
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مالكُ بنُ حَرِيم الْهَمْدانِيّ، شاعِرٌ من قبيلةِ هَمْدانَ اليمانيّةِ القَحطانيّة. يُلقَّبُ بِـمُفْزِعِ الْخَيل لاهتمامِهِ بالخيلِ وقيادتِهِ لها في حروبِ قومِه. كان سيِّداً من ساداتِ قومِهِ وفارساً من فرسانِهِم، وقد أكثرَ في شعرِهِ من وصفِ معاركِهِ وبطولاتِه، ويُروى أنّه قادَ قومَهُ في "يوم الرّزم" بين قبائلِ هَمدانَ وقبائلِ مُراد، وهو اليومُ المتزامنُ مع يومِ بدر في الإسلام. يرى نفرٌ من الباحثينَ أنّه كانَ من الشّعراءِ اللُّصوصِ في الجاهليّة، فيما ينكرُ فريقٌ آخرُ ذلك ويرى أنّ هناكَ خلطاً بينَ أخبارِهِ وأخبارِ عمرِو بنِ برّاقةَ الهَمْدانيّ الّذي كان مشتهراً باللصوصيّة. ويُرجَّحُ أنّهُ أدركَ الإسلامَ إلى السّنواتِ الأولى من الهجرة، لكنّه توفّيَ قبل أن يُسلِمَ أو يُسلمَ قومُه. عدَّهُ أبو حاتم السّجستانيّ من الشّعراء الفحول، ولهُ أصمعيّةٌ شهيرة، وقد روى له أبو تمّام في حماستيهِ الكُبرى والصُّغرى عدداً من المقطوعات، وتدورُ أغراضُ شعرِهِ في الفروسيّةِ والحماسة، إضافةً إلى الحكمةِ والفخرِ بمكارمِ الأخلاق.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
هوَ مالكُ بنُ حَرِيمِ بنِ مالكِ بنِ حريمِ بنِ دالانَ بنِ سابقةَ بنِ ناشجِ بنِ دافعِ بنِ أفصى بنِ مالكِ بنِ جُشمَ بنِ وادعةَ بنِ حاشدِ بنِ جُشَمَ بنِ خَيرانَ بنِ نَوفِ بنِ هَمْدانَ، وهَمْدانُ هو أوسلةُ بنُ مالكِ بنِ زيدِ بنِ ربيعةَ بنِ أوسلةَ بنِ الخِيارِ بنِ مالكِ بنِ زيدِ بنِ كَهلانَ بنِ سبأَ بنِ يشجُبَ بنِ يَعرُبَ بنِ قَحْطان.
وقد وقعَ خلافٌ في اسمِ والدِ الشَّاعِر؛ بينَ قائلٍ إنَّهُ "حَرِيم" بفتح الحاءِ وكسرِ الرّاء، وقائلٍ إنّهُ حَزِيم بفتحِ الحاءِ وكسرِ الزّاي، وجاءَ اسمُهُ مصغَّراً في بعضِ المصادرِ؛ فقيلَ "حُرَيم" وقيلَ "خُزَيم"، لكن الشّائِعَ هُوَ "حَرِيم" بَفتحِ الحاءِ وكسرِ الرّاء.
أمّا قبيلتُهُ فهيَ "هَمْدان"، وهي إحدى القبائلِ العربيّةُ اليمانيّةُ القديمةُ الّتي وُجِدَت آثارُها في النّقوشِ السّبئيّة، وللقبيلةِ مشاهدُ معروفةٌ في الجاهليّةِ والإسلام نصّ عليها النسّابونَ وأهلُ التّاريخ. وينتمي مالكُ بنُ حرِيم إلى بني "دالان" من قبائلِ "وادعة بن حاشد"؛ لذلك يُسمَّى في بعضِ المصادرِ بـ"مالك بن حريم الدّالانيّ"
يُلقَّبُ بـِمُفْزِعِ الْخَيل، ولا كنيةَ مشهورةَ لهُ في المصادرِ الأدبيّة.
ولمالكِ بنِ حَرِيم أخٌ يُقالُ لَهُ "سِماكُ بنُ حَرِيم"، وقد قتلَهُ بنو قُمَير، ثُمَّ أغارَ مالكُ بنُ حرِيم عليهِم وأثخنَ فيهم وقتلَ سيِّدَهُم، وقالَ في ذلك:
بَـنِــي قُـمَــيْــرٍ قَـتَــلْتُ سَيِّدَكُـمْ فَـالْيَــوْمَ لا فِـدْيَــةٌ وَلا جَـزَعُ
جَـلَّلَتْــهُ صـارِمَ الْحَـدِيــد كَمِـثْــ لِ الْمِـلْحِ فِـيــهِ سَـفــاسِـقٌ لُمَعُ
تَــرَكْـــتُهُ بــادِيـــاً مَضــاحِــكُه يَـدْعُــو صَـداهُ وَالرَّأْسُ مُـنْـصَـدِعُ
بَـنِــي قُـمَــيْــرٍ قَـتَــلْتُ سَيِّدَكُـمْ أَثْـــــوابُهُ مِــــنْ دَمــــائِهِ رُدُعُ
ولا تذكرُ المصادرُ شيئاً عن أسرةِ الشّاعرِ من زوجاتٍ وأبناءٍ وأحفاد، على أنَّ المرزُبانيّ ذكرَ أنَّ مالِك بن حريم هو جدُّ التّابعيّ مسروقِ بن الأجدعِ الهمدانيّ. إلّا أنّ هذا وهمٌ من المرزُبانيّ؛ إذ لم تنصّ كتبُ الأنسابِ على ذلك، ويرجّحُ فاروق اسليم محقّق كتاب "معجم الشعراء" للمرزبانيّ أن يكونَ مالكُ بنُ حريم جدّاً لمسروقِ بن الأجدع من جهةِ أمِّهِ لا أبيه.
تنصُّ المصادرُ الأدبيّةُ -كالإكليل لأبي محمّد الهَمْدانيّ- أنَّ مالكَ بنَ حريم كانَ سيِّداً من ساداتِ قومِه وأشرافِهم، ولعلّهُ ورثَ هذه السّيادَةَ عن أبيهِ "حريم" الّذي أكثرَ من الافتخارِ بِهِ وبما أورثَهُ إيّاهُ من مكارِمِ الأخلاق. يقولُ في وصفِ أبيه:
وَأَوْصانِي الْحَرِيمُ بِعِزِّ جارِي وأَمْنَعُهُ وَلَيْسَ بِهِ امْتِناعُ
وَأَدْفَعُ ضَيْمَهُ وَأَذُودُ عَنْهُ وَأَمْنَعُهُ إِذا امْتَنَعَ الْمَناعُ
ويقولُ في موضعٍ آخرَ:
أَجُودُ عَلى الْعافِي وَأَحْذَرُ ذَمَّهُ إِذا ضَنَّ بِالْمَعْرُوفِ كُلُّ بَخِيلِ
بِذَلِكَ أَوْصانِي حَرِيمُ بنُ مالِكٍ وَإِنَّ قَلِيلَ الذَّمِّ غَيْرُ قَلِيلُ
وفضلاً عن وصفِ مالكِ بنِ حريم بالسِّيادَةِ، فقد وُصِفَ بالفروسيّةِ وقيادةِ قومِهِ في المغازي؛ لذلكَ يشكِّلُ موضوعُ الفروسيّةِ شطراً كبيراً من ديوانِ مالك، وقد ذكرَ مجموعةً من الأيّامِ الّتي شهدَها معَ قومِه؛ من ذلكَ حربُ قومِهِ مع كِندَةَ المسَمَّينَ ببني ثور، يقولُ:
سائِلْ بَني ثَوْرٍ فَهَلْ لاقاكُمُ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ جَحْفَلٌ خَطَّابُ
مُتَشَنِّعونَ لِأَنْ يَشِنُّوا غارَةً بِيضُ الصَّوارِمِ فيهِمُ وَالْغابُ
ومن ذلكَ قطعةٌ يتهدّدُ فيها بني إياد ويذكِّرُهُم بمشاهدِ قومِهِ وانتصاراتِهِم على بني زُبيدٍ وبني مازِن وبني خَولان، يقولُ:
فَإِنْ تَغْضَبْ فَلَسْتَ الْمَرْءَ تَرْضَى وَلَمْ أَعْـلَمْــكَ إِلَّا مِنْ إِيادِ
أَسَرَّكَ أَمْ يَسُـوؤُكَ ما فَعَلْنا غَداةَ الْأَحْرَمَيْنِ إِلى السَّوادِ
كَسِـيـرَةِ جَيْـشِـنا لِبَنِي زُبَيْدٍ فَغـادَرَهُـمْ بِرْهَـطِ أِبي نِجادِ
وَرَهْطِ الْمازِنِـيِّ أَبِي كُعَـيْبٍ تَرَكْـنـاهُـمْ كَبـاقِيَةِ الرَّمادِ
تَحُـومُ الطَّيْـرُ فَوْقَهُمُ وَجالَتْ عَلى خَوْلانَ بِالْأَسَلِ الْحِدادِ
فَوَلَّوْا عِنْـدَ ذاكَ وَأَمْكَنُونا مِنَ الْبِيضِ الْأَوانِسِ وَالْخِرادِ
ويقولُ في وصفِ انتصاراتِهِ على بَني زُبَيدٍ وبَني سَعْدٍ وبني خثعمَ وبني تميم:
وَحَيُّ زُبَيْـدٍ يَوْمَ حابِـسَ قُتِّلُـوا وَيَوْمَ بَنِـي سَعْـدٍ شَفَـيْـتُ غَلِيلِي
وَخَثْعَمَ أَرْوَيْتُ الْقَنا مِنْ دِمائِها بِـشَــفَّـانَ حَتَّـى سالَ كُلَّ مَسِـيـلِ
وَحَيُّ تَمِـيـمٍ إِذْ لَقِيـنا وَسَعْدِها بِـرَمْــلِ جُـرادٍ أُهْلِكـوا بِذُحُـولِ
ويذكُرُ ابنُ هشام صاحبُ السّيرةِ أنّ مالكَ بنَ حريم قد قادَ قومَهُ في يومٍ مهمٍّ من أيّام المعاركِ اليمانيّة؛ وهوَ يومُ الرَّزْم، وهو يومٌ تزامنَ مع غزوةِ بدر الكبرى في الإسلام، وقد وقعَ بين قبائلِ همدان وقبائلِ مُراد.
ويظهرُ من شعرِ مالك أنّه كان يسكُنُ وقبيلتَهُ في أرضِ الجوفِ شمالي صنعاء، يقولُ مفتخراً بحمايتِهم للجوف:
سنَحْمِي الجَوْفَ ما دامَتْ مَعِينٌ بِأَسْفَلِهِ مُقابِلَةً عُرادا
وَنُلْحِقُ مَنْ يُزاحِمُنا عَلَيْهِ بِأَعْراضِ الْيَمامَةِ أَوْ جَرادا
وإذا كان مالكٌ قد لُقِّبَ بـ"مُفزعِ الخيل"، ففي شعرِهِ ما يدلُّ على ولعِهِ بالخيلِ وقيادتِهِ له، يقولُ في قصيدةٍ مذكورةٍ في الأصمعيّات:
وَإِنِّي لَأُعْدِي الْخَيْلَ تُقْدَعُ بِالْقَنا حِفاظاً عَلى الْمَوْلى الْحَرِيدِ لِيُمْنَعا
ويقولُ في موضعٍ آخر مِنَ الأصمعيّة:
وَتَهْـدِي بِـيَ الْخَـيْــلَ الْمُغِـيـرَةَ نَهْدَةٌ إِذا ضَـبَــرَتْ صـابَــتْ قَـوائِمُهــا مَـعــا
إِذا وَقَـعَــتْ إِحـدى يَـدَيْــهــا بِـثَـبْـرَةٍ تَـجــاوَبَ أَثْـنــاءُ الثَّـلاثِ بِـدَعْــدَعــا
وكانَ لمالكِ بنِ حريم فرسٌ يُقالُ لها "الجَوْن"، يقولُ في وصفِها:
قَـرِّبْ رِبـاطَ الْجَـوْنِ مِـنِّــي فَـإِنَّهُ دَنا الْحِلُّ وَاحْتَلَّ الْجَمِيعَ الزَّعانِفُ
وَشُبَّ شَبُوبُ الْحَرْبِ مِنْ كُلِّ جانِبٍ فَكُلُّ أَخِي ثَغْرٍ مُشِيحٌ مُشارِفُ
ولهُ فرسٌ أُخرى يُقالُ لها "الكميت"، يقولُ فيها:
إِذْ لَيْسَ لِي غَيْرُ الْكُمَيْتِ وسَرْجِهِ وَجِهازِ غازٍ ما يَزالُ يَرُومُ
وذكرَ الصّاحبيّ التّاجيّ أنّ لهُ فرساً اسمُها "صافِن".
وقد أشارُ مالكٌ إلى مواجهتِهِ الفرسانَ في الحربِ غيرَ مرّة، ومن هؤلاءِ عمرُو بنُ معدي كرِب الّذي كانَ قائداً لبني زُبيدِ (أعداءِ مالك)، يقولُ في وصفِ فرارِ عَمرو:
وأَدْبَرَ عَمْرٌو والفِرارُ فَضِيحَةٌ وَوَلَّى كَما وَلَّى الظَّلِيمُ مِنَ الذُّعْرِ
وقد ذكرَ ابنُ قُتيبةَ أنَّ مالكَ بنَ الحريمِ كانَ من الشُّعراءِ اللُّصوص، وتبعَهُ في ذلكَ عددٌ من الباحثينَ المعاصرين؛ من مثلِ أحمد شاكر، وعبد السلام هارون، ومطاع صفدي وخليل حاوي، وعفيف عبد الرّحمن، وغيرهم، إلّا أنّ محقّق الدّيوان شريف راغب علاونة أنكرَ ذلك، وقال إنّ ابنَ قتيبةَ قد خلطَ بين مالك بن حريم وعمرو بن برّاقة الهمدانيّ؛ فالمشهورُ أنّه من اللّصوص هو عمرُو بنُ برّاقة، والشّعرُ المنسوبُ لمالكٍ عند ابن قتيبة منسوبٌ في المصادرِ الأخرى ككتابِ الأغاني وأمالي القالي ومنتهى الطّلب، إضافةً إلى أنّ المترجمينَ لمالكِ بن حَريم قد نصّوا على سيادتِهِ في قبيلتِه، وهذا لا يستقيمُ معَ كونِهِ من الشّعراءِ اللُّصوص.
لم يتّفقِ الباحثونَ على تاريخٍ معيّنٍ لوفاةِ مالكِ بن حريمِ الهَمْدانيّ، غيرَ أنّ معظمَهم قد اتّفقَ على أنّ مالكاً كان شاعراً جاهليّاً صِرفاً؛ وُلِدَ وعاشَ وتُوفّيَ في الجاهليّة، وتفرّدَ أبو عبيد البكريّ صاحبُ "سمطِ اللآلي" فقالَ إنّه شاعرٌ إسلاميّ.
ويرى محقّق الدّيوان شريف راغب علاونة أنّ مالكَ بنَ حريم قد أدركَ الإسلام دون أن يُسلِمَ أو يُدرِكَ إسلامَ قومِهِ مع النبيّ صلى الله عليهِ وسلّم، واستندَ في ذلكَ على قيادةِ مالكٍ لقومِهِ في يوم "الرّزم" المتزامنِ مع يومِ بدر.
ويرى فريقُ الموسوعةِ الشّعريّة أنْ يُحَدِّدَ تاريخَ وفاةِ مالكِ بنِ حريم بما بعدَ السّنةِ الثّانية للهجرة الموافقة لـ 620م؛ لأنّ آخرَ ما وصلَنا من أخبارٍ عن الشّاعر يقفُ عند ذلك التّاريخ.
عدَّهُ أبو حاتمِ السَّجِستانيّ والمرزُبانيّ ضمن الشُّعراءِ الجاهليِّينَ الفُحول.
رأى أبو محمّد الهمدانيّ أنّ مالكَ بنَ حريم هو شاعرُ همدان وفارسُها، وعدّهُ في الفحولِ كذلك.
اختارَ لهُ الأصمعيُّ اختياراً واحدًا، وهو الاختيار رقم 15. وأثبتَ الأخفشُ اختيارَ الأصمعيِّ في "كتاب الاختيارين".
اختارَ له أبو تمّام مقطوعةً في حماستِهِ الكبرى في بابِ الأدب، وفي حماستِهِ الصُّغرى (الوحشيّات) اختارَ له خمسةَ اختيارات، وأرقامُها: 27، 269، 421، 426، 429.
اختارَ له البحتريُّ في حماستِهِ اختياراً واحداً.
استشهدَ بشعرِهِ ابنُ رشيق القيروانيّ على ظاهرِةٍ فنيّةٍ أسماها "التّفسير"، وهو أن يستوفي الشاعر شرحَ ما ابتدأَ به
(أبو محمّد الهَمْدانيّ – من كتاب الإكليل)
(أَبو حاتَم السَّجِستانيّ)
(المَرزُبانيّ)
(شريف راغب علاونة – محقّق الدّيوان)