
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَبو دؤاد الإياديّ هو جارِيةُ بنُ الحجّاج بن بحر، من قبيلةِ إياد المنحدرةِ من قبائلِ نزار العدنانيّة، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 70ق.هـ/555م. اتّصلَ بِبلاط المنذرِ بن ماءِ السّماء وكانَ مشرفاً على خيلِه، كما أنّه عملَ في التّجارة. يُعَدُّ أحدَ أهمّ الشّعراءِ العربِ في وصفِ الخيل، ويرى عدد من النّقّاد أنّهُ يقفُ على رأسِ مدرسةٍ شعريّةٍ خالصةٍ عُنِيَت بوصفِ الخيلِ على وجهِ التّحديد، إلّا أنّ أغراضَ شعرِهِ تتنوّعُ وتتجاوزُ الوصفَ إلى الحكمة والحماسةِ والرّثاء وغيرِها من الأغراض
عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ، مِنْ قَبِيلَةِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، وهو مِنْ أَقْدَمِ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، شاعِرٌ فَحْلٌ صَنَّفُهُ ابْنُ سَلّامٍ فِي الطَّبَقَةِ الثّامِنَةِ مِنْ طَبَقاتِ فُحُولِ الشُّعَراءِ، اشْتُهِرَ بِمُرافَقَتِهِ لِاِمْرِئِ القَيْسِ فِي رِحْلَتِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ، وَإِيّاهُ عَنَى امْرَؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (بَكَى صاحِبِي لَما رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ)، وَقد تُوُفِّيَ فِي رِحْلَتِهِ هذِهِ فَسُمِّيَ عَمْراً الضّائِعَ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 85هـ/ 540م.
السُّليك بن السُّلَكة هو السُّليك بنُ بنُ عمرِو بنِ سنان، من قبيلةِ سعد بنِ زيد مناة المنحدرة من قبائل تميم النّزارية العدنانيّة. والسُّلَكَة: أمُّه، ويُنسَب إليها. شاعرٌ جاهليٌّ من كبارِ الشّعراءِ الصّعاليك، عُرِفَ بغاراتِهِ على قبائلِ مراد وخثعم وبكر بن وائل، وكان معروفاً بشدّة البأس والقدرةِ الفائقةِ على العَدْو والمعرفة العظيمة بالصّحراء والمفاوز والقفار. يُعَدّ من أغربةِ العرب؛ لسوادِ بشرتِهِ ونسبتِهِ إلى أمِّه وشجاعتِهِ وشاعريّته، وقد قُتِل على يد أنس بن مدرك الخثعميّ نحو سنة 17ق.ه/606م. عدّهُ المفضّل الضبّيّ من أشدّ رجال العرب وأنكرِهم وأشعرِهم، ويدورُ شعرُه حول وصفِ صعلكتِهِ وغاراتِهِ ومشاهدِه.
امرُؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكِنْدِيّ، يُلقّبُ بالملك الضّلّيل وبذي القُروح. شاعرٌ جاهليٌّ كبيرٌ من قبيلةِ كندة الّتي شكّلت مملكةً في نجد قبل الإسلام، تُوفّيَ نحو 85ق.ه/545م. عاشَ مرحلتينِ بارزتينِ من حياته؛ ابتدأت الأولى منذُ صباه وتميّزت بالتّرفِ واللَّهو النّاتجينِ عن كونِهِ ابناً لأسرةٍ ملكيّة، والأخرى ابتدأت بمقتل أبيه الملك حُجر بن الحارث على يد قبيلةِ أسد، وهي مرحلة امتازت بالحروب وطلب الثّأرِ والتنقّل بين القبائل العربيّة إلى أن وصلَ إلى قيصرِ الرّوم طلباً للمساعدة، وهناك أهداهُ الملكُ حلّةً مسمومةً جعلته يموتُ بمرضٍ جلديّ. يُعَدّ شاعراً من أهمّ الشّعراء العرب على مرّ العُصور؛ فهو من أصحاب الطّبقة الأولى وله المعلّقة الأشهر في الأدب العربيّ، وقد اعتُنِيَ بديوانه عناية بالغة في القديم والحديث. أمّا موضوعاتُ شعرِه فتركّز على الوصف والطّبيعة والأطلال ووصفِ الفرس والصّيد والمرأة واللّهو، بالإضافة إلى الشّعر المقولِ في التأريخِ لمقتل أبيه والأحداث اللّاحقة.
طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ بْنِ سُفْيانَ بْنِ سَعْد بن مالكٍ، من قبيلة بكْرِ بن وائِلٍ، مِنْ أَشْهَرِ شُعَراء الجاهِلِيَّةِ، وَمِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وُلِدَ فِي بادِيَةِ البَحْرَيْنِ، وَنَشَأَ يَتِيماً، وَامْتازَ بِالذَكاءِ وَالفِطْنَةِ مُنْذُ صِغَرِهِ، وَأَقْبَلَ فِي شَبابِهِ عَلَى حَياةِ اللَّهْوِ وَالمُجُونِ وَمُعاقَرَةِ الخَمْرِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ مَلِكِ الحَيْرَةِ مَعَ خالِهِ المُتَلَمِّسِ وَأَصْبَحَ مِنْ نُدَمائِهِ، وَقَدْ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ عامِلَهُ فِي البَحْرَيْنِ أَنْ يَقْتُلَ طَرَفَةَ لِهَجاءٍ قالَهُ فِيهِ، فَقَتَلَهُ وَقَدْ بَلَغَ العِشْرِينَ وَقِيلَ سِتّاً وَعِشْرِينَ سَنَةً، كانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةٍ (60 ق.هـ/ 565م).
زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى رَبِيعَةَ بْنِ رَباحٍ، المُزَنِيّ نَسَباً، الغَطَفانِيُّ نَشْأَةً، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مِنْ أَصْحابِ المُعَلَّقاتِ، وَمِنْ أَصْحابِ الطَبَّقَةِ الأُولَى بَيْنَ الشُّعَراءِ الجاهِلِيِّينَ، عاشَ فِي بَنِي غَطَفانَ وَعاصَرَ حَرْبَ داحِس وَالغَبْراءَ، وَكَتَبَ مُعَلَّقَتَهُ يَمْدَحُ هَرِمَ بْنَ سِنان وَالحارِثَ بْنَ عَوْفٍ اللَّذَيْنِ ساهَما فِي الصُّلْحِ وَإِنْهاءِ الحَرْبِ، تُوُفِّيَ حَوالَيْ سَنَةِ 13 قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَبِيدُ بنُ الأبرصِ الأسديّ، أبو زِياد، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ قَديم، تُوفّيَ نحو 77ق.ه/545م. أحدُ شعراءِ المعلّقاتِ في تصنيف التّبريزيّ وشعراء المجمهراتِ في تصنيف أبي زيدٍ القرشيّ، وعدّه ابنُ سلّام في شعراء الطّبقة الرّابعة. كانَ شاعرَ قبيلتِهِ "أسد" وأحد وجهائها الكبار، اشْتُهِرَ بتوثيقِهِ لمآثرِ قبيلتِهِ لا سيّما حادثة قتلِهِم للملك الكِنْدِيّ "حُجر بن الحارث"، وفي شعرِهِ مناكفاتٌ مع امرئ القيس الّذي كان يطلبُ ثأرَه في قبيلةِ عَبيد. يُعَدّ في الشّعراء المعمّرين، وتدور موضوعاتُ شعرِهِ حول الحكمة ووصف الشّيب والشّيخوخة، بالإضافة إلى شعرِهِ في الفخر بنفسهِ وقبيلتِه، وشعرِهِ في وصفِ العواصفِ والأمطار. يرى كثيرٌ من الباحثين أنّ شعرَهُ مضطربٌ من النّاحية العروضيّة، ويستدلّ آخرون بشعرِهِ على أنّه ممثّل لبدايات الشّعر العربيّ. قُتِلَ على يدِ المنذر بن ماء السّماء بسببِ ظهورِهِ عليهِ في يومِ بُؤسِهِ كما تقولُ الرّواياتُ التّاريخيّة.
هو عروة بن الورد بن حابس العبسيّ، من قبيلةِ عبس المنحدرةِ من قبائلِ غطفان النزاريّة العدنانيّة، كُنيتُهُ أَبو نجد، شاعِرٌ وفارسٌ من رؤوسِ الصّعاليكِ في العصرِ الجاهليّ، وقد لُقِّبَ بأبي الصّعاليك لأنّه كان يحمي الصّعاليك ويقودُهم في الغارات، كما أنّه أحدُ المنظّرين الكبار للصّعلكة في الشّعر الجاهليّ؛ فقد نظّرَ لضرورةِ ثورةِ الصّعاليك على الأغنياء وإعادة علاقات التّوازن الاقتصاديّ في المجتمع. اشتُهِرَ بكرمِهِ وجودِهِ وحمايتِه للضّعفاء والملهوفين ودعوته إلى مكارم الأخلاق. تدورُ معظمُ قصائدُه حول الصّعلكة وضرورة الضّرب في الأرض بحثاً عن الرّزق، كما أنّ له قصائد في بعض الشؤون القبليّة في عصرِه.
السَّمَوْأَلُ بْنُ عُرَيضِ بْنِ عادِياءَ، مِنْ قَبِيلَةِ الأَزْدِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، جَعَلَهُ ابْنُ سَلامٍ عَلَى رَأْسِ طَبَقَةِ الشُّعَراءِ اليَهُود، لَهُ حِصْنٌ مَشْهُورٌ بِتَيْماءَ يُسَمَّى الأَبْلَق، عُرِفَ السَّمَوْأَلُ بِالوَفاءِ وَلَهُ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ حَوْلَ حِفْظِهِ لِدُرُوعِ امْرِئِ القَيْسِ، وَهُوَ مِنْ الشُّعَراءِ المُقِلِّينَ وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ لامِيَّتُهُ الَّتِي مَطْلَعُها: (إِذا المَرْءُ لَمْ يَدْنُسْ مِنْ اللُّؤْمِ عِرْضُهُ فَــكُـــلُّ رِداءٍ يَــرْتَـــدِيـــهِ جَــمِــيــلُ) وَقَدْ نُسِبَتْ لِغَيْرِهِ، وَكانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ عامِ 65ق.هـ المُوافِقُ لعامِ 560م.
أَوسُ بنُ حَجَرٍ، مِن بَنِي تَمِيمٍ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ مُقَدَّمٌ، كانَ يُعَدُّ شاعِرَ مُضَرَ فِي الجاهِلِيَّةِ لَم يَتَقَدَّمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَتَّى نَشَأَ النّابِغَةُ وَزُهَيْرٌ فَأَخْمَلاهُ، وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ زُهَيْرِ بنِ أَبِي سُلْمَى، وَكانَ زُهَيْرٌ راوِيَتَهُ، وَقَدْ عَدَّهُ ابنُ سَلَّامٍ فِي طَبَقاتِهِ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ، وَكانَ أَوسٌ مُعاصِراً لِعَمْرِو بنِ هِندٍ، وَنادَمَ مُلُوكَ الحِيْرَةِ. عُمِّرَ طَوِيلاً وَتُوُفِّيَ نَحْوَ السَّنَةِ الثّانِيَةِ قَبْلَ الهِجْرَةِ.
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومِ بنِ مالكِ بنِ عَتّابٍ، مِن قَبيلَةِ تَغْلِبَ بنِ وائِلٍ، وَأُمُّهُ لَيلى بِنتُ مُهلْهِلِ بنِ رَبيعةَ، شَاعِرٌ جَاهليٌّ مِن أَصحابِ المُعلَّقاتِ، وَهو مِنَ الشُّعراءِ المُقلِّينَ، سَادَ قَومَهُ وَهو فِي الخامِسةَ عشرةَ مِن عُمرهِ وكان فارِساً شُجاعاً وهو أحدُ فُتَّاكِ الجاهليّةِ، قَتلَ عَمرَو بنَ هِندٍ مَلِكِ الحِيرةِ فِي قِصّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَماتَ وَقدْ بَلغَ مئةً وخَمسينَ عاماً، وكانت وفاتُه نحوَ سَنةِ 40ق.هـ/ 584م.
اختُلِفَ في اسمِ أَبي دُؤاد الإياديّ على أقوالٍ كثيرة؛ فقيل هو: جارِيَةُ بنُ الحجّاج، وقيل: جُوَيْرِيَة، وقيل: حارثة، وغير ذلك. والاختلافُ واقعٌ في اسمِه، فيما تتفقُ المصادرُ على نسبِهِ ابتداءً من أبيه الحجّاج الملقّب بحُمران.
وأغلبُ المصادر الأدبيّة تُرجّح أنّ اسمه الكامل هو: جارية بن الحجّاج بنِ بحر بن عصام بنِ نَبْهان بن منبّه بن حُذاقة بن زُهر بن إياد بن نزارِ بن معدّ بن عدنان. ويُلَقَّبُ أَبوه الحَجّاج بـ"حُمران".
أمّا قَبيلتُهُ فهي قبيلةُ إياد الّتي تُعَدّ بطنًا عظيمًا من بطونِ القبائلِ العربيّة العدنانيّة؛ فـ"إياد" هو ابنٌ مباشَرٌ لنزار بن معَدّ الّذي انبثقت عنه أربعُ قبائلَ عربيّة ضخمة هي: ربيعة، ومُضَر، وأنمار، بالإضافةِ إلى إياد جدِّ أَبي دؤاد الإياديّ. وقد كانت "تهامة" موطنًا لقبائل إياد إلى أن وقعت الحروبُ بينها وبينَ ربيعة ومضر وأُجلِيَت إلى العراق. وهي من أقدم القبائل العربيّة الّتي استوطنت العراق في الجاهليّة.
وتفتخرُ قبيلةُ إياد بأربعةٍ من أعلامِها على مرّ التّاريخ؛ كعبِ بن مامةَ الإياديّ الّذي كان أجودَ النّاس، وقُسِّ بنِ ساعدة الّذي كانَ أَخْطَبَ النّاس، وابنِ ألغز الّذي كان أنكَحَ النّاس وأكثرَهُم ولداً، وأبي دؤاد الإياديّ الّذي كانَ أشعرَ النّاس.
و"الإياديّ" هي نسبةُ الشّاعر إلى قبيلتِهِ الأمّ، أمّا نسبتُهُ القريبة فتُعزى إلى بطنِ بني "حُذاقة"، وقد نَسَبَ نفسَهُ إِلى هذا البطن، ونسبَهُ طرفةُ بنُ العبد كذلك إليه فقال:
إِنِّي كفانِيَ مِنْ أَمْرٍ هَمَمْتُ بِهِ جارٌ كَجارِ الْحُذاقِيِّ الَّذي اتَّصَفا
أمّا كُنيتُهُ فهي أَبو دُؤاد، وتُسهّلُ الهمزةُ فيُقال: أَبو دُواد. ويختلفُ العلماء ما بين إثباتِ الهمزةِ أو تسهيلها عند الترجمةِ له.
ولأبي دؤاد الإياديّ أخوانِ شاعرانِ ذكرَهُما ابنُ الكلبيّ، غيرَ أنّه لم يصل شيءٌ من شعرِهما، وهُما: ماريّة وأربة.
أمّا أسرتُه فيُشيرُ الرّواة إلى أنّ أبا دؤاد تزوّج من امرأةٍ من قومِهِ فأنجبَتْ لهُ ابنَه "دؤاداً"، ثمّ ماتت قبل أن يبلغَ الصبيُّ الحُلُم، فتزوّج من امرأةٍ أخرى، إلّا أنّها كرهت ابنَه وأمرت أباهُ أن يطردَه، وكان أبو دؤادٍ قد أحبّها، فأخذ ابنَهُ إلى أرضٍ جرداء، ثمّ ألقى سوطَهُ متعمّدًا وطلب من ابنه أن ينزل فيناوله السوط، فلمّا نزلَ ركب أبو دؤادٍ البعيرَ وقال:
أَدُؤادُ إِنَّ الْأَمْرَ أَصْبَحَ ما تَرى فَانْظُرْ دُؤادُ لِأَيِّ أَرْضٍ تَعْمِدُ
فأجابَهُ دُؤاد:
وَبِأَيِّ ظنِّكَ أَنْ أُقيمَ بِبَلْدَةٍ جَرْداءَ لَيْسَ بِغَيْرِها مُتَلَدَّدُ
فعادَ إليهِ نادماً وقال: أَنْتَ واللهِ ابْني حَقّاً. ثمّ ردّهُ إلى منزلِهِ وطلّقَ امرأتَه.
وفي كتابِ الأغاني إِشارةٌ إلى أنّ أسرة أبي دؤاد كانت كلّها تقولُ الشّعر؛ فقد كان أبو دؤاد وامرأته أمّ دؤاد وابنُه دؤاد وابنتُه دُؤادَة جالسينَ على ربوة، فخرجَ ثورٌ من أجمة، فوصفه أبو دؤاد ثمّ أمرَ امرأتَه وابنَه وابنتَه أن يُحاكوه في وصفِ الثّور ففعلوا، وكانت ابنتُه "دوادة" أمهرَ من حاكى الأبيات. ولم يصل من شعر ابنه وابنته أو زوجته سوى الشيءِ القليل.
وفضلاً عن "دُؤاد" و"دُؤادَة"، فإنّ لأبي دواد ثلاثةَ أَولادٍ آخرينَ لم ترِد أَسماؤُهم في شعرِه، ولعلّهم من زوجتِهِ "أم حبتر" الّتي ذكرَها في شعرِه والّتي طلّقته بعد إسرافه في المال، وقد قُتِلَ أَوْلادُهُ الثّلاثةُ أولئك في طريقهم إلى الشّام بعد أن خرجوا بتجارةٍ لأبيهم، وقتلَهم رجلٌ يُدعى بالبَهْرانيّ، وهو من خصومِ أبي دؤاد في بلاطِ المنذرِ بنِ ماءِ السّماء.
أَبو دُؤاد الإياديّ من أقدمِ الشُّعراءِ الجاهليّين، ويرجّحُ المستشرقُ (غوستاف غرنباوم) أنّهُ عاشَ في الفترة الممتدة ما بين سنة 480م الموافقة لسنة 146 ق.هـ إلى سنة 550م الموافقة لسنة 75ق.ه، ويُعَدّ هذا التّاريخ قديمًا جدًّا بالقياسِ إلى عمرِ الشّعر العربيّ؛ لذلك رأى بعضُ النقّاد القدامى –كابنِ رشيق القيروانيّ- أنّ أبا دؤاد كانَ مُلهمًا لامرئ القيسِ (ت: 544م/80ق.هـ) في شعرِهِ، خاصّةً في لوحاتِ وصفِ الفرس. ويتّفقُ مؤرّخو الأدب أنّ أبا دؤاد الإياديّ قد اتّصلَ بملكٍ مهمٍّ من ملوكِ الحيرةِ هو المنذرُ بنُ ماءِ السّماء (ت: 554م/70ق.ه)، وكانَ أَبو دؤادٍ مُشرِفًا على رعايةِ خيلِ المنذر، ما يعني أنّ عملَهُ الأساسيَّ كانَ يتمثّلُ في رعايةِ خيلِ الملوكِ وتعهُّدِها. وإضافةً إلى رعايتِهِ لخيلِ الملوك، فقد كانَ يُربّي الخيلَ لنفسِهِ أَيْضاً ويعملُ فيها، وهذا هو سرُّ إِبداعِ أَبي دُؤاد الإياديّ منقطعِ النّظيرِ في وصفِهِ للخيل؛ فقد كان الخيلُ مجالَ عملِهِ وجزءاً لا يتجزّأُ من حياتِهِ اليوميّة، حتّى قالَ ابنُ الأعرابيّ: "لم يصف أحدٌ قطّ الخيل إلّا احْتاجَ لِأَبي دُؤاد".
وفضلًا عن عملِ أبي دؤاد في الخيل، تُشيرُ المصادرُ الأدبيّةُ إلى أنّهُ عملَ في التّجارةِ وكان يُقيمُ عليها أَوْلادَه، وقد قُتِلَ ثلاثةُ أولادٍ له في رحلةٍ تجاريّةٍ إلى الشّام على يدِ رجلٍ يُقالُ له "رقبةُ البهرانيّ"، وهو رجلٌ كانَ يُقيمُ في جوارِ المنذرِ بن ماءِ السّماء كما هو حالُ أبي دؤاد، وكانت بينهما خصومةٌ ونزاعاتٌ قبليّةٌ قديمة. وتشير الرّوايات إلى أنّ البهرانيّ بعد قتلِهِ لأبناءِ أبي دؤاد قد فرَّ بقبيلته من جوارِ المنذر الّذي أرسلَ في طلبِه ثأراً لأبناءِ أبي دؤاد، وحينَ لم يظفَر به، أدّى المنذر دِيَةَ الأبناء الثّلاثة لأبي دؤاد بقيمةِ ستّمئةِ بعير.
ويُضرَبُ المثلُ في الأدبِ العربيِّ بـ"جارِ أَبي دؤاد" في حسنِ الجوار، ويختلفُ مؤرّخو الأدبِ في تحديدِ هذا الجار؛ ما بينَ قائلٍ بأنّهُ كعبُ بنُ مامةَ الإياديّ، وقائلٍ بأنّهُ الحارث بن مرّة بن همّام، وقائلٍ بأنّه المنذرُ بنُ ماءِ السّماء. وفي الأحوالِ جميعِها، فإنّ "جار أبي دؤاد" هذا كانَ يتميّزُ بأعطياتِهِ الوفيرةِ لأبي دؤاد لا لشيءٍ إلّا لحقّ الجوار، كما أنّه كان قد أقسم على نفسِهِ ألّا يموتَ ولدٌ لأبي دؤاد إلا دفعَ ديتَه، ولا يهلك له مالٌ أو بعيرٌ أو شاة إلّا أخلفَ عليهِ ما خسر، ويقولُ قيسُ بنُ زهير مخلّداً لكرمِ جارِ أبي دؤاد:
أطوِّفُ ما أطوِّفُ ثُمَّ آوي إِلى جارٍ كجارِ أَبي دُؤادِ
ويقولُ طرفةُ بن العبد مخلّداً ذلك الجار:
إِنِّي كفانِيَ مِنْ أَمْرٍ هَمَمْتُ بِهِ جارٌ كَجارِ الْحُذاقِيِّ الَّذي اتَّصَفا
ومن الواضِحِ أنَّ أبا دُؤاد الإياديّ قد تمتَّعَ بمكانةٍ خاصَّةٍ في قومِه، وقد كانَ شديدَ الاعتزازِ بقبيلتِهِ إياد وكثيرَ الإشارةِ إليها في شعرِه، يقولُ مفتخراً:
نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ يا أَهْلَ الْبَلَدْ
هَلْ سابِقٌ فيكُمْ لِمَجْدٍ مِنْ أَحَدْ
إِلَّا إِيادُ بنُ نِزارِ بنِ مَعَدّْ
أَهْلُ الْفِعالِ وَالْقِبابِ وَالْعَدَدْ
ما سَامَهُمْ في الدَّهْرِ مَلْكٌ بِعُقَدْ
ويتغنّى أَبو دُؤاد بانتصاراتِ قبيلتِهِ عَلى القبائلِ العربيّة الأخرى، ويُسجّلُ دُخولَهُم أَرْضَ العِراقِ واسْتِيطانَهُم فيها من فترةٍ مبكِّرَة، يقول:
أَلا أَبْلِغْ خُزاعَةَ أَهْلَ مُرّ وَإِخْوَتَهُمْ كِنانَةَ عَنْ إِيادِ
تَرَكْنا دارَهُمْ لَمَّا ثَرَوْنا وَكُنَّا أَهْلَها مِنْ عَهْدِ عادِ
وَأَسْهَلْنا وَسَهْلُ الْأَرْضِ يُخْشى بِجُرْدِ الْخَيْلِ مُشْنَقَةِ الْقِيادِ
فَنازَعْنا بَني الْأَحْرارِ حَتَّى عَلَفْنا الْخَيْلَ مِنْ خَضِرِ السَّوادِ
ومِنْ مَلامِحِ شَخْصِيَّةِ أَبي دُؤاد كَما يَكْشِفُها شِعْرُهُ وَلَعُهُ بِالقِيَمِ الْعَرَبِيَّةِ النّبيلة؛ مِنْ قِرى الضَّيْف وإِكْرامِ الْجارِ وغَيْرِ ذلك، ويُقرّعُ زَوْجَتَهُ "أمَّ حَبْتَر" عَلى لَوْمِها لَهُ بسببِ جُودِهِ الْمُفْرِط، يقول:
في ثَلاثينَ زَعْزَعَتْها حُقوقٌ أَصْبَحَتْ أُمُّ حَبْتَرٍ تَشْكوني
زَعَمَتْ لِي بِأَنَّني أُفْسِدُ الْمَا لَ وَأَزْوِيهِ عَنْ قَضاءِ دُيوني
أَمَّلَتْ أَنْ أَكونَ عَبْداً لِمالي وَتَهَنَّا بِنافِعِ الْمَالِ دُوني
يختلفُ الباحثونَ في تحديدِ تاريخِ وفاةِ أَبي دُؤاد الإياديّ؛ إذ يرى بروكلمان أنّه توفّي نحو سنة 555م الموافقة لـ70ق.هـ، فيما يرى غرنباوم ومحمّد عوني عبد الرّؤوف أنّه توفّي نحو سنة 550م الموافقة لـ75 ق.هـ، وهناك باحثون آخرون يُبالغون في قدمِ وفاةِ أبي دؤاد فيقولون إنّه متوفّى نحو سنة 520م الموافقة لسنة 105ق.هـ. ويتّفق فريق الموسوعة الشّعريّة مع رأي بروكلمان القائل بأنّه توفّي نحو سنة 555م الموافقة لـ70ق.هـ؛ ففي ديوان أبي دؤاد الإياديّ قصيدة في مدح الملك عمرو بن هند، ومن المعروف أنّ عمرو بن هند كان قد حكم الحيرة بين سنة 554م إلى سنة 569م، وهذا يعني أنّ أبا دؤاد الإياديّ كان حيّاً عند تولّي عمرو بن هند الحكم.
لا أَعُدُّ الْإِقْتارَ عُدْماً ولَكِنْ فَقْدُ مَنْ قَدْ رُزِئْتُهُ الْإِعْدامُ
يَرى أَبو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيّ أنَّ أَبا دُؤاد الإياديّ أشعَرُ النّاس.
يَرى الشَّاعرُ سُراقَةُ البارِقِيّ أنَّ أَبا دُؤاد الإياديّ شاعرُ أُمَّة، يقول:
وَأَبو دُؤادٍ كانَ شاعرَ أمَّةٍ أَفَلَتْ نُجومُهُمُ وَلَمَّا يَأْفَلِ
وَأَخو بَني أَسَدٍ عَبيدٌ إِذْ مَضى وَأَبو دُؤادٍ قَوْلُهُ يُتَنَحَّلُ
يَرى معظمُ علماءِ اللغةِ العربيّة والشّعر القُدامى، كأَبي عُبيدَةَ والأصمعيِّ وابنِ الأعرابيّ وابنِ قُتيبَةَ وأَبي هلال العسكريّ وغيرِهم أنَّ أَبا دُؤادٍ الإياديّ مِنْ أَفضَلِ الشُّعراءِ العربِ في وصفِ الفرَس، ويقدّمونَهُ على سائرِ شُعراءِ العربيّةِ في هذا الباب.
لَمْ يَعُدَّهُ الأصمعيُّ من الشُّعراءِ الفحول، لكنّه وصفَهُ بـ"الصّالح". وقد اختارَ له في الأصمعيّات مقطوعتين؛ هما الأصمعيّةُ (65)، والأصمعيّة (66).
يروي الأصمعيّ أنّ الرّواةَ لم تكُن تروي شعر أَبي دؤاد الإياديّ لمخالفتِهِ مذاهبَ الشُّعَراء، ويروي أنّ ألفاظَهُ لم تكُن نجديّة لذلك لا تروي العربُ أشعارَه كثيراً.
أَوْرَدَ لَهُ البُحْتُرِيُّ في حَماسَتِهِ اخْتياراً واحداً من سبعةِ أبيات، وهو الاختيار رقم (398).
أورد له البصريُّ في حماستِه ثلاثةَ اختيارات، وهي الاختيارات رقم (616) و(730) و(1412).
أوردَ له ابنُ الشجريّ في حماسته اختياراً واحداً، وهو الاختيار رقم (938).
عدَّه جرجي زيدان على رأسِ شعراء الطّبقة الثّامنة المشهورينَ بوصفِ الخيل.
عدَّهُ مطاع صفدي وخليل حاوي رائداً من روّادِ الشّعرِ الوصفيّ البديع، واختارا له خمسة اختيارات من بديع شعرِه.
يَرى النّاقد سيّد حنفي أنَّ أبا دؤاد يأتي في مقدّمة شعراء ما أسماهُ بـ"مدرسة وصّافي الخيل".
"هُمْ أَخْطَبُ النَّاسِ لِمَكانِ قُسّ، وأَسْخى النّاسِ لِمَكانِ كَعْب، وأَشْعَرُ النّاسِ لِمَكانِ أَبي دُؤاد". (الخليفَةُ عبدُ الملكِ بن مروان في وصفِ قبيلةِ إياد).
"أَبو دُؤادٍ أَنْعَتُ النَّاسِ لِلْفَرَس، وَأَقْوَلُهُمْ في الْجاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلام" (أَبو عبيدة معمر بن المثنّى).
"ثَلاثَةٌ كَانوا يَصِفونَ الْخَيْلَ لا يُقارِبُهُمْ أَحَد؛ طُفيل، وَأَبو دُؤاد، وَالْجَعْدِيّ" (الْأَصْمَعِيّ).
"لَمْ يَصِفْ أَحَدٌ الْخَيْلَ إِلّا احْتاجَ إِلى أَبي دُؤاد" (ابْنُ الْأَعْرابِيّ).
"كانوا يَقولونَ: أَشْعَرُ الْعَرَبِ أَبو دُؤادٍ الإياديّ وعدِيُّ بنُ زيد الْعِباديّ" (الجاحظ عن إياس النّصرِيّ).
"إنَّهُ أَحَدُ نُعّاتِ الْخَيْلِ الْمُجيدين" (ابْنُ قُتَيْبَةَ الدَّيْنَوَرِيّ).
"إنَّ أَحْسَنَ ما وُصِفَ بِهِ هاجِرَة، قَوْلُ أَبي دُؤاد"
أَشَمُّ مَخارِمِ الْأَعْلامِ صَخْدٌ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَنْفُخُ فِيهِ نارا"
(أَبو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيّ).
(الْمُسْتَشْرِقُ غوستاف غرنباوم – مُحقّق النّشرة الأولى من الدّيوان)
(أَنوار الصّالحي وأَحمد هاشم السّامُرّائيّ – مُحقّقا الدّيوان)