
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مــا ســِرُّ سـُكانِ الحِمـى بِمُـذاعِ
عِنــدي وَلا عَهــدُ الهَـوى بِمضـاعِ
أَيـنَ الحِمى مِنّي سَقى اللَهُ الحِمى
رَيّـاً وَكـانَ لَـهُ الحَفيـظَ الراعي
وَمَنــازِلاً بَيــنَ البِقـاعِ وَراهِـطٍ
أَكــرم بِهــا مـن أَربُـعٍ وَبِقـاعِ
تِلـكَ المَنـازِلُ لا مَنـازِلُ أَنهَجَـت
بَيــنَ الكَـثيبِ الفَـردِ وَالأَجـراعِ
كَـم بـاتَ يُلهيني بِها مَصنوعَةُ ال
أَلحـــانِ أَو مَطبوعَــةُ الأَســجاعِ
إِنســـِيَّةٌ بَيضـــاءُ أَو أَيكِيَّـــةٌ
وَرقــاءُ عاكِفَــةٌ عَلـى التَرجـاعِ
كَحلاءُ ضــاقَت عَــن إِجالَـةِ مـرودٍ
وَجِراحُهـا فـي القَلـبِ جـدُّ وِسـاعِ
وَمَدامَـةٍ لَـم يُبـقِ طـولُ ثَوائِهـا
فــي خــدرِها إِلّا وَميــضَ شــُعاعِ
مِــن كَـفِّ مَصـقولِ العَـوارِضِ آنِـسٍ
يَرنــو بِمُقلَــةِ جُــؤذُرٍ مُرتــاعِ
وَقَفَــت عَقــارِبُ صـُدغِهِ فـي خَـدِّهِ
حَيـرى وَبـاتَت فـي القُلوبِ سَواعي
راضــَت خَلائِقَــهُ العُقـارُ وَبَـدَّلَت
نــزقَ الصــِبى بِمُــوَقَّرٍ مِطــواعِ
فـي رَوضـَةٍ نَسـَجَت وَشـائِعَ بُردِهـا
كَــفُّ الســَحابِ وَأَيُّ كَــفِّ صــَناعِ
حَلَّـت بِهـا الجَـوزاءُ عِقدَ نِطاقِها
فَتَباشـــَرَت بِالخصــبِ وَالإِمــراعِ
وَعَلا زَئيـرُ اللَيـثِ فـي عَرصـاتِها
مــا بَيــنَ طَــرفٍ واكِــفٍ وَذَراعِ
وَتَــدافَعَت تِلــكَ التِلاعُ فَأَتـأَقَت
غُـــدرانَها بِـــأَتِيّ ذي دُفَّـــاعِ
فَكَأَنَّمـا المُلـكُ المُعَظَّـمُ جادَهـا
بِنَـــوالِهِ المُتَــدَفِّقِ المُنبــاعِ
الخـائِضُ الغَمَـراتِ في رَهَجِ الوَغى
وَالحَــربُ حاســِرَةٌ بِغَيــرِ قِنـاعِ
وَالقَــومُ بَيــنَ مُــرَدَّعٍ بِـدِمائِهِ
وَمُعَــــرَّدٍ بِــــذَمائِهِ مُنصـــاعِ
فــي مَوقِــفٍ ضــَنكٍ كَريـهٍ طَعمُـهُ
حُبـسَ الفَـوارِسُ مِنـهُ فـي جَعجـاعِ
بِمطهَّـــمٍ نَهـــدٍ كَــأَنَّ مُــرورَهُ
ســَيلٌ تَــدافَعَ مِــن مُتــونِ تِلاعِ
أَو لَقُــوَّةٍ شــَغواءَ حَقَّـقَ طَرفُهـا
مِــن رَأسِ مرقَبَــةٍ طَلاً فــي قـاعِ
وَمُهَنَّــدٍ يَبــدو عَلــى صــَفحاتِهِ
رَقــراقُ مــاءٍ فَــوقَ نَمـلٍ سـاعِ
وَمُثَقَّـــفٍ إِن رامَ مُهجَــةَ فــارِسٍ
لَـــم تَحمِهــا مَوضــونَةُ الأَدراعِ
فَكَــأَنَّ مُحكَمَــةَ السـَوابِغِ عِنـدَهُ
مِـن نَسـجِ خَرقـاءِ اليَـدَينِ لَكـاعِ
بِجَنــانِ مَضــّاءِ العَـزائِمِ رَأيُـهُ
فـي الحَـربِ غَيرُ الفائِلِ الضَعضاعِ
وَكَأَنَّمــا يَختــالُ فـي غَمَراتِهـا
وَالنَقـعُ قَـد سـَتَر الـدُجى بِلِفاعِ
لَيـثُ الشـَرى فـي مَتنِ أَجدَلَ كاسِرٍ
يَســطو بِصــَلٍّ فــي ثِيـابِ شـُجاعِ
مَلِــكٌ فَواضــِلُ جــودِهِ مَبثوثَــةٌ
فـي الأَرضِ تَسـأَلُ عَـن ذَوي الإِدقاعِ
خُلِقَــت أَنــامِلُهُ لِحطــمِ مُثَقَّــفٍ
ولفـــلّ هِنـــدِيٍّ وَحِفــظِ يَــراعِ
مــا رايَــةٌ رُفِعَـت لِأَبعَـدِ غايَـةٍ
إِلّا تَلَقّاهــــا بِـــأَطوَلِ بـــاعِ
مَلَأَت مَســاعيهِ الزَمــانَ فَــدَهرَهُ
يَومــانِ يَـومُ قِـرىً وَيَـومُ قِـراعِ
وَشــَأَت أَيــاديهِ الغُيـوثَ لِأَنَّهـا
تَبقـــى وَتِلـــكَ ســَريعَةُ الإِقلاعِ
وَلَـهُ إِذا اِفتَخَـر المُلـوكُ مَفاخِرٌ
لا تُعتَلــــى بِـــأُبُوَّةٍ وَمَســـاعِ
مـا أوقِـدَت نـارُ الكِـرامِ بِوَهدَةٍ
فــي المَحــلِ إِلّا شــَبَّها بِيَفـاعِ
تَرجــوهُ أَملاكُ الزَمــانِ وَتَتَّقــي
ســـَطواتِ ضـــرّارٍ لَهُــم نَفّــاعٍ
يـا أَيُّهـا الملـكُ المُعَظَّـمُ دَعوَةً
مِــن نـازِحٍ قَلِـقِ الحَشـا مُرتـاعِ
لا يَــأتَلي لِـدَوامِ مُلكِـكَ داعِيـاً
وَإِلـى وَلائِكَ فـي المَحافِـلِ داعـي
يُهـدي إِلَيـكَ مِـنَ الثَنـاءِ مَلابِساً
تَضـفو وَتَصـفو مِـن قَـذى الأَطمـاعِ
مَصـقولَةَ الأَلفـاظِ يَلقاهـا الفَتى
مِـــن كُــلِّ جارِجَــةٍ بِســَمعٍ واعِ
أَبــدَعتَ فيمـا تَنتَحيـهِ فَأَبـدَعَت
فيــكَ المَــدائِحُ أَيَّمــا إِبـداعِ
فَـإِلى مَتى أَنا بِالسِفارِ أُضَيِّعُ ال
أَيّــامَ بَيــنَ الشــَدِّ وَالإيضــاعِ
حِلـفَ الرَحالَـةِ وَالـدُجى فرواحلي
مــا تَــأتَلي مَمعوطَــةَ الأَنسـاعِ
أَشـبَهتُ عِمرانـاً وَأَشـبَهَ كُـلُّ مـن
جــاوَزتُ مَنزِلَــهُ فَــتى زِنبــاعِ
بَينــا أُصــَبِّحُ بِالســَلامِ مَحَلَّــةً
حَتّـــى أُمَســّي أَهلَهــا بِــوَداعِ
أَبَــداً أُرَقّــحُ كَــي أُرَقّـعَ خَلـةً
مِـن حالَـةٍ مِثـلَ الرَدا المُتَداعي
قسماً بِما بَينَ الحَطيمِ إِلى الصَفا
مِـــن طــائِفٍ مُتَنَســِّكٍ أَو ســاعِ
إِنّــي إِلــى تَقبيــلِ كَفِّـكَ شـَيِّقٌ
شــَوقاً يَضــُمُّ عَلـى جَـوىً أَضـلاعي
قال ابن خلّكان: بلغني أنّه كان يستحضر الجمهرة لابن دريد. وله قصيدة طويلةٌ هجا فيها خلقاً من رؤساء دمشق وسمّاها مقراض الأعراض ونفاه صلاح الدّين على ذلك. فقال:فعلام أبعـــدتم أخـــا ثقــةٍ ولــم يجـترم ذنبـاً ولا سـرقاانفــوا المـؤذّن مـن بلادكـم إن كـان ينفـى كـلّ مـن صـدقاودخل اليمن، ومدح صاحبها سيف الإسلام طغتكن أخا الملك صلاح الدّين. ثمّ قدممصر. ورأيته بإربل، وقدمها رسولاً من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفاً، من أخفّ النّاس روحاً. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومدّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:مـاذا علـى طيـف الأحبّة لو سرى وعليهـم لـو سـامحوني بالكرىافلما وقف عليه الملك العادل أذن له في الدخول إلى دمشق، فلما دخلها قال:هجـــوت الأكــابر فــي جلــقٍ ورعـت الوضـيع بسـب الرفيـعوأخرجــــت منهـــا ولكنـــي رجعـت علـى رغـم أنـف الجميعولم يكن له غرض في جمع شعره، فلذلك لم يدونه، فهو يوجد مقاطيع في أيدي الناس، وقد جمع له بعض أهل دمشق ديواناً صغيراً لا يبلغ عشر ما له من النظم، ومع هذا ففيه أشياء ليست له.وكان من أظرف الناس وأخفهم روحاً وأحسنهم مجوناً، وله بيت عجيب من جملةقصيدة يذكر فيها أسفاره ويصف توجهه إلى جهة الشرق، وهو:وأشـفق قلـب الشرق حتى كأنني أفتش في سودائه عن سنا الفجروكنت قد رأيته في المنام في بعض شهور سنة تسع وأربعين وستمائة، وأنا يوم ذاك بالقاهرة المحروسة، وفي يده ورقة حمراء، وهي عريضة، وفيها مقدار خمسة عشر بيتاً تقريباً، وهو يقول: عملت هذه الأبيات في الملك المظفر صاحب حماة، وكان الملك المظفر في ذلك الوقت ميتاً أيضاً، وكان في المجلس جماعة حاضرون، فقرأ علينا الأبيات، فأعجبني منها بيت فرددته في النوم، واستيقظت من المنام وقد علق بخاطري، وهو:والـــبيت لا يحســن إنشــاده إلا إذا أحســـن مــن شــادهوهذا البيت غير موجود في شعره.وقد تقدم ذكره في ترجمة الإمام فخر الدين الرازي وأبياته الفائية وكذلك في ترجمة سيف الإسلام.وكان وافر الحرمة عند الملوك، وتولى الوزارة بدمشق في آخر دولة الملك المعظم ومدة ولاية الملك الناصر ابن المعظم، وانفصل عنها لما ملكها الملك الأشرف وأقام في بيته، ولم يباشر بعدها خدمة. وكانت ولادته بدمشق يوم الاثنين تاسع شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي عشية نهار الاثنين لعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة بدمشق أيضاً، ودفن من الغد بمسجده الذي أنشأه بأرض المزة،قال ابن الدبيثي: سمعته يقول: إن أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار؛ قلت: هكذا نقلته أولاً، ثم إني زرت قبر بلال مؤذن سول الله صلى الله عليه وسلم بمقابر باب الصغير ظاهر دمشق، فلما خرجت من تربته وجدت على الباب قبراً كبيراً فقيل لي: هذا قبر ابن عنين، فوقفت وترحمت عليه