
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حَـبيبٌ نَـأى وَهـوَ القَريبُ المُصاقِبُ
وَشـَحطُ نَـوىً لَـم تُنضَ فيهِ الرَكائِبُ
وَإِنَّ قَريبـــاً لا يُرَجّـــى لِقــاؤُهُ
بَعيــدٌ تَنــاءَى وَالمَـدى مُتَقـارِبُ
أَليـنُ لِصـَعبِ الخُلـقِ قـاسٍ فُـؤادُهُ
وَأُعتِبُــهُ لَـو يَرعَـوي مَـن يُعـاتَبُ
مِـنَ التُـركِ مَيّـاسُ القـوامِ مُهَفهَفٌ
لَــهُ الـدُرُّ ثَغـرٌ وَالزُمُـرُّدُ شـارِبُ
يُفَــوّقُ ســَهماً مِــن كَحيـلٍ مُضـَيَّقٍ
لَـهُ الهُـدبُ ريـشٌ وَالقِسِيُّ الحَواجِبُ
أَســالَ عِــذاراً فـي أَسـيلٍ كَـأَنَّهُ
عَــبيرٌ عَلــى كـافورِ خَـدَّيهِ ذائِبُ
وَأَنبَـتَ فـي حِقـفِ النَقـاخيرُ رانَةً
تُقِـــلُّ هِلالاً أَطلَعَتـــهُ الــذَوائِبُ
سـَعَت عَقرَبـا صـُدغيهِ فـي صَحنِ خَدِّهِ
فَهُــنَّ لِقَلــبي ســالِباتٌ لَواســِبُ
عَجِبــتُ لِجَفنَيـهِ وَقَـد لَـجَّ سـُقمُها
فَصــَحَّت وَجِســمي مِـن أَذاهـنَّ ذائِبُ
وَمِـن خَصـرِهِ كَيـفَ اِسـتَقَلَّ وَقَد غَدَت
تُجـــاذِبُهُ أَردافُـــهُ وَالمَنــاكِبُ
ضـَنَيتُ بِـهِ حتّـى رَثَـت لـي عَواذِلي
وَرَقَّ لِمـا أَلقـى العَـدوُّ المُناصـِبُ
وَمــا كُنـتُ مِمَّـن يَسـتَكينُ لِحـادِثٍ
وَلكِــنَّ ســُلطانَ الهَـوى لا يُغـالَبُ
ســَحائِبُ أَجفــانٍ ســِوارٍ ســَوارِبُ
وَأَعبـــاءُ أَشــواقٍ رَواسٍ رَواســِبُ
فَهَـل لِـيَ مِـن داءِ الصـَبابَةِ مَخلصٌ
لَعَمـري لَقَـد ضـاقَت عَلَـيَّ المَذاهِبُ
حَلَبـتُ شـُطورَ الـدَهرِ يُسـراً وَعُسرَةً
وَجَرَّبــتُ حَتّــى حَنكَتنـي التَجـارِبُ
فَكَـم لَيلَـةٍ قَـد بتُ لا البَدرُ مُشرِقٌ
يُضــيءُ لِرائيـهِ وَلا النَجـمُ غـارِبُ
شــَقَقتُ دُجاهـا لا أَرى غَيـرَ هِمَّـتي
أَنيسـاً وَلا لـي غَيـرُ عَزمِـيَ صـاحِبُ
بِمَمغوطَــةِ الأَنســاعِ قَـودٍ كَأَنَّهـا
عَلـى الرَملِ مِن إِثرِ الأَفاعي مَساحِبُ
وَبَحــرٍ تَبَطَّنــت الجَـواري بِظَهـرِهِ
فَجُبــنَ وَهُـنَّ المُقرِبـاتُ المَنـاجِبُ
إِلـى بَحـرِ جـودٍ يُخجـلُ البَحرَ كَفُّهُ
فَقُـل عَـن أَيـاديهِ فَهُـنَّ العَجـائِبُ
إِلــى مَلـكٍ مـا جـادَ إِلّا وَأَقلَعَـت
حَيـاءً وَخَوفـاً مِـن يَـدَيهِ السَحائِبُ
إِلـى أَبلَـجٍ كَالبَـدرِ يُشـرِقُ وَجهُـهُ
سـَناءً إِذا اِلتَفَّـت عَلَيـهِ المَواكِبُ
تَسـَنَّمَ مِـن أَعلـى المَراتِـبِ رُتبَـةً
تَقاصـَرُ عَـن أَدنـى مَداها الكَواكِبُ
لَنـا مِـن نَـداهُ كُـلَّ يَـومٍ رَغـائِبٌ
وَمِـن فِعلِـهِ فـي كُـلِّ مَـدحٍ غَـرائِبُ
فَـتىً حِصـنُهُ ظَهـرُ الحِصـانِ وَنَـثرَةٌ
تَكـلُّ لَـدَيها المُرهَفـاتُ القَواضـِبُ
مُضـــاعَفَةٌ حَتّــى كَــأَنَّ قَتيرَهــا
حُبــابٌ حَبتـهُ بِـالعُيونِ الجَنـادِبُ
يُريـه دَقيـقُ الفِكـرِ فـي كُلِّ مُشكِلٍ
مِـنَ الأَمـرِ ما تُفضي إِلَيهِ العَواقِبُ
أَتَيــتُ إِلَيــهِ وَالزَمــانُ عِنـادُهُ
عِنـادي وَقَـد سـُدَّت عَلَـيَّ المَـذاهِبُ
لِيَرفَـعَ مِـن قَـدري وَيَجـزِمَ حاسـِدي
وَأُصـبِحَ فـي خَفـضٍ فَكَـم أَنـا ناصِبُ
فَلَــم أَرَ كَفـاً عارِضـاً غَيـرَ كَفِّـهِ
بِــوَجهٍ وَلَـم يَـزوَرَّ لِلسـخطِ حـاجِبُ
قَطَعنـا نِيـاطَ العيسِ نَحوَ ابنِ حُرَّةٍ
صــَفَت عِنـدَهُ لِلمُعتَفيـنَ المَشـارِبُ
إِلـى طـاهِرِ الأَنسـابِ مـا قَعَدَت بِهِ
عَنِ المَجدِ مِن بَعضِ الجُدودِ المَناسِبُ
دَعــا كَوكَبانـاً وَالنُجـومُ كَأَنَّهـا
نِطــاقٌ عَلَيــهِ نَظَّمَتــهُ الثَـواقِبُ
فَـرامَ اِمتِناعـاً عَنـهُ وَهـوَ مُرادهُ
كَمـا اِمتَنَعَت عَن خُلوَة البَعلِ كاعِبُ
وَلَيـسَ بِـراشٌ مِنـهُ أَقـوى قَواعِـداً
وَإِن غَـرَّ مَـن فيهِ الظُنونُ الكَواذِبُ
تَقِــلُّ عَلـى كُـثرِ العَديـدِ عُـداتُهُ
وَتَكثُـرُ مِنهُم في النَوادي النَوادِبُ
وَنُصـحي لَهُـم أَن يَهرُبوا مِن عِقابِهِ
إِلَيـهِ فَـإِنَّ النُصحَ في الدينِ واجِبُ
بَقيـتَ فَكَـم شـَرَّفتَ بِاِسـمِكَ مِنبِـراً
وَكَـم نـالَ مِـن فَخـرٍ بِـذِكرِكَ خاطِبُ
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه