
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـا لـي مَقـالٌ عَـن فَعالِـكَ يُعرِبُ
قَــد ضــَلَّتِ الأَفكـارُ مِمّـا تُغـرِبُ
بَــذلاً وَمَنعــاً فَالرَجــاءُ مُخَيِّـمٌ
بِــذَراكَ وَالنَكَبــاتُ عَنـكَ تَنَكَّـبُ
وَسـُطاً وَصـَفحاً فَالمَمالِـكُ قَد عَنَت
مِـن خَـوفِ بَأسـِكَ وَالجَـرائِمُ توهَبُ
وَتَواضــُعاً سـَنَّ التَواضـُعَ لِلـوَرى
مَـعَ رُتبَـةٍ يَنحَـطُّ عَنهـا الكَـوكَبُ
يـا جـامِعَ الأَضدادِ في كَسبِ العُلا
مِـن أَيـنَ لـي قَلـبٌ كَقَلبِـكَ قُلَّـبُ
لَــو مَيَّزَتــكَ ســَجيَّةٌ عَـن ضـِدِّها
لَعَلِمــتُ مــا آتـي وَمـا أَتَجَنَّـبُ
مـا سـارَ فـي الآفـاقِ ذِكـرٌ طَيِّـبٌ
عَمَّــن مَضــى إِلّا وَذِكــرُكَ أَطيَــبُ
قَعَـدوا عَـنِ الغِيَرِ الَّتي ناهَضتَها
وَاِسـتَبعدوا الأَمَـدَ الَّـذي تَستَقرِبُ
فَضـَفَت عَلَيـكَ مِـنَ الثَنـاءِ مَلابِـسٌ
لَـم يَقـدِروا مِنهـا عَلى ما تَسحَبُ
نَســَخَت فَضـائِلُكَ الفَضـائِلَ كُلَّهـا
إِنَّ الكَـثيرَ عَلـى القَليـلِ يُغَلَّـبُ
فَليَعتَـرِف لَـكَ بِالسـِيادَةِ أَهلُهـا
لَزِمَــت مَلازِمَهــا وَصــَرَّ الجُنـدُبُ
لا يَــدَّعِ المَجــدَ المُؤَثَّــلَ مُـدَّعٍ
فَالمَجــدُ مِـن هَـذي الخِلالِ مُرَكَّـبُ
فَظُبـاكَ مُـذ خَطَبَت عَلى قِمَمِ العِدى
خَطَبَـت لَـكَ الرُتَـبَ الَّـتي لا تُخطَبُ
فَفَرَعـتَ مِنهـا كُـلَّ مـا لا يُرتَقـى
إِنَّ النُجـــومَ قَلائِصٌ مــا تُركَــبُ
فَلِـذا إِذا نُسـِبَت عُلـىً فـي مَشهَدٍ
فَإِلَيــكَ ياشـَرَفَ المَعـالي تُنسـَبُ
بَعُـدَ المَـدى إِلّا عَلَيـكَ فَمـا لِمَن
يَـــأتَمُّهُ إِلّا النَصــيبُ المُنصــِبُ
مـا اِنقـادَتِ الأَملاكُ طَوعَـكَ كُلَّهـا
حَتّـى اِسـتَقادَ لَـكَ الزَمانُ الأَصعَبُ
لَـو غَيـرُكَ المُبتَزُّ يا سَيفَ الهُدى
مـا كـانَتِ النَخَـواتُ مِمّـا تَسـلُبُ
تَتَجَنَّــبُ الأَحــداثُ مـا لا تَشـتَهي
وَتُســارِعُ الأَقــدارُ فيمـا تَطلُـبُ
لَو كانَ ذَبُّكَ في الزَمانِ اللَذ مَضى
لَــم تَفتَخِـر بِحِمـى كُلَيـبٍ تَغلِـبُ
أَو كـانَ جـودُ يَـدَيكَ عاصَرَ حاتِماً
لَرَأَيتَـــهُ مِــن فِعلِــهِ يتَعَجَّــبُ
فَطُـلِ الـوَرى يـا مَن لِباذِخِ فَخرِهِ
أَلقَــت مَفاخِرَهــا نِـزارُ وَيَعـرُبُ
فَلَئِن عَلَــوتَ فَكُــلُّ مـا أَدرَكتَـهُ
وَهُـوَ التَنـاهي بَعـضُ مـا تَستَوجِبُ
أَضــحَت بِعُــدَّتِها الإِمامَـةُ هَضـبَةً
لَيســَت تُــرامُ وَرَوضــَةً لا تُجـدِبُ
بِـأَغَرَّ يَثنـي الحادِثـاتِ فَتَنثَنـي
رَهَبــاً وَيَقتـادُ الجِبـالَ فَتُصـحِبُ
يـا بـالِغَ الغَـرَضِ البَعيدِ وَدونَهُ
جَيـشٌ يَضـيقُ بِـهِ الفَضـاءُ السَبسَبُ
تُغنـي الخِلافَـةُ مـا عُدِدتَ ظَهيرَها
وَالجَيـشُ مـا لاقـاكَ حَربـاً رَبـرَبُ
قَـد صـارَتِ الـدُنيا بِعَدلِكَ مَعقِلاً
هَـل فـي الوَرى عادٍ وَأَنتَ المُرهِبُ
أَنّـى وَفـي هَـذي الجُفـونِ بَـوارِقٌ
مــا أَومَضــَت إِلّا تَجَلّــى غَيهَــبُ
وَعَلـى عَوامِـلِ مـا رَكَـزتَ كَـواكِبٌ
مِمّـا اِنتَصـَيتَ لَهـا وَخَلَّـفَ قَعـدَبُ
تَجلـو ظَلامَ النَقـعِ عِنـدَ طُلوعِهـا
وَظَلامَ أَهــلِ البَغـيِ سـاعَةَ تَغـرُبُ
تَـرَكَ الزَئيـرَ اللَيثُ مُذ أَشرَعتَها
فَرَقـاً كَمـا تَـرَكَ الهَديرَ المُصعَبُ
بِـكَ عـاذَ هَـذا الدينُ دُمتَ نَصيرَهُ
مِمّــا يَخــافُ وَنـالَ مـا يَتَرَقَّـبُ
أَنـتَ المُظَفَّـرُ بِالأَعـادي وَالمُنـى
إِن خيــفَ حَيــفٌ أَو تَعَـذَّزَ مَطلَـبُ
فَرَّقــتَ شـَملَ الخَـوفِ وَهـوَ مَجَمَّـعٌ
وَجَمَعــتَ شـَملَ الأَمـنِ وَهـوَ مُشـَعَّبُ
مــازِلتَ تَبعَــثُ كُـلَّ يـومٍ نَكبَـةً
حَتّـى اِسـتَقامَ لَـكَ العَنودُ الأَنكَبُ
فَليَنتَــحِ القَمقـامَ عِنـدَ سـُكونِهِ
مَــن نَــدَّ عَنـهُ وَمَـوجُهُ مُغلَـولِبُ
فَــالعِزُّ أَقعَـسُ وَالمَجـازُ مُسـاهِمٌ
وَالــرَوضُ أَحـوى وَالحَيـا مُتَصـَوِّبُ
غَيـرُ الَّـذي عـاداكَ يَظفَرُ بِالمُنى
وَبِغَيــرِ آمِلِــكَ الظُنــونُ تُخَيَّـبُ
تُسـدي الكِـرامُ مَكارِمـاً مَبتولَـةً
وَلِكُــلِّ نَيــلٍ مِــن يَـدَيكَ مُعَقِّـبُ
فَمِــنَ العُفــاةِ مُقَــوِّضٌ وَمُطَنِّــبٌ
وَمِــنَ الثَنــاءِ مُشــَرِّقٌ وَمُغَــرِّبُ
وَلَقَـد أَجَـرتَ الخـائِفينَ وَما لَهُم
فـي الأَرضِ عَـن حُجُـراتِ مُلكِكَ مَذهَبُ
وَغَمَرتَهُــم صــَفحاً يُقَــرِّبُ مِنهُـمُ
مَــن مــالَهُ عَمَــلٌ إِلَيـكَ يُقَـرِّبُ
حَتّــى لَقـالَ النـاسُ مِمّـا عَمَّهُـم
مــا ثَــمَّ ذَنـبٌ لِلعُقوبَـةِ مـوجِبُ
فَــالعَفوُ فيــكَ فَضـيلَةٌ مَكنونَـةٌ
حَتّــى يُبَيِّــنَ فَضــلَهُ مَـن يُـذنِبُ
وَأَراكَ تَكــرَهُ طَيَّهــا فَلِأَجــلِ ذا
كُـــلٌّ إِلَيــكَ بِنَشــرِها يَتَقَــرَّبُ
لَتَخِــذتِ إِعجــازَ الأَنـامِ خَليقَـةً
فَغَريــبُ مــا تَـأتيهِ لا يُسـتَغرَبُ
وَعَمَمــتَ كُــلَّ العـالَمينَ بِنـائِلٍ
مـا اِمتازَ فيهِ عَنِ البَعيدِ الأَقرَبُ
أَنشــَأتَ مِنــهُ بِكُـلِّ أُفـقٍ ديمَـةً
لِســَحابِها فــي كُــلِّ أَرضٍ هَيـدَبُ
فَــالغَيمُ إِلّا مِــن سـَمائِكَ زِبـرِجٌ
وَالبَــرقُ إِلّا مِــن ســَحابِكَ خُلَّـبُ
فَلتَعــلُ أَرضُ التُـركِ أَنَّ تُرابَهـا
مــا حــازَ أَصـلاً فَرعُـهُ لا يُنجِـبُ
وَلَقَـد أَبَنتَ لَنا بِضَربِكَ في الطُلى
يَـومَ الـوَغى فـي أَيِّ عِـرقٍ تَضـرِبُ
لِلمَشــرِقِ الأَقصــى بِبَيتِـكَ مَفخَـرٌ
قَــد ظَـلَّ يَحسـُدُهُ عَلَيـهِ المَغـرِبُ
وَدِمَشـقُ فَهـيَ لـهُ الغَـداةَ قَسيمَةٌ
إِنَّ المَعــالِيَ مِـن جِـوارِكَ تُكسـَبُ
لَــولا اِنتِقـالُ مُحَمَّـدٍ عَـن قَـومِهِ
مـا شـارَكَت في الفَخرِ مَكَّةَ يَثرِبُ
وَبِفَضـلِ قَومِـكَ مِـن إِبـائِكَ شـاهِدٌ
إِنَّ الإِبــاءَ عَــنِ الأُبُــوَّةِ يُعـرِبُ
وَلَـوَ اِنَّهُـم لَـم يُشـهَروا بِفَضيلَةٍ
لَاِزدانَ بِــالفَرعِ الزَكِـيِّ المَنصـِبُ
فَليَهــنِ بَيتــاً أَنـتَ مِنـهُ أَنَّـهُ
أَبَـداً عَلـى ظَهـرِ السـِماكِ مُطَنَّـبُ
فَنـــواظِرُ الأَفلاكِ شـــاهِدَةٌ لَــهُ
بِالمَجـدِ وَهـوَ عَـنِ العَيـونِ مَحَجَّبُ
وَإِذا الســَحابُ رَأَيتَـهُ مَتَراكِمـاً
فَــاِحكُم بِـأَنَّ الغَيـثَ فيـهِ صـَيِّبُ
شــَغَفَ الـوَرى حُبّـاً فَعالُـكَ كُلُّـهُ
إِنَّ الجَميـلَ إِلـى النُفـوسِ مَحَبَّـبُ
تَتَطَلَّــبُ الأَهــواءَ أَفئِدَةُ الـوَرى
وَعَــنِ المَنــاقِبِ مـاتَزالُ تُنَقِّـبُ
فَليَطلُـبِ الصـَبواتِ غَيـرُكَ صـاحِباً
مــاذا العَـزوفُ لِصـَبوَةٍ مُستَصـحِبُ
وَلَقَــد شـُغِلتَ بِمَنـعِ ثَغـرٍ طـارِقٍ
عَمّــا دَعــاكَ إِلَيـهِ ثَغـرٌ أَشـنَبُ
قُـل لِلمَسـاعي بَعـضَ مـا تُملينَـهُ
قَــد مَلَّــتِ الأَقلامُ مِمّــا تَكتُــبُ
يَرجـــوكَ مِنّــا خــائِفٌ وَمُؤَمِّــلٌ
وَمِــنَ المُلــوكِ مُتَــوَّجٌ وَمُعَصــَّبُ
لا أَدَّعــي بِــالقَولِ فيـكَ فَضـيلَةً
بـــاغي مَــديحِكَ رائِدٌ لا يَتعَــبُ
بِـكَ عـادَ دَهـري ضاحِكاً مِن بَعدِما
أَلـوى بِسـَدرِ العُمـرِ وَهـوَ مُقَطِّـبُ
هَــل غـالَني زَمَـنٌ وَظِلُّـكَ عاصـِمي
أَو فــاتَني طَلَـبٌ وَأَنـتَ المَطلَـبُ
فَلَأَشــكُرَنَّ نَــداكَ مَبلَــغَ طـاقَتي
أَنـا إِن رَجَـوتُ لَـهُ جَـزاءً أَشـعَبُ
أُثنـي عَلَيـكَ وَلَسـتُ أَبلِـغُ شـَأوَهُ
مَـعَ أَنَّنـي فـي وَصـفِ مَجـدِكَ مُطنِبُ
زينَـت بِهَـذا المُلكِ أَعيادُ الورى
فَبَقيـتَ مـا دامَـت تَجيـءُ وَتَـذهَبُ
لِلخَطــبِ تَنفيــهِ فَلَيــسَ بِعـائِدٍ
وَالأَمـــرِ تُمضـــيهِ فَلا يُتَعَقَّـــبُ
محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة.شاعر الشام في عصره، يلقب بالإمارة وكان أبوه من أمراء العرب.ولد ونشأ بدمشق وتقرب من بعض الولاة والوزراء بمدائحه لهم وأكثر من مدح أنوشتكين، وزير الفاطميين وله فيه أربعون قصيدة.ولما اختلّ أمر الفاطميين وعمّت الفتن بلاد الشام ضاعت أمواله ورقت حاله فرحل إلى حلب وانقطع إلى أصحابها بني مرداس فمدحهم وعاش في ظلالهم إلى أن توفي بحلب.