
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ثــق إنمــا الأحــزانُ سـبكٌ ضـيِّقُ
وبســبكِها يبــدو الأميـن الأصـدقُ
مـا بيـن مشـرقها ومغربهـا تـرى
نــاراً بهـا صـَدأُ المـآثم يُحـرَقُ
كـم ليلـةٍ قـد بـت فـي عرصـاتها
متلفِّتـــاً وأنــا وحيــدٌ مُملِــق
فكــأنني هــدفٌ لأســباب الــردى
وبنبلهــا فــي كــل يـومٍ أرشـَق
أُمســي وقلــبي للبلايــا مركــزٌ
مــاءُ البلــى فـي طيِّـه يـترقرق
فكــأنه كُــرَة المنايـا والشـقا
وبصـــولجان همومهـــا يتمـــزق
أنَّــى تــوجَّهتُ امتثلــتُ حِيالَهـا
ناهيــكَ مــن نـارٍ بقلـبي تُحـدِق
فــي كــل جارحــةٍ جــراحٌ مُثخِـنٌ
وبكــــل خافقــــةٍ بلاءٌ يَخفِـــق
وبكـــل ناحيـــةٍ لــذلِّي غربــةٌ
وبكـــل ســـامعةٍ غــرابٌ يَنعَــق
قــالوا خُلقــتَ معـذَّباً فـأجبتهم
عنــدي العــذاب مجمَّــعٌ ومفــرَّق
قـالوا دُعيـتَ إلى الشَقا فاجبتُهم
مـن يُنكـرُ الحـقَّ الصـراحَ فـأحمق
إنــي بــدهري دونَ أهـل عشـيرتي
متمـــــزقٌ متحــــرقٌ متغــــرِّق
راش العــداةُ ســهامَهم لمــذمَّتي
وســـهام أحبـــابي أدقُّ وأرشــق
ضــر الصـديق أمَـرُّ ثـم أحَـرُّ مـن
ضـــُرِّ العــدو الأجنــبيِّ وأحــرَق
فــانظر لســهمٍ مــن محـبٍّ مُرشـَقٍ
واعجــب لنــارٍ مـن صـديقٍ تَحـرِق
فبكـــل يـــومٍ محنـــةٌ وبليــةٌ
وبكـــل يـــومٍ عـــبرةٌ تتــدفَّق
فبكــل يــومٍ فرحــةٌ مــن شـامتٍ
وبكـــل يـــومٍ حاســدٌ لا يُشــفِق
وبكــل يــومٍ ضــربةٌ مــن ظـالمٍ
حـــتى كــأني بالــدماء مُخلَّــق
أشـكو الأسـى والـدهر قـاضٍ صـارمٌ
إن جئتَـــه فهــو العــدو الأزرق
تُبــدي نــوائبُه البشاشـةَ خدعـةً
وبِطيِّهـــا مكـــرٌ مغيــظٌ مُحنِــق
نَـثرَت بـواترُ صـرفهِ نظـمَ الـورى
فمُمـــزَّقٌ مـــن بأســـه ومُحلَّــق
فالعقـــل فيــه مــؤخرٌ ومكــذَّبٌ
والجهـــل فيــه مصــدَّر ومصــدَّق
كــثرت بنــوه مـذ تكـاثر حُكمُـه
والغصـنُ مـن ريـح النجاسـة يورق
أضــحى عقيمــاً مـن سـليلٍ عاقـلٍ
ونمـت بنـو العِلّات فيـه وأحـدَقوا
لا تجهلــنْ فالعقـل يَعـرِف جـاهلاً
والجهــل يجهلــه الغـبيُّ الأحمـق
أضـحيتُ مجـروحَ الفـؤاد ولـم أزل
بســهام ثلبــك كــل يـومٍ أُرشـَق
لــم تَبــقَ جارحـةٌ بنفـسٍ عِفتُهـا
إلّا وفيهـــا منــك ســَهمٌ مُرشــَق
رفقــاً بخــلٍّ قــد خُلِقــتَ لـذمِّه
لكــنْ لحبــل ودادِكــم لا يُخلِــق
لـو كنـت تخلَـقُ في الورى لمديحه
لرضـيتَ أنـك فـي الـورى لا تُخلَـق
مـا كـان ضـرَّك لـو رضيتَ عن الذي
أضـــحى بكــم دون الملا يــترفق
أنفقـت فـي سـوق الوفـاء مـودتي
فيكــم وعمـري فـي مـديحك أُنفِـق
فــاعصِ اللسـانَ ولا تطـع هـذيانَهُ
إن اللســانَ هـو العـدوُّ المُقلـق
شـتان بيـن العنـدليب وشـدوِه ال
مشــجي وبيــن غـراب بيـنٍ يَنعَـق
إن الحمــار الغُمـرَ يُعـرَفُ نـوعُهُ
بيـن الجيـاد الـوُرْدِ لمَّـا يَنهَـق
هـذا هـو الواشـي المعيـبُ بكذبه
لمــا وثقــتَ بــه كخــلٍّ يَصــدِق
أطغـاك بـل أغـواك عـن حـبي وعن
مــدحي وهــوْ يرضـيهِ أنـك تَقلَـق
فجــزاكَ عنــي محبَّـةٌ مـا بعتُهـا
برخيــص ذمِّــك والجــزاءُ محقَّــق
فثنــاكَ عنــي ريــحُ مــاءٍ آسـنٍ
وثنــايَ عنــكَ نسـيمُ مِسـكٍ يَعبَـق
فــاللَه يــأمر والرســول مؤكّـدٌ
فيــه وإنجيــلُ المســيحِ يُحقّــق
ألا تكــافوا الشــرَّ شــرّاً مثلَـه
بل أكرموا الأعدا وجودوا وارفُقوا
فــاذهب فــأنت طليــق ربٍّ شـرعُه
قــد فـل غَـربَ لسـانِ هجـوٍ يَزهَـق
جهـــالُه ســـادت علــي عُقّــالِه
والشـمس يحجبهـا الغمـام المُطبِق
حــتى أُســرتُ بـه فـأَطلقَ عـبرتي
مـن جـوره فأنـا الأسـيرُ المُطلَـق
وبليــتُ منـه ومـن بنيـه بظـالمٍ
قلــقٍ وقلــبي مــن عَنـاه أقلـق
ناجــاه قلــبي فـوق طـور وداده
حــتى ثنــاه فخــرَّ منــه يُصـعَق
أعيــت هواجســه فــؤادي مثلمـا
أعيــا الرخـاخَ وفِرْزَهـنَّ البَيـذَق
فكـأن أفكـاري إذا مـا اغتالَهـا
ضــَرَبَتهمُ أيــدي ســبا فتفرقـوا
أمســى يعاقــدني الــودادَ وودُّه
عنـــي يغـــرِّبُ تـــارةً ويشــرِّق
يـا ناسـياً حـبي القـديمَ وموحشاً
أنســي الحــديث وظالمـاً يتـألَّق
قــد شـِنتَ حُسـنَ محبـتي ونُضـورَها
ظلمـاً كمـا شـان النُضـارَ الزيبق
فكـــأنني حلــبٌ برقَّــةِ لينهــا
وكــأن طبعــك فـي الغلاظـة جلَّـق
يــا ليـت قـومي يعلمـون بـأنني
أمســيت فيـك بـدمع عينـي أشـرق
فَتهــنَّ فــي عيــشٍ رغيــدٍ واسـعٍ
مــذ بِـتُّ فيـك ورَبـعُ عيشـي ضـيق
لــولاه كـان الهجـو فيـك موفَّقـاً
والهجـوُ طبعـاً فـي اللئام موفَّـق
إنــي ليقنعنــي وســمعي ســامعٌ
صـوتُ المسـيح علـى الصـليب يُشوِّق
اغفـر لهـم أبتـاه هم لم يعلموا
مـا يعملـون وإن رأوا مـا صدَّقوا
حسـبي أراه علـى الصـليب ورأسـُه
عــن كبريـا أهـل التكـبر مُطـرق
أمَـرَ السـنانَ المُـرَّ يفتـق جيبَـه
وبفتقـــه لجـــراح آدم يَرتـــق
هــذا الـذي جعـل العـدو صـديقه
وصـــديقه بــدم العــدو مخلَّــق
وجعلــتُ فيـه دمـع عينـي مَغرِبـاً
لمــا أضــاها منـه ذاك المشـرق
وخفضــت رايـات العـداوة عنـدما
أبصــرت رايــات الســلامة تَخفُـق
وخلعـت فيـه عـذار عـذري مذ غدا
لَبِقــاً ولكــن مـدحُ مريـم ألبـق
ولبسـت فـي مـدح البتولـة مريـمٍ
ثــوبَ الرجــا فكــأنه الإسـتبرق
يسـمو بهـا سِعري وشعري في الورى
يزهـو كـأني بهـا الفصيح المُفلق
ورفعـت فيهـا لـواءَ مـدحي ظاهراً
فـي الخـافقين كـأن مـدحي سـَنجق
قــد حصــَّنتني مــن عــدوٍّ مـاردٍ
بجوارهــا فكــأن حصـني الجَوسـق
حــتى غرقــتُ بمــدحها وبحمـدها
وغريقُهــــا بجهنّـــمٍ لا يغـــرق
فــترى العــدو لمـدحها متشـوِّقاً
وإلــى منــاقب فضــلها يتشــوق
شـهدت لهـا الأعداء والفضلُ العليْ
مـا قـد أقـر بـه العـدوُّ وصدَّقوا
لا تلحــقُ الآفــات يومــاً عبـدَها
ومــن المحــال طلاب مـا لا يُلحَـق
فكــأنه مــن بأســها فـي معقـلٍ
وكأنهـــا لحمــاه ســورٌ محــدِق
أدعــوكِ يـا سـلطانةً مـا حـوربت
إلا وأحـــزابُ العــداة تمزقــوا
قــومي لنصــري إن عزمــك وحـده
عنــد العــدا جيـش مخيـفٌ فيلـق
خفقـت بنـودُ النصـر منك فمذ رأت
أعلامَــك الأعــداءُ طــرّاً أخفقـوا
فســواكِ يُغلـق بـابَ جـود نـوالِه
لكـــن جـــودك بــابُه لا يغلــق
ولقــد سـهرت علـى مـديحك ليلـةً
حلــف الصــباحُ بــأنه لا يشــرق
وأرِقــتُ حـتى قـال شـوقي نحـوكم
أَرَقٌ علـــى أرقٍ ومثلـــي يــأرق