
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حيّــاكِ يــا عَـدَنُ الحْيَـا حَيَّـاكِ
وجَــرى رُضـابُ لَمـاه فَـوْقَ لمَـاكِ
وافـترَّ ثَغْـرُ الـرَّوْضِ فيكِ مُضاحِكاً
بالبِشــْر رَوْنَــقَ ثَغـرِك الضـحّاكِ
وَوَشــَتْ حــدائقُه عليـكِ مَطِارفـاً
يَخْتــال فــي حَبَراتهــا عِطْفـاكِ
فلقــد خُصصـتِ بسـِرِّ فَضـْلٍ أَصـبحتْ
فيــه القلـوبُ وُهُـنَّ مـن أَسـْراكِ
يَســْري بهـا شـوقٌ إِليـك وإِنَّمـا
للشــَّوْقِ جَشــَّمها الهـوى مَسـْراكِ
أَصـبو إِلـى أَنفـاس طِيبِـك كلَّمـا
أَســْرى بنفحتهــا نسـيمُ صـَباكِ
وتُقِــرُّ عينــي أَن أَراك أَنيقــةً
لا رمـــلَ جَرْعـــاءٍ ورمــلَ أَراكِ
كـم مـن غريـبِ الحسنِ فيكِ كأَنّما
مَـــرْآه فـــي إِشــراقه مَــرْآكِ
وفـواترُ الأَلْحـاظِ تصـطادُ النُّهـى
أَلحاظُهـــا قَنْصـــاً بلا أَشــْراكِ
ومَســارِحٌ للعيـش تُقتطَـفُ المُنـى
منهــا وتُجْنـى مـن قُطـوفِ جَنـاكِ
وعلامَ أَستسـقي الحَيـا لـكِ بعدما
ضــَمِن المُكَــرَّمُ بالنَّـدى سـُقياكِ
وهَمَــتْ مَكــارمُه عليـك فصـافَحَتْ
عــن كفّـه مَغْنـى الغِنـى مَغنـاكِ
وحَبـاكِ بالإِيثـار عنـه فَجَـرَّ عـن
إِيثــارِه ذيــلَ الثَّــراءِ ثَـراكِ
وتــأَرَّجتْ رَيَّــاكِ مِســْكاً عنـدما
عَبِقَـــتْ بِرَيّـــا ذِكْــرِه رَيّــاكِ
فَلْيَهْنِــكِ الفخـرُ الـذي أَحرزْتِـه
بِعُلاهُ حَســـْبُك مَفْخـــراً وكَفــاكِ
قَــرَّتْ عُيــونُ الخلـق لاسـتقرارِه
بـــكِ فَلْتَقَــرَّ بِقُرْبــه عَيْنــاكِ
شـَرُفَتْ رُبـاك بـه فقـد وَدَّت لـذا
زُهْــرُ الكــواكب أَنَّهــنَّ رُبــاكِ
مُتَبَــوِّئاً ســامي حُصـونِك طالعـاً
فيهــا طلـوعَ البـدرِ فـي الأَفلاكِ
بالْتَعكُر المحروس أَو بالمنظر الْ
مــأْنوس نَجْمَــيْ فَرْقَــدٍ وســِماكِ
ولــه الحُصــونُ الشــُّمُّ إِلاّ أَنّـه
لحلــوله بــك طالهــا حِصــناكِ
فالمِسْك (صار) تراب أَرضِك مُذْ غدا
لــك قاطِنـاً والـدُّرُّ مِـنْ حَصـْباكِ
وكــأَنَّ بحــركِ جــودُه مُتَــدَفِّقاً
لــو لــم تَخُضــْه سـَوائرُ الأَفلاك
مَلِـكٌ لـو أن الغيـثَ جـاد كجُوده
لــم يُلْــفَ فـي أَرضٍ لفقـرٍ شـاك
سـَبْطُ الأَنامـل بالمكـارم لا يَـرى
إِمســــاكَه إِلاَّ عـــن الإِمســـاك
لا قَــدْرَ للــدُّنْيا لــديه كـأَنَّه
فــي بَـذْل زُخْرُفِهـا مـن النُّسـّاك
أَدْنــى مــواهِبِهِ الأُلـوفُ سـريعةً
مُتَفـــرِّداً فيهـــا بلا إِشـــراكِ
ما اختَصَّ في الدُّنْيا سواه بفَضْلها
مَلِـــكٌ مـــن البــاقين والهُلاّكِ
فـالْجودُ مبتَسـِمُ الثُّغـور ببَـذْله
أَبــداً وبَيْـتُ المـال منـه بـاك
مـن دَوْحَـة الشـَّرف الزُّرَيْعيّ التي
وَشــَجَتْ بأَصـلٍ فـي المَفـاخر زاك
وسـَراةُ قَحطـانٍ بحيـثُ مَعاقِـدُ ال
تيجـــان فـــوقَ أَســـِرَّةِ الأَمْلاكِ
يُـرْدي العِـدى بـالرأْي وهو مُخَيِّمٌ
كَـمْ مـن سـُكونٍ فيـه بَطْـشُ حـراك
ســَلَّتْ يــدُ الإِسـلام منـه مُهَنَّـداً
مُتَحَكِّمــاً فــي هامــةِ الإِشــراك
وإِذا سـَما بـالجْيش آذنَ كـلَّ مـن
نَهضـــَتْ إِليـــه جُيوشـــُه بهَلاك
شــِيَمٌ كَمَوْشــِيِّ الرّيـاض وراءَهـا
عَــزمٌ كَحَــدِّ الصــَارم البتّــاكِ
يتلــو مآثِرَهـا الزَّمـان بأَلْسـُن
فُصــُحٍ فيعجَــزُ عـن مـدى الإِدراك
بَهَـرتْ فضـائلُه العُقـولَ فما عسى
يـأْتي الثَّنـاءُ به ويَحْكي الحاكي
فَلْيَهْنِـه المُلـكُ الذي قال العُلى
للــدّينِ والــدُّنيا بــه بُشـْراكِ
ولْيَبْــقَ تخِـدُمُهُ السـُّعودُ كأَنّهـا
أَســرى لَــدَيْه لا تُــرى لفِكــاك
جَـذْلان، مـا اسـتدعَتْ بواعِثُ نفسِه
كــأْسَ المُنــى إِلاّ أَجَبْــنَ بِهـاكِ
أبو بكر بن أحمد بن محمد العيدي اليمني الأديب وزير بلال بن جرير صاحب عدن، وإذا أطلق لقب الأديب في كتب عمارة فهو المعني به، مولده في أبين وهو من شعراء الخريدة ترجم له العماد ترجمة مختزلة نقلها عن نجم الدين ابن مصال، ثم قال: ولما استولى شمس الدولة تورانشاه بن أيوب على عدن وجده بها حياً، وذكر لي أنه نهب له مال كثير ودفاتر، وعدد وذخائر. وسألت عنه أصحاب الملك المعظم شمس الدولة عند عوده إلى دمشق في شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فذكروا أنه شيخ كبير، وهو ضرير، وله فضل غزير، ومحل عزيز، وجاه حريزثم عثر العماد على ترجمة حافلة له في كتاب عمارة اليمني عن شعراء اليمن، فنقلها برمتها، ونقل كل ما حكاه عمارة عن شعراء اليمن إلى الخريدة وكتاب عمارة هذا هو الكتاب المطبوع المسمى المفيد في تاريخ صنعاء وزبيد وملوكهما وشعرائهما وأدبائهما.ورأيت أن أنشر كلام عمارة كله في صفحة الديوان، وأكتفي هنا بفاتحة كلامه قال: (ومنهم من جعلت ذكره فارس الأعقاب، وجمال ما مضى وما يأتي من الأحقاب، وزير الدولة الزريعية وصاحب ديوان الإنشاء بها ووصفه بصدق اللهجة، وحسن البهجة، والدين الحصين، والعقل الرصين، والسؤدد العريض، والكرم المستفيض، والتواضع الذي لا يضع من رتبته العالية، ولا يرخص من قيمته الغالية، وأما البلاغة فهو إمامها، وبيده زمامها، ولخاطره هداية النجم الساري، وسلاسة العذب الجاري، وأما عبارته فلا يشوبها لبس، ولا يعوقها حبس، فسيح في الإطالة مجاله، موف علي الروية ارتجاله، يكاد نظمه أن يبتسم ثغره، ونثره أن ينتظم دره. وقال إن له بلاغة تشهد عذوبة مطبوعها، بكرم ينبوعها، وألفاظاً تدل معانيها، على فضل معانيها ...إلخ)