
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـاذا عَلـى طَيـفِ الأَحِبَّـةِ لَـو سَرى
وَعَلَيهِــمُ لَــو سـامَحوني بِـالكَرى
جَنَحـوا إِلـى قَولِ الوُشاةِ فَأَعرَضوا
وَاللَــهُ يَعلَــمُ أَنَّ ذلِــكُ مُفتَـرى
يــا مُعرِضــاً عَنّـي بِغَيـرِ جِنايَـةٍ
إِلّا لِمـــا رَقــشَ الحَســودُ وَزوَّرا
هَبنـي أَسـَأتُ كَمـا تقَـوَّلَ وَاِفتَـرى
وَأَتَيــتُ فـي حُبَّيـكَ أَمـراً مُنكَـرا
مـا بَعـد بُعـدِك وَالصـُدودِ عُقوبَـةٌ
يـا هـاجِري قَـد آنَ لـي أَن تَغفِرا
لا تَجمَعَــنَّ عَلَــيَّ عَتبِــكَ وَالنَـوى
حَســبُ المُحِــب عُقوبَـةً أَن يُهجَـرا
عِبـءُ الصـُدودِ أَخَـفُّ مِن عِبءِ النَوى
لَـو كـانَ لـي في الحُبِّ أَن أَتَخَيَّرا
لَو عاقَبوني في الهَوى بِسوى النَوى
لَرَجَـــوتُهُم وَطَمَعــتُ أَن أَتَصــَبَّرا
فَســقى دِمَشـقَ وَوادِيَيهـا وَالحمـى
مُتَواصــِلُ الإِرعـادِ مُنفَصـِمُ العُـرى
حَتّــى تَـرى وَجـهَ الرِيـاضِ بِعـارِضٍ
أَحـوى وَفَـودَ الـدَوحِ أَزهَـرَ نَيِّـرا
وَأَعــادَ أَيّامــاً مَضــينَ حَميــدَةً
مــا بَيـنَ حَـرَّة عـالِقين وَعَشـتَرا
تِلــكَ المَنــازِلُ لا أَعِقَّــةُ عالِـجٍ
وَرِمــالُ كاظِمَــةٍ وَلا وادي القُـرى
أَرضٌ إِذا مَــرَّت بِهـا ريـحُ الصـَبا
حَملَـت عَلـى الأَغصـانِ مسـكاً أَذفرا
فارَقتُهــا لا عَــن رِضـىً وَهَجَرتُهـا
لا عَــن قِلــىً وَرَحَلــتُ لا مُتَخَيِّـرا
أَســمى لِــرِزقٍ فــي البِلادِ مُفَـرَّقٍ
وَمِــنَ البَلِيَّــةِ أَن يَكـونَ مُقتَـرّا
وَلَقَــد قَطَعـتُ الأَرضَ طـوراً سـالِكاً
نَجـــداً وَآوِنَـــةً أَجــدُّ مُغَــوَّرا
وَأَصــونُ وَجــهَ مَــدائِحي مُتَقَنِّعـاً
وَأَكُــفُّ ذَيــلَ مَطــامِعي مُتَســَتِّرا
كَــم لَيلَـةٍ كَـالبَحرِ جُبـتُ ظَلامَهـا
عَـن واضـِحِ الصـُبحِ المُنيرِ فَأَسفَرا
فـي فِتيَـةٍ مِثـلُ النُجـومِ تَسـَنَّموا
فـي البيـدِ أَمثـالَ الأَهِلَّـة ضـُمَّرا
بـاتوا عَلـى شـُعَبِ الرِحالِ جَوانِحاً
وَالنَـومُ يُفتَلُ في الغَوارِبِ وَالذُّرى
مَتَرَنِّحيــنَ مِــنَ النُعــاسِ كَـأَنَّهُم
شـَرِبوا بِكاسـاتِ الوَجيـفِ المُسكِرا
قـالوا وَقَـد خـاطَ النُعاسُ جُفونَهُم
أَيـنَ المُناخُ فَقُلتُ جدوا في السُّرى
لا تَســأَموا الإِدلاجَ حَتّــى تُـدرِكوا
بيــضَ الأَيـادي وَالجَنـابَ الأَخضـَرا
فـي ظِـلِّ مَيمـونِ النَقيبَةِ طاهِر ال
أَعــراقِ مَنصــورِ اللِـواءِ مُظَفَّـرا
العــادِلِ المَلِــكِ الَّـذي أَسـماؤُهُ
فــي كُــلِّ ناحِيَــةٍ تُشـَرِّفُ مِنبَـرا
وَبِكُــلِّ أَرضٍ جَنَــةٌّ مِــن عَـدلِهِ ال
ضـافي أَسـالَ نَـداهُ فيهـا كَـوثَرا
عَـدلٌ يَـبيتُ الذِئبُ مِنهُ عَلى الطَوى
غَرثـانَ وَهـوَ يَـرى الغَزالَ الأَعفَرا
مـا فـي أَبـي بَكـرٍ لِمُعتَقِدِ الهُدى
شــَكٌّ يُريــبُ بِــأَنَّهُ خَيـرُ الـوَرى
ســَيفٌ صـِقالُ المَجـدِ أَخلَـصَ مَتنَـهُ
وَأَبـانَ طيـبُ الأَصـلِ مِنـهُ الجَوهَرا
مــا مَــدحُهُ بِالمُسـتَعارِ لَـهُ وَلا
آيـــاتُ ســُؤدُدِهِ حَــديثٌ يُفتَــرى
بَيــنَ المُلـوكِ الغـابِرينَ وَبَينَـهُ
فـي الفَضلِ ما بَينَ الثُرَيّا وَالثَرى
لا تَســـمَعَنَّ حَــديثَ مَلــكٍ غَيــرهِ
يُـروى فَكُـلُّ الصـَّيدِ في جَوفِ الفَرا
نَسـَخَت خَلائِقُـهُ الكَريمَـةُ مـا أَتـى
في الكُتبِ عَن كِسرى المُلوكِ وَقَيصَرا
مَلِـكٌ إِذا خَفَّـت حلـومُ ذَوي النُهـى
فــي الـرَوعِ زادَ رَزانَـةً وَتَـوَقُّرا
ثَبـتُ الجنـانِ تُـراعُ مِـن وَثَبـاتِهِ
يَـومَ الـوَغى وَثَبـاته أُسـدُ الشَرى
يَقــظٌ يَكـادُ يَقـولُ عَمّـا فـي غَـدٍ
بِبَديهَـــةٍ أَغنَتـــهُ أَن يَتَفَكَّــرا
حُلــمٌ تَخــفُّ لَــهُ الجِبـالُ وَراءَهُ
عَـــزمٌ وَرَأيٌ يَحقِـــرُ الإِســكندَرا
يَعفـو عَـنِ الـذَنبِ العَظيـمِ تَكُرُّماً
وَيَصــُدُّ عَـن قَـولِ الخَنـا مُتَكَبِّـرا
أَيَنـــالُ حاســـِدُهُ عُلاهُ بِســـَعيِهِ
هَيهـاتَ لَـو رَكِـبَ البُـراقَ لَقَصـَّرا
وَلَــهُ البَنــون بِكُــلِّ أَرضٍ مِنهُـمُ
مَلـكٌ يَقـودُ إِلـى الأَعـادي عَسـكَرا
مِــن كُــلِّ وَضـّاحِ الجَـبينِ تَخـالُهُ
بَـدراً فَـإِن شـَهِدَ الـوَغى فَغَضَنفَرا
يَعشـو إِلـى نـارِ الوَغى شَغَفاً بِها
وَيَجِـلُّ أَن يَعشـو إِلـى نـارِ القِرى
مُتَقَــدِّمٌ حَتّـى إِذا النَقـعُ اِنجَلـى
بِـالبيضِ عَـن سـَبيِ الحَريـمِ تَأَخَّرا
قَــومٌ زَكَـو أَصـلاً وَطـابوا مُخـبراً
وَتَــدَفَّقوا جـوداً وَراعـوا مَنظَـرا
وَتعــافُ خَيلُهُــمُ الـوُرودَ بِمنهَـلٍ
مـا لَـم يَكُـن بِدَمِ الوَقائِعِ أَحمَرا
كَـم حـادِثٍ خَفَّـت حلـومُ ذَوي النُهى
خَوفـاً وَجَأشـُكَ فيـهِ أَربـطُ مِن حِرا
يـا أَيُّهـا المَلِكُ الَّذي ما في فَضا
ئِلِـــهِ وَســُؤدَدِهُ وَمُحتَــدِهِ مِــرا
أَنـتَ الَّـذي اِفتَخَـرَ الزَمانُ بِجودِهِ
وَوُجــودِهِ وَكَفــاهُ ذلِــكَ مَفخَــرا
اللَــهُ خَصــَّكَ بِالمَمالِـكِ وَاِجتَـبى
لَمّــا رَآكَ لَهــا الصـَلاح الأَكبَـرا
أَشـكو إِلَيـكَ نَـوىً تَمـادى عُمرُهـا
حَتّـى حَسـِبتُ اليَـومَ مِنهـا أَشـهُرا
لا عيشــَتي تَصـفو وَلا رسـمُ الهَـوى
يَعفــو وَلا جَفنـي يُصـافِحُهُ الكَـرى
أُضــحي عَـنِ الأَحـوى المَريـعِ مُحَلأً
وَأَبيــتُ عَـن وِردِ النَميـرِ مُنَفَّـرا
وَمِــنَ العَجــائِبِ أَن تَفَيَّـأَ ظِلَّكُـم
كُـلُّ الـوَرى وَنُبِـذتُ وَحـدي بِالعَرا
وَلَقَـد سـَئِمتُ مِـنَ القَريـضِ وَنظمِـهِ
مــا حيلَــتي بِبِضــاعَةٍ لا تُشـتَرى
كَســَدَت فَلَمّـا قُمـتُ مُمتَـدِحاً بِهـا
مَلِـكَ المُلـوكِ غَـدَوتُ أَربَـحُ متجَرا
فَلَأَشـــكُرَنَّ حَوادِثــاً قَــذَفَت بِــآ
مــالي إِلَيــكَ وَحَقُّهـا أَن تُشـكَرا
لا زِلـتُ مَمـدودَ البَقـا حَتّـى تَـرى
عيسـى بِعيسـى فـي الوَرى مُستَنصِرا
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه