
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أعرنـي طـرف زرقاء اليمامه
لأنظـر مـا ورا هذي الغمامه
تكـاثف عتمهـا طـولاً وعرضـاً
كـأن الليـل قـد أرخى ظلامه
مـددنا نحوهـا الأبصـار ظناً
بـأن وراءهـا غيـث الكرامة
ولمــا أن وجـدناها غبـاراً
تضــمن هيكلاً فــظ الجسـامه
علمنــا ان شـيطاناً مريـداً
أتانـاً قاضياً يبدي احتكامه
كـأن الـدهر جـن فليس يدري
أنعلا قـد تنـاول أم عمـامه
رويــدكم بنـي وطنـي فهـذي
لعمـري مـن علامـات القيامه
عتبـت على الحظوظ به فقالت
بهــزء ربمـا سـوداء شـامه
وعـاتبت الزمـان فقال مهلاً
فـإن الـدهر ممتحـن كرامـه
أتــى متلبسـاً بـرداء فقـر
ينفــض عـن جـوانبه قتـامه
فأضـحى يسـتدين وليـس يوفي
وان طــالبته تقبـض خصـامه
تظـاهر بالعدالـة وهو منها
بريــء بـل عـدو الاسـتقامه
ولا يــدري بشــرع أو نظـام
فليـت يد البلى نثرت نظامه
فكـم ألقـى دعـاوى في مهاو
غطسـت وراءهـا تسـعين قامه
فلـم اسـمع لهـا إلا أنينـاً
تقول اصبر فموعدنا القيامه
يريـك بـأول الأمـر إلتزاما
لحاجتـك التي ترجو التزامه
ومــذ تملا لـه كفـا وجوفـا
وتشـفي لا شفا المولى أوامه
يفيـك الوعـد قولاً ليس فعلاً
وآخــر قــوله ينسـى كلامـه
وان ذكرتــه بــالأمر أرغـى
وازبـد واسـتحقيت انتقـامه
سـألت اللَـه خـالق كـل وحش
ومشــبع كـل منهـوم وهـامه
يســد لـه مصـارينا وسـاعا
فلـو أكل الحصى هضمت طعامه
فكــل وليمـة شـملته أم لا
يجـدُّ إلـى تطفلهـا اعتزامه
ويضــحكني تعففــه ابتـداء
وقـد أمسـى يشـد لها حزامه
ومـا أحلـى مقالك يا صديقي
علـى مـال أضعت مع الندامه
نـويت به الزكاة أليس يجزي
كأنـك مـا جزيـت بـه ملامـه
تـأس وان تكـن ما نلت أجراً
فطـورا لا يُفيـد دم الحِجامه
فليتـك قـد وهبـت له سِماما
تعجـل منـه للعمـر انصرامه
فقسـم بـي نرمـه برجوم لفظ
فلا ديــة هنــاك ولا قُسـامه
نسـلط مـن شـياطين القوافي
عليـه عصـابة تهـري عظـامه
رجونـا قبـلُ فيه الخير حتى
أزاح الاختبـار لنـا لثـامه
فأبصــرناهُ زنــديقاً تـردى
بطبع الغدر في قلق الدمامه
أتـذكر حيـن جـاء وحل ضيفا
عزيـزاً عنـد أرباب الزعامه
علــى علاتــه قــد جـاملوه
فكـان كـأنهم خفـروا ذمامه
فقـل مـا شـئت في نكس لئيم
علـى عمـد النفاق بي خيامه
ومـن نكد الزمان على فؤادي
همـوم كالليـالي يـا أمامه
بكيـت على الكرامة في بلادي
وقـد ضـاقت بأبناء الكرامه
تناوشـنا الطغـام بناب ظلم
ومنـا مـن يُعين على الظلامه
فـان لـم تـأتلف منـا قلوب
تعـامت نسـأل اللَـه السلامه
ولـم نـبرح كعيـر الحي ذلا
نظـن بنفسـنا ضـعف الحزامه
نزحـت عـن الديار وساكنيها
وآثـرت الرحيـل على الإقامه
وقلـت لنـاقتي يـا ناق حدي
ولا تبكــي ديـاراً مستضـامه
عبد الحميد بن عبد الغني بن أحمد الرافعي.شاعر، غزير المادة.عالج الأساليب القديمة والحديثة، ونعت ببلبل سورية.من أهل طرابلس الشام، مولداً ووفاة، تعلم بالأزهر، ومكث مدة بمدرسة الحقوق بالأستانة، وتقلد مناصب في العهد العثماني، فكان مستنطقاً في بلده، نحو 10 سنين، وقائم مقام في الناصرة وغيرها، نحو 20 سنة، وكان متصلاً بالشيخ أبي الهدى الصيادي، أيام السلطان عبد الحميد، ويقال: أن الرافعي نحله كثيراً من شعره.ونفي في أوائل الحرب العامة الأولى إلى المدينة، ثم إلى قرق كليسا، لفرار ابنه من الجندية في الجيش التركي، وعاد إلى طرابلس بعد غيبة 15 شهراً.واحتفلت جمهرة من الكتاب والشعراء سنة 1347هـ، ببلوغه سبعين عاماً من عمره، فألقيت خطب وقصائد جمعت في كتاب (ذكرى يوبيل بلبل سورية) طبع سنة 1349هـ.وله أربعة دواوين، هي: (الأفلاذ الزبرجدية في مدح العترة الأحمدية -ط) و(مدائح البيت الصيادي -ط)، و(المنهل الأصفى في خواطر المنفى -ط) نظمه في منفاه، و(ديوان شعره -خ).