
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
زَبّانُ بْنُ سَيّارٍ، مِنْ قَبِيلَةِ فَزارَةَ إِحْدَى بُطُونِ ذُبْيانَ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَسْيادِ قَبِيلَتِهِ فَزارَةَ وَشُجْعانِهِمْ، عُرِفَ بِمُهاجاتِهِ مَعَ الحادِرَةِ الشّاعِرِ، وَلَهُ مُنافَرةٌ مَعَ عُيِينَةَ بْنِ حِصْنٍ، أَكْثَرُ شِعْرِهِ فِي الحَماسَةِ وَالفَخْرِ، وَكانَ زَبّانُ زَوْجاً لِمُلَيكَةَ بِنْتِ سِنانِ بْنِ أَبِي حارِثَةَ المُرِّيّ، فَلَمّا ماتَ تَزَوَّجَها بَعْدَهُ ابْنُهُ مَنْظُورٌ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُما عُمْرُ فِي خِلافَتِهِ. تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 10ق.هـ.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هُوَ زَبّانُ بْنُ سَيّارِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جابِرِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ هِلالِ بْنِ سُمَيّ بْنِ مازِنِ بْنِ فَزارَةَ بْنِ ذُبْيانَ بْنِ بَغِيَضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفانَ.
وَيُنْسَبُ زَبّانُ إِلَى فَزارَةَ فيقالُ الفَزاريّ، وَيُنْسَبُ أَحْياناً إِلَى بَنِي مُرَّةَ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ فَزارِيٌّ، فَلا يَجْتَمِعُ بَنُو فَزارَةَ مَعَ بَنِي مُرَّةَ إِلّا عِنْدَ ذُبْيانَ. وَبَنُو فَزارَةَ مِنْ أَعْظَمِ بُطُونِ ذُبْيانَ، وَكانَ لَهُمْ فِي الجاهِلِيَّةِ وَقائِعُ مُتَعَدِّدَةٌ أَشْهَرُها فِي حَرْبِ داحِسَ والغبراء الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَ عَبْسٍ وَذُبْيان، وَلَهُمْ حُرُوبٌ وَأَيّامٌ مَعَ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ وَمَعَ هَوازِنَ وَمَعَ بَنِي جُشَمَ بْنِ بَكْرٍ وَمَعَ بَنِي عامِرٍ. وَتَقَعُ مَواطِنُ فَزارَةَ بِنَجْدٍ وَبِوادِي القُرَى، وَقَدْ انْقَسَمَتْ فَزارَةُ إِلَى عدّةِ بُطُونٍ منها: عَدِيٌّ، وَظالِمٌ، وَمازِنٌ، وَشَمْخٌ. وَكانَ زَبّانُ مِنْ مازِنِ بْنِ فَزارَةَ.
وَيَنْتَمِي زَبّانُ إِلَى أُسْرَةٍ مِنْ سُراةِ قَبِيلَتِهِ، وفقد اشْتُهِرَ أَبُوهُ سَيّارُ بْنُ عَمْرٍو كَما وَرَدَ فِي (الاشْتِقاق) بِأَنَّهُ الَّذِي رَهَنَ قَوْسَهُ بِأَلْفِ بَعِيرٍ وَضَمِنَها لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ اليَمَنِ. وَذلِكَ أَنَّ بَنِي الحارِثِ بْنِ مُرَّةَ قَتَلُوا ابْناً لِعَمْرُو بْنِ هِنْدٍ، فَرَهَنَهُ سَيّارُ قَوْسَهُ. وَلِزَبّانَ ابْنٌ اسْمُهُ مَنْظُورٌ كانَ مِنْ سادَةِ فَزارَةَ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ وَأَسْلَمَ، وَيُقالُ إِنَّ أُمَّ مَنْظُورٍ حَمَلَتْهُ أَرْبَعَ سَنَواتٍ، فَوَلَدَتْهُ قَدْ جَمَعَ فاهُ، فَأَسْماهُ أَبُو مَنْظُوراً، لِطُولِ ما أَنْتُظِرَ، وَقالَ فِي ذلِكَ زَبّانُ بْنُ سَيّارٍ:
سُمِّيتَ مَنظُوراً وَجِئْتَ عَلى قَدْرِ وَإِنِّي لَأَرجُو أَنْ تَسودَ بَنِي عَمْرِو
وَإِنِّي لَأَخشَى أَنْ تَظَلَّ رِكابُهُ بخيْبَر ميَّاراً حَريْصاً عَلى التَّمْرِ
وَكانَ زَبّانُ زَوْجاً لِمُلَيكَةَ بِنْتِ سِنانِ بْنِ أَبِي حارِثَةَ المُرِّيّ وَهِيَ أُخْتُ هَرِمِ بْنِ سِنانٍ، فَلَمّا ماتَ تَزَوَّجَها بَعْدَهُ ابْنُهُ مَنْظُورٌ، عَلَى ما كانَ يَصْنَعُ بَعْضُ أَهْلِ الجاهِلِيَّةِ يَتَزَوَّجُ أَحَدُهُمْ امْرَأَةَ أَبِيهِ بَعْدَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُما عُمْرُ فِي خِلافَتِهِ. فَوَلَدَتْ مُلَيكَةُ أَوْلاداً لِمَنْظُورٍ مِنْهُمْ خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورٍ الَّتِي تَزَوَّجَها الحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ، فَوَلدَتْ لَهُ الحَسَنَ بْنَ الحَسَنِ.
عاشَ زَبّانُ بْنُ سَيّارٍ فِي الجاهِلِيَّةِ قُبَيْلَ الإِسْلامِ، فَوَلَدَهُ مَنْظُورٌ بْنُ زَبّانَ أَدْرَكَ الإِسْلامَ وَأَسْلَمَ، وَقَدْ تَزَوَّجَ مَنْظُورٌ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ عَلَى عادَةِ بَعْضِ العَرَبِ فِي الجاهِلِيَّةِ، يَتَزَوَّجُ أَحَدُهُمْ امْرَأَةَ أَبِيهِ بَعْدَهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُما عُمْرُ فِي خِلافَتِهِ. فَوَلَدَتْ مُلَيكَةُ أَوْلاداً لِمَنْظُورٍ مِنْهُمْ خَوْلَةُ بِنْتُ مَنْظُورٍ الَّتِي تَزَوَّجَها الحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالِبٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ الحَسَنَ بْنَ الحَسَنِ.
وَأَخْبارُ زَبّانَ قَلِيلَةٌ، وَرَدَ عَنْهُ قِصَصٌ مُتَفَرِّقَةٌ عَنْ عَلاقَتِهِ بِبَعْضِ الشُّعَراءِ وَعَنْ اشْتِراكِهِ بِبَعْضِ الحُرُوبِ وَالغاراتِ، وَيَتَبَيَّنُ مِمّا وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ كانَ سَيِّداً مِنْ ساداتِ قَبِيلَتِهِ فَزارَةَ، فَقَدْ وَرَدَ فِي (نَسَب قُرَيْشٍ وَأَخْبارها) أَنَّهُ حِينَ وَقَعَتْ حَرْبٌ بَيْنَ بَنِي نَجْبَةَ وَبَيْنَ عَوْفٍ مِنْ بَنِي هِلالِ بْنِ شَمْخِ بْنِ فَزارَةَ، وَقَتَلَ كُلُّ واحِدٍ مِنْ القَبِيلَتَيْنِ رَجُلاً مِنْ صاحِبِهِ، حَمَلَ زَبّانُ فِيهِمْ فَأَدَّى عَقْلَهُما جَمِيعاً. وقالَ زَبّانُ:
سائِلْ هِلاَلاً إذْ تفاقَ أمرُها وخانتهُمُ أَحْلامُهُمْ، أيَّ مَوْئِلِ
وأَيَّ فتىً إذْ أحْجَمَ النَّاسُ عَنْهُمُ وَقالُوا هَلَكْنا فاركَبِ الحُكْمَ وأعدِلِ
وَكانَ زَبّانُ مِمَّنْ كانَ لَهُمْ مَكانَةٌ عِنْدَ النُّعْمانِ بْنِ المُنْذِرِ مَلِكِ الحِيْرَةِ، فَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي (الشِّعْر وَالشُّعَراء) عِنْدَ حَدِيثِهِ عَنْ قِصَّةِ النَّابغةِ الذُّبْيانِيِّ وَهَرَبِهِ مِنْ النُعْمانِ -أَنَّهُ لَمّا عادَ إِلَى النُّعْمانِ وَقالَ شِعْرَهُ الَّذِي يَعْتَذِرُ فِيهِ، كانَ قَدْ جاءَ مَعَ زَبّان بْنِ سَيّارٍ وَمَنْظُورٍ بْنِ سَيّارٍ الفَزّارِيِّينَ، وَكانَ بَيْنَهُما وَبَيْنَ النُّعْمانِ دُخْلُل (يَقْصِدُ مَوَدَّةً صافِيَةً) فَضَرَبَ لَهُما قُبَّةً.
وَقَدْ عُرِفَ زَبّانُ بِمُهاجاتِهِ مَعَ الحادِرَةِ الشّاعِرِ، وَكانَ سَبَبُها -كَما وَرَدَ فِي (الأَغانِي)- أَنَّ الحادِرَةَ كانَ جاراً لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيمٍ، فَأَغارَ زَبّانُ بْنُ سَيّارٍ عَلَى إِبْلِهِ فَأَخَذَها فَدَفَعَها إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ وادِي القُرَى يَهُودِيٍّ، وَكانَ لَهُ عَلَيْهِ دَينٌ فَأَعْطاهُ إِيّاها بِدِينِهِ، وَكانَ أَهْلُ وادِي القُرَى حُلَفاءَ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ؛ فَلَمّا سَمِعَ اليَهُودِيُّ بِذلِكَ قالَ: سَيَجْعَلُ الحادِرَةُ هذا سَبَباً لِنَقْضِ العَهْدِ الَّذِي بَيْنَنا وَبَيْنَهُ، وَنَحْنُ نَقْرَأُ الكِتابَ وَلا يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَغْدِرَ، فَرَدَّ الإِبِلَ عَلَى الحادِرَةِ فَرَدَّها عَلَى جارِهِ، وَرَجَعَ إِلَى زَبّانَ فَقالَ لَهُ: أَعْطِنِي مالِي الَّذِي عَلَيْكَ، فَأَعْطاهُ إِيّاهُ زَبّانُ، وَوَقَعَ الهِجاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الحادِرَةِ؛ فَقالَ الحادِرَةُ فِيهِ:
لِعَمْـرَةَ بَيْـنَ الْأَخْرَمَـيْـنِ طُلُولُ تَـقــادَمَ مِـنْهـا مُشْهِـرٌ وَمُحِـيـلُ
وَقَفْتُ بِها حَتَّى تَعالى لِيَ الضُّحَى لِأُخْـبِــرَ عَـنْهــا إِنَّنـِي لَسَـؤُولُ
فَإِنْ تَحْـسَـبُوها بِالْحِجابِ ذَلِيلَةً فَمـا أَنا يَوْماً إِنْ رَكِبْتُ ذَلِيلُ
سَأَمْـنَـعُهـا فِي عُصْـبَـةٍ ثَعْـلَبِيَّةٍ لَهُــمْ عَــدَدٌ وافٍ وَعِــزٌّ أَصِــيــلُ
فَإِنْ شِئتُـمُ عُدْنا صَدِيقاً وَعُدْتُمُ وَإِمَّا أَبَيْـتُـمْ فَالْمَـقـامُ زَحُولُ
وَلَجَّ الهِجاءُ بَيْنَهُما بَعْدَ ذلِكَ فَكانَ هذا سَبَبَهُ، وَيُذْكُرُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ (الأَغانِي) ما يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الحادِرَةَ وَزَبّانَ كانا صَدِيقَيْنِ، فَقَدْ خَرَجا يَوْماً يَصْطادانِ فَاصْطادا جَمِيعاً، فَخَرَجَ زَبّانُ يَأْكُلُ وَيَشْتَوِي فِي اللَّيْلِ وَحْدَهُ، فَقالَ الحادِرَةُ:
تَرَكْـتَ رَفِيـقَ رَحْلِكَ قَدْ تَراهُ وَأَنْتَ لِفِيكَ فِي الظَّلْماءِ هادِ
فَحَقَدَها عَلَيْهِ زَبّانُ، ثُمَّ أَتَيا غَدِيراً فَتَجَرَّدَ الحادِرَةُ، وَكانَ ضَخْمُ المَنْكِبَيْنِ أَرْسَحَ، فَقالَ زَبّانُ:
كأَنَّكَ حَادِرَةٌ المَنْكِبَيْـ ـنِ رَصْعاءُ تُنْقِضُ في حائِرِ
فَقالَ لَهُ الحادِرَةُ:
لَحا اللهُ زَبَّانَ مِنْ شاعِرٍ أَخِـي خَنْـعَـةٍ غادِرٍ فاجِـرِ
كَــأَنَّكَ فُـقَّاــحَــةٌ نَـوَّرَتْ مَعَ الصُّبْحِ فِي طَرَفِ الْحائِرِ
فَغَلَبَ هذا اللَّقَبُ عَلَى الحادِرَةِ.
وَأَمّا خَبَرُ مُنافَرَتِهِ مَعَ عُيِينَةَ بْنِ حِصْنٍ، فَقَدْ تَنافَرا عِنْدَ كاهِنَةِ نَجْرانَ وَتُدْعَى العِزِّ، وَقَدْ نَفَرَتْ زَبّانَ عَلَى عُيَينَةَ، فَلَمْ يَرْضَ عُيَينَةُ وَقالَ: أَنا أُفْضَلُ مِنْكَ نَفَساً وَأَباً وَلكِنَّها جارَتْ، فَقالَ زَبّانُ:
أَتَثْلِبُ حُرَّة بَقِيَتْ يَداها عَيِينَةُ تَمْنَعُ اللَّخواءَ تُفْرَى
شَربْتُ الْمَجْدَ فِي غَطَفانَ حَتَّى تَفـاخَـرْنـا بِزَيْنَةَ بِنْتِ بَدْرِ
ألَمَّا تَعْلَمِي أَنِّي كَرِيمٌ أَغَرُّ لِصُلْبِ سَيَّارِ بنِ عَمْرِو
فقَالَ عُيَينَةُ:
إِنّا لِنَعْلَمُ ما أَبُوكَ بِجابِرٍ فَالحَقْ بِأَهْلِكَ مِنْ بَنِي دُودانِ
حالَتْ بِكُمْ أَمَةٌ لِنَضْلَةَ وَابْنِهِ فَسَقَتْ بِزِينَتِها أَبا زَبّانِ
وَذَكَرَ ابْنُ سَلّامٍ فِي طَبَقاتِهِ أَنَّ الحُطَيْئَةَ شَهِدَ هذِهِ المُنافَرَةَ فَقالَ يُفَضِّلُ عُيَينَةَ عَلَى زَبّان:
أَبَى لَكَ آباءٌ أَبَى لَكَ مَجْدُهُمْ سِوَى المَجْدِ فَاُنْظُرْ صاغِراً مِنْ تنافِرُه
قُـبُــورٌ أَصابَـتـهـا السيـوفُ ثَلاثَـةٌ نُـجــومٌ هَـوَت فـي كُلِّ نَجـمٍ مَرائِرُه
لَمْ يَرِدْ فِي المَصادِرِ القَدِيمَةِ أَيُّ تَحْدِيدٍ لِسَنَةٍ لِوَفاةِ زَبّانَ بِنِ سَيّار الفَزارِي، وَأَشارَ الزَّرْكَلِيُّ فِي كِتابِهِ (الأَعْلام) أَنَّ وَفاةَ زَبّان كانَتْ حَوالَيْ 10ق.هـ/ 613م.
زَبّانُ بْنُ سَيّارٍ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ الَّذِينَ انْصَبَّ شِعْرُهُمْ فِي أَغْلَبِهِ عَلَى قَضايا الفَخْرِ وَالشَّجاعَةِ وَالفُرُوسِيَّةِ.
مِمّا يَدُلُّ عَلَى مَكانَتِهِ الشِّعْرِيَّةِ اخْتِيارُ أَشْهَرِ المُخْتاراتِ الشِّعْرِيَّةِ العربيّة (الأَصْمَعِيّاتِ) وَ(المُفَضَّلِيّاتِ) لاِثْنَتَيْنِ مِنْ قَصائِدِهِ.