إلينـا مرسـلاً
وهـو لـم يـؤمن بما في الصحف
أتلــف النــاس جيمعــاً وتلا
ليـس مـن شـرعي ضـمان التلـف
ذاك ريــم بـات عنـدي بعـدما
أخــذت منــه الحميــا مأخـذ
كلمــــا قبلتـــه ملتثمـــا
فـاح لـي مـن نشره طيب الشذا
ولقــــد عنقتـــه ملتزمـــا
شـــارباً ريقتـــه حــتى إذا
مـا أبـاح الصـبح لمـا اتصلا
أقحـــوان الشــهب للمقتطــف
كــان كالبـدر تجلـى وانجلـى
أو كمــا طـاحت يـد مـن كتـف
بمحيــاً قــد بــدا فانعكسـا
شــكله شمســاً أضـاءت مطلعـا
فكــأن الليــل لمـا اندرسـا
ثــم غيـمٌ قـد غشـى فانقشـعا
وكــأن الــدهر زهــر يبســا
بعــد أن أينـق أو أن أينعـا
وكـــأن البـــدر لمــا أفلا
درهــم ضــمته كــف الصـيرفي
وكـــأن الصــبح لمــا أقبلا
مفعـــم ســال بقــاع صفصــف
فلتطــب نفســي عـن أخـدانها
فالأمــاني ضـلة بعـد الفـراق
أيــن مـن نجـد ومـن سـكانها
قـاطن الحيـرة من أرض العراق
إنمــا الراحـة فـي سـلوانها
وعنـــاء ذكــر أيــام التلاق
كــم مشــوق قـد تسـلى فسـلا
وطــوى الأشــواق طــي الصـحف
وإذا ظـــل الوصـــال انتقلا
لـــم يعــد فــائته بالأســف
بيـد أنـي شـمت في ربع الهنا
بارقــــاً لاح بـــه يـــأتلق
ظــل يحــدو للأمــاني مزنــا
هـــي بــالأنس غــدت تنــدفق
صـدقتني وعـدها فيهـا المنـى
وهــي فــي عهـدي قليلاً تصـدق
جــددت لــي عيشـها المقتبلا
وغــدت تنجــز وعــد المخلـف
ولعمـــري قــد بلغــت الأملا
ولقـد شـاع الهنـا فـي كنفـي
يــوم تزويــج بــدور وشـموس
بزغـــت ليلاً وبـــاتت بزغــا
واصـلت نـوراً بمـرآة النفـوس
أدركــت أمنـاً ونـالت مبتغـى
هزمـت فـي سـعدها جيش النحوس
وبهــا ثـوب النحـوس انصـبغا
فشــدا القمــري لا بـل هلهلا
بمثــاني الســاغبات الهتــف
ملأت بالبشـــر أقطــار الملا
فرحــــة بــــأرض النجــــف
يـا أبـا القاسـم خـذها قسما
بمعاليـــك بلا خنـــث وميــن
أنـت لـو تخطـب مـن أم السما
بنتهـا الشـمس لزفـت رأي عين
وأتــت تنحــو مغانيــك كمـا
أقبلـت تنحـوك شـمس الحسـبين
أو لسـت البـدر لمـا انسـدلا
فـوق متـن الليـل ثـوب السدف
ومعيــر الـروض خلقـاً مجتلـي
مــن ســجاياك بأســنى زخـرف
فـاهن يـا عبـاس فـي قرة عين
وأشـأ سـبقاً يا جواد الحلبات
بفتــاتين همــا بالمنســكين
طافتـا والعـرف ينحـو عرفـات
زارتــا شمسـين برجـي قمريـن
فغــدا ســعد قـران النيـرات
قلـــت إذ ذاك وهــي اتصــلاض
مـن لفـي تلـك وذا فـي مـألف
تلــك بلقيـس سـليمان العلـى
وكــذا هــذي زليخــا يوســف
حبــذا أنــاء لهـوٍ قـد غـدا
باســم الثغــر بهـا عباسـها
بلغـت فيهـا الـورى أقصى مدى
للهنــا حيــث جـرت أفراسـها
وإذا مــا أســرةٌ عمــت يـدا
بالنــدى عمـت هنـا أعراسـها
وكــذا أنتــم بلـى ثـم بلـى
لــم تزالـوا خلفـاً عـن سـلف
فاشــد يــا سـعد وغـن طربـا
وجــد العــود بجــس الــوتر
فـاح نشـر البشر ترويه الصبا
وســـرى منـــه بــذيل عطــر
وجــرت خيــل التهـاني خببـا
لعلــي المجـد سـامي المفخـر
مـن لـه ابـتز المعـالي حللا
وهــي فـي دهـري شـمس الشـرف
يتــوارى البــدر منــه خجلا
كيـــف يرعــاه بــوجه كلــف
ملــك مــا إن تجلــى وبــدا
ســجد الــدهر علــى أقـدامه
ولــه تــاج الكمـال انعقـدا
واسـتقام الشـرع فـي أحكـامه
ولكـــم جــد لــه واجتهــدا
رافعــاً للزيــغ فــي أقلامـه
رب أقلام تضــــاهي الأســــلا
فــي شـباها وحـدود المشـرفي
هـــي أحــرى للفــتى معتقلا
حيــث لا زحــف لغيــر الأحـرف
علـــم يــؤتم فــي للرشــاد
إن دجــــا للجهـــل مســـدف
ببيــان لــو وعـى قـس أيـاد
مثلــــه راح بـــه ينشـــغف
ولســان كلمــا أدبــى أعـاد
جاحــد الفضــل لــه يعــترف
يتثنــى الــدهر فيــه جـذلا
فهـــو منهـــز بقــدٍّ أهيــف
أتـرى ذا الحـبر يملي الغزلا
أم تــرى للـدهر فـرط الشـغف
ذو قــدور ملأت صــدر الفضـاء
راســيات أو جفــانٍ كـالجواب
تحسـب الغلـي بهـا كـان رغاء
فحـل الـبزل بهـا وهـي عـراب
وإذا مـا اتنصـبت عند الغناء
فأثافيهــا شــماريخ الهضـاب
وإذا مـا الليـل ألقـى كلكلا
أو قــدوا نيرانهــا بالشـغف
أوقـدوا العـود بها والمندلا
فهــــو للأعيـــن أو للأنـــف
لا يـــرى لا لجـــواب تصـــلح
ونعـم تـأتي فتاتينـا النعـم
صــحفت فــي لظــه إذ تفتــح
نونهــا أدهــى للنــاس نعـم
ذات لا يســـام ممـــا يســمح
وسـخاء الطبـع لا يـدري السآم
فاسـأل الغيـث إذا ما انهملا
عــن نــدى كفيــه إن تكتــف
عــن نــدى كـفِّ نـداها أخجلا
طلــه غيــث الغمــام الوكـف
فلـو أن الغيـث يمتـاز الندى
منــه مـا أجـدب يومـاً مشـهد
واســتهل الـبرق منـه عسـجدا
ولجينــاً هــل فيــه الــبرد
وكــذا البحـر لـو نـال يـدا
مــن أيــاديه إذا مـا يزيـد
لجلا اللؤلــــؤ للنـــاس ولا
حــازه فــي قعــره بالصــدف
وغــــدا بينهـــم مبتـــذلا
أي وعينيــه ابتــذال الخـزف
ذاك مــن لــو كلنــا مـداحه
مـا نـرى بالعشـر مـن معشاره
ذاك إن جــن الــدجى مصـباحه
يفضــح البــدر سـنا أنـواره
مـــدحه قــد عجــزت شــراحه
فـاكتفوا بـالعين مـن آثـاره
غيــر أنــي رمـت فيهـا رتلا
أن أوشــي فــي ثنــاه صـحفي
ونظمـــت الشــهب فيــه جملا
كــي أحليهــا بأســنى شــرف
لـم يـزل منـك عل جيد الفخام
طــوق عـز أبـد الـدهر اتصـل
صـاغه مـن صـاغ أطواق الحمام
وكسـا الطـاووس موشـي الحلـل
وغــدا مغنــاك مــأوىً للملا
ملجـأ الخـائف خصـب المعتفـي
مــا شــدت ورق وغنــت طربـا
ترقـــص الغــض بــروض أنــف
محمد سعيد بن محمود، من آل حبوبي، الحسني النجفي.شاعر وفقيه وطني ومجاهد عراقي، من أهل النجف، ولد بها وأقام مدة في الحجاز ونجد، له (ديوان شعر - ط) نظمه في شبابه. وانقطع عن الشعر في بدء كهولته، فتصدى لتدريس الفقه وأصوله، وصنف في ذلك كتباً.وكان في جملة العلماء الذين أفتوا بالجهاد، في بدء الحرب العالمية الأولى، لصد الزحف البريطاني عن العراق، وقاتل على رأس جماعة من المتطوعين، في (الشعبية) مع الجيش العثماني. وبعد فشل المقاومة لم يتمكن من العودة إلى النجف، فنزل بمدينة الناصرية وتوفي بها.