
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
المُمَزَّقُ العبديُّ هو شأسُ بنُ نهارِ بنِ أسود، من قبيلةِ عبد القيس المنحدرة من القبائل النزارية العدنانيّة. والمُمَزَّق لقبٌ غلبَ عليه لبيتٍ من الشّعر يقول فيه "وَإِلَّا فَأَدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ". شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 36ق.ه/587م، وهو ابنُ أختِ الشّاعرِ المثقّب العبديّ. استعطفَ ملكَ المناذرة الشّهير عمرو بن هند لقومِهِ حين هَمّ الملكُ بغزوِ بني عبد القيس، واستعطفَهُ لنفسِهِ بعد وشايةٍ وصلَت إلى الملكِ عنه، كما مدحَ النُّعمانَ بنَ المنذرِ وواصلَه. ويُرجَّحُ أنّه توفّي في فترةِ حكم النّعمان بن المنذر. عدّهُ ابنُ سلّام الجمحيّ من شعراءِ البحرينِ الكبار بعد خالِهِ المثقِّب، وتغلبُ على شعرِهِ الحكمةُ والحديثُ عن الموت ووصفِ أحوالِه، إضافةً إلى التزامِهِ بتقاليد القصيدة العربيّة في المديح؛ لا سيّما تقليد وصف النّاقة.
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
الْمُمَزَّقُ العَبْدِيُّ هُوَ شأسُ بنُ نهارِ بنِ أسودَ بنِ جَزيلِ بنِ حَيِّيِ بنِ عسَّاسِ بنِ حيِّيِ بنِ عوفِ بنِ أسودَ بنِ عُذرةَ بنِ منبّهِ بن نُكرَة بنِ لُكَيزِ بن أفصى بنِ عبدِ القيسِ بنِ أفصى بنِ دُعْمِيِّ بنِ جديلةَ بنِ أسد بنِ ربيعةَ بنِ نزارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عدنان.
وذكرَ المرزُبانيّ أنَّ اسمَهُ يزيدُ بنُ نهار، وذكرَ كذلك أنّ اسمَه يزيدُ بنُ حذّاق. ولم تتفِّق المصادرُ الأدبيّةُ الأخرى على هذينِ الاسمينِ مع المرزبانيّ، والصَّحِيحُ أنّه: شأسُ بنُ نهار.
ومعنى "شأس": الغليظُ منَ الأرض.
والمُمَزَّق -بفتح الزَّاي- هو لقبٌ غلبَ عليهِ لقولِه:
فَإِنْ كُنْتُ مَأْكُولاً فَكُنْ خَيْرَ آكِلٍ وَإِلَّا فَأَدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ
وقالَ أحمدُ بنُ عُبَيد إنَّ لقبَهُ هو "المُمَزِّق" بكسرِ الزّاي؛ وذلك لقولِه:
فَمَنْ مُبْلِغُ النُّعْمانَ أَنَّ ابْنَ أُخْتِهِ عَلَى الْعَيْنِ يَعْتادُ الصَّفا وَيُمَزِّقُ
أمّا قبيلتُهُ فهي قبيلةُ عبدِ القيس العدنانيّة النّزاريّة، والنّسبةُ إليها: عبديّ. وهي من القبائلِ الّتي كانت في تهامةَ ثمّ خرجت إلى البحرينِ وهجَر والخطّ والقطيف، ولعبد القيس في هذه المناطق بطونٌ كثيرة. ومن تلك البطون بطنُ "بني نُكرة" الّذي ينتمي إليه الممزَّق، وهو البطنُ الّذي كان مستقرّاً في القطيف.
لا تذكُرُ المصادرُ الأدبيّةُ شيئاً كثيراً عن أسرةِ الممزَّق العبديّ، سوى أنّ خالَهُ هو الشَّاعِرُ المعروفُ بِالمثقِّبِ العَبْدِيّ، وقد ذكَرَ المثقِّبُ ابنَ أختِهِ الممزَّقَ باسمِهِ في شعرِهِ فقال:
إنَّما جادَ بِشَأْسٍ خالِدٌ بَعْدَ ما حاقَتْ بِهِ إِحْدى الظُّلَمْ
ولا تذكُرُ المصادرُ الأدبيّةُ شيئاً عن زوجاتِ الممزَّقِ العبديِّ أو أبنائِه.
ليسَ في المصادرِ الأدبيّةِ الّتي ترجمت للممزَّقِ العبديِّ بسطٌ لمراحلِ حياتِه، وهي تركِّزُ على أنَّهُ كانَ مشهوراً باتِّصالِهِ ببلاطِ المناذرةِ في الحِيرةِ كما هو الحالُ مع خالِهِ المثقِّبِ العبديّ. ولهُ قصيدةٌ في الأصمعيَّات قالَها يستعطفُ عمرَو بنَ هندٍ في قومِهِ بني عبد القيس حينَ همَّ بغزوِهِم، وحينَ بلغتِ القصيدةُ عمرَو بنَ هندٍ رجعَ عن رأيِهِ وعاد، ومّما جاءَ في القصيدةِ من استعطافٍ لعمرِو بن هند قولُه:
تَـرُوحُ وَتَـغْــدُو مـا يُـحَــلُّ وَضِـيـنُهـا إِلَيْـكَ ابْنَ ماءِ الْمُزْنِ وَابْنَ مُحَـرِّقِ
عَلَوْتُمْ مُلوكَ النَّاسِ فِي الْمَجْدِ وَالتُّقى وَغَـرْبِ نَدىً مِنْ عُرْوَةِ الْعِزِّ يَسْـتَـقِـي
وَأَنْتَ عَمُـودُ الدِّينِ مَهْمـا تَقُـلْ يُقَلْ وَمَهـمــا تَـضَــعْ مِـنْ بـاطِـلٍ لا يُلَحَّقِ
وَإِنْ يَجـبُـنُـوا تَشْجُعْ وَإِنْ يَبْخَلُوا تَجُدْ وَإِنْ يَخْـرُقـوا بِالْأَمْـرِ تَفْـصِـلْ وَتَفْرُقِ
وفي القصيدةِ نفسِها استِعطافٌ شخصيٌّ من الممزَّقِ العبديِّ لعمرِو بن هند والتماسٌ بالعفوِ عنه، ويَبدو أنّ الملكَ كان صدرُهُ غائراً على الممزَّق بسببِ وشايةٍ قدَّمَها رجلٌ يُقالُ لهُ ابنُ فرتنا، ويبدو أنّ فحوى هذه الوشايةِ تدورُ حول اتّهامِ ابنِ فرتنى للممزَّق بأنّه جزءٌ من مؤامرةٍ تُحاكُ ضدَّ الملك؛ لذلك يُعلنُ الممزَّق براءتَهُ ممّا نُسِبَ إليه، ثمّ يعلنُ أنّه لا ضلعَ له مع الآخرينَ المشتركينَ في المؤامرة؛ فهو مخالفُهُم دائماً وأبدًا، إلى الحدِّ الّذي يذهبُ فيه إلى نجد في حالِ ذهبوا إلى تِهامة، ويذهبُ إلى العراقِ في حالِ ذهبوا إلى عُمان! يقول:
أَحَقّـاً أَبَيْـتَ اللَّعْنَ أَنَّ ابْنَ فَرْتَـنا عَـلى غَـيْــرِ إِجْـرامٍ بِرِيـقِـي مُشَـرِّقِـي
فَـإِنْ كُـنْـتُ مَأْكُـولاً فَكُـنْ خَيْـرَ آكِلٍ وَإِلَّا فَـــأَدْرِكْــــنِــــي وَلَمَّا أُمَـــزِّقِ
أَكَـلَّفْــتَــنِــي أَدْواءَ قَـوْمٍ تَـرَكْــتُهُــمْ وَإِلَّا تَـدارَكْــنِــي مِـنَ الْبَـحْـرِ أَغْرَقِ
فَإِنْ يُتْهِـمُـوا أُنْجِـدْ خِلافـاً عَلَيْهِـمُ وَإِنْ يُعْـمِـنُـوا مُسْـتَحقِبي الْحَرْبِ أُعْرِقِ
فَـلا أَنا مَوْلاهُـمْ وَلا فِي صَحِـيـفَـةٍ كَـفَــلْتُ عَـلَيْهِــمْ وَالْكَفـالَةُ تَعْـتَـقِـي
وَظَـــنِّي بِهِ أَلَّا يُــكَـــدِّرَ نِــعْـــمَـــةً وَلا يَـقْــلِبَ الْأَعْـداءَ مِـنْهُ بِمَـعْـبَـقِ
وبيتُ الممزَّقِ:
فَـإِنْ كُـنْـتُ مَأْكُـولاً فَكُـنْ خَيْـرَ آكِلٍ وَإِلَّا فَـــأَدْرِكْــــنِــــي وَلَمَّا أُمَـــزَّقِ
من الأبياتِ الّتي تمثَّلَ بها عثمانُ بنُ عفّانَ في رسالةٍ إلى عليّ بنِ أبي طالبِ إبّانَ حصارِهِ قبلَ مقتلِه، كما يذكرُ المؤرِّخون.
وفي شِعرِ المثقِّبِ العبديِّ -خالِ الممزَّق- إشارةٌ إلى معاناةٍ شخصيّةٍ عاشَها الممزَّقُ العبديُّ مع ملوكِ الحيرة؛ إذ كان مأسوراً لدى أحدِهِم ومهدّداً بالموتِ المحتَّم، لولا تدخُّلُ رجلٍ يُدعى بخالدِ بنِ أنمارِ بن الحارثِ في شأنِهِ ووساطتُهُ عند الملكِ بأن يعفوَ عن الممزَّق، وهو ما كان. لذلك يمدحُ المثقِّبُ العبديُّ خالدَ بنَ أنمار هذا فيقول:
إِنَّما جادَ بِشَأْسٍ خالِدٌ بَعْدَ ما حاقَتْ بِهِ إِحْدى الظُّلَمْ
مِنْ مَنايا يتَخاسَيْنَ بِهِ يَبْتَدِرْنَ الشَّخْصَ مِنْ لَحْمٍ وَدَمْ
ومن مظاهرِ علاقةِ الممزَّقِ الأخرى بملوكِ الحيرة أنَّ له قصيدةً في "المفضّليات" يُحرِّضُ فيها النُّعمان بن المنذر على رجلٍ يُدعى بـ"أُسَيِّد"، وهو ابنُ أختِ النّعمان، ويتّهِمُهُ بأنّهُ يستهزئُ منهُ ولا يأبهُ به، ثمّ ينبّهُهُ إلى أنّ قبيلتَهُ "لُكَيز" لها مآثرُ مشهودةٌ في الوقوفِ إلى جانبِ النُّعمان، يقول:
فَمَنْ مُبْلِغُ النُّعْمانَ أَنَّ ابنَ أُخْتِهِ عَلى الْعَيْنِ يَعْتادُ الصَّفا وَيُمَرِّقُ
وَأَنَّ لُكَيْزاً لَمْ تَكُن رَبَّ عُكَّةٍ لَدُنْ صَرَّحَتْ حُجَّاجُهُمْ فَتَفَرَّقوا
وبعيداً عن حياةِ الممزَّقِ العبديّ الخارجيّة الّتي لا يبدو أنّها تحتوي على الكثيرِ من التّفاصيل، ففي المفضّليّات قصيدةٌ بديعةٌ للممزَّق تكشِفُ عن نزعةٍ وجوديّةٍ خالِصَة، وفي هذه القصيدةِ يصفُ موتَهُ وصفاً بديعاً بكاملِ التّفاصيل، فيتحدّثُ عن تسريحِ شعرِهِ وإلباسِهِ الكفنَ استعداداً للدّفن، ثمّ يتحدّثُ عن إطراءِ النّاسِ عليه قبيل دفنِه، ثمَّ يتناولُ مشهدَ دفنِه، ويختمُ القصيدةَ بحكمةٍ تهوِّنُ على السّامعِ شأنَ الموت وتوضِّحُ أنّ هذا هو مصيرُ الإنسان، وأنّ مالَهُ سيُوَرَّثُ لغيرِه على كلّ حال! يقول:
هَلْ لِلْفَتى مِنْ بَناتِ الدَّهْرِ مِنْ واقِ أَمْ هَلْ لَهُ مِنْ حِمَامِ الْمَوْتِ مِنْ رَاقِ
قَدْ رَجَّلُونِـي وَما رُجِّلْتُ مِنْ شَعَـثٍ وَأَلْبَـسُـونِـي ثِيـابـاً غَيْـرَ أَخْلاقِ
ورَفَّعــُونـــي وَقـالُوا أَيُّمـا رَجُـلٍ وَأَدْرَجُـونِــي كَـأَنِّي طَـيُّ مِـخْــراقِ
وَأَرْسَلُوا فِتْـيَـةً مِنْ خَيْرِهِمْ حَسَباً لِيُسْـنِدوا فِي ضَرِيحِ التُّرْبِ أَطْبَاقِي
هَـوِّنْ عَـلَيْــكَ وَلا تَوُلَعْ بِإِشْـفـاقِ فَـإِنَّمــا مالُنـا لِلْوارِثِ الْباقِـي
كَأَنَّنـِي قَدْ رَمانِي الدَّهْرُ عَنْ عُرُضٍ بِــنـــافِــذاتٍ بِـلا رِيـشٍ وَأَفْـواقِ
وفي حماسةِ البحتريِّ قطعتانِ أخريانِ تشيرانِ إلى تيقُّنِ الممزَّقِ العبديِّ من حتميّةِ الموت، يقولُ في أولاهما:
وَلَوْ كُنْتُ فِي بَيْتٍ تُسَدُّ خَصاصُهُ حَوالَيَّ مِنْ أَبْناءِ بَكْرةَ مَجْلِسُ
وَلَوْ كانَ عِنْدِي حازِيانِ وَكاهِنٌ وَعَلَّقَ أَنْجاساً عَليَّ الْمُنَجِّسُ
إِذاً لَأَتَتْنِي حَيْثُ كُنْتُ مَنِيَّتِي يَخُبُّ بِها هادٍ إِلَيَّ مُتَفْرِسُ
ويقولُ في الأخرى:
لَوْ كُنْتُ في غُمْدانَ لَسْتُ بِبارِحٍ مِنْهُ وَسُدَّ خَصاصُهُ بِالطِّينِ
عِنْدِي شَرابٌ ما اشْتَهَيْتُ وَمَأْكَلٌ جاءَتْ إِلَيَّ مَنِيَّتِي تَبْغِيني
يذكرُ جرجي زيدان أنّ وفاةَ الممزَّق العبديّ كانت نحو سنة 480م، وهذا تاريخٌ مبالَغٌ فيهِ جدًّا؛ لأنّه يؤخِّرُ وفاتَهُ عن وفاةِ خالِهِ المثقَّبِ بنحوِ مئةِ عام! وكان جرجي زيدان نفسُه قد ذكر أنّ وفاةَ المثقِّب كانت نحو سنةِ 587م الموافقةِ لـ36ق.ه. ويرى فريقُ الموسوعةِ الشّعريّة أن يسوّيَ بينَ وفاةِ الممزَّقِ العبديِّ وخالِهِ المثقَّبِ لأنّ كليهما يذكرُ النّعمان بن المنذر في شعرِه، ولأنّ كليهما لا يبدو أنّه عاصرَ النّعمانَ معاصرةً طويلة، من ثَمّ فإنّ وفاتَهُما تقعُ في قلبِ السّنواتِ الّتي حكمَ فيها النُّعمانُ الحيرة.
وعلى ذلك تكونُ وفاةُ الممزّق نحو سنة 587م الموافقةِ لـ36ق.ه
عَدَّهُ ابنُ سلّام الجُمَحيّ على رأسِ شعراءِ البحرينِ في تناولِهِ لشُعراء القُرى بكتابه "طبقات فحول الشّعراء"، وجاءَ ترتيبُهُ بعدَ خالِهِ المثقَّب، وذكرَ ابنُ سلّام تمثَّلَ عثمانَ بن عفّان ببيتِهِ الشّهير "وإلّا فأدرِكْنِي ولَمَّا أُمَزَّقِ" لعليِّ بنِ أبي طالب.
روى لهُ الأصمعيُّ قصيدةً واحدةً في الأصمعيّات، وهي القصيدةُ برقم (58).
روى له المفضّل الضّبيّ 3 قصائدَ في مختاراته، وهي القصائد (80) و(81) و(130)، والقصيدتان (81) و(130) متشابهتان جدًّا وهما قصيدةٌ واحدةٌ مختلفةُ الرّواية كما ذكرَ المحقّقون.
اختار له البحتريّ في حماسته مجموعة من الاختيارات، وهي الاختيارات 443، و444، و747، و1190.
اختار لهُ البصريُّ في حماستِهِ اختيارين، هما الاختيار 269، والاختيار 746. والاختيار 746 فيهِ خلطٌ في نسبةِ الأبيات؛ إذ الأصحّ أنّها لصالح بن عبد القدّوس لا للممزَّق العبديّ.
" وَكَتبَ عُثمانُ بنُ عفَّانَ إلى عليِّ بنِ أَبي طالبٍ رحمةُ اللهِ عليهما لمّا أُحِيطَ بهِ: "أمّا بعدُ، فإنّهُ قد جاوز الماءُ الزُّبى، وبلغَ الحِزامُ الطُّبْيَيْنِ، وتجاوزَ الأمرُ بي قدرَه، وطَمِعَ فِيَّ مَن لا يدفَعُ عن نفسِه.
فَإِنْ كُنْتُ مَأْكُولاً فَكُنْ أَنْتَ آكِلِي وَإلَّا فَأَدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ"
البيتُ الَّذي قدْ تضمَّنَتْهُ الرِّسالةُ مِن شعرِ المُمَزَّقِ العَبْدِيّ، يقولُهُ لعمرِو بنِ هندٍ في قصيدةٍ مشهورةٍ، وبه سُمِّيَ المُمَزَّقُ، واسمُهُ شَأْسُ بنُ نهار. "
(من كتاب العمدة لابن رشيق القيروانيّ)