
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَفَـتِ الـدِّيارُ مَحَلُّهـا فَمُقامُهـا
بِمَنــىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهـا فَرِجامُهـا
فَمَــدافِعُ الرَّيَّـانِ عُـرِّيَ رَسـْمُها
خَلَقـاً كَمـا ضـَمِنَ الْـوُحِيَّ سِلامُها
دِمَـنٌ تَجَـرَّمَ بَعْـدَ عَهْـدِ أَنِيسـِها
حِجَــجٌ خَلَــوْنَ حَلالُهـا وَحَرامُهـا
رُزِقَـتْ مَرابِيـعَ النُّجُـومِ وَصابَها
وَدْقُ الرَّواعِـدِ جَوْدُهـا فَرِهامُهـا
مِــنْ كُــلِّ سـارِيَةٍ وَغـادٍ مُـدْجِنٍ
وَعَشـــِيَّةٍ مُتَجـــاوِبٍ إِرْزامُهــا
فَعَلا فُــرُوعُ الْأَيْهُقــانِ وَأَطْفَلَـتْ
بِــالْجَلْهَتَيْنِ ظِباؤُهـا وَنَعامُهـا
وَالْعِيــنُ سـاكِنَةٌ عَلـى أَطْلائِهـا
عُـوذاً تَأَجَّـلُ بِالْفَضـاءِ بِهامُهـا
وَجَلا السـُّيُولُ عَـنِ الطُّلُولِ كَأَنَّها
زُبُــرٌ تُجِــدُّ مُتُونَهــا أَقْلامُهـا
أَوْ رَجْــعُ واشـِمَةٍ أُسـِفَّ نَؤُورُهـا
كِفَفــاً تَعَــرَّضَ فَـوْقَهُنَّ وِشـامُها
فَـوَقَفْتُ أَسـْأَلُها وَكَيْـفَ سـُؤالُنا
صـُمّاً خَوالِـدَ مـا يُبِيـنُ كَلامُهـا
عَرِيَتْ وَكانَ بِها الْجَمِيعُ فَأَبْكَرُوا
مِنْهـا وَغُـودِرَ نُؤْيُهـا وَثُمامُهـا
شـاقَتْكَ ظُعْـنُ الْحَـيِّ حِينَ تَحَمَّلُوا
فَتَكَنَّســُوا قُطُنـاً تَصـِرُّ خِيامُهـا
مِــنْ كُــلِّ مَحْفُــوفٍ يُظِـلُّ عَصـِيَّهُ
زَوْجٌ عَلَيْـــهِ كِلَّـــةٌ وَقِرامُهــا
زُجَلاً كَــأَنَّ نِعـاجَ تُوضـِحَ فَوْقَهـا
وَظِبــاءَ وَجْــرَةَ عُطَّفـاً آرامُهـا
حُفِـزَتْ وَزايَلَهـا السـَّرابُ كَأَنَّها
أَجْـزاعُ بِيشـَةَ أَثْلُهـا وَرُضـامُها
بَـلْ مـا تَذَكَّرُ مِنْ نَوارَ وَقَدْ نَأَتْ
وَتَقَطَّعَــتْ أَســْبابُها وَرِمامُهــا
مُرِّيَّــةٌ حَلَّــتْ بِفَيْــدَ وَجــاوَرَتْ
أَهْـلَ الْحِجـازِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَرامُها
بِمَشــارِقِ الْجَبَلَيْــنِ أَوْ بِمُحَجَّـرٍ
فَتَضـــَمَّنَتْها فَــرْدَةٌ فَرُخامُهــا
فَصـــُوائِقٌ إِنْ أَيْمَنَــتْ فَمَظِنَّــةٌ
فِيهـا وِحـافُ الْقَهْرِ أَوْ طِلْخامُها
فَـاقْطَعْ لُبانَـةَ مَـنْ تَعَـرَّضَ وَصْلُهُ
وَلَشــَرُّ واصــِلِ خُلَّــةٍ صــَرَّامُها
وَاحْـبُ الْمُجامِـلَ بِالْجَزِيلِ وَصَرْمُهُ
بــاقٍ إِذا ضـَلَعَتْ وَزاغَ قِوامُهـا
بِطَلِيــحِ أَســْفارٍ تَرَكْــنَ بَقِيَّـةً
مِنْهـا فَـأَحْنَقَ صـُلْبُها وَسـَنامُها
وَإِذا تَغــالى لَحْمُهــا وَتَحَسـَّرَتْ
وَتَقَطَّعَــتْ بَعْــدَ الْكَلالِ خِـدامُها
فَلَهـا هِبـابٌ فـي الزِّمامِ كَأَنَّها
صـَهْباءُ خَـفَّ مَـعَ الْجَنُوبِ جَهامُها
أَوْ مُلْمِــعٌ وَســَقَتْ لِأَحْقَــبَ لاحَـهُ
طَـرْدُ الْفُحُـولِ وَضـَرْبُها وَكِدامُها
يَعْلُـو بِهـا حُـدْبَ الْإِكـامِ مُسـَحَّجٌ
قَــدْ رابَـهُ عِصـْيانُها وَوِحامُهـا
بِـأَحِزَّةِ الثَّلَبُـوتِ يَرْبَـأُ فَوْقَهـا
قَفْـرَ الْمَراقِـبِ خَوْفَهـا آرامُهـا
حَتَّــى إِذا ســَلَخا جُمـادى سـِتَّةً
جَــزْءًا فَطـالَ صـِيامُهُ وَصـِيامُها
رَجَعــا بِأَمْرِهِمـا إِلـى ذِي مِـرَّةٍ
حَصــِدٍ وَنُجْــحُ صـَرِيمَةٍ إِبْرامُهـا
وَرَمـى دَوابِرَهـا السـَّفا وَتَهَيَّجَتْ
رِيـحُ الْمَصـايِفِ سـَوْمُها وَسِهامُها
فَتَنازَعــا ســَبِطاً يَطِيـرُ ظِلالُـهُ
كَــدُخانِ مُشــْعَلَةٍ يُشـَبُّ ضـِرامُها
مَشــْمُولَةٍ غُلِثَــتْ بِنـابِتِ عَرْفَـجٍ
كَــدُخانِ نــارٍ سـاطِعٍ أَسـْنامُها
فَمَضــى وَقَــدَّمَها وَكـانَتْ عـادَةً
مِنْــهُ إِذا هِـيَ عَـرَّدَتْ إِقْـدامُها
فَتَوَســَّطا عُــرْضَ السـَّرِيِّ وَصـَدَّعا
مَســـْجُورَةً مُتَجـــاوِراً قُلَّامُهــا
مَحْفُوفَــةً وَسـْطَ الْيَـراعِ يُظِلُّهـا
مِنْــهُ مُصــَرَّعُ غابَــةٍ وَقِيامُهـا
أَفَتِلْـــكَ أَمْ وَحْشــِيَّةٌ مَســْبُوعَةٌ
خَـذَلَتْ وَهادِيَـةُ الصـِّوارِ قِوامُها
خَنْسـاءُ ضـَيَّعَتِ الْفَرِيـرَ فَلَمْ يَرِمْ
عُـرْضَ الشـَّقائِقِ طَوْفُهـا وَبُغامُها
لِمُعَفَّــرٍ قَهْــدٍ تَنــازَعَ شــِلْوَهُ
غُبْــسٌ كَواســِبُ لا يُمَـنُّ طَعامُهـا
صــادَفْنَ مِنْهــا غِـرَّةً فَأَصـَبْنَها
إِنَّ الْمَنايــا لا تَطِيـشُ سـِهامُها
بـاتَتْ وَأَسـْبَلَ واكِـفٌ مِـنْ دِيمَـةٍ
يُـروِي الْخَمـائِلَ دائِماً تَسْجامُها
يَعْلُــو طَرِيقَـةَ مَتْنِهـا مُتَـواتِرٌ
فِـي لَيْلَـةٍ كَفَـرَ النُّجُومَ غَمامُها
تَجْتــافُ أَصــْلاً قالِصـاً مُتَنَبِّـذاً
بِعُجُــوبِ أَنْقـاءٍ يَمِيـلُ هُيامُهـا
وَتُضـِيءُ فِـي وَجْـهِ الظَّلامُ مُنِيـرَةً
كَجُمانَــةِ الْبَحْـرِيِّ سـُلَّ نِظامُهـا
حَتَّـى إِذا انْحَسـَرَ الظَّلامُ وَأَسْفَرَتْ
بَكَـرَتْ تَـزُلُّ عَـنِ الثَّـرى أَزْلامُها
عَلِهَـتْ تَـرَدَّدُ فِـي نِهـاءِ صـَعائِدٍ
ســَبْعاً تُؤَامــاً كـامِلاً أَيَّامُهـا
حَتَّــى إِذا يَئِسـَتْ وَأَسـْحَقَ حـالِقٌ
لَــمْ يُبْلِـهِ إِرْضـاعُها وَفِطامُهـا
وَتَوَجَّســَتْ رِزَّ الْأَنِيــسِ فَراعَهــا
عَـنْ ظَهْـرِ غَيْـبٍ وَالْأَنِيـسُ سَقامُها
فَغَـدَتْ كِلا الْفَرْجَيْـنِ تَحْسـَبُ أَنَّـهُ
مَـوْلى الْمَخافَـةِ خَلْفُها وَأَمامُها
حَتَّـى إِذا يَئِسَ الرُّمـاةُ وَأَرْسَلُوا
غُضــْفاً دَواجِـنَ قـافِلاً أَعْصـامُها
فَلَحِقْــنَ وَاعْتَكَـرَتْ لَهـا مَدَرِيَّـةٌ
كَالســَّمْهَرِيَّةِ حَــدُّها وَتَمامُهــا
لِتَـذُودَهُنَّ وَأَيْقَنَـتْ إِنْ لَـمْ تَـذُدْ
أَنْ قَـدْ أُحِـمَّ مِنَ الْحُتُوفِ حِمامُها
فَتَقَصــَّدَت مِنْهــا كَسـابِ فَضـُرِّجَتْ
بِـدَمٍ وَغُـودِرَ فِـي الْمَكَرِّ سُخامُها
فَبِتِلْـكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوامِعُ بِالضُّحى
وَاجْتـابَ أَرْدِيَـةَ السَّرابِ إِكامُها
أَقْضـِي اللُّبانَـةَ لا أُفَـرِّطُ رِيبَـةً
أَوْ أَنْ يَلُــومَ بِحاجَــةٍ لُوَّامُهـا
أَوَلَـمْ تَكُـنْ تَـدْرِي نَـوارُ بِأَنَّني
وَصــَّالُ عَقْــدِ حَبــائِلٍ جَـذَّامُها
تَــرَّاكُ أَمْكِنَـةٍ إِذا لَـمْ أَرْضـَها
أَوْ يَعْتَلِـقْ بَعْـضَ النُّفُوسِ حِمامُها
بَـلْ أَنْـتِ لا تَـدْرِينَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ
طَلْــقٍ لَذِيــذٍ لَهْوُهـا وَنِـدامُها
قَـدْ بِـتُّ سـامِرَها، وَغايَـةِ تاجِرٍ
وافَيْـتُ إِذْ رُفِعَـتْ وَعَـزَّ مُـدامُها
أُغْلِـي السـِّباءَ بِكُـلِّ أَدْكَنَ عاتِقٍ
أَوْ جَوْنَــةٍ قُـدِحَتْ وَفُـضَّ خِتامُهـا
وَصــَبُوحِ صــافِيَةٍ وَجَـذْبِ كَرِينَـةٍ
بِمُـــوَتَّرٍ تَأْتـــالُهُ إِبْهامُهــا
بـادَرْتُ حاجَتَهـا الـدَّجاجَ بِسُحْرَةٍ
لِأُعَــلَّ مِنْهـا حِيـنَ هَـبَّ نِيامُهـا
وَغَــداةِ رِيـحٍ قَـدْ وَزَعْـتُ وَقَـرَّةٍ
إِذْ أَصـْبَحَتْ بِيَـدِ الشَّمالِ زِمامُها
وَلَقَـدْ حَمَيـتُ الْحَـيَّ تَحْمِـلُ شِكَّتِي
فُرُطٌـ، وِشـاحِي إِذْ غَـدَوْتُ لِجامُها
فَعَلَـوْتُ مُرتَقِبـاً عَلـى ذِي هَبْـوَةٍ
حَــرِجٍ إِلــى أَعْلامِهِــنَّ قَتامُهـا
حَتَّـى إِذا أَلْقَـتْ يَـداً فِـي كافِرٍ
وَأَجَــنَّ عَـوْراتِ الثُّغُـورِ ظَلامُهـا
أَسـْهَلْتُ وَانْتَصـَبَتْ كَجِـذْعِ مُنِيفَـةٍ
جَــرْداءَ يَحْصـَرُ دُونَهـا جُرَّامُهـا
رَفَّعْتُهــا طَــرَدَ النَّعـامِ وَشـَلَّهُ
حَتَّــى إِذا سـَخِنَتْ وَخَـفَّ عِظامُهـا
قَلِقَـتْ رِحالَتُهـا وَأَسـْبَلَ نَحْرُهـا
وَابْتَـلَّ مِـنْ زَبَدِ الْحَمِيمِ حِزامُها
تَرْقـى وَتَطْعَنُ فِي الْعِنانِ وَتَنْتَحي
وِرْدَ الْحَمامَـةِ إِذْ أَجَـدَّ حَمامُهـا
وَكَـــثيرَةٍ غُرَباؤُهــا مَجْهُولَــةٍ
تُرْجـى نَوافِلُهـا وَيُخْشـَى ذامُهـا
غُلْــبٌ تَشــَذَّرُ بِالـذُّحُولِ كَأَنَّهـا
جِــنُّ الْبَـدِيِّ رَواسـِياً أَقْـدامُها
أَنْكَــرْتُ باطِلَهـا وَبُـؤْتُ بِحَقِّهـا
عِنْـدِي وَلَـمْ يَفْخَـرْ عَلَـيَّ كِرامُها
وَجَــزُورِ أَيْسـارٍ دَعَـوْتُ لِحَتْفِهـا
بِمَغـــالِقٍ مُتَشــابِهٍ أَجْســامُها
أَدْعُــو بِهِــنَّ لِعـاقِرٍ أَوْ مُطْفِـلٍ
بُـذِلَتْ لِجِيـرانِ الْجَمِيـعِ لِحامُها
فَالضـَّيْفُ وَالْجـارُ الْجَنِيبُ كَأَنَّما
هَبَطـا تَبالَـةَ مُخْصـِباً أَهْضـامُها
تَـأْوِي إِلـى الْأَطْنـابِ كُـلُّ رَذِيَّـةٍ
مِثْــلُ الْبَلِيَّـةِ قـالِصٌ أَهْـدامُها
وَيُكَلِّلـونَ إِذا الرِّيـاحُ تَنـاوَحَتْ
خُلُجــاً تُمَـدُّ شـَوارِعاً أَيْتامُهـا
إِنَّا إِذا الْتَقَتِ الْمَجامِعُ لَمْ يَزَلْ
مِنَّــا لِــزازُ عَظِيمَــةٍ جَشـَّامُها
وَمُقَســِّمٌ يُعْطِـي الْعَشـِيرَةَ حَقَّهـا
وَمُغَـــذْمِرٌ لِحُقوقِهــا هَضــَّامُها
فَضـْلاً، وَذُو كَرَمٍ يُعِينُ عَلى النَّدى
ســَمْحٌ كَســُوبُ رَغــائِبٍ غَنَّامُهـا
مِــنْ مَعْشـَرٍ سـَنَّتْ لَهُـمْ آبـاؤُهُمْ
وَلِكُــلِّ قَــوْمٍ ســُنَّةٌ وَإِمامُهــا
لا يَطْبَعُــونَ وَلا يَبُــورُ فَعـالُهُمْ
إِذْ لا يَمِيـلُ مَـعَ الْهَـوى أَحْلامُها
فَـاقْنَعْ بِمـا قَسَمَ الْمَلِيكُ فَإِنَّما
قَســَمَ الْخَلائِقَ بَيْنَنــا عَلَّامُهــا
وَإِذا الْأَمانَـةُ قُسـِّمَتْ فِـي مَعْشـَرٍ
أَوْفــى بِــأَوْفَرِ حَظِّنـا قَسـَّامُها
فَبَنـى لَنـا بَيْتـاً رَفِيعـاً سَمْكُهُ
فَســَما إِلَيْــهِ كَهْلُهـا وَغُلامُهـا
وَهُمُ السُّعاةُ إِذا الْعَشِيرَةُ أُفْظِعَتْ
وَهُــمُ فَوارِســُها وَهُـمْ حُكَّامُهـا
وَهُــمُ رَبِيــعٌ لِلْمُجــاوِرِ فِيهِـمُ
وَالْمُــرْمِلاتِ إِذا تَطـاوَلَ عامُهـا
وَهُـمُ الْعَشـِيرَةُ إنْ يُبَطِّـئْ حاسـِدٌ
أَوْ أَنْ يَمِيـلَ مَـعَ العَدُوِّ لِئامُها
لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مالِكِ بْنِ جَعْفَرَ بْنِ كِلابٍ، مِنْ قَبِيلَةِ عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ شُعَراءِ الجاهِلِيَّةِ وَفُرْسانِهِمْ وَأَشْرافِهِمْ، وَكانَ كَرِيماً نَذَرَ أَلّا تَهُبَّ الصَّبا حَتَّى أَطْعَمَ وَنَحَرَ، أَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ، وَتَرَكَ قَوْلَ الشِّعْرِ بَعْدَ إِسْلامِهِ إِلّا بَيْتاً واحِداً، وَهُوَ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ وَأَحَدِ المُعَمِّرِينَ عاشَ مِئَةً وَخَمْساً وَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَ ذلِكَ، سَكَنُ الكُوفَةَ بَعْدَ إِسْلامِهِ وَتُوُفِّيَ فِيها حَوالَيْ سَنَةِ 41 هـ المُوافِقَةِ لِسَنَةِ 661م.