
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لكـل امـرئ في العيش شأن ومشرب
وحلـم بـه تصـفو الحيـاة وتعذب
ومـن لـم يُعـود حالة عاش دونها
ومؤتلـف العادات في الناس يُطلب
فلا القول في فضل الحضارة يزدري
ولا هـو فـي فضـل البـداوة يغلب
ففـي الحضـر العيـش الهنئ ميسر
ومـا عـز فيـه قـط للـرزق مطلب
وأنــواع خيـرات الوجـود لأهلـه
تُســاق ولــذات النعيـم تُسبسـب
ولكـن إذا مـا أدرك الضيم بلدة
وجــار عليهــا جــائر متغلــب
وأفسـدت الأخلاق فـي غيبـة التقى
ولـم يُحـترم ديـن هنـاك ومـذهب
واضـحى الفـتى عبداً لشهوة نفسه
وأولــع بالــدنيا شـباب وشـيب
وعـم الـورى طرا كما في زماننا
بلاء وضـــنك فالحضــارة عقــرب
فمـا يسـتفيد الحـر لو أن داره
جنــان نعيـم وهـو فيهـا معـذب
ومـا تنفـع الأوطان من كان قلبه
بهــنَّ علـى جمـر الغضـا يتقلـب
هنالــك ترنــو للبـداوة أنهـا
أعــز وأهنــا والمـوارد أعـذب
يعيـش بهـا الإنسـان حـراً منعما
بفيفـاء فيهـا العـز ضـيف مطنب
إذا أمحلـت شـد الرحـال لغيرها
وان أقبلـت فـالعيش طـرز مـذهب
وان أوبـأت أو أن تعكـر ماؤهـا
تنحـى لأخـرى ليـس يُعييـه مـذهب
ومــن تُتحّمــل داره فـوق عيسـه
متى شاء لم يعجزه في الأرض مهرب
فلا يشـتهي مـا ليـس يُهديه حاضر
لبــاد ولا يعـدوه ان عـن ربـرب
ولا يُبتلــى يومـاً بظلـم حكومـة
وذل بــه أهــل الحضـارة تُنكـب
وان رامــه أعــدى عـدو بغـارة
فحـاكمه العـدل الحسـام المشطب
إذا قيـل هم لم يحرزوا كل نعمة
إلـى الحضر المرزوق تُجنى وتجلب
فقد عوضوا عنها القناعة والرضى
فليـس لهـم فيهـا همـوم ومـأرب
ويكفيهــم واللَــه كـاف عبـاده
إذا امطـروا في كل عام فأخصبوا
تــدر مواشـيهم وتزهـو ربـوعهم
ويكنفهــم عـزّ الحيـاة المحبـب
عبد الحميد بن عبد الغني بن أحمد الرافعي.شاعر، غزير المادة.عالج الأساليب القديمة والحديثة، ونعت ببلبل سورية.من أهل طرابلس الشام، مولداً ووفاة، تعلم بالأزهر، ومكث مدة بمدرسة الحقوق بالأستانة، وتقلد مناصب في العهد العثماني، فكان مستنطقاً في بلده، نحو 10 سنين، وقائم مقام في الناصرة وغيرها، نحو 20 سنة، وكان متصلاً بالشيخ أبي الهدى الصيادي، أيام السلطان عبد الحميد، ويقال: أن الرافعي نحله كثيراً من شعره.ونفي في أوائل الحرب العامة الأولى إلى المدينة، ثم إلى قرق كليسا، لفرار ابنه من الجندية في الجيش التركي، وعاد إلى طرابلس بعد غيبة 15 شهراً.واحتفلت جمهرة من الكتاب والشعراء سنة 1347هـ، ببلوغه سبعين عاماً من عمره، فألقيت خطب وقصائد جمعت في كتاب (ذكرى يوبيل بلبل سورية) طبع سنة 1349هـ.وله أربعة دواوين، هي: (الأفلاذ الزبرجدية في مدح العترة الأحمدية -ط) و(مدائح البيت الصيادي -ط)، و(المنهل الأصفى في خواطر المنفى -ط) نظمه في منفاه، و(ديوان شعره -خ).