
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عَجِبـتُ للطيـفِ يـا لَميـاءُ حيـنَ سَرى
نَحـوي وَمـا جـالَ في عَيني لَذيذُ كَرى
وَكَيــفَ تَرقــدُ عَيــنٌ طـولَ لَيلَتِهـا
تُـدافِعُ المُقلِقَيـنِ الـدَمعَ وَالسـَهَرا
بــاتَت وَسـاوِسُ فِكـري فيـكِ تَخـدَعُني
أَطماعُهـــا وَتُرينــي آلَــهُ غُــدُرا
أَحبابَنـا مـا لِـدَمعي كُلَّمـا اِضطَرَمَت
نـارُ الجَـوى بَينَ أَحناءِ الضُلوعِ جَرى
وَمـا لِصـَبري الَّـذي قَـد كُنـتُ أَذخُرُه
عَلـى النَـوى ناصِراً يَومَ النَوى غَدرا
وَمـا لِـدَهري إِذا اِستَسـقَيتُ أَشـرَقَني
عَلــى الظمـا وَسـَقاني آجِنـاً كَـدِرا
يَصــفي لِغَيــري عَلــى رَيٍّ مَــوارِدَهُ
ظُلمـاً وَيـورِدُني المُسـتَوبَلَ المَقِـرا
أَشـكو إِلَيـهِ سـَقاماً قَـد بَـرى جَسَدي
أَعيــا الأُسـاةَ وَلَـو واصـَلتُمُ لَبَـرا
وَلَيلَـةٍ مِثـل مَـوجِ البَحـرِ بِـتُّ بِهـا
أُكابِـدُ المُزعِجيـنَ الخَـوفَ وَالخَطَـرا
حَتّـــى وَرَدتُ بِآمــالي إِلــى مَلِــكٍ
لَــو رامَ رَدّاً لِماضــي أَمسـِهِ قَـدَرا
فَأَصــبَحَ الــدَهرُ مِمّـا كـانَ أَسـلَفَهُ
إِلَــيَّ فــي ســالِفِ الأَيّـامِ مُعتَـذِرا
وَذادَ عَنّــي الرَزايـا حيـنَ أَبصـَرَني
بِعِــزَّةِ الأَمجَــدِ الســُلطانِ مُنتَصـِرا
مَلــكٌ أَرانــا عَلِيّــاً فـي شـَجاعَتِهِ
وَعِلمِـــهِ وَأَرانـــا عَــدلُهُ عُمــرا
أَغَــرُّ مــا نَزَعَــت عَنــهُ تَمــائِمُهُ
حَتّــى تَــرَدّى رِداءَ المُلـكِ وَاِتَّـزَرا
مِــن آلِ أَيّــوبَ أَغنَتنــا عَــوارِفُهُ
فـي كالِـحِ الجَدبِ أَن نَستَنزِلَ المَطَرا
ثَبــتُ الجَنــانِ لَــهُ حلــمٌ يُـوَقِّرُهُ
إِن خـامَرَ الطَيـشُ رُكنـي يَـذبُلٍ وِحرا
الفـارِجُ الهَبَـواتِ السـودَ يـوردُ في
مَواقِــعِ الراشـِقاتِ الأَبيَـضَ الـذَكَرا
وَمُقــدمُ الخَيــلِ فـي لَبّاتِهـا قِصـَدٌ
وَعـاقِرُ البُـدنِ فـي يَـومي وَغىً وَقِرى
وَخــائِضُ الهَــولِ وَالأَبطــالُ مُحجِمَـةٌ
لا تَســـتَطيعُ بِـــهِ ورداً وَلا صــَدَرا
وَثــابِتُ الــرَأيِ أَغنَــت أَلمَعِيَّتُــهُ
عَـن أَن يُشـارِكَهُ فـي رَأيِـهِ الـوُزَرا
لا يَتَّقـي فـي الـوَغى وَقـعَ الأَسِنَّةِ بِا
لزَغــفِ الــدلاصِ كَفــاهُ سـَيفُهُ وَزَرا
عـارٍ مِـنَ العـارِ كـاسٍ مِـن مَفـاخِرِهِ
تَكـــادُ عِزَّتُــهُ تَســتَوقِفُ القَــدَرا
تَمضـي المَنايـا بِمـا شـاءَت أَسـِنَّتُهُ
إِذا القَنا بَينَ فُرسانِ الوَغى اِشتَجَرا
تَكـادُ تَخفـي النُجـومُ الزَهرُ أَنفُسَها
خَوفــاً وَيُشــرِقُ بَهــرامٌ إِذا ذُكِـرا
يَـدعو العُفـاةَ إِلـى أَموالِهِ الجَفَلى
إِذا دَعـا غَيـرُهُ فـي الأَزمَـةِ النَقَرى
مِــن دَوحَــةٍ شـَرُفَت أَعراقُهـا وَزَكـت
مِنهـا الفُـروعُ وَطـابَت مغرِسـاً وَثَرى
لَمّــــا تَخَيَّرَنـــي أَروي قَصـــائِدَهُ
مَضــيتُ قُــدماً وَخَلَّفـتُ الـرُواةَ وَرا
فَـاعجَب لِبَحـرٍ غَـدا فـي رَأسِ شـاهِقَةٍ
مِــنَ العَواصـِمِ طـامٍ يَقـذِفُ الـدُرَرا
شـِعرٌ سـَمَت بِاِسـمِهِ الشـِعرى لِشِركَتِها
فيـهِ فَقـامَت تُبـاهي الشَمسَ وَالقَمَرا
لَـو قـامَ بَعـضُ رُواةِ الشـِعرِ يُنشـِدُهُ
يَومــاً بِــأَرضِ أَزالٍ أخجـلَ الحِبَـرا
ســـِحرٌ وَلكِـــنَّ هاروتــاً وَصــاحِبَهُ
مــاروتَ مــا نَهيـا فيـهِ وَلا أَمـرا
كَـم قُمـتُ فـي مَجلِـسِ الساداتِ أُنشِدُهُ
فَلَــم يَكُــن لِحَســودٍ فـي عُلاهُ مـرا
عَجِبـتُ مِـن مَعشـَرٍ كَيـفَ اِدَّعَـوا سفهاً
مِــن بَعـدِ مـا سـَمعوهُ أَنَّهُـم شـُعَرا
لَــولا التُقـى قُلـتُ لا شـَيءٌ يُعـادِلُهُ
أَسـتَغفِرُ اللَـهَ إِلّا النَمـلُ وَالشـُعَرا
أنـا الَّـذي سـارَ في الدُنيا لَهُ مثلٌ
أَهـديتُ مِـن سـُفهٍ تَمـراً إِلـى هَجَـرا
جَرَيـتُ فـي شـَأوِهِ أَبغـي اللَحـاقَ بِهِ
فَمــا تَعَلَّقــتُ إِلا أَن ظَفــرت بَــرى
وَالشــِعرُ صــَيدٌ فَهــذا جُـلُّ طـاقَتِهِ
حَــرشُ الضــِبابِ وَهـذا صـائِدٌ بَقَـرا
وَلَيــسَ مُســتَنزِلُ الأَوعـالِ مـن يَفَـعٍ
كَمَـن أَتـى نَفَـقَ اليَربـوعِ فَـاِحتَفَرا
وَإِنَّ مَــن شـارَفَ التِسـعينَ فـي شـُغُل
عَـنِ القَـوافي جَـديرٌ أَن يَقـولَ هُـرا
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه