
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
طفيل الغنويّ هو طفيل بن عوف بن خلف بن ضُبَيس، أبو قرّان، شاعرٌ جاهليٌّ من قبيلةِ "غنيّ" المنحدرة من قبائل قيس عيلان المضريّة العدنانيّة. لُقِّبَ بالمُحبِّر وبطفيل الخيل؛ لشهرتِهِ الفائقة في وصفِ الخيل، وقد عُدَّ ضمن أهمّ ثلاثة شعراء وصفوا الخيل في الجاهليّة. كان سيّدًا في قومِهِ يأخذ المرباع (أي ربع الغنيمة)، وعُرِفَ بمشاركته في حروب قومِه؛ لا سيّما مع قبيلة "طيّئ". اشتُهِرَ شعرُهُ بوصفِ الخيل وحروبِ قومِه، كما اشتُهِرَ بحكمتِهِ ووصفِه لمكارم الأخلاق. روى عنه زهيرُ بن أبي سلمى الشّعر، وذكر الأصمعيّ أنّ كلّ الشعراء تأثّروا بشعره بما فيهم النابغة الذبيانيّ وزهير. توفّي نحو سنة 17 ق.ه بعد مقتل هرم بن سنان.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هوَ طُفَيل بنُ عوفٍ بنِ خلف بن ضُبَيس بن مالك بن سعد عوف بن كعب بن جلّان بن كعب بن غَنْم بن غَنِيّ بنِ أعصُر بنِ سعدِ بنِ قيسِ بنِ عيلان بنِ مضرَ بن نزار بن معدّ بن عدنان.
ومَعنى "طُفَيل": تصغيرُ "طَفْل" بمعنى الرَّخْص النّاعم، أو تصغير "طِفل" وهو الصّغير من الأناسي وغيرِهم.
أمّا قَبيلتُهُ فهي قبيلةُ غنيّ المنحدرة من قبائل قيس عيلان المضريّة العدنانيّة، ومساكنُهم عاليةُ نجد، وهي من القبائل الّتي اشتُهِرَت بحيازةِ الخيل.
يُكنى بأبي قَرَّان، وقد ذكر هذه الكنيةَ في شعرِهِ فقال:
حَتَّى يُقالَ وَقَدْ عُولِيتُ في حَرَجٍ أَيْنَ ابْنُ عَوْفٍ أَبُو قَرَّانَ مَجْعُولُ
ويُلقَّبُ بالمُحَبِّر؛ ذلك لتحسينِهِ شعرَهُ واعتنائِهِ بالوصفِ فيه. وقال الأصمعيُّ إنّه لُقِّبَ بالمحبِّر لحسنِ وصفِهِ للخيلِ خاصَّةً.
كما يُلقَّبُ بطفيل الخيل؛ لاشتهارِهِ في وصفِ الخيلِ بشعرِه.
وليسَ في المصادرِ الأدبيّة ما يُشيرُ إلى أسرةِ طفيل من زوجاتِهِ وأبنائِه.
على الرّغم من قلّة ما في المصادرِ الأدبيّة من معلوماتٍ حولَ حياةِ طُفيل الغنويّ، إلّا أنّ مؤرّخي الأدب يقدّرون أنّه عاشَ في النّصف الثّاني من القرن السّادسِ الميلاديّ؛ وذلك لمعاصرتِهِ لزهير بن أبي سلمى ووفاتِهِ بعد مقتلِ هرمِ بنِ سنان.
وتُشير المصادر الأدبيّة إلى أنّ طفيل الغنويّ كان مولعًا بالخيلِ وركوبِها والاعتناءِ بها منذ طفولتِه؛ فقد ركبَها قبلَ أن يُختَن، وتعهّدَ خيلَ قومِهِ في سنٍّ مبكّرة، وهو ما يبرّرُ شاعريّتَهُ العاليةَ فيها من جهة، ويبرّر أخبار فروسيّته العاليةَ عندما شبّ من جهةٍ أخرى.
والفروسيّةُ علامةٌ فارقةٌ في حياةِ طفيل الغنويّ؛ فقد كانَ كثيرَ المشاركةِ في حروبِ قومِهِ وكثيرَ الذّبّ عنهم في شعرِه. ومن أهمّ المواقع الّتي يوثّقها طفيل الغنويّ في شعرِهِ مواقعُ قبيلتِهِ "غنيّ" مع قبيلة "طَيِّئ"؛ فقد ذكر أبو الفرج الأصفهانيّ أنّ طفيلاً كان يجمع الجموع من بني قيس ويغيرُ بهم على بني طيّئ ويقتلُ منهم ويستاق من مواشيهم.
ويوثّقُ طفيل الغنويّ ثأرَ قومِهِ من بني "طيّئ" بعد موقعةِ "محجَّر" الّتي غلبت فيها طَيّئٌ غنيّاً؛ إذ أغار بنو غنيّ على جبلي أجأ وسلمى -وهما موطن قبيلة طيّئ- وسبوا سبايا كثيرة وأوقعوا فيهم مقتلة عظيمة، يقول طفيل في ذلك:
فَـذُوقُـوا كَمَـا ذُقْنَـا غَدَاةَ مُحَـجَّرٍ مِنَ الْغَيْـظِ فِي أَجْوَافِـنَا وَالتَّحَوُّبِ
أَبَأْنَـا بِقَـتْلَانَا مِنَ الْقَوْمِ مِثْلَهُمْ وَمَـا لَا يُـعَــدُّ مِـنْ أَسِـيــرٍ مُكَـلَّبِ
نُـخَــوِّي صُـدُورَ الْمَــشْــرَفِــيَّةِ مِنْهُـمُ وَكُـلَّ شُـرَاعِــيٍّ مِـنَ الْهِـنْــدِ شَرْعَـبِ
بِـضَـرْبٍ يُزِيـلُ الْهَامَ عَنْ سَكَـنَـاتِهِ وَيَـنْـقَـعُ مِنْ هَامِ الرِّجَالِ بِمَـشْـرَبِ
وكثيرًا ما يرثي طفيل الغنويّ قتلى قومِهِ إثرَ معاركهم مع طيّئ ويذكّر بحسن بلاء قبيلتِهِ "غنيّ"، يقول في رثاء هريم بن سنان وقيس بن عبد الله بن طريف وغيرهم:
وَكَـانَ هُـرَيْــمٌ مِـنْ سِـنَـانٍ خَلِيـفَـةً وَحِـصْـنٍ وَمِنْ أَسْمَـاءَ لَمَّا تَغَـيَّبـُوا
وَمِـنْ قَـيْـسٍ الثَّاوِي بِرَمَّانَ بَيْـتُهُ وَيَـوْمَ حَـقِــيــلٍ فَـادَ آخَـرُ مُـعْـجِـبُ
أَشَــمُّ طَــوِيــلُ السَّاعِــدَيْــنِ كَـأَنَّهُ فَـنِــيــقُ هِـجَــانٍ فِـي يَـدَيْهِ مُـرَكَّبُ
وَبِالسَّهـْبِ مَيْـمُـونُ الْخَلِيـقَـةِ قَوْلُهُ لِمُـلْتَــمِــسِ الْمَـعْـرُوفِ أَهْلٌ وَمَرْحَـبُ
كَـوَاكِــبُ دَجْـنٍ كُـلَّمَــا غَـابَ كَوْكَـبٌ بَدَا وَانْجَـلَتْ عَنْهُ الدُّجُنَّةُ كَوْكَـبُ
ويُكثر طفيل الغنويّ من الافتخارِ بمآثرِ قومِهِ، يقول:
أَلَا هَلْ أَتَى أَهْلَ الْحِجَازِ مُغَارُنَا وَمِـنْ دُونِهِمْ أَهْلُ الْجِنَـابِ فَأَيْهَـبُ
شَـــآمِــــيَّةٌ إِنَّ الشَّآمِــــيَّ دَارُهُ تَـشُـقُّ عَلَى دَارِ الْيَمَـانِـي وَتَشْـغَـبُ
فَتَـأْتِـيـهُـمُ الْأَبْنَـاءُ عَنَّا وَحِمْلُهَا خَفِـيـفٌ مَعَ الرَّكْبِ الْمُخِـفَّيـْنَ يَلْحَبُ
وَفَـرْنَـا لِأَقْوَامٍ بَنِـيـهِـمْ وَمَالَهُـمْ وَلَوْلَا الْقِيَـادُ الْمُسْـتَتِبُّ لَأَعْزَبُوا
بِحَـيٍّ إِذَا قِيلَ ارْكَبُوا لَمْ يَقُلْ لَهُمْ عَوَاوِيـرُ يَخْـشَـوْنَ الرَّدَىَ أَيْنَ يُرْكَبُ
وَلَكِنْ يُجَـابُ المُسْـتَـغِـيـثُ وَخَيْـلُهُمْ عَـلَيْهَــا حُـمَــاةٌ بِالْمَـنِـيَّةِ تَضْـرِبُ
ويقولُ في موضعٍ آخرَ:
وَإِنَّا أُنَاسٌ مَا تَزَالُ سُوَامُنَا تُنَـوِّرُ نِيرَانَ الْعَدُوِّ مَنَاسِمُهْ
وَلَيْسَ لَنَا حَيٌّ نُضَافُ إِلَيْهِمُ وَلَكِنْ لَنَا عُودٌ شَدِيدٌ شَكَائِمُهْ
وكانَ من شأنِ هذا التمسُّكِ الكبيرِ من طفيل الغنويّ بقبيلتِهِ وذبِّهِ عنها وقيامِهِ بمشاهدِها أن تؤولَ له السّيادةُ فيها، إذ يذكرُ مؤرّخو الأدبِ أنّ طفيل الغنويّ أضحى من ساداتش قبيلتِهِ "غَنِيّ"، وأنّهم كانوا يعطونَهُ المرباع؛ وهو ربع الغنيمة من الحرب، ولم تكن تعطى إلّا للسّادة.
ومن خصائص شخصيّة طفيل الغنويّ ولعُهُ بمكارمِ الأخلاق وإسرافُهُ في الحديث عنها في شعره، يقولُ في صدد حديثه عن أخلاقِه العالية وعدم جرِّه المخازي على قومِه:
وَلا أَقولُ لِجارِ البَيتِ يَتبَعُني نَـفِّسْ مَـحَـلَّكَ إِنَّ الجَوَّ مَحـلولُ
وَلا أُخـالِفُ جاري في حَليـلَتِهِ وَلا ابنَ عَمِّيَ غالَتني إِذاً غولُ
وَلا أَقولُ وَجَمُّ الماءِ ذو نَفَسٍ مِنَ الحَرارَةِ إِنَّ الماءَ مَشغولُ
وَلا أُحَـدِّدُ أَظـفــاري أُقـاتِــلُهُ إِنَّ اللِطامَ وَقَولَ السَوءِ مَحمولُ
وَلا أَكونُ وِكاءَ الزادِ أَحبِـسُهُ إِنّـي لأَعـلَمُ أنَّ الزادَ مَأكـولُ
حَتّـى يُقـالَ وَقَد عُولِيتُ في حَرَجٍ أَينَ ابنُ عَوفٍ أَبو قُرّانَ مَجعولُ
إِنّـي أُعِـدُّ لِأَقـوامٍ أُفـاخِـرُهُـم إِذا تُنـوزِعَ عِندَ المَشهَدِ القيلُ
وَلا أُجَـلِّلُ قَـومـي خِزيَـةً أَبَداً فيها القُرودُ رُدافاً وَالتَنابيلُ
ويقولُ بعد ذلك واصفًا شجاعتَه:
وَغارَةٍ كَجَـرادِ الريحِ زَعزَعَهـا مِخـراقُ حَربٍ كَنَصلِ السَيفِ بُهلولُ
يَعلو بِها البيدَ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ أَروَعَ قَد قَلَصَـتْ عَنهُ السَرابيلُ
شَهِدتُ ثُمَّتَ لَم أَحوِ الرِكابَ إِذا سوقِـطـنَ ذو قَتَـبٍ مِنها وَمَرحولُ
يرى خير الدّين الزِّركلي أنّ وفاة طفيل الغنوي كانت نحو سنة 610م الموافقة لـ13ق.هـ، ويتّفق فريق الموسوعة الشعرية مع هذا التّاريخ؛ لاتّساقه مع الأخبار التي تقول إنّه توفّي بعد مقتل هرم بن سنان، وعن كونه عاصر النّابغة الذّبيانيّ وزهير بن أبي سلمى.
يروي أبو الفرج الأصفهانيّ أنّ زهير بن أبي سلمى كان راويةً لطفيل الغنويّ.
عدَّهُ الأصمعيُّ ضمنَ الشُّعراء الفُحول، وقال إنّ الشّعراء جميعهم أخذوا عنه، ومنهم النّابغة الذّبيانيّ وزهير بن أبي سلمى.
روى أبو حاتم السجستانيّ ديوانَهُ عن الأصمعيّ وشرحه.
ترجم له ابن قتيبة الدينوري وعدّه من أوصف النّاس للخيل.
عدَّهُ أبو عبيدة معمر بن المثنّى أحد ثلاثةٍ كانوا مشهورين بوصف الخيل، وهم طفيل الغنويّ، وأبو دؤاد الإياديّ، والنابغة الجعديّ.
اختار الموصليّ من شعر طفيل الغنويّ أبياتًا كثيرة للغناء.
روى له الأخفش قصيدةً في كتابه "الاختيارين"، وهي القصيدة 1.
اختار له أبو تمام في حماسته الكبرى اختيارًا واحدًا هو الاختيار رقم 79. واختار له في حماسته الصغرى المعروفة بالوحشيات تسعة اختيارات، وهي: الاختيار رقم 139، والاختيار 149، والاختيار 171 (وهو منسوب له ولهرم الغنويّ)، والاختيار 191، والاختيار 200، والاختيار 201، والاختيار 271، والاختيار 367، والاختيار 415.
اختار له ابن الشجري في حماسته اختيارين، هما الاختيار 49، والاختيار 238.
اختار له البصريّ في حماسته ثلاثة اختيارات، هي الاختيار 300، والاختيار 1402، والاختيار 1403.
في العصر الحديث، حقّق المستشرق كرنكو ديوانه ونشره عام 1927.
"من أراد أن يتعلّم ركوبَ الخيل، فليروِ شعرَ طُفيل" (الخليفة عبد الملك بن مروان)
"أخذ كل الشعراء عن طفيل، حتى زهير والنابغة" (الأصمعيّ)
"طفيل الغنويّ والنّابغة الجعديّ وأبو دؤاد الإياديّ أعلم العرب بالخيل وأوصفهم لها" (أبو عبيدة معمر بن المثنى)
"ثلاثة كانوا يصفون الخيل لا يقاربهم أحد: طفيل، وأبو دؤاد، والجعديّ. فأمّا أبو دؤاد فإنّه كان على خيل النعمان بن المنذر، وأمّا طفيل فإنّه كان يركبُها وهو أغرلُ إلى أن كبر، وأمّا الجعديّ فإنّه سمع ذكرها من أشعار الشعراء فأخذ عنهم"
(من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهانيّ)