
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بِـكَ اِقتَضـى الدينُ دَيناً كانَ قَد وَجَبا
وَأَنجَــزَ اللَــهُ وَعـداً كـانَ مُرتَقَبـا
فَعـاوَدَ الجَـدبُ خِصـباً وَالمُبـاحُ حِمـىً
وَالأَمــنُ مُســتَوطِناً وَالخَـوفُ مُغتَرِبـا
أَنـــارَ رَأيُـــكَ وَالأَيّـــامُ داجِيَــةٌ
فَأَشـــرَقَت وَجَلا تَـــأثيرُكَ الكُرَبـــا
قَرَنـــتَ نــوراً وَتَــأثيراً بِمَنزِلَــةٍ
لا تُرتَقــى فَثَمَنــتَ السـَبعَةَ الشـُهُبا
ذُدتَ الأُلــى قَهَـروا الأَملاكَ وَاِنتَزَعـوا
مـا اِسـتَحقَبَتهُ بِـأَطرافِ القَنـا حُقُبا
ضـــَراغِمٌ تَفـــرِسُ الأَبطــالَ شــَرَّدَها
عَمّــا أَرادَت هِزَبــرٌ يَفــرِسُ النُوَبـا
لَقَــد حَمــى مُلبِــداً أَكنـافَ غـابَتِهِ
فَمــا تَظُــنُّ بِـهِ الأَعـداءُ لَـو وَثَبـا
جَــذَّ الرِقــابَ وَمــا إِن سـَلَّ صـارِمَهُ
وَاِســتَنزَلَ الخَطـبَ مَقهـوراً وَمارَكِبـا
وَأَمَّــنَ النــاسَ ماخــافوهُ مِـن فِتَـنٍ
ضــاقَ الزَمــانُ بِأَدناهـا وَإِن رَحُبـا
لَـم تُغـنِ فيهـا عَـنِ المُثرينَ ثَروَتُهُم
بَـل ذو الحَليلَـةِ مِنهُـم يَحسُدُ العَزَبا
فَكَيـــفَ كَشــَّفتَ مَحجوبــاً حَنادِســَها
وَالبَــدرُ لا يَكشـِفُ الظَلمـاءَ مُحتَجِبـا
وَلَــو يَكونــونَ أَكفــاءً بَـرَزتَ لَهُـم
بُــرُوزَ جَــدِّكَ لَمّــا نَكَّــسَ الصــُلُبا
لَكِــن قَعَــدتَ وَأَغرَيـتَ الخُطـوبَ بِهِـم
مُــذَلِّلاً مِـن صـُروفِ الـدَهرِ مـا صـَعُبا
فــي أَيِّ يَــومِ نَــزالٍ حـارَبوكَ فَمـا
دارَت كُــؤوسُ المَنايــا فيهِـمُ نُخُبـا
حَتّـى مَضـى مَلِكُهُـم يَشـكو وَغـىً بَلَغَـت
فيــهِ رِضـاكَ وَلَـم يَبلُـغ بِهـا أَرَبـا
شــَكوى الجَريـحِ الَّـذي أَعيَـت سـَلامَتُهُ
لا مِثـلَ مـا يَتَشـَكّى الغـارِبُ القَتَبـا
وَمــا نَجــا تُركُمــانٌ إِذ نَـدَبتَ لَـهُ
مِــن عـامِرٍ عُصـَباً أَعـزِز بِهـا عُصـَبا
وَلَـــو تَمَهَّــلَ مُرديــهِ أَتَــوكَ بِــهِ
إِتيــانَ جِــنِّ ســُلَيمانٍ بِعَــرشِ سـَبا
وافــــى بِلادَكَ مُغتَـــرّاً بِمالِكِهـــا
جَهلاً وَحَينــاً فَلاقــى دونَهـا العَطَبـا
وَكــانَتِ التُــركُ بِــالأَعرابِ جاهِلَــةً
حَتّــى أَتَحـتَ لَهـا أَن تَعـرِفَ العَرَبـا
لَاقَـــوهُمُ بِرِمــاحٍ طالَمــا اِنحَطَمَــت
وَاِسـتَخلَفَت في العِدى الهِندِيَّةَ القُضَبا
وَمــا ثَناهــا وَإِن أَغمادُهــا خَلِقَـت
صـــَوارِمٌ حُلِّيَـــت أَغمادُهــا ذَهَبــا
جَحافِــلٌ قَيَّــضَ اللَــهُ البَـوارَ لَهـا
مَــن نَكَّـبَ الحَـقَّ فـي أَحكـامِهِ نُكِبـا
وَلَـــم يَفُـــت مِنهُـــمُ إِلّا أُغَيلِمَــةٌ
نَجَــت بِهِــم مُقرَبــاتٌ تَحمِـلُ الأُرَبـا
تَنعـى إِلـى القَـومِ مَـن ظَنّوا بِمَقدَمَهِ
وَالبَغــيُ مَصــرَعُهُ أَن يَملِكـوا حَلَبـا
غُــرابُ بَيــنٍ صــَموتٌ قَبــلَ مَقتَلِــهِ
حَتّــى إِذا مــا أَتــاهُ حَينُـهُ نَعَبـا
رَجـوا بِـهِ الغايَـةَ القُصـوى فَلا عَجَـبٌ
أَنِ اِســتَطارَت عَصــاهُم بَعــدَهُ شـُعُبا
كَـــأَنَّ أَنفُســـَهُم أَتبـــاعُ مُهجَتِــهِ
وَصـِدقَ إِقـدامِهِم مِـن بَعـضِ مـا سـُلِبا
وَالنـارُ تَخبـو إِذا مـا غـابَ موقِدُها
وَالزَنـدُ إِن لَـم يُعِنـهُ القَادِحونَ كَبا
فَليُــترَكِ البَــأسُ لِلأَولــى بِنِســبَتِهِ
فَالبَــأسُ لا شــَكَّ كَعبِـيٌّ إِذا اِنتَسـَبا
إِن ضـَيَّعوا الحَـزمَ لَمّـا نازَلوا حَلَبا
فَقَــد أَصــابوهُ لَمّـا أَزمَعـوا هَرَبـا
غَــداةَ وَلَّــوا عَلـى جُـردٍ تَشـُدُّ بِهِـم
وَهُــم يَظُنّــونَ خَوفــاً شــَدَّها خَبَبـا
عَــن هَيبَـةٍ لَـكَ لَـم تُـؤمَن بَوائِقُهـا
لَـو أَنَّهـا فـي الزُلالِ العَذبِ ما شُرِبا
دونَ الغَنيمَـــةِ أَهـــوالٌ تُكَـــدِّرُها
وَفــي الهَزيمَــةِ مَنجــاةٌ لِـمَ هَرَبـا
طَــودٌ مِــنَ العِـزِّ مـازالَت تَهُـبُّ بِـهِ
رِيــاحُ عَزمِــكَ حَتّــى صــَيَّرَتهُ هَبــا
ســَمَوا إِلــى مُرتَقــىً صـَعبٍ فَعـاقَهُمُ
جِــدٌّ رَأَوا جِــدَّهُم فــي جَنبِـهِ لَعِبـا
وَالنَجــمُ لَيــسَ بِمُعــلٍ نَجـمَ صـاحِبِهِ
مــا لَـم يُؤَيِّـدهُ جِـدٌّ يَخـرُقُ الحُجُبـا
جَماعَـــةٌ عَـــدِمَت دُنيـــا وَآخِـــرَةً
مـا كُـلُّ مَـن سـاءَ مَحيـاً ساءَ مُنقَلَبا
وَحَيــثُ حَلَّــت فَمــا تَنفَــكُّ تُطرِقُهـا
جَيشـاً مِـنَ الرُعـبِ لَـم تَسمَع لَهُ لَجَبا
كَفَفــتَ عَنهُــم وَلَـو شـِئتَ اِجتِيـاحَهُمُ
لَــم تَتَّــرِك مِنهُــمُ رَأســاً وَلاذَنَبـا
فَهَــل تَعَمَّــدتَ بُقيــا أُمَّــةٍ شــَهِدَت
ثَبــاتَ جَأشــِكَ حَتّــى تُنـذِرَ الغَيَبـا
إِن أَقلَعَـــت غِيَــرُ الأَيّــامِ راغِمَــةً
فَبَعـدَ أَن أَكثَـرَت مِـن صـَبرِكَ العَجَبـا
لَـم يَطرُقـوا الشامَ إِلّا بَعدَ أَن جَمَعوا
مِــنَ العَشــيرَةِ مُختــاراً وَمُغتَصــَبا
مَكايِــدٌ أَوهَمَتهُــم أَن تُكــادَ بِهــا
كــانَت لِآســادِهِم عِنـدَ النِـزالِ زُبـى
وَنـارُ حَـربٍ شـَوَوا فيهـا الوَرى زَمَناً
فَحيــنَ قـارَعتَهُم صـاروا لَهـا حَطَبـا
بِأَيِّمـــا ســـَبَبٍ تَخَشـــى ســَعادَتَهُم
أَنّـى وَقَـد ذَهَبَـت فـي ضـِمنِ مـا ذَهَبا
أَبِالســُيوفِ الَّــتي فَلَّلــتَ قاطِعَهــا
أَم بِـالقُلوبِ الَّـتي أَسـكَنتَها الرُعُبا
لَـــولا كِلابٌ لَمـــا جاســَت جُيوشــُهُمُ
هَــذي البِلادَ وَلا مَــدّوا بِهــا طُنُبـا
رامـوا المَـوَدّاتِ مِـن أَعـدى عُـداتِهِمُ
وَذاكَ رَأيٌ إِلــى غَيــرِ الصـَوابِ صـَبا
فَقـــارَعوا عارِضــاً عَمَّــت مَــواطِرُهُ
وَيَمَّمــوا لَمــعَ بَــرقٍ طالَمـا كَـذَبا
كَطــــارِدٍ إِبلَــــهُ وَالأَرضُ مُخصـــِبَةٌ
يَبغـي سـِباخاً يُرَجّـي عِنـدَها العُشـُبا
حَتّـــى إِذا كَــذَبَت فيهِــم ظُنــونُهُمُ
فــاؤوا إِلَيــكَ بِظَـنٍّ جـانَبَ الكَـذِبا
فَــرَدَّ قُربُــكَ عِــزّاً كــانَ مُنتَزِحــاً
عَنهُـم وَأَطلَـعَ نَجمـاً كـانَ قَـد غَرَبـا
حَلّـوا بِـهِ الـذِروَةَ العُليـا وَعاضـَهُمُ
مِــنَ النُبــوِّ مَضــاءً وَالوِهـادِ رُبـا
وَصـــادَفوا وَلَـــداً بَــرّاً بِكَهلِهِــمُ
وَلِلمُراهِـــقِ مِنهُــم وَالِــداً حَــدِبا
مَـن يُجـزِلُ العُـرفَ إِذ يَرجـونَهُ رَغَبـاً
وَيَبــذُلُ العَفــوَ إِذ يَخشــَونَهُ رَهَبـا
إِذا وَحى الحِقدُ وَالشَحناءُ ما اِجتَرَموا
مَحــا تَجــاوُزُهُ وَالصــَفحُ مـا كَتَبـا
وَإِن ســَطا فَالمَنايــا بَعــضُ أَسـهُمِهِ
وَإِن عَفــا خِلتَــهُ لا يَعــرِفُ الغَضـَبا
مَــن رَدَّ مَيـتَ المُنـى حَيّـاً وَذاوِيَهـا
غَضــّاً وَلاءَمَ شــَعبَ المُلــكِ فَاِنشـَعَبا
رَبُّ العَـــزائِمِ لَــو كــانَت مُجَســَّمَةً
لَظَنَّهـــا كُــلُّ طَــرفٍ نــاظِرٍ شــُهُبا
تَــزدادُ إِن قَصــَّرَ الخَطِّــيُّ عَـن غَـرَدٍ
طــولاً وَتَمضـي إِذا حَـدُّ الحُسـامِ نَبـا
حَــلَّ الســِماكَ وَمــا حُلَّــت تَمـائِمُهُ
عَـن جيـدِهِ وَحَبـا العـافينَ مُنـذُ حَبا
إِن صـالَ كَـفَّ اللَيـالي عَـن إِرادَتِهـا
قَهـراً وَإِن قـالَ طـالَ الأَلسـُنَ الذُرُبا
حَــوى مِــنَ الفَضـلِ مَولـوداً بِلا تَعَـبٍ
أَضــعافَ مــا أَعجَــزَ الطُلّابَ مُكتَسـَبا
صــَغا إِلَيــهِ إِلــى أَن صـارَ مَـوطِنَهُ
فَلـو عَـداهُ وَلَـن يَعـدوهُ مـا اِغتَرَبا
وَأَظهَــرَت غــامِضَ المَعنــى بَــديهَتَهُ
فَفــاتَ مَــن أَتعَـبَ الأَفكـارَ مُقتَضـِبا
وَراءَكَ الخَلــقُ فــي فَضـلٍ وَفـي كَـرَمٍ
فَقُــل لِســَعيكَ مَهلاً تَربَــحِ التَعَبــا
وَقِــف لِـذا الأَمَـدِ الأَقصـى فَإِنَّـكَ مَـن
هَـوى مِـنَ المَجـدِ أَضـعافَ الَّـذي طَلَبا
مَجــدٌ تَفَــرَّدتَ يـا عِـزَّ المُلـوكِ بِـهِ
لِلحَمـــدِ مُجتَنِيــاً لِلــذَمِّ مُجتَنِبــا
إِنَّ الإِلَـــهَ حَبــاكَ المُلــكَ مَوهِبَــةً
مِنــهُ وَلَـن يَسـتَرِدَّ اللَـهُ مـا وَهَبـا
إِن عَــنَّ ذِكــرُكَ فـي بَـدوٍ وَفـي حَضـَرٍ
فَــدَأبُهُم غَــضُّ أَبصــارٍ وَفَــضُّ حُبــا
فَـأَذعَنَ الـدَهرُ حَتّـى مـا أَتَيـتَ أَتـى
وَمــا أَبَيــتَ وَإِن سـيئَت عِـداكَ أَبـا
إِنّــي أَنَخــتُ رِكــابي فـي ذَرى مَلِـكٍ
لَـم يُبـقِ لـي فـي بِلادِ اللَـهِ مُضطَرَبا
مــا شــابَ إِنعــامَهُ مَــنٌّ وَلا عِــدَةٌ
تَجُــرُّ مَطلاً فَلَــولا البِشـرُ مـا قَطَبـا
طَلــقُ المُحَيّــا إِذا مـا زُرتَ مَجلِسـَهُ
حُـزتَ العُلا وَالغِنـى وَالجـاهَ وَالأَدَبـا
مــازالَ يَســمَعُ أَشــعاري وَيَمــدَحُها
حَتّــى عَــدَدتُ عَطايـاهُ الجِسـامَ رِبـا
لا أَســتَزيدُكَ نُعمــى بَعـدَ وَصـفِكَ لـي
حَسـبي اِنتِهـائي إِلـى هَذا المَدى حَسَبَ
بَرَّحـــتَ فَضـــلاً وَإِفضــالاً فَلا بَرِحَــت
تَزيــنُ أَوصــافُكَ الأَشــعارَ وَالخُطَبـا
فَخـرُ المَـدائِحِ أَن تُهـدى إِلَيـكَ كَمـا
فَخــرُ الفَضـائِلِ أَن تُـدعى لَهُـنَّ أَبـا
محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة.شاعر الشام في عصره، يلقب بالإمارة وكان أبوه من أمراء العرب.ولد ونشأ بدمشق وتقرب من بعض الولاة والوزراء بمدائحه لهم وأكثر من مدح أنوشتكين، وزير الفاطميين وله فيه أربعون قصيدة.ولما اختلّ أمر الفاطميين وعمّت الفتن بلاد الشام ضاعت أمواله ورقت حاله فرحل إلى حلب وانقطع إلى أصحابها بني مرداس فمدحهم وعاش في ظلالهم إلى أن توفي بحلب.