
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
سـَلوا صَهواتِ الخَيلِ يَومَ الوَغى عَنّا
إِذا جُهِلَـت آياتُنـا وَالقَنا اللُدنا
غــداةَ لَقينــا دونَ دِميـاطَ جَحفَلاً
مِـنَ الـرومِ لا يُحصـى يَقيناً وَلا ظَنا
قَــد اِتَّفَقـوا رَأيـاً وَعَزمـاً وَهِمَّـةً
وَديناً وَإِن كانوا قَد اِختَلَفوا لُسنا
تَـداعَوا بِأَنصـارِ الصـَليبِ فَـأَقبَلَت
جُمـوعٌ كَـأَنَّ المَـوجَ كـانَ لَهُم سُفُنا
عَلَيهِــم مِــنَ المـاذِيِّ كُـلُّ مُفاضـَةٍ
دِلاصٍ كَقِـرنِ الشـَمسِ قَـد أَحكَمَت وَضَنا
وَأَطمَعهُــم فينــا غُـرورٌ فَـأَرقَلوا
إِلَينـا سـِراعاً بِالجِيـادِ وَأَرقَلنـا
فَمـا بَرِحَـت سـُمرُ الرِمـاحِ تَنوشـُهُم
بِأَطرافِهـا حَتّـى اِستَجاروا بِنا مِنّا
سـَقيناهُم كَأسـاً نَفَـت عَنهُـمُ الكَرى
وَكَيـفَ يَنـامُ اللَيـلَ مَن عَدِمَ الأَمنا
لَقَـد صـَبَروا صـَبراً جَميلاً وَدافَعـوا
طَـويلاً فَمـا أَجـدى دِفـاعٌ وَلا أَغنـى
لَقـوا المَـوتَ مِن زُرقِ الأَسِنَّةِ أَحمَراً
فَـأَلقَوا بِأَيـديهِم إِلَينـا فَأَحسـَنّا
وَمــا بَــرِحَ الإِحســانُ مِنّـا سـَجِيَّةً
تَوارَثَهـا عَـن صـيدِ آبائِنـا الأَبنا
مَنَحنــا بَقايــاهُم حَيــاةً جَديـدَةً
فَعاشــوا بِأَعنــاقٍ مُقَلَّــدَةٍ مَنّــا
وَلَـو مَلَكـوا لَم يَأتلوا في دِمائِنا
وُلوغــاً وَلكِنّــا مَلَكنـا فَأَسـجَحنا
وَقَــد جَرَّبونـا قَبلَهـا فـي وَقـائِعٍ
تعلّـم غُمـر القَومِ منّا بِها الطَعنا
فَكَـم مِـن مَليـكٍ قَـد شـَدَدنا إِسارَهُ
وَكَـم مِن أَسيرٍ مِن شَقا الأَسرِ أَطلَقنا
أُســودُ وَغــىً لَـولا قِـراعُ سـيوفنا
لَمـا رَكِبـوا قَيـداً وَلا سَكَنوا سِجنا
وَكَـم يَـوم حُـرٍّ مـا لَقينـا هَجيـرَهُ
بِســترٍ وَقُـرٍّ مـا طَلَبنـا لَـهُ كِنّـا
فَـإِنَّ نَعيـمَ المُلـكِ فـي شَظَفِ الشَقا
يُنـالُ وَحُلـوَ العِـزِّ مِـن مُـرِّه يُجنى
يَســيرُ بِنــا مِـن آلِ أَيّـوبَ ماجِـدٌ
أَبــى عَزمُـهُ أَن يَسـتَقرَّ بِـهِ مَغنـى
كَريـمُ الثَنـا عـارٍ مِنَ العارِ باسِلٌ
جَميـلُ المُحَيّا كامِلُ الحُسنِ وَالحُسنى
لَعَمــرُكَ مــا آيــاتُ عيسـى خَفِيَّـةٌ
هِـيَ الشـَمسُ لِلأَقصـى سـَناءً وَلِلأَدنـى
ســَرى نَحــوَ دِميــاط بِكُـلِّ سـمَيذَعٍ
نَجيبٍ يَرى وِردَ الوَغى المَورِدَ الأَهنا
فَـأَجلى عُلـوجَ الـرومِ عَنها وَأُفرِحَت
قُلـوبُ رِجـالٍ حـالَفَت بَعدَها الحُزنا
وَطَهَّرَهـــا مِــن رِجســِهِم بِحُســامِهِ
همامٌ يَرى كَسبَ الثَنا المغنم الأَسنى
مَـــآثِرُ مَجـــدٍ خَلَّــدَتها ســُيوفُهُ
لَهـا نَبَـأ يَفنـى الزَمـانُ وَلا يَفنى
وَقَــد عَرَفَــت أَســيافُنا وَرِقـابُهُم
مَواقِعَهـا فيهـا فَـإِن عاوَدوا عُدنا
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه