
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ذِكْــرُ العُـذَيْبِ ومـاثِلاتِ قِبـابِه
وَقَـفَ الفُـؤادَ على أَليم عَذابِه
وَمَهَـبُّ أَنفـاس الصـَّبا مِـن جَوِّه
فيـه شـِفاءُ الصـَّبِّ مـن أَوْصـابِه
فَـدَعِ النَّسـيمَ يَبُـثُّ مـن أَنبائه
خـبراً على الزَّفرات رَجْعُ جوابِه
أَسـْرى عليـه مـن العُـذَيب دَلائلٌ
نَمَّـت علـى مَسـْراه عـن أَسـرابهِ
لَـدْن المَعـاطِف باعتنـاق غُصونه
عَـذْب المَراشـف لاغتبـاق شـَرابهِ
أَتَرَشـّفُ الأَنـداءَ منـه كـأَنَّ مَـن
أهــواه أَوْدَعهــا شـَهِيَّ رُضـابهِ
ويَشــُوقُني أَنَّ المُحــبَّ يَشــوقُه
لُقُيـا القَريب العهدِ من أحبابِه
فَمُخَيَّــمُ الأَشــواق حـولَ خِيـامه
وتَشــَعُّبُ الأَهــواء بيـن شـِعابِه
للــه أَيـامُ العُـذَيْب وإِنْ يَبِـت
قلـبُ المُعَنُّـى المُستهامِ لِما بِه
وسـقى نَـدى كـفِّ المُكـرَّم مُلتقى
عَقِــدات أَجْرَعِــه وشــُمِّ هِضـابه
ملِـكٌ لـو استسقى الزَّمانُ بجُودِه
أَغنـاه عـن سـُقيا، مُلِثِّ سَحابِه
ملِـكٌ أَفـاض علـى الزّمان بَهاءَهُ
فأَعــادَه فـي عُنفـوان شـَبابِه
ملــكٌ يَشـِفُّ عليـهِ نُـور كَمـالهِ
فيكـادُ يُلْحَـظ مِـنْ وراءِ حجابِه
دانـي مَنـالِ الجْـودِ مِـنْ زُوّارِه
نــائي مَحَـلّ المَجـدِ عـن طُلاّبـهِ
صـَعْبُ المَقاصـد ليـس يرضـى هَمُّه
أَنْ يَرتقي في المجدِ غير صِعابهِ
مـا عنـده أَنّ المـآثرَ غيـرُ ما
يســمو إِليــه بحَرْبـه وحِرابِـه
عِــزٌّ طِـوالُ السـُّمْر مُعربـةٌ بـه
إِن كـان يُضـْمُر في صَهيل عِرابهِ
كَلِــفٌ بِكُــلِّ أَقَــبَّ يُـوهِمُ أَنّـهُ
فـي الجَرْي يمْرُق من رَقيق إِهابهِ
مَـرِحٌ كـأَنّ الـرّاحَ فيـه تحكَّمـتْ
وتضـرّمت بـاللَّوْن فـي جِلبـابِه
يرقـى ذُرى الطَّـوْد ارتقاءَ عُلوِّه
صـُعَداً وينقَـضُّ انقضـاض عُقـابِه
مـا يَمْتطيـه إِلـى تَنـاوُل غايةٍ
إِلاّ وكـان النصـرُ تحـتَ رِكـابِه
إِنَّ المُكـرَّمَ معـدِنُ الكَـرَم الذي
فـي بابه يُحوى الغِنى من بابِه
جعـل الطَّريـقَ إِليـه فجّاً مَهْيعَاً
جُــودٌ بِحـارُ الأَرضِ مَـدُّ عُبـابهِ
ومــواهبٌ للمـال مـن سـَطَواتها
مـا للأَعـادي مـن أَليـم عِقابهِ
فـي كـلِّ أَرضٍ مـن غـرائب ذِكْـره
ســفرٌ يُقَلْقِــل ناجِيـاتِ ركـابهِ
فـإِذا تضـايقتِ الشـّدائدُ رَحَّبَـتْ
بوُفــود أنْعُمِــه فِسـاحُ رِحـابهِ
تــتزاحم الأَوصـاف عنـد مَـديحه
كتَزاحــم الآمـال فـي أَبـوابهِ
نَجْنـي المَكارمَ من نَداه ونَجْتلي
أَدَبَ العُلـى والعطـرَ مـن آدابِه
وكـأَنّ مُجتَمـع الفضـائل والغِنى
مـا بيـن نـائله وبيـن خِطـابِه
شــِيَمٌ سـناها بـرق كـلّ فضـيلة
مـن مُزْنهـا قبـل انسكاب ربَابه
وخلائقٌ خُلقِـت مـن الكَـرَم الـذي
عُــدِقَتْ بَمْنصــِبه عُـرى أَسـبابِه
يَبـدو عليهـا نُـور سُؤْدُدِه الذي
ضـَوْءُ الغَزالـة دونَ ضـُوء شِهابِه
مـا زالَ يُعـرِب يَعْـرُبٌ عـن فضله
ويـراه رَبَّ التّـاج مـن أَعقـابهِ
حتّـى تجـاوز غايـةَ الشّرف الذي
أَوْفــى علــى تـأْميله وحِسـابهِ
فكفـى بقحطـانَ بـنِ هُـودٍ مَفْخَراً
أَن أَصـبحتْ تُعْـزى إِلـى أَنسـابهِ
أَعْلــى مآثِرَهــا وشـَيَّدَ فَخْرَهـا
دونَ الملــوكِ بطَعْنـه وضـِرابهِ
وبنـى لهـا بيتـاً قواضـِبُ بِيضِه
عَمَـدٌ لـه والسـُّمْرُ مـن أَطنـابِه
يـزدادُ حُسـْنُ المـدح فيه وإِنّما
يبـدو جَمـالُ الشـيءِ في أَربابِه
ويفـوزُ بالشـّرف المُؤَثَّـل ماثِـلٌ
بفِنـــائه أَو لاثِـــمٌ لُــترابِه
زانَ الزَّمـانَ وزاد فـي تَشـريفه
بـأَعزِّ نَسـْلٍ مـن شـريفِ نصـابِه
وكــأَنّ عِمـرانَ المكـرَّمَ مُلتقـى
لُـبِّ العُلـى وابنـاه لبُّ لُبابِه
شَمْســا مطـالِعه، حُسـاما مُلكِـه
بَـدْرا مَـواكِبه، هِزَبْـرا غـابِه
فمحمَّــدٌ جــارى فِرِنْــدَ حُسـامِه
وأَبـو السـْعود به مَضاءُ ذُبابهِ
نطقـتْ شـهاداتُ المَخايـل عنهما
أَنْ يَلْبَسـا في الفضل فضلَ ثيابهِ
يتبارَيـان إِلـى المَكـارم نُزَّعاً
فـي قَوْسـها بالسـُّؤدَدِ المُتشابهِ
واللـهُ يَعْضـُد مُلْكَـه بهمـا كما
عَضـَد المَكيـنَ ومُلكـه سـامى بهِ
ولْيَبْــقَ محروسـاً جـوانِبُ مُلْكِـه
بــالعِزِّ مأْنوسـاً شـَريفُ جَنـابهِ
فنِهايـةُ المُثْنـي عليه وإِنْ غَلا
فـي وصـفه التقصيرُ معْ إِطنابهِ
أبو بكر بن أحمد بن محمد العيدي اليمني الأديب وزير بلال بن جرير صاحب عدن، وإذا أطلق لقب الأديب في كتب عمارة فهو المعني به، مولده في أبين وهو من شعراء الخريدة ترجم له العماد ترجمة مختزلة نقلها عن نجم الدين ابن مصال، ثم قال: ولما استولى شمس الدولة تورانشاه بن أيوب على عدن وجده بها حياً، وذكر لي أنه نهب له مال كثير ودفاتر، وعدد وذخائر. وسألت عنه أصحاب الملك المعظم شمس الدولة عند عوده إلى دمشق في شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فذكروا أنه شيخ كبير، وهو ضرير، وله فضل غزير، ومحل عزيز، وجاه حريزثم عثر العماد على ترجمة حافلة له في كتاب عمارة اليمني عن شعراء اليمن، فنقلها برمتها، ونقل كل ما حكاه عمارة عن شعراء اليمن إلى الخريدة وكتاب عمارة هذا هو الكتاب المطبوع المسمى المفيد في تاريخ صنعاء وزبيد وملوكهما وشعرائهما وأدبائهما.ورأيت أن أنشر كلام عمارة كله في صفحة الديوان، وأكتفي هنا بفاتحة كلامه قال: (ومنهم من جعلت ذكره فارس الأعقاب، وجمال ما مضى وما يأتي من الأحقاب، وزير الدولة الزريعية وصاحب ديوان الإنشاء بها ووصفه بصدق اللهجة، وحسن البهجة، والدين الحصين، والعقل الرصين، والسؤدد العريض، والكرم المستفيض، والتواضع الذي لا يضع من رتبته العالية، ولا يرخص من قيمته الغالية، وأما البلاغة فهو إمامها، وبيده زمامها، ولخاطره هداية النجم الساري، وسلاسة العذب الجاري، وأما عبارته فلا يشوبها لبس، ولا يعوقها حبس، فسيح في الإطالة مجاله، موف علي الروية ارتجاله، يكاد نظمه أن يبتسم ثغره، ونثره أن ينتظم دره. وقال إن له بلاغة تشهد عذوبة مطبوعها، بكرم ينبوعها، وألفاظاً تدل معانيها، على فضل معانيها ...إلخ)