
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الجُمَيحُ هوَ مُنْقِذُ بنُ الطَّمَّاحِ، مِنْ قَبِيلَةِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان بَطْنٌ مِنْ قَبِيلَةِ أَسَدٍ، أَبُوهُ الطَّمّاحُ هُوَ مَنْ وَشَى بِامْرِئِ القَيْسِ عِنْدَ قَيْصَرَ وَتَسَبَّبَ بِمَوْتِهِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ فُرسانِ قَوْمِهُ كَثِيرُ الغَزَواتِ، مِنْ أَشْهَرِ قَصائِدِهِ قصيدتُهُ البائِيَةُ وَمَطْلَعُها (أَمْسَـتْ أُمامَـةُ صَمْـتاً ما تُكَلِّمُنا / مَـجْــنُـونَـةٌ أَمْ أَحَسَّتْ أَهْلَ خَرُّوبِ) وَهِيَ مِنْ المُفَضَّلِيّاتِ، تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ شِعْبِ جَبَلَةَ، وَكانَ فِي العامِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
الجُمَيحُ هوَ لَقَبُ الشَّاعِرِ، واسْمُهُ مُنْقِذُ بنُ الطَّمَّاحِ بنِ قَيسِ بنِ طَرِيفِ بنِ عَمْرِو بنِ قُعينِ بنِ طَريفِ بنِ الْحَارِثِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ دُودانَ بنِ أَسَدَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدركَةَ بنِ إلْيَاسَ بِن مُضَرَ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدنانَ.
والجُمَيحُ يَنْتَسِبُ إِلى قَبِيلَتُهُ أَسَدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وهم مِنْ أشدّ القبائلِ في الجاهليّةِ وَأَكْثَرِها غَزْواً وَوَقائِعَ، وَقدْ ثَارُوا على جُحْرٍ مَلِكِ كِنْدَةَ فَقَتَلُوهُ وَقوَّضُوا مُلْكَهُ، وَكانُوا لَا يَديْنُونَ لِمَلِكٍ، وَأَكْثَرُ حُرُوبِهِمْ كانتْ مَعَ قَبِيلَةِ طَيِّئٍ وَقَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَبِيلَةِ جُشَمَ بْنِ مُعاوِيَةَ وغيرها، وَمِنْ أَشْهَرِ أَيّامِهِمْ يَوْمُ النِّسارِ، وَيَوْمُ الجِفارِ، وَتَفَرَّعَتْ مِنْ قَبِيلَةِ أَسَدٍ بُطُونٌ كَثِيرَةٌ مِنْها بَنُو كاهِلٍ وبَنُو غَنَمِ بْنِ دُودانَ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ قِعِينَ وَبَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان وهم رهط الجميح، وَغَيْرِها، وَكانَتْ مَنازِلُهُمْ فِيما يَلِي الكَرْخَ مِنْ أَرْضِ نَجْدٍ، وشَغلتْ أطرافاً من الحِجازِ فِي مُجاوَرَةِ طَيِّئٍ، وَجَاوَرتْ ذُبيانَ وَحالَفتْهُم.
وَأُسْرَةُ الجُمَيحِ مِنْ سادَةِ قَبِيلَةِ أَسَدٍ، فَأَبُوهُ هُوَ الطَّمَّاحُ كانَ وافِدَ بَنِي أَسَدٍ عَلَى قَيْصَرَ، وَهُوَ مَن وَشَى بِاِمْرِئِ القَيْسِ وسَعَى فِي هَلاكِهِ عِنْدَ قَيْصَرَ، وَكانَ امْرُؤُ القَيْسِ قَدْ قَتَلَ أَخاً لَهُ، فَقالَ الطَّمَّاحُ لِقَيْصَرَ: "إِنَّ امْرَأَ القَيْسِ غَوِيٌّ عاهِرٌ وَإِنَّهُ لَمّا انْصَرَفَ عَنْكَ بِالجَيْشِ ذَكَرَ أَنَّهُ كانَ يُراسِلُ ابْنَتَكَ وَيُواصِلُها، وَهُوَ قائِلٌ فِي ذلِكَ أَشْعاراً يُشْهِرُها بِها فِي العَرَبِ فَيَفْضَحُها وَيَفْضَحُكَ" فَبَعَثَ إِلَيْهِ حِينَئِذٍ بِحُلَّةِ وَشْيٍ مَسْمُومَةٍ مَنْسُوجَةٍ بِالذَّهَبِ كَما هُوَ مَشْهُورٌ فِي حادِثَةِ مَوْتِ امْرِئِ القَيْسِ. وَإِيّاهُ عَنَى امْرُؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ:
لَقَدْ طَمِــحَ الطَّمَّـاحُ مِنْ بُعْدِ أَرْضِهِ لِيُـلْبِــسَـنِي مِنْ دائِهِ ما تَلَبَّسا
وَلِلجُمَيحِ أَخَوانِ اثْنانِ هُما عُرْفُطَةُ وَهُوَ شاعِرٌ وَالحارِثُ، وَلَهُ مِنْ الأَبْناءِ اثْنانِ هُما عُرْكُزٌ وَالحُصَينُ، وَعُرْكُزٌ شاعِرٌ، وَابْنَةُ الحُصَيْنِ رامَةٌ شاعِرَةٌ أَيْضاً، وَزَوْجَةُ الجُمَيحِ هِيَ أُمامَةٌ مِنْ بَنِي قُرَيْعِ بْنِ أَنْفِ النّاقَةِ السَّعْدِيِّ، تَزَوَّجَها وَقَدْ عَلاهُ الشَّيْبُ فَضارَّتْهُ وَآذَتْهُ، فَقالَ فِي ذلِكَ قَصِيدَتَهُ البائِيَةَ وَهِيَ مِنْ المُفَضَّلِيّاتِ وَمَطْلَعُها:
أَمْسَـتْ أُمامَـةُ صَمْـتاً ما تُكَلِّمُنا مَـجْــنُـونَـةٌ أَمْ أَحَسَّتْ أَهْلَ خَرُّوبِ
لَيْسَ هُناكَ الكَثِيرُ مِنْ الأَخْبارِ الوارِدَةِ عَنْ الجُمَيحِ، وَكُلُّ ما وَرَدَ عَنْهُ يَتَعَلَّقُ غالِباً بِفُرُوسِيَّتِهِ وَشَجاعَتِهِ، فَقَدْ كانَ مِنْ فُرْسانِ قَوْمِهِ المَعْدُودِينَ كَثِيرَ الإِغارَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ الجُمَيحَ هُوَ مَنْ قَتَلَ رَبِيعَةَ بْنَ مالِكٍ أَبا لَبيدِ بْنِ رَبِيعَةَ الشّاعِرِ، وَكانَ ذلِكَ فِي يَوْمٍ عَلَق وَهُوَ أَشْهَرُ أَيّامٍ قَبِيلَتِهِ بَنِي أَسَدٍ وَفِيهِ تَغَلَّبُوا عَلَى قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَمِمّا يُشِيرُ إِلَى شِدَّةِ بَأْسِ الجُمَيحِ وَشَجاعَتِهِ ما يُرْوَى عَنْهُ كَذلِكَ أَنَّهُ أَغارَ عَلَى إِبِلِ المُنْذِرِ بْنِ ماءِ السَّماءِ.
وَكانَ الجُمَيحُ كَما يَظْهَرُ مِنْ أَخْبارِهِ لَهُ شَأْنٌ فِي قَوْمِهِ وَعِنْدَ القَبائِلِ الأُخْرَى وَلا سِيَّما حُلَفاؤُهُمْ كَذِبِيّانِ، فَيُرْوَى أَنَّ قَوْماً شَرَّدَتْ إِبِلَ أَبِيهِ حَتَّى وَقَعَتْ فِي دِيارِ بَنِي عَوْفٍ الذُبْيانِيِّينَ، فَرَكِبَ الجُمَيحُ فِي طَلَبِها حَتَّى نَزَلَ بِالحارِثِ بْنِ ظالِمٍ وَطَلَبَها مِنْهُ، فَخَرَجَ الحارِثُ مُخْتَرِطاً سَيْفَهُ وَنادَى فِي النَّاسِ مَنْ كانَ عِنْدَهُ مِنْ هذِهِ الإِبِلِ شَيْءٌ فَلا يَصْدُرَنَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِنا حَتَّى يَرُدَّها، فَرُدَّتْ جَمِيعاً وَانْصَرَفَ الجُمَيحُ بِها.
وَمِمّا وَرَدَ عَنْهُ خَبَرُهُ مَعَ خَراشَةَ بْنِ عُلْبَةَ الذُّبْيانِيِّ، وَكانَ لِخُراشَةَ فَرَسٌ يُسمّيها مَرْهُوباً، وَكانَ خُراشَةُ قَدْ أُسِرَ ابْنُهُ فِي بَنِي سُلَيْمٍ وَطالَبُوهُ بِأَنْ يَفْدِيَهُ بِفَرَسِهِ فَأَبَى، وَعِنْدَما أَتاهُ الجُمَيحُ أَعْطاهُ فَرَسَهُ وَتَرَكَ ابْنَهُ أَسِيراً، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ الجُمَيحُ:
نَفْـسِـي الْفِداءُ لِمَنْ لَمَّا تَكاءَدَنِي كَسْـبُ الْجِيـادِ حَشـا سَرْجِي بِمَرْهُوبِ
وَقَلَّتِ الْخَيْـلُ عِنْدِي وَاخْتَلَلْتُ لَها وَخَصَّنـِي الشِّرْكَ أَرْبابُ الْمَنـاجِـيبِ
هَذا الثَّناءُ وَإِنْ تَجْـلُبْـكَ مَأْرَبَةٌ فِي الْمَالِ ذَا نَكْبَةٍ أَوْ غَيْرَ مَنْكُوبِ
اصْبِـرْ لَها وَتَجِـدْنِـي دائِماً خُلُقِي وَالْقَوْلُ مِنْهُ كَثِـيـرٌ غَيْـرُ مَرْقُوبِ
قُتِلَ الجُمَيحُ فِي يَوْمِ شِعْبِ جَبَلَةَ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَيّامِ العَرَبِ، تَحالَفَتُ فِيهِ عَبَسٌ وَعامِرُ بْنُ صَعْصَعَةَ ضِدَّ بَنِي تَمِيمٍ وَحُلَفائِهِمْ مِنْ أَسَدٍ وَذُبْيانَ وَغَيْرِهِمْ، وَكانَتْ الغَلَبَةُ فِيهِ لِعَبْسٍ وَعامِرٍ، وَكانَ هذا اليَوْمُ فِي العامِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ قَبْلَ ذلِكَ بِخَمْسِينَ عاماً، وَبِالاعْتِمادِ عَلَى الرَّأْيِ الأَوَّلِ يَكُونُ تارِيخُ وَفاةِ الجُمَيحِ هُوَ 53ق.هـ/571م.
الجُمَيحُ منَ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ، لَمْ يَصِلْ مِنْ شِعْرِهِ إِلّا قُرابَةَ سَبْعِينَ بَيْتاً، وَأَشْهَرُ قَصائِدِهِ قَصِيدَتُهُ البائِيَّةُ الَّتِي يُعاتِبُ بِها زَوْجَتَهُ وَيَتَوَعَّدُها وَمَطْلَعُها: (أَمْسَـتْ أُمامَـةُ صَمْـتاً ما تُكَلِّمُنا / مَـجْــنُـونَـةٌ أَمْ أَحَسَّتْ أَهْلَ خَرُّوبِ)
اخْتارَ لَهُ المُفَضَّلُ الضَّبِيُّ ثَلاثَ قَصائِدَ فِي مُفَضَّلِيّاتِهِ، وَاخْتارَ لَهُ الأَصْمَعِيُّ واحِدَةً فِي الأَصْمَعِيّاتِ.
غَلَبَ عَلَى شِعْرِهِ الحَماسَةُ وَذِكْرُ الوَقَعاتِ وَالحُرُوبِ وَخاصَّةً مَعَ بَنِي عامِرٍ، وَلَهُ فِي هِجائِهِمْ بَعْضُ القَصائِدِ. وَمِنْ الأَغْراضِ الَّتِي طَرَقَها المَدِيحُ وَالعِتابُ وَوَصَفُ الإِبِلِ.
شِعْرُهُ -كَما يُوصَفُ- تَقْرِيرِيٌّ قَلِيلُ الصُّوَرِ، مَتِينٌ فِي تَراكِيبِهِ، بَدَوِيٌّ فِي مَعانِيهِ، وَحْشِيٌّ فِي أَلْفاظِهِ.