
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَبّروهـــا بِـــأَنَّهُ مــا تَصــَدّى
لِســلُوٍّ عَنهــا وَلَــو مـاتَ صـَدّا
وَاِســأَلوها فـي زَورَةٍ مِـن خَيـالٍ
إِن تَكُـن لَـم تَجِـد مِنَ الهَجرِ بُدّا
عَنَّفَــت طَيفَهــا عَلــى ظَنِّهـا أَنَّ
خَيـــالاً مِنهــا إِلَينــا تَســَدّى
كَــذَبتها ظُنونُهـا لا الكَـرى زارَ
جُفـــوني وَلا الخَيـــالُ تَعَـــدّى
ظَبيَــةٌ تُخجِــلُ الغَزالَــةَ وَجهـاً
وَبَهــاءً وَتَفضــَحُ الغُصــنَ قَــدّا
ذاتُ فِــرعٍ لَــولا الـوَلائِدُ أَمسـَك
نَ مُثَنّـــاهُ ضــَوَّعَ الحَــيَّ نَــدّا
وَقَفَـــت لِلــوَداعِ وَقفَــةَ هــازٍ
هــازِلٍ وَالغَــرامُ بـي جَـدَّ جِـدّا
وَأَمـــاطَت لِثامَهـــا بِأَســـاري
عِ حِقــافٍ عَــن مُســتَنيرٍ مُفَــدّى
نَثَــرَت لَوعَــةُ الفــراقِ عَلَيــهِ
دُرَّ دَمـــعٍ فَــأَنبَتَت فيــهِ وَردا
وَذَكــت نـارُهُ علـى عَنبَـرِ الخـا
لِ فَكــانَت لَــهُ ســَلاماً وَبَــردا
ثُـمَّ قـالَت بَقـاءُ مَـن يَدَّعي الحُبَّ
مَحـــالٌ وَهــذِهِ العيــسُ تُحــدى
مـا لِعيسـي وَمـا لِعَيشـي وَمـالي
كُــلَّ يَــومٍ نَلقــى عَنـاءً وَكَـدّا
لَيـتَ سـَهمَ الزَمـانِ أَصمى فَكَم أَظ
مـا لَقَـد جـاوَزَ العَنـاءُ الحَـدّا
أَعجَزَتنـي البُـروقُ شـَيماً فَلَوعـا
لجـتُ بَحـراً لأُنبِـطَ المـاءَ أَكـدى
وَلَــو انّــي مَرَيــتُ لَقحَـةَ شـَولٍ
جَعَلتهــا شــَقاوَةُ الجَــدِّ جِلـدا
كَــم أَدورُ البِلادَ شــَرقاً وَغَربـاً
وَأَرودُ الأَرزاقَ غَـــوراً وَنَجـــدا
وَأَيادي المَولى الوَزيرِ صَفي الدي
نِ أَدنــى إِلــى غيــاثي وَأَنـدى
أَريَحِـــيٌّ إِذا هَمَـــت راحَتـــاهُ
عَلَّمَـت واكِـفَ الحَيـا كَيـفَ يَنـدى
دَقَّ فِكــراً فــي المُشـكِلاتِ فَجَلَّـت
بِمَديـــحٍ أَوصـــافُهُ أَن تُحَـــدّا
وَرِثَ المَجــدَ وَالمَكــارِمَ وَالحِـل
مَ وَطيــبَ الأَعــراقِ جَــداً فَجَـدّا
ظــاهِرُ الفَضـلِ طـاهِرُ الأَصـلِ سـَب
بـاقٌ إِلـى المَجدِ لَيسَ يَضمِرُ حِقدا
وَحَليــمٌ لا يَســتَخِفُّ لَــهُ الغَــي
ظُ أَنـاةً إِن خـامَرَ الطَيـشُ أُحـدا
كَعبَــةٌ لِلسـَماحِ وَالعِلـمِ فَالحَـجُّ
إِلَيـــهِ فَـــرضٌ عَلَينــا يُــؤَدّى
مُتلِـــفٌ مُخلِـــفٌ مُفيــتٌ مُفيــدٌ
مُعجِــزٌ مُنجِــزٌ وَعيــداً وَوَعــدا
لَيِّــنُ العِطــفِ لِلمَـوالي وَيَلقـى
مِنـهُ أَهـلُ العِنـادِ خَصـماً أَلَـدّا
فَهـوَ مِثـلُ الحُسـامِ فـي حـالَتَيهِ
لَيِّـــنٌ صـــَفحَةً وَقـــاسٍ حَـــدّا
راضَ صـَعبَ الزَمـانِ بِالعَـدلِ حَتّـى
كــادَ يَــأتي بِـذاهِبِ الأَمـسِ رَدّا
فَاِســتَقَرَّت قَواعِـدُ الملـكِ وَاِزدا
دَت بِــهِ ســُدَّةُ الــوَزارَةِ مَجـدا
وَغَـــدا رَأيُـــهُ أَحَـــدَّ ســِلاحاً
فـي لِقـاءِ العِـدى وَأَنصـَرَ جُنـدا
فَـــإِذا ضــاقَ ذَرعُ كُــلِّ همــامٍ
بِمُهِـــمٍّ كـــانَ الأَشــَدَّ الأَســَدّا
وَإِذا شـــَحَّتِ الســـَحائِبُ ســـَحَّت
راحَتـــاهُ فَعَمَّـــتِ الأَرضَ رِقــدا
فِعـــلُ إِحســانِهِ بِغَيــرِ قِيــاسٍ
لازِمٌ وَهــــوَ عامِــــلٌ يَتَعَـــدّى
رامَ قَــومٌ إِحصــاء غُــرّ مَسـاعي
هِ وَهَــل تَســتَطيعُ لِلنَجــمِ عَـدّا
وَتَعــاطى المُلــوكُ نَيـلَ مَعـالي
هِ فَنــالوا مِـن دونِ ذلِـكَ جَهـدا
هَلَكــوا دونَ نَيــلِ مــا أَمَّلـوهُ
مَــن يَطِــر فَــوقَ طَـورِهِ يَتَـرَدّى
عــالِمٌ عامِــلٌ ســَعى لِلمَعــالي
ســَعيَ آبــائِهِ الكِــرامِ الأَشـِدّا
أُســـرَةٌ كُلَّمــا تَرَعــرَعَ مِنهُــم
ناشـيءٌ سـادَ فـي الزَمـانِ وَسـَدّا
كُلَّمـــا أَنهَجَـــت مَلابِــسُ مَجــدٍ
لَهُـــمُ قــامَ ماجِــدٌ فَاِســتَجَدّا
لَـم يَقِـف دونَهُـم وَلَـو كانَ يَلقى
رُتبَـــةً مِــن وَرائِهِــم لَتَعَــدّى
مَلَأَت وَفـــدُكَ الفِجـــاجَ فَـــأَنّى
ســارَ وَفـدٌ مِنهُـم تَلَقَّيـتَ وَفـدا
رُبَّ عــانٍ أَطلَقتَـهُ بَعـدَ مـا كـا
نَ يُعـاني فـي الأَسـرِ قَيـداً وَقِدّا
وَيَــتيمٍ رَأى لَــهُ مِــن أَيــادي
كَ أَبــاً مُشــفِقاً وَأُمــاً وَمَهـدا
أَعتَبتنــي صــُروفُ دَهـري فَشـُكراً
لِزَمـــانٍ إِلــى جَنابِــكَ أَهــدى
وَحَقيــقٌ بِالــذَمِّ مَــن ذَمَّ عَصـراً
أَلبَســَتهُ خِلالُــكَ الغُــرُّ حَمــدا
أَنــا مُهــدٍ إِلَيــكَ مدحَـةِ عَبـدٍ
مُخلِــصٍ وَالمَديــحُ أَفضــَل مُهـدى
بــالِغٍ جُهــدَهُ وَمَـن بَلَـغَ الجُـه
دَ وَإِن لَـم يُصـِب فَمـا ضـَلَّ قَصـدا
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه