
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَلقَمَةُ بنُ عَبَدةَ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، وَيُلَقَّبُ بِالفَحْلِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقِلٌّ، كانَ مُعاصِراً لاِمْرِئِ القَيْسِ وَلَهُ مَعَهُ مُساجَلاتٌ، جَعَلَهُ ابنُ سَلّامٍ مِن شُعَراءِ الطَبَقَةِ الرّابِعَةِ فِي طَبَقاتِهِ، وكانَ كَالنّابِغَةِ يُنادِمُ الحَارثَ الأَصغرَ الغَسَّانِيِّ والنُّعمانَ الثَّالِثَ أَبا قابُوسٍ اللَّخميَّ، وَقد أَسَرَ الحارِثُ الغسّانيُّ أَخاً لِعلقمةَ اسْمُهُ شَأْسٌ فَشَفَعَ بِهِ عَلْقَمَةُ وَمَدَحَ الحارِثَ بِأَبْياتٍ فَأَطْلَقَهُ، تُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 20ق.هـ/603م.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هُوَ عَلقَمَةُ بنُ عَبَدةَ بنِ النُّعْمانِ بنِ ناشِرَةَ بنِ قَيسِ بنِ عُبَيدِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ مالِكِ بنِ زَيدِ مَناةَ بنِ تَمِيمِ بنِ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَةَ بنِ إِلياسَ بنِ مُضَرَ بنِ نِزارٍ.
وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَلْقِيبِهِ بِالفَحْلِ، فَقِيلَ تَمْيِيزاً لَهُ عَن عَلقَمَةَ بنِ سَهْلٍ الَّذِي كانَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الخَصِيُّ. وَقِيلَ لِأَنَّهُ خَلَفَ امرَأِ القَيْسِ عَلَى امْرَأَتِهِ أَمِّ جُندَبٍ بَعْدَ أَنْ حَكَمَتْ لَهُ عَلَى امْرِئِ القَيْسِ.
وَهُوَ مِن أَبناءِ رَبِيعَةَ بنِ مالِكٍ، فَيُقالُ لَهُ الرِّبْعِيُّ، وَوَرَدَ فِي (جَمْهَرَة أنْسابِ العَرَبِ) أَنَّ رَبِيعَةَ هذا هُوَ ابنُ مالِكِ بنِ زَيْدِ مَناةَ، وَابنُ أَخِيهِ رَبِيعَةُ بنُ حَنْظَلَةَ بنِ مالِكٍ، وَابنُ أَخِيهِ رَبِيعَةَ بنِ مالِكِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ مالِكٍ، هُمْ الرَّبائِعُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ.
وَلِعَلْقَمَةَ أَخٌ اسْمُهُ شَأْسٌ كانَ قَدْ أَسَرَهُ الحارِثُ الغسّانيّ، فَشَفَعَ لَهُ عَلْقَمَةَ فَأُطْلِقَ، وَوَرَدَ أَنَّ عَلْقَمَةَ تَزَوَّجَ أَمَّ جُندَبٍ زَوْجَةَ امْرِئِ القَيْسِ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَها اُمْرُؤُ القَيْسِ لِتَفْضِيلِها عَلْقَمَةَ عَلَيْهِ حِينَ احْتَكَمُوا إِلَيْها. وَمِن أَوْلادِ عَلْقَمَةَ عَلِيٌّ ذَكَرَهُ ابنُ حَجَرٍ فِي (الإِصابَة) وَقالَ: وَلِعَلِّيٍّ هذا وَلَدٌ اسْمُهُ عَبدُ الرَّحْمن، ذَكَرَهُ المَرْزُبانِيُّ فِي مُعْجَمِ الشُّعَراءِ.
عاصَرَ عَلقمةُ بنُ عَبَدةَ الفَحلُ امرَأَ القيسِ، فَقد وَردَ فِي (الشّعرِ والشُّعراءِ) وفِي (الأَغاني) أنَّ علقمةَ احتَكَمَ معَ امرئِ القَيسِ إلى امرأَتِهِ أُمِّ جُندَبٍ لِتحكُمَ بينهما فَقالتْ: قوُلا شِعراً تَصفانِ فِيهِ الخَيلَ عَلى رَويٍّ وَاحِدٍ وقَافِيةٍ واحِدةٍ، فأنشدَ امرُؤُ القَيسِ قولَهُ:
خَليليَّ مُرّا بِي عَلى أُمِّ جُندَبِ
حَتَّى مَرَّ بِقولِهِ:
فَلِلسّوطِ أُلهوبٌ ولِلسّاقِ دِرَّةٌ ولِلزّجرِ مِنهُ وَقعُ أهوجَ مِنعبِ
فَأنشدَها عَلقَمةُ قَولَهُ:
ذَهَبْـتَ مِـنَ الْهِجْـرَانِ في غَيْرِ مَذْهَبٍ
حَتَّى انتَهى إِلى قَولِهِ:
فَأَدرَكَهُ حَتَّى ثَنى مِن عِنانِهِ يَمُرُّ كَغيثٍ رائِحٍ مُتَحَلِّبِ
فَقالَتْ أُمُّ جُندَبٍ لِامْرِئِ القَيْسِ: عَلْقَمَةُ أَشْعَرُ مِنْكَ، قالَ: وَكَيْفَ؟ قالَتْ: لِأَنَّكَ زَجَرْتَ فَرَسَكَ، وَحَرَّكْتَهُ بِساقِكَ، وَضَرَبْتَهُ بِسَوْطِكَ. وَأَنَّهُ جاءَ هذا الصَّيْدَ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ ثانِياً مِن عِنانِهِ. فَغَضِبَ امْرُؤُ القَيْسِ وَقالَ: لَيْسَ كَما قُلْتِ، وَلكِنَّكِ هَوَيتِهِ، فَطَلَّقَها، فَتَزَوَّجَها عَلْقَمَةُ بَعْدَ ذلِكَ، وَبِهذا لُقِّبَ عَلْقَمَةَ الفَحْلِ. وَيَسْتَبْعِدُ بُروكلمان حُصُولَ هذِهِ القِصَّةِ وَيَصِفُها بِالأساطِيرِ.
وكانَ عَلقمةُ مِن الشُّعراءِ المُقلِّينَ، وعلى الرَّغمِ مِن ذَلكَ فَقد كانَ مِن الشُّعراءِ المُجِيدينَ، فَقد وردَ فِي الأَغانِي أنَّ العَربَ كانتْ تَعرِضُ أَشعارَها على قُريشٍ، فما قَبِلوهُ مِنها كانَ مَقبولاً، وَما رَدُّوهُ مِنها كانَ مَردوداً، فَقدمَ عَليهم علقمةُ بنُ عَبَدةَ، فأنشَدَهُم قَصيدَتَهُ الَّتي يَقولُ فِيها:
هَـلْ مَـا عَلِمْتَ وَمَا اسْتُوْدِعْتَ مَكْتُومُ أَمْ حَبْلُهـا إِذْ نَأَتْـكَ الْيَوْمَ مَصْرُومُ
فَقالُوا: هذهِ سِمطُ الدَّهرِ، ثُمَّ عادَ إِليهم العامَ المُقبلَ فَأنشدَهُم:
طَحَـا بِـكَ قَلْـبٌ فِـي الْحِسَانِ طَرُوبُ بُعَيْـدَ الشـَّبابِ عَصـْرَ حَـانَ مَشـِيبُ
فَقالُوا: هاتانِ سِمطا الدَّهرِ.
وَأَخبارُ عَلقَمَةَ نَزِرَةٌ قَلِيلَةٌ، مِنْها أَنَّهُ -كَما ذَكَرَ بروكلمان- كانَ كَالنّابِغَةِ يُنادِمُ الحارِثَ الأَصغَرَ الغَسّانِيَّ وَالنُّعْمانَ الثّالِثَ أَبا قابُوسٍ اللَّخْمِيَّ. وَلكِنَّهُ لَمْ يُوطّن مِثْلَهُ بِالحِيْرَةِ وَلا دِمَشْقَ. وَمِمّا ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ مَدَحَ الحارِثَ الغسّانيَّ وَسَأَلَهُ أَن يُطْلِقَ سَراحَ أَخِيهِ شَأْس الَّذِي أُسِرَ فِي إِحْدَى الغاراتِ، وَكانَ أَخُوهُ قَد أُسِرَ مَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَذَكَرَ المُبَرِّدُ فِي (الكامِل) أَنَّهُ أُسِرَ فِي وَقْعَةِ عَيْنِ أَباغ وَهِيَ الواقِعَةُ الَّتِي كانَتْ بَيْنَ الحارثِ وَبَيْنَ المُنْذِرِ بْنِ ماءِ السَّماءِ، فَأَتاهُ عَلْقَمَةُ وَمَدَحَهُ بِقَصِيدَةٍ مطلعُها:
طَحَـا بِـكَ قَلْـبٌ فِـي الْحِسَانِ طَرُوبُ بُعَيْـدَ الشـَّبابِ عَصـْرَ حَـانَ مَشـِيبُ
إِلى الحَارِثِ الوَهّابِ أَعملْتُ ناقَتِي لِكَلْكَلِهـــا وَالْقُصــْرَيَيْنِ وَجِيــبُ
فلمّا بَلغَ هذا البيتَ:
وَفِـي كُـلِّ حَـيٍّ قَـدْ خَبَطْـتَ بِنِعْمَـةٍ فَحُــقَّ لِشــَأْسٍ مِــنْ نَـدَاكَ ذَنُـوبُ
فقالَ الحارِثُ: نَعم وأَذْنِبَةٌ. ثُمَّ سألَهُ علقمةُ أَن يُطلِقَ أُسارَى بَنى تَميمٍ فَفعلَ. ويُقالُ إِنَّ شَأساً هُو ابنُ أَخي عَلقمةَ.
هَـلْ مَـا عَلِمْتَ وَمَا اسْتُوْدِعْتَ مَكْتُومُ أَمْ حَبْلُهـا إِذْ نَأَتْـكَ الْيَوْمَ مَصْرُومُ
فَقالُوا: هذهِ سِمطُ الدَّهرِ، ثُمَّ عادَ إِليهم العامَ المُقبلَ فَأنشدَهُم:
طَحَـا بِـكَ قَلْـبٌ فِـي الْحِسَانِ طَرُوبُ بُعَيْـدَ الشـَّبابِ عَصـْرَ حَـانَ مَشـِيبُ
فَقالُوا: هاتانِ سِمطا الدَّهرِ.
ذَهَبْـتَ مِـنَ الْهِجْـرَانِ في غَيْرِ مَذْهَبٍ وَلَـمْ يَـكُ حَقّـاً كُـلُّ هَـذا التَّجَنُّـبُ
وَالثَّانيَة:
طَحَـا بِـكَ قَلْـبٌ فِـي الْحِسَانِ طَرُوبُ بُعَيْـدَ الشـَّبابِ عَصـْرَ حَـانَ مَشـِيبُ
وَالثَّالِثَة:
هَـلْ مَـا عَلِمْتَ وَمَا اسْتُوْدِعْتَ مَكْتُومُ أَمْ حَبْلُهـا إِذْ نَأَتْـكَ الْيَوْمَ مَصْرُومُ
وَلَا شَيءَ بَعدَهُنَّ يُذكَرُ.
وردَ في (الأَغاني) أَنَّ عَلقمةَ تَحاكَمَ والزِّبرقانِ بنِ بدرٍ والمُخبَّلِ وعَمرِو بنِ الأَهتمِ إلى رَبيعةَ بنِ حَذارِ الأَسدِيِّ، فانتقدَ ربيعةُ شِعرَ الزِّبرقانِ والمُخبَّلِ وعَمرو بنِ الأهتمِ، وفَضَّلَ عَليهم عَلقمةَ وقالَ فِيهِ: أَمَّا أنتَ يا عَلقمةُ فَإِنَّ شِعركَ كَمَزادَةٍ قد أُحكِمَ خرزُها فَليسَ يَقطُرُ مِنها شَيءٌ.
كانَ عَلقمةُ مِن الشُّعراءِ السّابقينَ للمَعانِي، وَقد أخذَ عَنهُ بَعضُ الشُّعراءِ، وردَ في (الأَغاني) أنَّ حمادَ بنَ إسحاقٍ قالَ: سمعتُ أَبِي يَقولُ: سرقَ ذُو الرُّمَّةِ قولَه: (يَطفُو إِذا ما تلقّتْهُ الجَراثِي) مِن قولِ العَجَّاجِ: (إِذا تَلقَّتْهُ العَقاقِيلُ طَفا)، وَسرَقَهُ العَجَّاجُ مِن عَلقمةَ بنِ عَبَدةَ فِي قَولِهِ: (يَطفُو إِذا ما تَلَقَّتهُ العَقاقِيلُ).
(ابنُ حزم/ جمهرةُ أنسابِ العَربِ).
(اِبْنُ قُتَيْبَةَ/ الشِّعْرُ وَالشُّعَراءُ).
(كارل بروكلمان/ تاريخ الأدب العربي)