
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَبــى الـدَهرُ إِلّا أَن تَقـولَ وَتَفعَلا
لِتَصـفَحَ عَـن جُـرمِ الزَمانِ الَّذي خَلا
وَمِــن قَبــلُ عـاداكُم لِقَهرِكُـمُ لَـهُ
فَلَمّــا رَآهــا فُرصــَةً مــا تَمَهَّلا
وَرَدَّ إِلَيــكَ الأَمـرَ وَالنَهـيَ راغِمـاً
وَلَــو أَنَّــهُ أَلفــى بَـديلاً تَبَـدَّلا
فَمــا ذَمُّــهُ إِذ نـالَ بَعـضَ تِراتِـهِ
وَمـا حَمـدُهُ إِذ لَـم يَجِد عَنكَ مَعدِلا
فَلا تُنكِـرِ الحُسـّادُ أَن حُـزتَ يافِعـاً
مَحَلّاً لَــهُ فـي المَهـدِ كُنـتَ مُـؤَهَّلا
فَصـَدَّقتَ مَـن سـَمّاكَ مِـن قَبـلُ سابِقاً
بِكَونِــكَ ســَبّاقاً إِلـى رُتَـبِ العُلا
تَكَــدَّرَ مــاءُ العَيـشِ لَحظَـةَ نـاظِرٍ
فَلَمّـا حَـوَيتَ المُلـكَ عـاوَدَ سَلسـَلا
فَلِلَّـــهِ مَفقـــودٌ عَزيــزٌ مُصــابُهُ
عَـراهُ مُلِـمٌّ لَـم يَجِـد مِنـهُ مَـوئِلا
أَتـــاهُ وَحِيّـــاً حَتفُــهُ كَهِبــاتِهِ
وَإِن كـانَ مـا أَعطـاهُ أَوحى وَأَعجَلا
فَمِـن قَبلِـهِ لَـم تَنشَ في الأَرضِ ديمَةٌ
تَســـُحُّ وَلا لاقـــى الغَمــامُ مُبَخِّلا
وَعَهــدي بِأَثمــارِ الأَمـانِيِّ تُجتَنـى
لَــدَيهِ وَأَبكــارِ المَحامِــدِ تُجتَلا
ســَأَذكُرُهُ مــا عِشـتُ لا ذِكـرَ عـاتِبٍ
كَـذِكرِ اِمرِيءِ القَيسِ الدَخولَ فَحَومَلا
وَإِن بَلِيَـــت أَوصـــالُهُ وَعِظـــامُهُ
فَعِنــدي ثَنــاءٌ لا يُلِـمُّ بِـهِ البِلا
وَلَـو كـانَتِ الأَقـدارُ تُـردَعُ بِالأَسـى
وَتُقـدَعُ كـانَ الصـَبرُ أَولـى وَأَجمَلا
وَكَيــفَ وَلَيــسَ الحُــزنُ إِلّا عُلالَــةً
يَعيـشُ بِهـا الغَمـرُ الجَهـولُ تَعَلُّلا
وَمــا النـاسُ إِلّا آمِـنٌ مِثـلُ خـائِفٍ
وَدانٍ كَقـــاصٍ أَو مُعـــافىً كَمُبتَلا
وَلَـم نَـرَ خَطبـاً نـالَ مِنّـا فَأَعقَبَت
إِســاءَتُهُ نُعمــى وَجــارَ لِيَعــدِلا
وَلا حادِثــاً راعَ القُلــوبَ ظُهــورُهُ
عَبوســاً وَفـي حـالِ العُبـوسِ تَهَلَّلا
أَرادَ شـــَقاءً فَاِســـتَحالَ ســَعادَةً
وَرامَ قَبيحــاً حيــنَ صـالَ فَـأَجمَلا
لَئِن أَخَــذَ المِقــدارُ وَهــوَ مُحَكَّـمٌ
عَظيمـاً لَقَـد أَعطـى عَظيمـاً وَأَجزَلا
عَـدا وَاِبتَغـى مِنـهُ بَـديلاً فَما عَدا
هُمامـاً مُعِمّـاً فـي النَباهَـةِ مُخوِلا
مَناســِبُ فَنّاخُســرُ مِنهــا وَصــالِحٌ
بِهـا فَليَطُـل مَن طالَ وَليَعلُ مَن عَلا
ســَخِطنا فَلَمّـا قُمـتَ فينـا مَقـامَهُ
وَزِدتَ رَضــينا أَن تُقيــمَ وَيَــرحَلا
وَراعَ الأَعـادي أَنَّـهُ المُلـكُ عَـن يَدٍ
إِلــى أُختِهـا وَهـيَ اليَميـنُ تَنَقَّلا
وَجَـدتُ بَهـاءَ الدَولَةِ المَلكَ لَم يَزَل
لَـهُ العَـزمُ حَـدّاً وَالتَصـَوُّرُ صـَيقَلا
هُـوَ الـداءُ أَعيا الناسَ طُرّاً دَواؤُهُ
فَلَــو غَيـرُهُ كـانَ الطَـبيبَ لَأَعضـَلا
أَذَلَّ عَصــِيَّ الخَطــبِ بَعــدَ جِمــاحِهِ
إِلــى أَن أَتـى مِمّـا جَنـى مُتَنَصـِّلا
رَآهُ بِعَيــنِ الفِكــرِ قَبــلَ وُقـوعِهِ
فَصــادَفَ مِنــهُ قُلَّـبَ الـرَأيِ حُـوَّلا
إِلــى أَن أَقَـرَّ الأَمـرَ فـي مُسـتَقَرِّهِ
فَــأَمَّنَ مـا يُخشـى وَأَرخَـصَ مـا غَلا
وَأَصـفاكَهُ عَفـواً وَلَـم يُطِـعِ الهَـوى
لِمَيـلٍ وَلَـم يَعـصِ الكِتـابَ المُنَزَّلا
أَبــانَ لَنــا عَــن هِمَّــةٍ عَضــُدِيَّةٍ
كَفـى حَـدُّها بيـضَ الظُـبى أَن تُسَلَّلا
وَذَكَّرَنــــا أَســــلافَهُ بِمَضــــائِهِ
وَإِن كـانَ أَوفـى في النُفوسِ وَأَمثَلا
وَمــا جُحِــدَت عَليـاؤُهُم غَيـرَ أَنَّـهُ
أَتـى حـادِثٌ أَنسـى القَـديمَ وَأَذهَلا
تَميــدُ بِمَــن يَعصــيكَ أَرضٌ تَحُلُّهـا
وَإِن لَـم تُثِـر فيهـا جِيـادُكَ قَسطَلا
وَعَجزُهُــمُ عَــن أَن يُــراعَ بِحَــدِّهِم
كَعَجـزِ الصـَبا عَـن أَن تُحَـرِّكَ يَذبُلا
وَظَنّــوا حِمــى نَصـرٍ يُبـاحُ بِمَـوتِهِ
وَأَلفَــوهُ ظَنّــاً بِــالبِوارِ مُـوَكَّلا
وَوارِثُــهُ مَــن ســَدَّدَ اللَـهُ سـَهمَهُ
فَمــا إِن رَمــى إِلّا وَصــادَفَ مَقتَلا
لَقَـد فَتَحـوا بـابَ العُقـوقِ جَهالَـةً
وَمـا زالَ بِالإِغضـاءِ وَالصـَفحِ مُقفَلا
بَنـي عـامِرٍ لا تَمتَطـوا البَغـيَ ضِلَّةً
فَلَــم يَعلُـهُ المَغـرورُ إِلّا لِيَسـفُلا
وَإِن نُتِجَـــت أُمُّ المَخافَــةِ فيكُــمُ
فَلا تَأمَنوهـــا أَن تُعـــاوِدَ مُمغِلا
وَلا تَتبَعــوا الأَهــواءَ فَهـيَ مُضـِلَّةٌ
وَإِن ســَوَّفَ الشـَيطانُ فيهـا وَسـَوَّلا
وَلا تَقتَفـوا مَن جارَ عَن مَنهَجِ الهُدى
فَــأَدمى يَـداً مِـن حَقِّهـا أَن تُقَبَّلا
وَكونـوا كَأَشـياخٍ لَكُم غالَها الرَدى
تَرى المَوتَ مِن نَقضِ المَواثيقِ أَسهَلا
فَفـــي آلِ ذُبيــانٍ وَأَبنــاءِ وائِلٍ
مَــواعِظُ لا تَخفـى عَلـى مَـن تَـأَمَّلا
أَعَلّـوا صَحيحَ الرَأيِ وَاِتَّبَعوا الهَوى
فَــأَيتَمَ مِنهُــم كَيـفَ شـاءَ وَأَرمَلا
وَقَـد حَـدَثَت فـي الأَرضِ وَالأَمـرُ واضِحٌ
نَـوائِبُ تَنهـاكُم عَـنِ الهَجرِ وَالقِلا
أُذَكِّرُكُــم ذِكــرَ الصــَديقِ صــَديقَهُ
وَأُكبِرُكُــم عَــن أَن أَلـومَ وَأَعـذُلا
وَلا أَجــرَحُ الأَعــراضَ ضــَنّاً بِـوُدِّكُم
وَيَحســـُنُ فيـــهِ أَن أَضــَنَّ وَأَبخَلا
فَلا تَــرضَ يـا عِـزَّ المُلـوكِ بِـذُلِّهِم
وَأَن يَـرِدوا مِـن غَيـرِ بَحـرِكَ مَنهَلا
وَصـِنواكَ لا تَعـصِ اِبـنَ عَمِّـكَ مِنهُمـا
وَكُـن غَيـرَ مَأمورٍ إِلى السِلمِ أَميَلا
فَمــا رَضـِيا بِالبُعـدِ عَنـكَ زَهـادَةً
وَلا اِبتَغَيــا مــا عَــزَّ إِلّا تَـذَلُّلا
وَهَـل طَلَبـا الإِنصـافَ مِـن غَيرِ أَهلِهِ
وَهَـل أَوعَـرا فـي السَومِ إِلّا لِيُسهِلا
وَإِن بــانَ وَثّـابٌ فَمـا ضـَيفُ مُسـلِمٍ
كَمَــن شـَطَّ عَـن بَحـرٍ وَيَمَّـمَ جَـدوَلا
وَلَكِـنَّ مَثـوىً فـي السـَماءِ نَبـا بِهِ
فَعُــوِّضَ فـي أُفـقٍ نَشـا مِنـهُ مَعقِلا
فَـأَكرِم بِمَـن جـابَ المَهـامِهَ مُرسَلاً
إِلَيـكَ وَأَكـرِم بِـاِبنِ بَـدرانَ مُرسِلا
ســَليلُ مُلــوكٍ أَقســَمَت مَـأثُراتُهُم
بِـأَن لا يَكـونَ المَـدحُ فيهِـم تَقَوُّلا
تُماثِــلُ أَنــوارُ البُــدورِ أَهِلَّــةً
وَتَعـدو كَمـا تَعـدو الضَراغِمُ أَشبُلا
وَكُـلُّ مَنيـعِ الجـارِ وَالعِرضِ وَالحِمى
يَفـوقُ الـوَرى فَضـلاً وَيُربـي تَفَضـُّلا
دَعـاكَ إِلـى مـا يُكسِبُ الحَمدَ مُحسِناً
وَحَـثَّ عَلـى مـا يَجمَـعُ الشَملَ مُجمِلا
وَخَصـــَّكَ فيــهِ بِالســُؤالِ كَرامَــةً
وَمــا إِن بَـراهُ اللَـهُ إِلّا لِيُسـأَلا
بِــدَولَتِكَ اِزدادَ الزَمــانُ نَضــارَةً
فَلا بَرِحَـت سـِتراً عَلـى الدَهرِ مُسبَلا
وَأَمَّنــتَ مُرتاعــاً وَأَرهَبـتَ مُرهَبـاً
وَأَنصــَفتَ مَظلومـاً وَأَغنَيـتَ مُـرمِلا
فَضــائِلُ أَعلاهـا أَبوهـا فَلَـم يَـدَع
لِــذي شـَرَفٍ فيهـا وَإِن عَـزَّ مَـدخَلا
وَأَعـــرَبَ عَــن إِجمــالِهِ بِجَمــالِهِ
فَصــــَدَّقَ تَـــأميلاً وَراقَ تَـــأَمُّلا
لَـكَ العَـزمُ لا يَنبو إِذا كَلَّتِ الظُبى
تُضــافِرُهُ الـبيضُ الَّـتي لَـن تُفَلَّلا
تُــرَوِّعُ فــي أَغمادِهـا قَبـلَ سـَلِّها
وَمِـن بَعـدِهِ تَفـري المَفارِقَ وَالطُلى
وَخَطِّيَّــةٌ مــا زالَ غَضــّاً حَــديثُها
إِذا شــَهِدَت حَربــاً وَإِن كُــنَّ ذُبَّلا
بِأَيــدٍ لَهــا أَيـدٌ تُبَـرِّحُ بِالعِـدى
إِذا صـارَتِ الأَيـدي مِنَ الرُعبِ أَرجُلا
مِـنَ القَـومِ حَلّـوا بِالقُصورِ فَشَيَّدوا
عُلاً أَسَّســوها إِذ هُـمُ سـاكِنو الفَلا
فَدانوا بِدينِ الناسِ وَاِتَّخَذوا النَدى
كِتابــاً بِتَصــديقِ الأَمـانِيِّ أُنـزِلا
فَمِـــن نِعَــمٍ مَوهوبَــةٍ لِعُفــاتِهِم
وَمِـن نَعَـمٍ مَأكولَـةٍ وَهـيَ في الكَلا
تَـرُدُّ الـرَدى عَنها الصَوارِمُ وَالقَنا
وَتـودي بِهـا إِن هَبَّـتِ الريحُ شَمأَلا
ذَوُو النـارِ تُغشـى لِلإِضـاءَةِ وَالقِرى
وَتَثنـي العِدى عَنها لَظىً لَيسَ تُصطَلا
صـَفَوا وَاِصـطَفَوا خَيرَ الخُؤولَةِ نَخوَةً
فَمــا وَلَــدوا إِلّا مَخوفــاً مُـؤَمَّلا
وَيَفضــُلُ تــاليكُم عَلـى مَـن يَـؤُمُّهُ
فَمَــن جـاءَ مِنكُـم آخِـراً عُـدَّ أَوَّلا
لِيَهنِــكَ عيــدٌ أَنــتَ عِصـمَهُ أَهلِـهِ
فَلا خــابَ مِنكُــم مَـن دَعـا وَتَبَهَّلا
يُقَصــِّرُ قَـولي دونَ مـا أَنـتَ فاعِـلٌ
وَإِن كُنـتَ قَـد أوتيـتَ قَـولاً وَمِقوَلا
فَخُـذ جُملَـةً مِـن وَصـفِ مَـدحِكَ سـُطِّرَت
وَلا تُلزِمَنّـــي مُعيِيــاً أَن أُفَصــِّلا
وَمـا جِئتُ مَحمـوداً وَنَصـراً بِمِثلِهـا
لَعَمــــرُكَ إِلّا فَضـــَّلاها وَأَفضـــَلا
وَلَــو تَرَكـا لـي بُغيَـةً أَسـتَزيدُها
لَكُنــتَ بِهــا دونَ الــوَرى مُتَكَفِّلا
وَتِلـكَ العَطايـا مِـن تُراثِـكَ حُزتُها
وَمــا نَقَصــَت عَــن بُغيَـتي فَتُكَمِّلا
وَلا الظُلـمُ مِـن شـَأني فَـأَطلُبَ آجِلاً
وَقَـد نِلـتُ أَقصـى مـا رَجَـوتُ مُعَجَّلا
مَــواهِبُ يَســبِقنَ الســُؤالَ ســَجِيَّةً
وَضـــَنّاً بِراجيهِـــنَّ أَن يَتَوَســـَّلا
تَخــالَفَ أَهــلُ الأَرضِ فِــيَّ وَفيهِمـا
وَقَـد أَسـرَفا فيمـا أَفـادا وَخَـوَّلا
فَقـالَ أُنـاسٌ شـاعِرُ العَصـرِ نالَ مِن
أَشـَفِّ المُلـوكِ فَـوقَ مـا كـانَ أَمَّلا
وَقــالَ أُنــاسٌ إِنَّهــا شــَنُّ غـارَةٍ
وَإِنّــي إِلـى مَـدحَيهِما قُـدتُ جَحفَلا
وَمــا قُــدتُ إِلّا شــُرَّداً عَـزُّ مَرُّهـا
عَلـى بَلَـدٍ لَـم تَتَّخِـذ فيـهِ مَنـزِلا
تُحَلّــى بِهـا الأَملاكُ فـي كُـلِّ مَشـهَدٍ
وَإِن نُظِمَـت فيكُـم فَـأَنتُم لَهـا حُلا
نَهَتهــا عُلاكُــم أَن تَبَــدَّلَ غَيرَكُـم
وَآمَنَهـــا إِنعـــامُكُم أَن تَبَــذَّلا
ســَأُثني بِمــا أَولاهُ أَبنـاءُ صـالِحٍ
بِجَهــدي فَأَمّــا أَن أُكــافِيَهُم فَلا
محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس، الغنوي، من قبيلة غني بن أعصر، من قيس عيلان، الأمير أبو الفتيان مصطفى الدولة.شاعر الشام في عصره، يلقب بالإمارة وكان أبوه من أمراء العرب.ولد ونشأ بدمشق وتقرب من بعض الولاة والوزراء بمدائحه لهم وأكثر من مدح أنوشتكين، وزير الفاطميين وله فيه أربعون قصيدة.ولما اختلّ أمر الفاطميين وعمّت الفتن بلاد الشام ضاعت أمواله ورقت حاله فرحل إلى حلب وانقطع إلى أصحابها بني مرداس فمدحهم وعاش في ظلالهم إلى أن توفي بحلب.