
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـا قـامَ لَـولا هَـواكَ المُدنَفُ الوَصِبُ
يَبكـي الطلـولَ وَأَهـلُ المُنحَنـى غَيَبُ
وَيَســأَلُ الربــعَ عَـن سـُكّانِهِ سـَفَهاً
وَقَــد مَحَــت آيَــه الأَرواحُ تعتَقــبُ
يُكَفكــفُ الــدَمعَ أَحيانــاً وَتَبعَثُـهُ
لَواعِــجُ الشــَوقِ أَحيانــاً فَيَنسـَكِبُ
صــَبٌّ إِذا نــامَ أَهـلُ الحَـيِّ أَزعَجَـهُ
ذِكــرٌ يُعــاوِدُهُ مِــن عيــدِهِ طَــربُ
تَــدعو هَواجِسـُهُ طَيـفَ الخَيـالِ وَسـُل
طـانُ الكَـرى عَنـهُ بِالأَشـواقِ مُحتَجـبُ
يَهيــمُ شــَوقاً بِأَقمــارٍ عَلـى قُضـُبٍ
مُلــدٍ تَجاذَبُهـا ظُلمـاً لَهـا الكُثُـبُ
مِـن كُـلِّ واضـِحَةِ اللَبّـاتِ تَبسـِمُ عَـن
مُرَتَّــلٍ زانَــهُ التَأشــيرُ وَالشــَنَبُ
تُريـكَ مِـن وَجهِهـا الوَضـّاحِ إِن سَفَرَت
بَــدراً وَتَبــدو هِلالاً حيــنَ تَنتَقِــبُ
يـا ضـَرَّةَ الشـَمسِ إِنَّ الحُـبَّ أَبعَـدَني
فَلَيــتَ شــِعري بِمـاذا مِنـكِ أَقتَـرِبُ
إِن كـانَ لِلحُسـنِ فـي العِشرينَ عِندَكُم
حَـقُّ الزَكـاةِ فَـإِنّي البـائِسُ الجُنُـبُ
وَمَهمَــــهٍ طــــامِسِ الأَعلامِ مُتَّصـــِلٍ
تَــواهَقَت بِــيَ فـي أَجـوازِهِ النُجُـبُ
فـي لَيلَـةٍ مِثلِ عَرضِ البَحرِ حالِكَةِ ال
جلبـاتِ قـامَت بِهـا لا تَهتَـدي الشُهُبُ
فَأَسـفَرَ الصـُبحُ لـي عَـن رايَـةٍ بَلَغَت
أَقصـى المَـدى وَتَنـاهَت دونَها الرُتَبُ
المَـورِدُ العَذبُ وَالنادي الرَحيبُ وَإِد
راكُ المُنـى وَالقِـرى وَالمَربعُ الخصِبُ
فـي ظِـلِّ أَبلَـجَ يُستَسـقى الغَمـامُ بِهِ
فَيَســـتَهِلُّ وَيُستَشــفى بِــهِ الكلَــبُ
المُســتَقِلُّ بِمـا أَعيـا المُلـوكُ بِـهِ
وَالمُســتَقِلُّ لَنـا الـدُنيا إِذا يَهَـبُ
ثَبــتُ الجَنــانِ لَــهُ حُلــمٌ يَـوَقِّرُهُ
إِذا هَفــا بِحَلــومِ السـادَةِ الغَضـَبُ
مَعَشـــَّقٌ لِلمَعـــالي لا يَــزالُ لَــهُ
فــي كُــلِّ مَرتَبَــةٍ عَــذراءُ تُختَطَـبُ
صـافي الضـَمائِرِ مَرضـِيُّ السـَرائِرِ مَح
مـودُ المَـآثِرِ تُزهـى بِاِسـمِهِ الخُطَـبُ
لَـــهُ أَيـــادٍ مُقيمـــاتٌ مُســافِرَةٌ
لَــم يَخـلُ مِـن بِرهـا عُجـمٌ وَلا عَـربُ
مَـولىً إِذا اِفتَخَـرَ السـاداتُ في مَلَأٍ
سـَما بِـهِ الأَشـرَفانِ العِلـمُ وَالحَسـَبُ
وَإِن دَجــا لَيــلُ خَطــبٍ عَـمَّ فـادِحُهُ
ذَكــا لَــهُ النَيِّـرانِ الفَضـلُ وَالأَدَبُ
وَإِن ســَقَت رَوضــَةَ القِرطـاسِ راحَتُـهُ
رَأَيـــتَ ســَيفيَّ وادٍ مِنــهُ تَعتَجِــبُ
كَأَنَّمـا صـَدرُهُ البَحـرُ المُحيـطُ وَمِـن
أَقلامِـــهِ غاصـــَةٌ لِلـــدُّرِ تَنتَخِــبُ
إِذا اِحتَـبى لِلفَتـاوى فَهـوَ مالِكُهـا
وَإِن حَبــا خَجِلَـت مِـن جـودِهِ السـُحُبُ
فَمــا رَأَينــا إِمامـاً قَبـلَ رُؤيَتِـهِ
يَــرى النَوافِـلَ فَرضـاً فِعلُهـا يَجِـبُ
وَالحــوبُ أَن يَسـبِقَ السـُؤّالُ نـائِلَهُ
وَأَعظَــمُ الـذَنبِ أَن يَبقـى لَـهُ نَشـَبُ
يَنــأى بِعِطفَيــهِ إِعظــامٌ وَيَجــذِبُهُ
طَبــعٌ كَريـمٌ إِلـى الحسـنى فَيَنجَـذِبُ
يَقظــانُ لِلمَجـدِ يَحمـي مـا تَـوارَثَهُ
آبــاؤُهُ الصــيدُ مِـن فَخـرٍ أَبٌ فَـأَبُ
مِـن أُسـرَةٍ حـازَ شـيبانُ الفخارَ بِهِم
فَهــم لَـهُ شـَرَفٌ بـاقٍ إِذا اِنتَسـَبوا
قَـومٌ تَـرى المَجـدَ في أَبياتِهِم زُمَراً
فَالمَجــدُ يُخــزَنُ وَالأَمــوالُ تُنتَهَـبُ
صـيدٌ إِذا اِنتَسـَبوا سـُحبٌ إِذا وَهَبوا
أُســدٌ إِذا وَثَبـوا حَتـفٌ إِذا غَضـِبوا
لَـو أَزمَعـوا أَمرَهُـم يَومـاً عَلى أَجَأٍ
رَأَيــتَ أَركــانَ ســَلمى خيفَـةً تَجِـبُ
يا أَيُّها الصاحِبُ المَولى الوَزيرَ وَمَن
إِلــى مَفــاخِرِهِ العَليــاءُ تنتَســبُ
دُعيـتَ فـي الدَولَـةِ الغَـرّاءِ صاحِبَها
حَقـــاً وَظَـــنَّ جَهــولٌ أَنَّــهُ لَقَــبُ
أَلبَسـتَها مَجـدَكَ الضـافي فَبـاتَ لَها
ذَيــلٌ عَلـى مَنكِـبِ الجَـوزاءِ يَنسـَحِبُ
وَكَــم رَدَدتَ العِــدى عَنهـا بِغَيظِهِـمُ
وَأَكبُــدُ القَــومِ لِلأَحقــادِ تَلتَهِــبُ
إِذا كَتائِبُهــا عَــن نَصــرِها قَعَـدَت
فــي حـادِثٍ جَلَـلٍ قـامَت بِـهِ الكُتُـبُ
كَثَرتَهُــم فــي دِمَشــقٍ وَهـيَ خالِيَـةٌ
وَقَـد أَنـاخَ عَلَيهـا الجَحفَـلُ اللَجِـبُ
كَتــائِبٌ أَضــحَتِ البَيــداءُ مُتأَقَــةً
مِنهـا وَضـاقَت بِهـا البُطنانُ وَالحَدَبُ
يَقــودُهُم مِـن بَنـي أَيّـوبَ كُـلُّ فَـتىً
ماضــي العَــزائِمِ لا نِكــسٌ وَلا نَخِـبُ
أُســدٌ مَخالِبُهـا بيـضُ الظُـبى وَلَهـا
مِــنَ الــذَوابِلِ غيــلٌ نَبتُــهُ أَشـِبُ
حَتّـى إِذا أَشـرَفَت مِنهُـم دِمَشـقُ عَلـى
حَـربٍ لَهـا الوَيـلُ مِن عُقباهُ وَالحربُ
مَنَحتَهــا مِنـكَ عَزمـاً صـادِقاً خَضـَعَت
لَــهُ ظُـبى الهِنـدِ وَالخَطِيَّـةُ السـُلُبُ
فَكــانَ رَأيُــكَ فيهــا رايَـةً طَلَعَـت
بِالنَصــرِ فَاِنجـابَتِ اللأواءُ وَالكُـرَبُ
وَبــاتَ أَثبَتُهُــم جَأشــاً وَأَحزَمُهُــم
رَأيــاً وَأَمضـى سـِلاحاً عَزمُـهُ الهَـرَبُ
وَكـــانَ ظَنُّهُـــم أَن تَلتَقــي بِهِــم
مِصـرُ البَـوارَ وَتَغشـى النُوبَةَ النُوَبُ
فَـأَجفَلوا وَزَعيـمُ القَـومِ غايَـةُ مـا
يَرجـو مِـنَ اللَـهِ أَن تَبقـى لَـهُ حَلَبُ
تَـــدبيرُ أَروَعَ لا يَعيـــا بِنازِلَــةٍ
وَلا يَـــبيتُ لِخَطـــبٍ قَلبُـــهُ يَجِــبُ
إِذا شــَياطينُ بغــيٍ خيــفَ سـورَتُها
فَـــإِنَّ آراءَهُ فـــي رَجمِهــا شــُهُبُ
عَـزمٌ بِـهِ أَخمَـدَ اللَـهُ الشـِقاقَ وَلا
هُــزَّت رِمــاحٌ وَلا ســُلَّت لَــهُ قُضــُبُ
وَلَــو ســَعى غَيـرُهُ فيهـا لِيَرأَبَهـا
أَنــامَهُ المُقعِـدانِ العَجـزُ وَالتَعَـبُ
ضــَفَت مَلابِــسُ نُعمــاهُ عَلَــيَّ فَقَــد
رُدَّت بِهــاليَ أَثـوابُ الصـِبى القُشـُبُ
وَبِــتُّ خِلــواً مِــنَ الآمـالِ وَاِتَّصـَلَت
بَينـي وَبَيـنَ العُلـى مِـن بـابِهِ نَسَبُ
هـذا المَديـحُ الَّـذي مـا شـانَهُ خَلَلٌ
كَلّا وَلا شـــابَهُ فــي مَجــدِكُم كَــذِبُ
مَعنـــىً بَـــديعٌ وَأَلفــاظٌ مُنَقَّحَــةٌ
غَريبَـــةٌ وَقَـــوافٍ كُلُّهـــا نَخَـــبُ
مــا كُــلُّ عـودٍ بِنَبـعٍ حيـنَ تَعجُمُـهُ
يَخـورُ تَحـتَ ثَنايـا العـاجِمِ الغَـرَبُ
قَـد يَشهَدُ الحَربَ بِالزَغفِ المُضاعَفِ أَق
وامٌ وَيَشــهَدُها مَــن لِبســُهُ اليَلَـبُ
فَاِســـلَم وَلا زالَـــتِ الآلاءُ ســابِغَةً
عَلَيــكَ مــا عـادَتِ الأَيّـامُ وَالحُقُـبُ
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه